الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ـ
المجموعة الثانية: دراسة كل ما هومتعلق بالحرف صوتا وإعلالا وإبدلا وغيره
سنبدأ هنا بدراسة المادة الصرفية عند التبريزي والمتعلقة بالحرف، وسنبدأ بمواضع الإعلال والإبدال.
- المادة الصرفية المتعلقة بالإعلال والإبدال عند التبريزي:
• إبدال الهمزة من الهاء، والهاء من الهمزة:
قال التبريزي: ((هيهات يوقف عليها بالهاء إذا فتحتها؛ وإذا كسرتها يوقف عليها بالتاء، ويجوز هيهاتًا، وتبدل الهمزة من الهاء، فيقال: أيهات، ويقال: أيها)) (1).
وقال: ((هرقت تستعمل في المياه وما جرى مجراها في السيلان، والأصل: أرقت؛ فأبدلت الهاء من الهمزة)) (2).
• قلب الواوياء:
من المواضع التي أشار إليها التبريزي، وتقلب فيها الواوياءً المواضع التالية:
قال ((الدنيا: هي ((الفُعْلَى)) من الدنو، وإذا كانت ((الفُعْلَى)) أُنثى ((الأفعل))، وكانت من ذوات الواوقلبت إلى الياء؛ تقول هذا الأشهى وهذه الشُّهيا، وكذلك هذا الأعلى، وهذه العُليا، وقالوا: القُصْيا والقصوى، فاستعملوها بالواووالياء، ومجيئها بالواويُحْسب من الشذوذ، لأن عادة مثلها أن تقلب)) (3).
وقال التبريزي: ((ويجب أن تكون ((مَلِيٌّ)) من ذوات الواو؛ لأنه يقال: مضت مُلاوة من الدهر، فهومن هذا، ولكن الواووقعت طرفا وقبلها ياء؛ فقلبت إلى الياء، كما قالوا: عَلِيٌّ وهومن العلو)) (4).
(1) ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [1/ 65].
(2)
ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [1/ 62].
(3)
ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [2/ 124ب35].
(4)
ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [2/ 449ب14].
وقد ذكر النحاة من مواضع قلب الواوياء ((أن تجتمع هي والياء في كلمة واحدة بشرط ألا يفصل بينهما فاصل، وأن يكون السابق منهما أصيلا؛ أي: غير منقلب عن غيره، وساكنا سكونا أصليا غير عارض. فإذا تحققت هذه الشروط وجب قلب الواوياء، وإدغامها في الياء، سواء أكانت الياء هي السابقة؛ نحو: سيد وميت وأصلهما، سيود، ميوت كما سبق" أم كانت الواوهي السابقة؛ نحو: طيّ، وليّ، وأصلهما: طوي، ولوي؛ بدليل: طويت ولويت (
…
) فالواوفي الأمثلة السالفة قلبت ياء، وأدغمت في الياء)) (1).
• إبدال التاء بالدال والياء بالنون:
ألمح التبريزي إلى أنه في بعض الكلمات يمكن أن تبدل التاء بالدال والياء
بالنون، فقال عند قول أبي تمام:
تَصَدَّت وَحَبلُ البَينِ مُستَحصِدٌ شَزرُ
…
وَقَد سَهَّلَ التَوديعُ ما وَعَّرَ الهَجرُ [بحر الطويل]
((تصدت: تعرضت، وكأنه مأخوذ من صَدِّ الجَبَل، وهوناحيته؛ فيكون الأصل على هذا الوجه تَصَدَّدت؛ فأبدلت من إحدى الدالات تاءٌ كما قالوا: تَظَنَّيْتُ في معنى تَظَنَّنْْتُ)) (2).
• جواز قلب الهمزة واوا إذا فُتِحت وقبلها ضمة:
قال: ((لَبُؤَة يجوز أن تجعل همزتها واوا؛ لأنها مفتوحة وقبلها ضمة؛ فنقول: لَبُوة)) (3).
• القِسِيّ لم يحكَ فيها الضم:
قال ((القِسي جمع قَوْس على القلب، وكل ما كان على هذا النحومثل: دُلِيّ وثُدِيّ جاز ضَمُّ أوله وكسره إلا القسي؛ فإنه لم يُحْكَ بالضم)) (4).
• من مواضع الإعلال بالنقل:
(1) النحوالوافي: 4/ 779
(2)
ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [4/ 561ب1].
(3)
ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [1/ 353ب31].
(4)
ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [4/ 561ب34].
قال عند قول أبي تمام:
أَسائِلَ نَصرٍ لا تَسَلهُ فَإِنَّهُ
…
أَحَنُّ إِلى الإِرفادِ مِنكَ إِلى الرَّفدِ [بحر الطويل].
((لا تسله: يجوز أن يكون من سأل يسأل، فألقى حركةَ الهمزة على السين وحذفها (أي: حذف الهمزة))) (1).
- من المواضع التي يَصِحُّ فيها الحرف المعتل (الواو والياء):
ذكر التبريزي بعض الموضع التي يصح فيها حرف العلة، منها التالي:
قال: ((إذا بنوا ((اِفْتَعَل)) في معنى ((تفاعل)) صح فيه الحرف المعتل؛ فيقولون: اعتَوَر القومُ المكانَ، مثل: تعاوروه، واجتوروا مثل تجاورُوا؛ وكذلك ازدوج النَّوْر، مثل تزاوج؛ أي: كان أزواجا. وإذا بنوا افتعل من المعتل، ولم يكن في معنى تفاعل؛ فإنه يجيء معتلا، كقولك: اقتات الطعام، ولا يجوز اقتوت؛ كذلك اعتاد الأمر، ولا يقال اعتود)) (2).
