الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المذهب النحوي لأبي العلاء:
إن كان لابد للباحث أن يحدد لأبي العلاء مذهبا نحويا، فإن الباحث يرجح أن أبا العلاء كان يميل إلى المذهب ((البغدادي)) وهذا الترجيح يقوم على الأدلة التالية:
1ـ أن أبا العلاء لم يخرج من بلدته ((معرة النعمان من أعمال حلب)) إلا إلى طرابلس الشام، ثم رحل إلى بغداد سنة 398هـ، وأقام بها سنة وسبعة أشهر، ثم رجع إلى بلده، ولزمها إلى أن مات؛ أي أن الرحلة العلمية الوحيدة التي قام بها أبوالعلاء كانت إلى بغداد.
2ـ أن أبا العلاء إذا تناول مسألة نحوية أوصرفية، وعرض فيها آراء المذهب النحوية فإن أبا العلاء يذكر رأي البصريين، ثم رأي الكوفيين، ولا ينتصر لرأي منهما، ولا ينبه على أنه ضمن فريق من الفريقين. وندلل على ذلك بالآتي:
ـ قال أبوالعلاء عند قول أبي تمام:
قَدكَ اتَّئِب أَربَيتَ في الغُلواءِ
…
كَم تَعذِلونَ وَأَنتُمُ سُجَرائي [بحر الكامل]
((((قَدْك)) في معنى حسبك، وهي كلمة تستعمل مع المضمرات كثيرا، ولا يعرف استعمالها مع الظاهر، وإذا جاءت مع المضمر فإنما يخاطب بها المواجه، ويعني بها المتكلم نفسه، فيقال:((قَدْكَ يا رجل، وقدني)) .... وعند النحويين أن النون دخلت ها هنا لتبقى الدال على سكونها، وربما قالوا:((قَدِي))، والفراء يجيز ذلك في غير الضرورة، وسيبويه يجعله من الضرورات
…
فياء ((قدني)) عنده مثل ياء ((قدي))، وحذفت النون لإقامة الوزن)) (1).
ـ قال أبوالعلاء عند قول أبي تمام:
فَيا غالِبًا لا غالِبٌ لِرَزِيَّةٍ
…
بَلِ المَوتُ لاشَكَّ الَّذي هُوغالِبُ [بحر الطويل]
(1) يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [1/ 20ب1].
((قوله: ((يا غالِبا)) نداء للذي يرثيه واسمه غالب، وتنوين العَلَم المُنادى محسوب من الضرورات، والنحويون فيه مختلفون، بعضهم يختار النصب، وبعضهم يختار الرفع
…
)) (1).
ـ قال أبوالعلاء عند قول أبي تمام:
مُسِفِّهِ ثَرِّهِ مُسَحسِحِهِ
…
وابِلِهِ مُستَهِلِّهِ بَرِدِه
وَهَل يُساميكَ في العُلى مَلِكٌ
…
صَدرُكَ أَولى بِالرُّحبِ مِن بَلَدِه
[بحر المنسرح]
((
…
و ((مُسَحسِح)): كثير الصب، وبعض الناس يذهب إلى أن ((مسحسحا)) مأخوذ من السح، وأصحاب القياس من أهل البصرة يزعمون أن ((سحسح)) من غير لفظ ((سَحَّ)). ووزن ((مُسَحسِح)) على رأي سيبويه، ((مُفَعْلِل))، وعلى رأي غيره من أصحاب النظر ((مُفَعْفِل))، وعلى ما ثبت في كتاب العين ((مُفَعْفِع)))) (2).
3ـ أن أبا العلاء كان يعتمد على السماع والقياس بنفس الدرجة:
قال أبوالعلاء: ((أهل اللغة يختارون بنى فلان على أهله، ويكرهون: بنى بها، وأصل ذلك أنهم كانوا إذا أعرسوا بنوا القباب على العرائس، والمتعارف في كلامهم بنى على المرأة القبة، ولايمنع القياس دخول الباء في هذا الموضع)) (3).
وهذا هوما تتبعه المدرسة البغدادية التي اتبع نحاتها ((منهجا جديدا في دراساتهم ومصنفاتهم النحوية يقوم على الانتخاب من آراء المدرستين البصرية والكوفية جميعًا)) (4). فأبو العلاء لم يكتف بالسماع كما تقول المدرسة الكوفية، بل أطلق القياس كما تقول المدرسة البصرية.
*******
(1) يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [4/ 40ب1].
(2)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [1/ 439ب44، 45]، ولمزيد من المواضع ينظرأيضا:[2/ 193ب8][1/ 306][4/ 38ب5][1/ 372ـ 373][2/ 207][1/ 180ب8][1/ 439ب45].
(3)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [1/ 55ـ 56ب31].
(4)
د. شوقي ضيف: المدارس النحوية، ص245