الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[ب] دراسة المادة النحوية المتعلقة بالمجرورات:
• الإضافة عند التبريزي:
جاءت عند التبريزي الحقائق التالية عن الإضافة:
[1]
إمكانية أن يكون المضاف توكيدا للمضاف إليه:
قال عند قول أبي تمام:
غَرَضا نَكبَتَينِ ما فَتَلا رَأيًا فَخافا عَلَيهِ نَكثَ انتِقاضِ [بحر الخفيف]
((النكث: النقض، وأضافه إلى الانتقاض توكيدا لاختلاف اللفظين)) (1).
ويقول النحاة: ((ومن النادر أن تكون إضافة المؤكَّد إلى المؤكِّد في غير أسماء الزمان المبهمة)) (2).
[2]
حذف المضاف: أشار التبريزي إلى حذف المضاف، وعلل ذلك بـ ((علم السامع)) (3). قال:((والأقحوان يوصف بأنه ينبت بين الرمال، وقد كثر تشبيه الشعراء الثغور بنور الأقاحي، فربما جاءوا بذكر النور، وربما استغنوا عنه لعلم السامع بما يريدون؛ لأن الغرض إنما هوالنور)) (4).
[3]
عند تقدير حرف الجر في الإضافة المحضة يجب أن يراعى الحرف المناسب للمعنى من الأحرف الثلاثة ((من، في، اللام)):
قال عند قول أبي تمام:
(1) ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [2/ 310ب8].
(2)
النحوالوافي: 3/ 45
(3)
من الشروط التي وضعت لحذف المضاف الشروط التالية:
ـ وجود قرينة تدل على لفظه نصًّا أولفظ آخر بمعناه، بحيث لا يؤدي حذفه إلى لبس أوتغيير في المعنى.
ـ أن يقوم المضاف إليه مقام المضاف المحذوف، ويحل محله في الإعراب في الغالب.
ـ أن يكون المضاف إليه من الأشياء التي تصلح لأن تحل محل المضاف المحذوف في إعرابه، [النحوالوافي: 3/ 157ـ161]
(4)
ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [2/ 244ب7].
طلَبت رَبيعَ رَبيعَةَ المُهمي لَها
…
فَوَرَدنَ ظِلَّ رَبيعَةَ المَمدودا [بحر الكامل]
((والأحسن أن تكون الإضافة هاهنا على معنى ((من))؛ لأنها إذا كانت بمعنى اللام جاز أن يتوهم السامع أنه ربيع لربيعة دون غيرها من القبائل)) (1).
• حروف الجر عند التبريزي:
من الحقائق اللغوية التي ذكرها التبريزي عن حروف الجر ـ التبادلُ الذي يقع بين معانيها، فحروف الخفض ـ كما يذكر اسمها التبريزي ـ يقوم بعضها مقام بعض، قال:((وحروف الخفض يقوم بعضها مقام البعض)) (2). وقال في موضع آخر: ((وهم يتسعون في حروف الخفض؛ فيضعون بعضها موضع بعض)) (3).
ويذكر في شرحه ما يدل على أن:
(1)
ـ ((إلى بمعنى اللام)) (4). (2) ـ ((من بمعنى الباء)) (5).
(3)
((الباء توضع موضع في؛ تقول: فلان بالبصرة، كما تقول فيها)) (6).
(1) ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [1/ 411ـ 412ب16].
(2)
ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [3/ 119ب18]، وهذه العبارة ذكرها أبوالعلاء بنصها تقريبا فقال:((وحروف الخفض ينوب بعضها مناب بعض كثيرا، وشائع في الكلام أن تقول: في هذا البساط نقشٌ حسن، وعلى هذا البساط)). [2/ 458ب5]
(3)
ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [3/ 230ب47]. ونحب أن نشير هنا أن المشهور من حروف الجر عشرون و ((أن كل حرف من هذه العشرين قد يتعدد معناه، وقد يشاركه غيره في بعض هذه المعاني؛ أي: أن المعنى الواحد قد يؤديه حرفان أوأكثر. وللمتكلم أن يختار من الحروف المشتركة في تأدية المعنى الواحد أوغير المشتركة، ما يشاء مما يناسب السياق. غير أن الحروف المشتركة في تأدية المعنى الواحد قد تتفاوت في هذه المهمة، فبعضها أقوى على إظهاره من غيرها)). [النحوالوافي: 2/ 455]
(4)
ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [3/ 119ب18].
(5)
ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [3/ 90ب12 ـ 13].
