الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(د) إلمامه بالروايات المختلفة للبيت:
قال في بيت أبي تمام:
لَقَد كانَ يَنسى عَهدَ ظَمياءَ بِاللِّوى
…
وَلَكِن أَمَلَّتهُ عَلَيهِ الحَمائِمُ [بحر الطويل]
((قوله: (لقد كاد ينسى) هي الرواية الكثيرة)) (1).
وفي نهاية هذه الجزئية المتعلقة بمدى إلمام أبي العلاء بشعر أبي تمام، يحب على الباحث أن يسجل ملحوظة مهمة، وهي: إن المتأمل في الجزئية السابقة يستنتج أن أبا العلاء كان على وعي تام بأن هناك خصائص أسلوبية تفرد بها أبوتمام، ميزته عن غيره من الشعراء، وهذا ما دعت إليه وأقرته النظرية الأسلوبية Stylistics (2)، وقريب من المقولة التي قالها الناقد الفرنسي جورج بيفون:((إن الأسلوب هوالرجل)) بمعنى ((أن بصمته هي التي تميزه عن غيره من البشر في الحياة، وعن غيره من الكتاب والأدباء إذا كان من أهل الحرفة)) (3)، ونكاد نميز رائحة منهج إحصائي في كلام أبي العلاء (4)، وهوأحد المبادئ التي يعتمدها علم الأسلوب (5).
وغاية ما يرمي إليه الباحث هنا أن يقول: إن تراثنا به كثير من اللآلئ التي تحتاج من يزيح عنها ركام النسيان، ويقدمها للآخرين في ثوب قشيب.
(6) تلاميذه ومؤلفاته:
لا نتوقع أن يكون رجل بقامة أبي العلاء من العلم والفضل ولا يكون له من التلاميذ وطلاب العلم من يأخذون عنه هذا العلم وهذا الفضل، فقد كان صُوَّة من صوى العلم، وعلم من أعلام اللغة.
(1) يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [3/ 176].
(2)
ينظر: موسوعة النظريات الأدبية: د. نبيل راغب، ص 33 وما بعدها (الشركة المصرية العالمية للنشر لونجمان، ط1، 2003).
(3)
موسوعة النظريات الأدبية: د. نبيل راغب، ص 33
(4)
يراجع مثال رقم 1 من أ، وجميع أمثلة ب، ج مما سبق
(5)
ينظر: علم الأسلوب مبادئه وإجراءاته: د. صلاح فضل، ص 242 وما بعدها (دار الشروق، ط1، 1998) وموسوعة النظريات الأدبية: ص 35
وتحدثنا المصادر أنه بعد سفره إلى بغداد التي ((دخل مكاتبها وقرأ ما فيها من الأدب واللغة والفلسفة والحكمة، وعرف العلماء وحضر مجالسهم ومناظراتهم، واشترك في المجامع العلمية والأدبية الخاصة والعامة، فكان يحضر المجمع الفلسفي الخاص الذي كان يعقد يوم الجمعة بدار عبد السلام البصري)) (1).
في هذه الرحلة تعرض أبو العلاء للإهانة البالغة، ولاقى من خبث حاقديه وشانئيه الكثير (2)؛ فقرر عند عودته ملازمة داره وعدم الخروج منها، ولكن تلامذته احتالوا لكسر هذه العزلة و ((تسببوا إليه حتى دخلوا عليه)) (3)؛ فلم تلبث دار أبي العلاء ((أن استحالت إلى مدرسة يؤمها الطلاب الكثيرون من أبعد الأقطار الإسلامية وأنآها (
…
) كلهم يطلب عنده العلم والأدب، ويلتمس منه المعرفة والفقه بأصول اللغة)) (4).
ومن أشهر تلامذته: 1ـ على بن المحسن بن على التنوخي القاضي.
2ـ أبو زكريا التبريزي.
3ـ الإمام أبو المكارم عبد الوارث بن محمد الأبهر.
4ـ الفقيه أبو تمام غالب بن عيسى الأنصاري الأندلسي.
5ـ الخليل عبد الجبار القزويني.
6ـ أبو طاهر محمد بن أحمد الأنباري.
7ـ نصر بن صدقة القابسي النحوي.
أما مؤلفاته فقد نقل د. عبد المجيد دياب عن القفطي والذهبي أن ((أكثر كتب أبي العلاء هذه عدمت، وإنما يوجد منها ما خرج عن المعرة قبل هجم الكفار، وقتل من
(1) د. عبد المجيد دياب: أبو العلاء المعري، الزاهد المفترى عليه، ص 50ـ 51، المكتبة الثقافية 405، الهيئة المصرية العامة للكتاب 1986م
(2)
يراجع المصدر السابق ص 52/ 53
(3)
السابق: 64
(4)
السابق: 66