الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فوصلوا إِلَى الْبَحْر واعترضتهم طَائِفَة الإنكليز من الإفرنج واستولوا على بعض مراكبهم فَرَجَعُوا إِلَى أَصْحَابهم البَاقِينَ بِمصْر وأخبروهم بِمَا وَقع من الإنكليز من الْغدر وظنوا جَمِيعًا إِن ذَلِك مكيدة من وَزِير الختام فَاجْتمعُوا وَأَقْبلُوا إِلَيْهِ مقاتلين وَقد كَانَ فرق من عِنْده من جيوش الْإِسْلَام ركونا إِلَى الصُّلْح وتفريطا مِنْهُ فِي الحزم فَانْهَزَمَ من الإفرنج فَقيل انهزم إِلَى الشَّام وَقيل قتل وَقيل مَاتَ حتف أَنفه وَالله أعلم أي ذَلِك كَانَ واستولت الإفرنج على إقليم مصر وَلم يبلغنَا إِلَى الْآن وهوسنة 1215 مَا كَانَ وَصَاحب التَّرْجَمَة يُوسُف باشا صَاحب الْمَدِينَة توفي فِي هَذَا الْعَام عَام خمس عشرَة وَمِائَتَيْنِ وَألف
ثمَّ جَاءَت الْأَخْبَار الصَّحِيحَة والكتب من شرِيف مَكَّة وَغَيره فِي شهر جُمَادَى الْآخِرَة سنة 1316 سِتّ عشرَة وَمِائَتَيْنِ وَألف أَن الْجنُود الإسلامية السُّلْطَانِيَّة أخرجت طَائِفَة الإفرنج أقماهم الله من الديار المصرية بعد أَن ضايقوهم وحاصروهم وَقتلُوا أكثرهم وَخرج الْبَاقُونَ فِي أَمَان وعادوا إِلَى دِيَارهمْ وتواترت هَذِه الْأَخْبَار وَصحت وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين فَإِن هَذِه الْحَادِثَة الْعَظِيمَة اضْطَرَبَتْ لَهَا جَمِيع الديار الإسلامية ورجفت عِنْدهَا قُلُوب الْمُوَحِّدين وتزلزلت بِسَبَبِهَا أَقْدَام كثير من الْمُجَاهدين فَالْحَمْد لله الذي نصر دينه
يُوسُف آغا الرومي أحد خَواص الباشا خَلِيل
الْوَاصِل لِحَرْب الْأَشْرَاف المستولي على المملكة الَّتِى كَانَت بيد الشريف حمود وَولده احْمَد وهي الْبِلَاد العريشية وَمَا أَخذه حمود من الْبِلَاد الإمامية بإعانة أَصْحَاب النجدي لَهُ وَذَلِكَ اللِّحْيَة والحديدة وزبيد وَبَيت
الْفَقِيه والزيدية وَمَا دخل فِي حكم هَذِه المحلات فانها ثبتَتْ عَلَيْهَا يَد الشريف حمود من سنة 1217 إِلَى أَن مَاتَ فِي تَارِيخه سنة 1233 الْمُتَقَدّم ثمَّ ثَبت عَلَيْهَا وَلَده احْمَد بعده مِقْدَار سنة فوصلت الْجنُود التركية مَعَ الباشا خَلِيل وانتزعت الْبِلَاد من يَده من غير ضَرْبَة وَلَا طعنة بل استسلم وَألقى بِيَدِهِ إلقاء الْأمة الوكعاء وأمروه أَن يكْتب إِلَى البنادر اليمنية بِأَن يخرج مِنْهَا المرتبون من جِهَته وَيدخل فِيهَا المرتبون من جِهَة الباشا فَفعل فَخَرجُوا مِنْهَا جَمِيعًا وَلم ينتطح فِيهَا عنزان وهي قليع حَصِينَة فِيهَا رتب متوافرة ثمَّ لما ثبتَتْ يَد الباشا على مَا كَانَ بيد الشريف حمود وَولده وصل من عِنْده كتاب على أيدي رسل من التّرْك