(6)
ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [2/ 241ب19]. ومما أشار إليه أبوالعلاء في هذا المقام إمكانية أن تجعل ((الباء)) بمعنى ((من)). [3/ 164ب26]، ومن المعاني التي ذكرها لحرف الجر ((الباء)): الجزاء والمكافأة، قال:((الباء لمعنى الجزاء والمكافأة، كما تقول للرجل: خذ هذا الدرهم بما خدمتني؛ أي: من أجل خدمتك إياي)). [1/ 118]، وقال في موضع آخر:
((أهل اللغة يختارون بنى فلان على أهله، ويكرهون بنى بها، وأصل ذلك عندهم أنهم كانوا إذا أعرسوا بنوا القباب على العرائس، والمتعارف في كلامهم بنى على المرأة القبة، ولا يمنع القياس دخول الباء في هذه المواضع، ويكون المعنى: بنى بأهله؛ أي من أجلهم، كما يقال للرجل: خذ هذا بما فعلت في الدهر الأول؛ أي من أجله)). [1/ 55ـ 56]
ومما هو جدير بالذكر هنا أن ابن هشام كان يحذر من أن هناك أمورا اشتهرت بين المعربين منها ((قولهم: ((ينوب بعض حروف الجر عن بعض)) وهذا أيضا مما يتداولونه ويستدلون به، وتصحيحه بإدخال قد على قولهم:((ينوب))، وحينئذ يتعذر استدلالهم به؛ إذ كل موضع ادعوا فيه ذلك يقال لهم فيه: لا نسلم أن هذا مما وقعت فيه النيابة، ولو صح قولهم لجاز أن يقال: مررت في زيد، ودخلت من عمرو، وكتبت إلى القلم. على أن البصريين ومن تابعهم يرون في الأماكن التي ادعيت فيها النيابة أن الحرف باق على معناه، وأن العامل ضمن معنى عامل يتعدى بذلك الحرف؛ لأن التجوز في الفعل أسهل منه في الحرف)) (1).
ونرى أن في هذا مشقة في التضمين والتأويل، فإنه ((لا مانع في المجال الشعري من التجوز في الحرف على أساس أن وجود حرف بديل عن حرف آخر في السياق قد يؤدي إلى حضور معنيين: المعنى المفهوم من وجود الحرف المذكور، والمعنى المتخيل بافتراض الحرف المقصود)) (2).
ويشير أيضا التبريزي إلى:
(1)
التبادل بين حرف الجر ((إلى)) والظرفين ((مع))، و ((عند)):
ـ قال عند قول أبي تمام:
نِعمَةُ اللهِ فيكَ لا أَسأَلُ اللهَ إِلَيها نُعمى سِوى أَن تَدوما [بحر الخفيف]
(1) مغني اللبيب: 6/ 561 ـ 562، تحقيق وشرح د. عبد اللطيف محمد الخطيب، الكويت، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، السلسلة التراثية.
(2)
د. فتح الله أحمد سليمان: الأسلوبية، مدخل نظري ودراسة تطبيقية، ص114
((إليها أي معها، كما قال سبحانه:چ ? ? ? ?? چ [آل عمران 52]؛ أي: مع الله)) (1).
وذكر ((إلى)) بدلا من ((مع)) يبرز معنى الارتباط والمصاحبة بين المبدل والمبدل منه.
ـ وقال: ((وهم يتسعون في حروف الخفض؛ فيضعون بعضها موضع بعض، قال الراعي (2):
ثَقالٌ إِذا رادَ النِساءُ خَريدَةٌ
…
صَناعٌ فَقَد سادَت إِلَيَّ الغَوانِيا [بحر الطويل]
أي: سادت عندى)) (3). والمعنى الظاهر من البيت أن الغواني صرن ملاصقات
له؛ فهي جزء منه، والآخر المتخيل يوحي بالامتلاك والاستئثار.
(2)
زيادة الباء إذا كان في أول الكلام نفي أو شيء يشابه النفي، وزيادة الشعراء لها إذا كان بعدها أَنْ:
ـ قال عند قول أبي تمام:
مَلَأَ المَلا عُصبًا فَكادَ بِأَن يُرى
…
لا خَلفَ فيهِ وَلا لَهُ قُدّامُ [بحر الكامل]
((والشعراء يجترئون على إدخال الباء الخافضة إذا كان بعدها ((أن))؛ فيقولون: ظننتُ بأن أقومَ، وحسبتُ بأن أَفْعَل، قال الشاعر:
ظَنَنتُم بِأَن يَخفى الَّذي قَد صَنَعتُمُ
…
وَفيكُم نَبِيٌّ عِندَهُ الحُكمُ واضِعُه (4)[بحر الطويل])) (5).
(1) ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [3/ 230ب47].
(2)
هو: ((الرَّاعِي أَبُوجَندَلٍ عُبَيْدُ بنُ حُصَيْنٍ النُّمَيْرِيُّ مِنْ كِبَارِ الشُّعَرَاءِ لُقِّبَ بِالرَّاعِي؛ لِكَثْرَةِ مَا يَصِفُ الإِبِلَ فِي شِعْرِهِ.)). [سير أعلام النبلاء: 4/ 597]
(3)
ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [3/ 230ب47].
(4)
البيت لحسان بن ثابت، وهوفي ديوانه، ص 286، [تحقيق د. سيد حنفي حسنين، سلسلة الذخائر 171، الهيئة العامة لقصور الثقافة]، والبيت ذُكِر في ((معجم شواهد النحوالشعرية))، د. حنا جميل حداد، وقال: ((مصادره: سيبويه وشرح الشنتمري لشواهد الكتاب 1/ 242، والانتصار 109، [دار العلوم للطباعة والنشر 1404هـ، 1984م، الرياض، المملكة العربية السعودية]
(5)
ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [3/ 155ب31]، وينظر أيضا:[4/ 303ب6]، ومن المواضع التي ذكرها أبوالعلاء وتزاد فيها ((الباء)) زيادتها مع ((حسب))، قال: ((الباء: تزاد مع حسب في الابتداء، ومنه قول الأول:
بحسبك في القوم أن يعلموا
…
بأنك فهم غني مُضِرْ)) [1/ 232 ـ 233ب43]
…
.