الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
· ومن المواضع التي استغل فيها الخصائص النحوية لتوضيح المعنى التالي:
ـ قال عند قول أبي تمام:
طَبَلَت رَبيعَ رَبيعَةَ المُهمى لَها
…
فَوَرَدنَ ظِلَّ رَبيعَةَ المَمدودا [بحر الكامل]
((
…
والأحسن أن تكون الإضافة هاهنا على معنى ((من))؛ لأنها إذا كانت بمعنى
((اللام)) جاز أن يتوهم السامع أنه ربيع لربيعة، دون غيرها من القبائل)) (1).
ـ وقال عند قول أبي تمام:
يَغشَونَ أَسفَحَهُم مَذانِبَ طَعنَةٍ
…
سَيحٍ وَأَشنَعَ ضَربَةٍ أُخدودا [بحر الكامل]
((
…
وتخفض ((سيح)) بجعله صفة للطعنة، وإن شئت نصبته على تقدير ((يسيح سيحا))، والأحسن خفض ((ضربة))؛ لأنه عطفه على قوله ((أسفحهم))؛ فوجب أن يكون على تقدير قولك:((وأشنعهم ضربة))، ولا يكون ذلك إلا في المعنى، والنصب جائز، ولكن هذا الوجه أبين وأحسن، وإنما قبح النصب لأجل حذف المضاف، كما قبح في قولك:((مررت بأشرف القوم وأحسن وجها))، وأنت تريد:((وأحسنهم وجها)))) (2).
******
4 ـ العنصر الرابع من عناصر المنهج: الاعتماد على الاستعمال اللغوي (أوالكلامي) للألفاظ
.
توظيف الاستعمال اللغوي للغة الراقية:
(1) يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [1/ 411 ـ 412ب16].
(2)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [1/ 417ب32].
من الأمور المهمة التي كان يعتمد عليها التبريزي في شرح الديوان توظيفه لما يمكن أن نسميه بـ ((المسموع اللغوي)) أو ((الاستعمال اللغوي)) الذي كان يقبله ويسلم به دون مناقشة (1).
ومن خلال هذا التوظيف لـ ((المسموع اللغوي)) استطاع التبريزي أن يتمكن من عدة أمور، منها:
[1]
بيان الانحرافات الاستعمالية التي خرج بها أبوتمام على الاستعمال المتعارف عليه
[2]
رد بعض الروايات للديوان.
[3]
بيان معنى البيت قيد الشرح، وإبراز كثير من الجوانب بلاغية فيه.
وقبل توضيح ما سطرناه آنفا نحب أن نثبت الأمور التالية:
[أ] أن مصطلح ((الاستعمال اللغوي)) تردد ذكره عند التبريزي صراحة في مواضع عدة من شرحه، بأشكال وألفاظ متعددة:
[1]
فتارة يستخدم لفظ ((استعمل)) بأشكال متعددة: ((يُسْتَعمل))، ((اسْتُعمل))،
((المستعمل))، ((استعملوا))، ((يستعملون))، ((الاستعمال)) (2).
[2]
وتارة يستخدم للتعبير عن نفس المصطلح قوله: ((وقد حكيت)) (3)، ((وأهل اللغة يحكون)) (4).
(1) وما إكثار التبريزي لكلمة ((يقال)) إلا دليل على ما نقول.
