الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
آراء ابن كيسان المتوفى سنة 299هـ، وابن شقير المتوفى سنة 315هـ، وابن الخياط المتوفى سنة 320هـ)) (1).
لقد كان أصحاب هذا المذهب ((يتمسكون بالرأي الذي يستريحون إليه، ويغلب على ظنهم صحته، سواء أكان موافقا لرأي البصريين أم الكوفيين؛ فلا تعصب لأحد الفريقين على الآخر، وأحيانا نرى لهم آراء جديدة وصلوا إليها باجتهادهم)) (2).
وكان ((لازدهار الفلسفة، وعناية البغداديين بها أثر واضح في الدراسات النحوية، ومن ثم رأينا من النحويين من أكثر من استعمال الأساليب الفلسفية في كلامه كأبي الحسن الرماني الذي كان يؤيد المعتزلة، وتأثر بفلسفتهم في دراساته النحوية)) (3).
وحاول بعض الباحثين المعاصرين ((أن ينفي وجود المدرسة البغدادية؛ معتمدا على من ينظمون أفرادها في البصريين والكوفيين، وأن علمين من أعلام جيلها الثاني يَنْسُبَان أنفسهما في البصريين، وهما أبوعلي الفارسي وتلميذه ابن جني؛ إذ يعبران في تصانيفهما عنهم كثيرا بكلمة أصحابنا، وينتصران في أغلب الأمر للآراء البصرية، وكثيرا ما يطلق ابن جني على الكوفيين اسم البغداديين؛ وكأنهم مدرسة واحدة)) (4).
******
الأصول النحوية:
(1) السنجرجي: المذاهب النحوية في ضوء الدراسات اللغوية الحديثة، ص 73
(2)
السنجرجي: المذاهب النحوية في ضوء الدراسات اللغوية الحديثة: 74
(3)
السنجرجي: المذاهب النحوية في ضوء الدراسات اللغوية الحديثة: 75
(4)
المدارس النحوية: ص 245
ومن تتمة القول في بداية هذا الفصل أن نقدم تعريفا موجزا للأصول النحوية التي اعتمدت عليها المدارس النحوية المختلفة.
وبداية نقرر أن القدماء اختلفوا في أصول النحو، فـ ((ابن جني حصرها في ثلاثة أصول: السماع، القياس، الإجماع. في حين حصرها ابن الأنباري في: السماع، القياس، استصحاب الحال، مسقطا الإجماع. أما السيوطي فقد جمع المذهبين السابقين؛ فحصرها في السماع، القياس، الإجماع، استصحاب الحال)) (1).
[أ] السماع:
عرف السيوطي السماع بقوله: ((هوما ثبت في كلام من يوثق بفصاحته؛ فشمل كلام الله تعالي وهوالقرآن وكلام نبيه صلى الله عليه وسلم وكلام العرب قبل بعثه وفي زمانه وبعده إلى أن فسدت الألسنة بكثرة المولدين، نظما ونثرا من مسلم أوكافر)) (2).
ويتضح من تعريف السيوطي أن السماع يعتمد على ثلاث ركائز:
((الأولى: القرآن الكريم، وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم بقيد صحته، إسنادا ومتنا، وكلام العرب الموثوق في لغتهم، شعرا ونثرا، والثانية: تحديد زماني، لا يتجاوز نهاية القرن الثاني الهجري في الحواضر، ونهاية القرن الرابع الهجري في البوادي، وتحديد مكاني: لا يتعدى قبائل الحجاز ونجد وتهامة، وبالجملة كل قبائل وسط شبه الجزيرة، التي تبعد عن التخوم لأهل البلاد الأخرى من فرس، وروم، وأحباش، الثالثة: فصاحة الراوي الذي يعد أهم تلك الركائز؛ لكونه أهم وسيلة لنقل اللغة وحفظها)) (3).
(1) د. نادية رمضان النجار: اللغة وأنظمتها بين القدماء والمحدثين، ص 153
(2)
السيوطي: الاقتراح، في علم أصول النحو، ص 74، قرأه وعلق عليه د. محمود سليمان ياقوت، [دار المعرفة الجامعية، 2006].
(3)
د. نادية رمضان النجار: اللغة وأنظمتها بين القدماء والمحدثين، ص 154
ونختم كلامنا بتلك الإشارة التي أشار إليها السيوطي بأن ((كلا من الإجماع والقياس لا بد له من مستند من السماع كما هما في الفقه كذلك)) (1).