وَفِي طيه كتاب من الباشا الْكَبِير باشة مصر مُحَمَّد علي وَهُوَ الْمُرْسل للباشا خَلِيل إِلَى الْيمن ومضمون كتاب الباشا مُحَمَّد علي أنه قد جهز الْجنُود علي الْأَشْرَاف لانتزاع الْبِلَاد من تَحت أَيْديهم وَفِيه الْوَعْد بإرجاعها إلى مَوْلَانَا الإِمَام وَكَانَ تَارِيخ الْكتاب قبل اسْتِيلَاء من بَعثه من الْجند عَلَيْهَا ومضمون كتاب الباشا خَلِيل طلب رجل من جِهَة الإِمَام إِلَى عِنْده مِمَّن يركن عَلَيْهِ ليَقَع الْخَوْض مَعَه شفاها فَبعث الإِمَام الْوَلَد القاضي الْعَلامَة مُحَمَّد بن احْمَد الحرازي بعد الْمُشَاورَة بيني وَبَينه فِي ذَلِك فنفذ الْوَلَد مُحَمَّد وَنفذ صحبته جمَاعَة وَاسْتقر هُنَالك نَحْو أُسْبُوع ثمَّ رَجَعَ وَمَعَهُ جمَاعَة من الأتراك مِنْهُم صَاحب التَّرْجَمَة وَهُوَ الْأَمِير عَلَيْهِم فوصل إِلَى حَضْرَة الإمامية ثمَّ وصل إِلَى فَوَجَدته رجلا فِي أَعلَى دَرَجَات الْكَمَال من كل وَجه بِحَيْثُ لَا يُوجد نَظِيره فِي رجال الْعَرَب إِلَّا نَادرا وَكَانَ حَاصِل مَا وصل بِهِ مَا عبر عَنهُ بِلِسَانِهِ وَمَا هُوَ مَضْمُون كتاب الباشا أَنَّهَا تعود تِلْكَ الْبِلَاد إِلَى الإِمَام على شريطة وهي تَسْلِيم مَا كَانَ عَلَيْهَا فِيمَا مضى
وَلم يكن عَلَيْهَا فِيمَا مضى شَيْء وَلَكِن بعض تجار الْيمن الَّذين يرتحلون إِلَى مصر كذب على الباشا مُحَمَّد علي إِنَّه كَانَ عَلَيْهَا مرجوع إِلَى السلطنة فَوَقع التصميم من الباشا خَلِيل وَرَسُوله هَذَا إِنَّه لابد من ذَلِك فأوضحنا لَهُم إِنَّه لم يكن عَلَيْهَا شَيْء مُنْذُ انتزعها أَوْلَاد الإِمَام الْقَاسِم إِلَى الْآن زِيَادَة على مائتي سنة وَفِي خلال ذَلِك وصل كتاب من الباشا خَلِيل إِنَّه يَقع مِقْدَار من البن فِي كل عَام وَهُوَ شئ يسير يصير إِلَى مطبخ السُّلْطَان وَيَقَع تَسْلِيم شئ من النَّقْد فِي حكم بغشيش للجنود الرومية المنتزعة للبلاد من يَد الْأَشْرَاف فَوَقَعت المساعدة إِلَى ذَلِك لكَوْنهم قد بدأوا بِالْإِحْسَانِ وتبرعوا بالجميل وَلم يصدق النَّاس ذَلِك وَلَا خطر ببال أحدهم صِحَّته وعدوه مكرا وخداعا وناصحوني بالرسائل من الْجِهَات الْبَعِيدَة فضلا عَن الْجِهَات الْقَرِيبَة بِمَا حَاصله أَن الركون إِلَى هَذَا لَا يَقع من عَاقل وَلَا يدْخل فِيهِ من لَهُ فطنة وحذروني من ذَلِك غَايَة التحذير فَكنت أُجِيب عَلَيْهِم أَن هَؤُلَاءِ عرضوا علينا المسالمة والمصالحة ابْتِدَاء فَلَيْسَ لنا أَن نرد مَا عرضوه علينا بادئ بَدَأَ وَإِن الله سُبْحَانَهُ يَقُول {وَإِن جنحوا للسلم فاجنح لَهَا} وَمَعَ هَذَا فقد اعْتقد الْخَاص وَالْعَام وَالْكَبِير وَالصَّغِير أنهم سيطوون