(2)
وهذا اللفظ هوالأكثر استخداما، وعدد المواضع التي ورد فيها هذا اللفظ في ديوان أبي تمام 59 موضعا، وهي:[1/ 184، ب18]، [1/ 205، ب19]، [1/ 337، ب32]، [1/ 366، ب35]، [1/ 374،ب18]، [1/ 380 ب45]، [1/ 411،ب15]، [1/ 427، ب8]، [1/ 430 431،ب14]، [1/ 432، ب30]، [1/ 442، ب59]، [1/ 62]، [2/ 10، 11، ب3]، [2/ 144،ب13]، [2/ 169، ب12]، [2/ 231، ب27]، [2/ 243، ب5]، [2/ 255، ب4]، [2/ 26،ب24]، [2/ 35، ب10]، [2/ 59، ب1]، [2/ 6، ب8]، [2/ 96، ب2]، [2/ 99،ب3]، [3/ 191، ب44]، [3/ 195، ب1]، [3/ 212، ب3]، [3/ 236، ب19]، [3/ 237،ب23]، [3/ 239، ب27]، [3/ 266،ب34]، [3/ 266،ب39]، [3/ 276، ب25]، [3/ 280 ب6]، [3/ 287، ب2]، [3/ 313، ب12]، [3/ 348، ب17]، [3/ 76، ب3]، [4/ 137، ب1]، [4/ 155،ب2]، [4/ 170،ب2]، [4/ 212،ب4]، [4/ 225،ب1]، [4/ 26]، [4/ 306،6]، [4/ 346، ب9][4/ 357،ب5]، [4/ 358،ب3]، [4/ 374،ب1]، [4/ 39،ب6]، [4/ 456،ب26]، [4/ 527،ب8][4/ 545،ب2]، [4/ 556،ب13]، [4/ 575، ب33]، [4/ 581، ب7]، [4/ 69، ب24]، [4/ 8، ب2]
(3)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [1/ 166ب34]، [4/ 27ب42].
(4)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [2/ 16ب25].
[3]
وتارة يستخدم كلمة: ((والعادة))،أو ((لأن العادة)) (1)،أو ((جرت العادة)) (2).
[4]
وتارة يستخدم عبارة: ((وهذا كما نقول في الكلام)) (3).
[5]
وتارة يستخدم كلمة: ((تردد ذكر)) (4)، ((تردد الكلام)) (5).
[6]
وتارة يستخدم عبارة: ((والأكثر في كلامهم)) (6)، ((وكثر ذلك حتى قالوا)) (7).
[7]
وتارة يستخدم عبارة: ((ولم يزل القائل يستعير)) (8).
[8]
وتارة يستخدم لفظتا: ((معروف)) (9)((وغير معروف)) (10).
[9]
وتارة يستخدم عبارة: ((ولم يذكروا)) (11). [10] وتارة يستخدم لفظة: ((الغالب)) (12)
[11]
وتارة يستخدم عبارة: ((ومن كلام العرب)) (13).
[12]
وتارة يستخدم عبارة: ((قليل في كلامهم)) (14).
(1) يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [3/ 212].
(2)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [2/ 317ب4].
(3)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [4/ 348 ـ 349ب8].
(4)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [2/ 426ب9].
(5)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [3/ 90ب13س].
(6)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [4/ 476].
(7)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [1/ 427ب8]، [4/ 427ب12]. .
(8)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [4/ 121ب3].
(9)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [3/ 161ب8]، [4/ 578ب47].
(10)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [4/ 569ب8].
(11)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [4/ 545ب1].
(12)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [1/ 425ب7].
(13)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [2/ 154ب2].
(14)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [4/ 347ب2].
[ب] أن التبريزي كان على وعي بالتطور الدلالي للألفاظ المستعملة، فهوعلى وعي بأن اللفظة كانت تستخدم في معنى معين في وقت من الأوقات ثم حدث لها تطور دلالي بعد ذلك، وفيما يلي أمثلة:
ـ قال: ((.. أصل ((الوادي)) من قولهم: ((وَدَى)) إذا سال، ثم أهملوا هذه الكلمة؛ فلم يستعملوها إلا في ودى البائل)) (1).
ـ وقال: ((.. أصل: ((الترشيح)) تربية الوحشية ولدها، وتعليمها إياه المشي؛ ثم يستعمل ذلك في كل شيء)) (2).
ـ وقال: ((.. ((الخُوط)): الغصن، وجمعه: خيطان، وكثُر ذلك حتى قالوا: رجل خُوط؛ إذا كان شابا قويا)) (3).
[ج] أن من المسموع عند التبريزي ما هورديء، والسبب قلة الاستعمال:
ـ قال عند قول أبي تمام:
قَد كِدتُ أَن أَنسى ظَماءَ جَوانِحي
…
مِن بُعدِ شُقَّةِ مَورِدي عَن مَصدَري [بحر الكامل]
((والأشبه أن يكون مد ((الظماء))؛ لأنه تكرر في شعره ممدودا، وذلك رديء؛ لأنه قليل في المستعمل)) (4).