وقال عند قول أبي تمام:
أَحسِن بِأَيّامِ العَقيقِ وَأَطيِبِ
…
وَالعَيشِ في أَظلالِهِنَّ المُعجِبِ [بحر الكامل].
((.. وقال: أطْيِب، فصحح الياء؛ لأن التعجب شأنه ذلك، يظهر فيه التضعيف، ويصح المعتل، إذا بنيته بناء الأمر، فأما إذا بنيته على ((ما أفْعَلَه))؛ فإنه يصح مُعْتله، ولا يظهر مُضَعَّفَه، تقول: ما أقوله للحق، وما أعزه، وما أشده؛ فتدغم. فإذا صرت إلى لفظ ((أفعِلْ به))، قلتُ: أقوِلْ به، وأعزز، ولم يقولوا: أعزَّ بفلان ألبتَّة)) (3).
ـ وقال: ((صِيان الشيء وصوانه: ما صِينَ به، وهومن ذوات الواو، وإنما قلبت ياء في صيان لانكسار ما قبلها، وكأنَّ الصيان في الحقيقة مصدر سُمِّي به الشيء؛ لأن المصادر تنقلب فيها الواوياء؛ إذا كان ما قبلها مكسورا (
…
). وإذا لم يعتل الفعل
(1) ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [2/ 66ب17].
(2)
ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [2/ 158ب23].
(3)
ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [1/ 92].
صحت الواو في المصدر، كقولك: عاودتُه عِوادًا ولاوذتُ به لِوَذًا؛ فأما: الخِوان الذي يُؤكل عليه، والحِوار إذا أريد به ولدُ الناقة، في لغة من كسر الحاء، فإن الواوتثبت فيهن مع كسرة ما قبلها؛ لأنهن غير جوار على فِعْل)) (1).
- التصرف في الحرف وسيلة لتوضيح خبرية الجملة من إنشائيتها:
قد يكون التصرف في الحرف وسيلة للتفرقة بين خيرية الجملة وإنشائيتها، ودليل ذلك قال عند قول أبي تمام:
تَاللهِ نَدري أَالإِسلامُ يَشكُرُها
…
مِن وَقعَةٍ أَم بَنوالعَبّاسِ أَم أُدَدُ [بحر البسيط]
((
…
((أَالإسلام)): أدخل همزة الاستفهام على ألف الوصل، التي مع لام التعريف؛ وإذا فعلوا ذلك مَدُّوا مَدَّة تقوم مقام الحرف؛ ليفرقوا بين الاستفهام والخبر)) (2).
وفي هذا دليل على أن اللغة تتحاشى الإفساد المعنوي واللبس وتتمسك بأوضح ((خصائصها؛ وهو: التبيين؛ وأساسه الضوابط السليمة المتميزة التي لا تداخل فيها ولا اختلاط)) (3).
- حذف ألف أنا:
قال: ((الأجود في الوصل أن تحذف الألف من ((أنا)) وقد جاء إثباتها، وكان محمد بن يزيد يتشدد في إجازته، وغيره يجعله من الضرورات، وقد رُوِي إثباتها عن نافع المدني)) (4).
والذي عليه الجماعة من القراء أن ألف ((أنا)) تحذف وَصْلاً وتثبت وقْفًا، وكان نافع يُثْبت ألف ((أنا)) وَصْلاً ((قبلَ همزةٍ مضمومةٍ أو مكسورة أو مفتوحة)) (5).
…
(1) ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [3/ 294ب1].
(2)
ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [2/ 19ب40].
(3)
النحو الوافي: 2/ 161
(4)
ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [2/ 67ب26].
(5)
السمين الحلبي: الدر المصون في علوم الكتاب المكنون، 7/ 491، ت: د. أحمد محمد الخراط، دار القلم، دمشق
- عادة العرب في تخفيف الهمزة:
يوضح التبريزي طريقة العرب في تخفيف الهمزة فيقول: ((عادة العرب إذا خففوا الهمزة في مثل ((يلؤُم)) أن يلقوا الحركة على اللام، ويحذفوا الهمزة؛ فيقولوا:((يَلُم)) وفي ((يسْأم)): يَسَم، وفي ((يَنْئِم)): يَنِم. وبعضهم يقول: يَلُوم، ويسام ويَنِيم الليث، وذلك رديء، قليل في كلامهم)) (1).
وقال عند قول أبي تمام:
فَكَّت أَكُفُّ المَوتِ غُلَّ قَصائِدي
…
عَنهُ وَضَيغَمُها عَلَيهِ يَزيرُ [بحر الكامل]
((قوله: ((يَزِيرُ)) يُقال: زأرَ الأسدُ ويزأَر، فقوله:((يَزِيرُ)) على لغة من قال يَزئِر، والمستعمل في كلام العرب أنهم إذا ألقوا حركة الهمزة على ما قبلها طرحوها من الكلمة، والقياس أن يقولوا إذا خففوا الهمزة في يَزْئِر يزر، وإذا خففوا من يزأرُ قالوا يَزَرُ، كما قال كُثَيِّر:
لا أَنزُرُ النائِلَ الخَليلَ إِذا
…
ما اعتَلَّ نَزرُ الظؤورِ لَم تَرِمِ [بحر المنسرح]
يريد لم تَرأم، والقياسُ يدلُّ على جواز قولهم يَزِيرُ في يزئر، وذلك أنهم لما ألقوا حركة الهمزة على الزاي بقيت ساكنة فجعلوها ياءً، كما جعلوها كذلك في بِئْر وذِئْبٍ، وقد حكوا: أمرٌ مثير، في معنى: مُثْئِر)) (2).
****
(1) ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [3/ 291ب21].
(2)
ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [4/ 258ب3].