جَمِيع الديار اليمنية بأيسر عمل لِأَن الْقُلُوب قد ارتجفت بعد استيلائهم على صَاحب نجد وَهُوَ صَاحب الجيوش الْكَثِيرَة وَالْأَحْوَال المتضاعفة حَسْبَمَا قدمنَا فِي تَرْجَمته ثمَّ أخذُوا مَا بيد الْأَشْرَاف صفوا عفوا وَبِهَذَا السَّبَب كَانَت جنود الْيمن من جَمِيع الْقَبَائِل متفاشلة متخاذلة مرتجفة لم يبْق هَمهمْ إِلَّا بِأَنْفسِهِم وحريمهم وَكَانُوا يبذلون الْجِهَاد كذبا وافتراء فَإِنَّهَا لَو خرجت الأتراك على بَقِيَّة الْبِلَاد لم تَنْتَشِر لَهُم راية وَلَا اجْتمع لَهُم جَيش
بل كَانَ كل قَبيلَة مِنْهُم ستلزم محلهَا فَإِذا قرب الأتراك مِنْهُم هربوا من أوطانهم كَمَا هرب المتابعون للنجدي من طوائف الْعَرَب وَهُوَ غَالب أهل جَزِيرَة الْعَرَب فجَاء الله بِأَمْر لم يكن فِي حِسَاب وَجَرت من الألطاف مَالا تقبله الْعُقُول ثمَّ عَاد الأغا يُوسُف صَاحب التَّرْجَمَة وَمَعَهُ الْوَلَد مُحَمَّد بن أَحْمد الحرازي إلى تِلْكَ الْجِهَات ونفذت عُمَّال الإِمَام إِلَيْهَا مَعَ كل وَاحِد طَائِفَة من الْجند فَخرج من فِي تِلْكَ المحلات من الأتراك وَدخلت إِلَيْهَا عُمَّال رتبوها من جند الإِمَام وَتمّ الْأَمر بمعونة الله سُبْحَانَهُ وَإِذا أَرَادَ الله أمرا هيأ أَسبَابه
وَجعل مَوْلَانَا الإِمَام الوالي فِي الْبِلَاد العريشية الشريف علي بن حيدر بن علي حسب الْقَاعِدَة المستمرة أنه يتَوَلَّى تِلْكَ الْبِلَاد شرِيف من الْأَشْرَاف من جِهَة الْأَئِمَّة وَعَلَيْهَا كل عَام شئ يرسلونه إِلَى الْأَئِمَّة وَكَانَ من أعظم أَسبَاب ولَايَة الشريف علي بن حيدر إِنَّهَا وصلت إِلَى مَوْلَانَا الإِمَام شَفَاعَة لَهُ من الباشا خَلِيل بِأَن يوليه الإِمَام الْبِلَاد العريشية كَمَا كَانَ عَلَيْهِ أسلافه مَعَ أسلاف الإمام وَعَلِيهِ مَا عَلَيْهِم فَوَقَعت المساعدة إِلَى ذَلِك وَنفذ لَهُ عهد الْولَايَة وَالْكِسْوَة والمركوب وارتحل الباشا خَلِيل وَسَائِر من مَعَه من جنود الروم من الْبِلَاد العريشية لمناجزة الْبِلَاد العسيرية لأَنهم قد كَانُوا متابعين للأشراف وَأما الشريف أَحْمد بن حمود فأدخلوه إِلَى باشة مصر وَلَعَلَّه يدْخل إِلَى السُّلْطَان وَهَكَذَا ادخُلُوا جمَاعَة من الْأَشْرَاف مِمَّن كَانَ من المقربين عِنْد حمود وَولده كَانَ الْمُتَكَلّم فِي دولة الشريف حمود وَولده الشريف حسن بن خَالِد الحازمي وَكَانَ من أهل الْعلم فَكَانَ يتَوَقَّف الشريف حمود وَولده من بعده فِي الْأُمُور الشَّرْعِيَّة وَفِي جَمِيع الْأُمُور الدولية على رَأْيه وَلَا يرد لَهُ قَول كَانَ يجمع الجيوش ويغزو بهم إِلَى الْأَطْرَاف الْمُجَاورَة للبلاد الَّتِى كَانَت بيد الْأَشْرَاف