ـ وقال: ((الإصاخة: إمالة الأذن للسمع، وقد حكيت بالسين، وهي رديئة)).
وظيفة الاستعمال اللغوي عند التبريزي:
(أ) الوظيفة الأولى: بيان الانحرافات الاستعمالية عند أبي تمام:
(1) يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [1/ 184ب18].
(2)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [1/ 374ب18].
(3)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [1/ 427ب8]، وتُنْظَرُ أيضًا المواضع الآتية:[3/ 287ب2]، [3/ 276ب25]
(4)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [4/ 455ب26].
توافق علماء اللغة في عصرنا الحديث على أن النظام اللغوي ينقسم إلى مستويين: مستوى اللغة Language ، ويقصد به بنية اللغة الأساسية، أو ((هي النظام المرتَّب للكلام المستخدم من قِبَل البشر كوسيلة اتصال فيما بينهم)) (1). ومستوى الكلام Speech ، ويعني اللغة في حالة التفاعل الفعلي بها أو ((فعل أو حدث الكلام)) (2).
وينقسم المستوى الثاني إلى قسمين آخرين ((أولهما: الاستخدام العادي للغة، وثانيهما: الاستخدام الأدبي لها، وهذا المستوى الثاني هو مجال البحث الأسلوبي باعتبار أن الفرق بين الاستخدام العادي للغة والاستخدام الأدبي لها يكمن في أن هناك انحرافا في المستوى الثاني عن النمط العادي)) (3). والانحراف ـ هنا ـ يعني ((الخروج على ما هو مألوف في الاستعمال اللغوي مما يشكل في النهاية ما يسمى الخاصية الأسلوبية)) (4).
والمألوف من الاستعمال اللغوي هو المستوى المثالي أو العادي الذي أقامه النحاة واللغويون، وهو ((يعتمد النحوَ التقعيديَّ في تشكيل عناصره، كما يعتمد اللغة في تنسيق هذه العناصر. وثمرة الترابط بين ما يقول به النحاة وما يقول به اللغويون ظهورُ مثالية اللغة في استخدامها المألوف، وهي مثالية افتراضية أكثر منها تطبيقية واقعية)) (5).
(1) 554 P. Language : THE NEW LEXICON WEBSTER S DICTIONARY
(2)
954 P. Speech : THE NEW LEXICON WEBSTER S DICTIONARY
(3)
د. فتح الله أحمد سليمان: الأسلوبية، مدخل نظري ودراسة تطبيقية، ص 10، الدار الفنية، رى.
(4)
السابق: ص10
(5)
د. محمد عبد المطلب: البلاغة والأسلوبية، ص 268، سلسلة أدبيات، الشركة المصرية العالمية للنشر، لونجمان، ط1، 1994م
وقد جعل البلاغيون هذا المستوى ((الخلفية الوهمية وراء الصياغة الفنية، التي يمكن أن يقيسوا إليها عملية العدول في هذه الصياغة)) (1).
والانحراف الأدبي الذي يتميز به النص الشعري بشكل عام على ضربين:
((الأول: انحراف بلاغي، يأتي من خارج النص (استعاري أو كنائي)، الثاني: انحراف دلالي، يأتي من داخل النص، إعادة شحن الدال بدلالة جديدة)) (2).
وقد استخدم التبريزي الاستعمال اللغوي الثابت عنده وفي عصره كمعيار ينطلق منه لتوضيح الانحرافات التي كان يخرج أبوتمام بها بعيدا عن هذا الاستعمال، وأهم هذه المواضع التي استخدم فيها ((الاستعمال)) لبيان تلك الانحرافات التالي: قال عند قول أبي تمام:
كُلُّ شَيءٍ غَثٌّ إِذا عادَ وَالمَعروفُ غَثٌّ ما كانَ غَيرَ مُعادِ [بحر الخفيف]
((.. أصل الغث من قولهم: ((لحم غث))؛ إذا لم يكن سمينًا، و ((حديث غث))؛ إذا لم يكن عليه طلاوة، فاستعار ((الغثاثة)) هاهنا في الأشياء كلها، وإنما المعروف أن يستعمل في الحديث)) (3).