*******
[ب] القياس:
أورد ابن الأنباري جملة من تعاريف العلماء للقياس فقال: ((هوعبارة عن تقدير الفرع بحكم الأصل، وقيل: هوحمل فرع على أصل بعلة، وإجراء حكم الأصل على الفرع، وقيل: هوإلحاق الفرع بالأصل بجامع، وقيل: هواعتبار الشيء بالشيء بجامع، وهذه الحدود كلها متقاربة)) (2)، وقال د. إبراهيم أنيس:((هواستنباط مجهول من معلوم، فإذا اشتق اللغوي صيغة من مادة من مواد اللغة على نسق صيغة مألوفة في مادة أخرى، سمي عمله هذا قياسا، فالقياس اللغوي هومقارنة كلمات بكلمات، أوصيغ بصيغ، أواستعمال باستعمال؛ رغبة في التوسع اللغوي، وحرصًا على اطراد الظواهر اللغوية)) (3).
ومن العلماء من يقسم مفهوم القياس إلى قسمين: ((مفهوم استقرائي: والمقصود به اطراد الظاهرة في الكلام أوالنصوص، بحيث يتخذ من هذه الظاهرة وأمثالها قواعد يقاس عليها في الاستعمال، وما يخالف تلك القواعد يعد شاذا، لا يقاس عليه، ثانيهما: يمكن أن نطلق عليه قياس العلة، وفيه يقدر للفرع حكم الأصل، أوحمل فرع على أصل بعلة، أوإلحاق الفرع بالأصل بجامع، أواعتبار الشيء بالشيء بجامع .... وهذا القياس هوالذي بني عليه النحو، فمن أنكره فقد أنكر النحو؛ لكون النحوكله قياس)) (4).
(1) السيوطي: الاقتراح، ص 14
(2)
الإغراب في جدل الإعراب، ولمع الأدلة في أصول النحو: ص 93، [قدم لهما وعني بتحقيقهما: سعيد الأفغاني، مطبعة الجامعة السورية، 1957م].
(3)
من أسرار اللغة: ص 8
(4)
د. نادية رمضان النجار: اللغة وأنظمتها بين القدماء والمحدثين، ص 155
وربما جاز لنا أن نعلق بأن القياس الاستقرائي قياس عملي، والثاني قياس العلة قياس علمي.
وللقياس وظائف تتمثل في: ((استنباط القاعدة، تعليل ظاهرة، رفض ظاهرة)) (1).
*******
[ج] الإجماع:
عرف الجرجاني الإجماع في الاصطلاح بأنه: ((اتفاق المجتهدين من أمة محمد عليه الصلاة والسلام في عصر على أمر ديني، والعزم التام على أمر من جماعة أهل الحل والعقد)) (2). ونص المعجم الفلسفي على أن الإجماع ((اتفاق الخاصة أوالعامة على أمر من الأمور، واعتبار ذلك دليلا على صحته، ويقصره فقهاء الإسلام على اتفاق المجتهدين من المسلمين في عصر معين على أمر ديني، ويعد أصلا من أصول التشريع)) (3)
من خلال ما سبق نقرر أن الإجماع عند النحاة يعني: ((إجماع أهل العربية على أن هذا الحكم كذا، كإجماعهم على أن علة تقدير الحركات في ((المقصور)): التعذر، وفي ((المنقوص)) الاستثقال)) (4).
والإجماع عند علماء الأصول نوعان: ((الإجماع الصريح، والإجماع السكوتي)) (5)، وقد تأثر النحاة ((بهذين القسمين في استنباطهم قواعد نحوية جديدة،
(1) د. نادية رمضان النجار: اللغة وأنظمتها بين القدماء والمحدثين، ص 156
(2)
التعريفات: ص24 (إجماع)، [تحقيق: إبراهيم الإبياري، دار الريان للثراث]
(3)
مجمع اللغة العربية: ص3، (إجماع ـ consensus) .
(4)
د. نادية رمضان النجار: اللغة وأنظمتها بين القدماء والمحدثين، ص 157
(5)
د. عبد العزيز رمضان سمك: أصول الفقه الإسلامي، ص 124، [دار النهضة العربية، ط1، 2003].
كما أضافوا أنواعا تختص بها لغة العرب، تتمثل في: إجماع الرواة، إجماع العرب، إجماع النحاة)) (1).
*****
[د] الاستصحاب:
عرفه ابن جني، بأنه:((إقرار الألفاظ على أوضاعها الأول؛ ما لم يَدْعُ داع إلى الترك والتحول)) (2)، وقال الجرجاني: هو ((عبارة عن إبقاء ما كان على ما كان عليه؛ لانعدام المُغَيِّر، وهوالحكم الذي يثبت في الزمان الثاني بناء على الزمان الأول)) (3).
*******
(1) اللغة وأنظمتها بين القدماء والمحدثين: 158
(2)
الخصائص: 2/ 457
(3)
التعريفات: ص34 (الاستصحاب).