ـ وقال عند قول أبي تمام:
فَطَحطَحتُ سَدّاً سَدُّ ياجوجَ دونَهُ
…
مِنَ الهَمِّ لَم يُفرَغ عَلى زُبرِهِ قِطرُ [بحر الطويل]
((وجمع ((زُبْرةً)) على ((زُبْر))، وذلك جمع غير معروف، وإنما يقال:((زُبْرة وزُبَر))، وكذلك جاء القرآن)) (4).
ـ وقال: ((الأَرْية واحدة الأرْي، وهوالعسل، وقلما تستعمل هذه الكلمة موحدة)) (5).
ـ وقال عند قول أبي تمام:
(1) السابق: ص 269
(2)
عبد العزيز موافي: الرؤية والعبارة، مدخل إلى فهم الشعر، ص262
(3)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [1/ 366ب35].
(4)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [4/ 569ب8].
(5)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [3/ 235ب12].
فَكَّت أَكُفُّ المَوتِ غُلَّ قَصائِدي
…
عَنهُ وَضَيغَمُها عَلَيهِ يَزيرُ [بحر الكامل]
((قوله ((يَزِير)) يقال: زأر الأسد، يزئر، ويزأَر، فقوله:((يَزِيرُ)) على لغة من قال: يزئر، والمستعمل في كلام العرب أنهم إذا ألقوا حركة الهمزة على ما قبلها طرحوها من الكلمة، والقياس أن يقولوا إذا خففوا الهمزة يزئر:((يَزِرُ))، وإذا خففوا من يزأر قالوا:((يزَرُ)))) (1).
ـ وقال:
في صَدرِهِ مِن هُمومٍ يَعتَلِجنَ بِهِ
…
وَساوِسٌ فُرَّكٌ لِلخُرَّدِ العُرُبِ [بحر البسيط]
((
…
((الفُرَّك)): جمع ((فَرُوك))، من قولهم:((فركت المرأة زوجها))؛ إذا أبغضته، وكأنه هاهنا مستعار موضوع في غير موضعه)) (2).
ـ وقال:
جَثَمَت طُيورُ المَوتِ في أَوكارِها
…
فَتَرَكنَ طَيرَ العَقلِ غَيرَ جُثومِ [بحر الكامل]
((
…
طيور جمع طير، وطير جمع طائر، وقلما يقولون طيور، إلا أنه قد جاء، وربما استعملوا الطير في معنى الواحد)) (3).
ـ وقال:
وَلوعٍ بِسوءِ الظَّنِّ لا يَعرِفُ الوَفا
…
يَبيتُ عَلى سَلمٍ وَيَغدوعَلى حَربِ [بحر الطويل]
((((ولوع)): بناه على وَلِعَ يَوْلَعُ، والمستعمل في الأكثر:((أُولِع بالشيء)) و ((الرجل مولع))،ولكن ((ولع)) جائزة، ولا يقولون:((الرجل وَلِع بكذا))؛ لأنهم استغنوا بالمولع، ولكن ولع جائزة)) (4).
ـ وقال:
(1) يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [4/ 358ب3].
(2)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [4/ 546ب3].
(3)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [3/ 266ب39].
(4)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [4/ 155ب2].
استَنبَتَ القَلبُ مِن لَوعاتِهِ شَجَرًا
…
مِنَ الهُمومِ فَأَجنَتهُ الوَساويسا [بحر البسيط]
((وأكثر ما تستعمل العرب ((الوساويس)) بغير الياء، ويجوز أن يكون الطائي سمعه في الشعر القديم، أواجترأ على المجيء به لعلمه أن مثله كثير)) (1).
ـ وقال:
لَئِن كانَ أَمسى في عَقَرقُسَ أَجدَعا
…
لَمِن قَبلُ ما أَمسى بِمَيمَذَ أَخرَما [بحر الطويل]
((((مَيمَذَ)) اسم أعجمي، وليس يوافق شيئا من أسماء العربية؛ لأن الممذ ليس بمستعمل؛ فيكون من باب كوكب، ولا ((اليَمَذُ)) بمعروف؛ فيجعل من باب ((مَفْعَل)))) (2).
(ب) الوظيفة الثانية: رد بعض روايات الديوان أوترجيح عدم قولها:
ـ قال عند قول أبي تمام:
صَلَتانُ يَبسُطُ إِن رَدى أَوإِن عَدا
…
في الأَرضِ باعًا مِنهُ لَيسَ بِضَيِّقِ [بحر الكامل]
((
…
وإن رواه راو ((صَلْتان)) ـ بسكون اللام ـ فهو ((فَعْلان)) من ((الصَّلْت))، والاشتقاق واحد، إلا أن ((فَعْلان)) من هذا غير معروف)) (3).
ـ وقال عند قول أبي تمام:
يَنبوعُها خَضِلٌ وَحَليُ قَريضِها
…
حَليُ الهَدِيِّ وَنَسجُها مَوضونُ [بحر الكامل]
((.. الينبوع: النهر الكثير الماء، وهو ((يَفْعُول)) من النبع، و ((الخضل)): الذي قد ابتل، ويجوز أن يكون الطائي لم يقله على هذا النظم؛ لأن الينبوع لا يحسن أن يوصف بـ ((خَضِل))، ولكن لوقال:((غَدِق)) لكان أشبه؛ إذ كانوا يقولون:
((خضلَ ثوبُه))؛ إذا أصابه قطر فبله ..)) (4).
(1) يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [2/ 255ب4].
(2)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [3/ 336 ـ 237ب19]، ولمزيد من المواضع في هذه الجزئية تُنْظَرُ المواضع الآتية:[1/ 443ب59]، [4/ 455ب26]، [2/ 16ب25].
(3)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [2/ 412ب13].
(4)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [3/ 330ب42].
(ج) الوظيفة الثالثة: استغلال الاستعمال اللغوي لبيان معنى البيت قيد الشرح، وما يحيط به من ظلال بلاغية:
استغل التبريزي في بعض الأحيان ((الاستعمال اللغوي)) ليوضح بعض الجوانب الدلالية والبلاغية للبيت قيد الشرح، ومثال ذلك ما يلي:
ـ قال أبوتمام يمدح خالد بن يزيد بن مَزْيَد الشيباني:
جَعَلَ الدَّجى جَمَلًا وَوَدَّعَ راضِيًا
…
بِالهونِ يَتَّخِذُ القُعودَ قَعودا [بحر الكامل]
((
…
والقعود: ما يقتعد من الإبل؛ أي: ما يركب، ولا يستعمل ذلك إلا فيما كان فتيَّ السن، قريب العهد بالركوب)) (1).
والمتأمل في معنى البيت السابق يجد أن توضيح التبريزي لكيفية استعمال ((قَعُود)) أضاف معنى بلاغيا لطيفا إلى البيت، وهوشدة هوان من تركه الممدوح.
ـ وقال عند قول أبي تمام:
أَصغى إِلى البَينِ مُغتَرًّا فَلا جَرَما
…
أَنَّ النَّوى أَسأَرَت في قَلبِهِ لَمَما [بحر البسيط]
((.. والناس يضعون ((لا جرم)) في موضع الشماتة واستحقاق المصاب للمصيبة؛ فيقولون: كان فلان رجل سوءٍ، لا جرم أن الله أهلكه)) (2).
ـ وقال:
نِعمَ الفَتى اِبنُ الأَعمَشِ الغَثُّ الذَّفِر
…
لَولا الحِلاقُ وَالجُنونُ وَالبَخَر [بحر الرجز]
((.. ((الذفر)) بالذال المعجمة أوجه؛ لأنهم يستعملون ((الذفر)) في حدة الرائحة من طيبٍ أونتن، ويقولون:((ذَفِرٌ))، ولا يستعملون ((دفر)) بالدال المعجمة إلا بسكون الفاء)) (3).
ـ قال أبوتمام:
(1) يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [1/ 411ب15].
(2)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [3/ 166ب1].
(3)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [4/ 374ب1].