الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والمسموع عنده منقول عن ((أصحاب اللغة)) و ((أصحاب المعاني)) و ((أصحاب النقل)):
ـ قال التبريزي: ((وأصحاب النقل يرون تصغير الضحى ضُحي)) (1).
ـ وقال: ((أصحاب اللغة يختلفون في تفسير السميدع، إلا أنه مدح لا اختلاف فيه)) (2).
ـ وقال: ((القَسِمَة ـ عن الأصمعي ـ: مجاري الدمع. وقال أبوعبيدة: القَسِمَة: أعلى الوجه، وقال الفراء: القَسِمَة: الوجه)) (3).
********
ثانيا القياس عند التبريزي:
أول ما نلمح من أمر القياس عند التبريزي أنه يرادف مصطلح ((الاشتقاق))، وهذا ما نستشفه من أقوال التبريزي التالية:
ـ ((أكثر ما يفسرون ((البَلِيل)) ـ إذا كان من صفة الريح بالباردة، والاشتقاق يدل على أن البليل التي فيها شيء من المطر)) (4).
ـ ((وفاقع من صفات الأصفر
…
والاشتقاق لا يمنع أن يوصف الأبيض بالفاقع، إلا أنهم لم يستعملوه)) (5).
ـ ((.. والأرسال: جمع رَسَل، فقال قوم هواسم للإبل .... والاشتقاق يوجب أن الأرسال التي يتبع بعضها بعضا في الإبل وغيرها)) (6).
(1) يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [1/ 54ب28].
(2)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [1/ 352ب27].
(3)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [2/ 34ب7].
(4)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [1/ 165ب31].
(5)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [4/ 581ب7].
(6)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [1/ 254ب43]. وذكر التبريزي أن القياس لغة هو ((ضد التقليد))، [2/ 247ب15]، كما أننا نلمح عبارات أخرى تدل على القياس، مثل قول التبريزي:((جار مجرى)) [1/ 305]، و ((وهوكقولهم)) [3/ 146]، و ((وهوعلى مذهب قولهم)) [4/ 133]، ((من قولهم)) [1/ 14]، ((ومثل ذلك يتردد في الكلام)) [1/ 14] هذا بالإضافة لكلمته الشهيرة ((يقال)).
وقد لعب القياس مع التبريزي دورا مهما في الشرح، إذ نجد مواضع عديدة استخدمه فيها كوسيلة للشرح والإبانة عن المعنى:
ـ قال عند قول أبي تمام:
فَكَم لي مِن هَواءٍ فيكِ صافٍ
…
غَذِيٍّ جَوُّهُ وَهَوًى وَبِيِّ [بحر الوافر]
((
…
ومن روى ((عَذِيٍّ)) بالعين غير معجمة؛ فإنه يأخذه من الأرض العَذِية، وهي الأرض طيبة التراب. إلا أن التشديد في ((العَذِيِّ)) و ((العَذِيِّة)) غير مستعمل، والقياس يجيزه؛ ((فَعِلا)) و ((فَعِيلا)) يشتركان كثيرا، كقولهم: سَقِمٌ وسَقِيم، وجَرِحٌ وجَريح)) (1).
ـ قال عند قول أبي تمام:
تُعطيكَ مَنطِقَها فَتَعلَمُ أَنَّهُ
…
لِجَنى عُذوبَتِهِ يَمُرُّ بِثَغرِها [بحر الكامل]
((استعمل ((المنطق)) في معنى النطق على المجاز، ولوحمل على القياس لوجب أن يكون المنطق موضع النطق؛ أي: الفم)) (2).
ونلمح في النص السابق ثَمَّ موضع التقاءٍ يجتمع فيه القياس والاشتقاق، هو معنى القياس على المشتق؛ فحمل منطق على القياس مثلا، يعني حمله على ما ينبغي أن يكون عليه اشتقاق اسم المكان من مادته.
ـ وقال: ((يقال: أغث الحديثُ؛ إذا صار غثا، والقياس لا يمنع أن يقال: غث يَغث)) (3).
ـ قال عند قول أبي تمام:
كَأَنَّ عَلَيها الدَّمعَ ضَربَةَ لازِبٍ
…
إِذا ما حَمامُ الأَيكِ في الأَيكِ غَنَّتِ [بحر الطويل]
(1) يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [3/ 335ب5].
(2)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [4/ 212ب4].
(3)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [1/ 366ب35].
((الأيك: الشجر الملتف، وأكثر ما يقولون غنى الحمام، والتأنيث جائز في كل جمع ليس بينه وبين واحده إلا الهاء، مثل: نخل ونخلة، وتمر وتمرة)) (1).
ـ قال عند قول أبي تمام:
وَإِن بَكَرَت في ظُعنِهِم وَحُدوجِهِم
…
زَيانِبُ مِن أَحبابِنا وَعَواتِكُ [بحر الطويل]
((الزيانب: جمع زينب، هكذا يوجب القياس، فأما الشعر القديم فقلما يوجد فيه الزيانب)) (2).
وقد لعب القياس عند التبريزي دورا في بيان مدى خروج أبي تمام على المألوف، أواستخدامه لأساليب رديئة:
ـ قال عند قول أبي تمام:
سَقاهُم كَما أَسقاهُمُ في لَظى الوَغى
…
بِبيضِ صَفيحِ الهِندِ وَالسُّمُرِ الذُّبلِ [بحر الطويل]
((وحرك ((السُّمْر)).، والقياس تسكينها، ولكنه شبه الجمع بالواحد؛ فثقل الميم، كما يقال: الثُّكُل والثُّكْل و ((الذُّبل)) جمع ((ذَبُول))؛ لأن ((فعُولا)) بابه أن يجمع على
((فُعْل))، وجمع ((فاعل)) على هذا المثال قليل؛ فكان حمله على ((فَعُول)) أوجب)) (3).
وجاء في شرح شافية ابن الحاجب لركن الدين الاستراباذي تعليقا على قول ابن الحاجب في جموع التكسير عند قوله: ((وما زيادته مدة ثالثة في الاسم)) قوله:
((وإن كانت تلك المدة واوا، نحو: فَعُول، يجمع على: فُعُل بضم الفاء والعين غالبا كـ ((صَبُور وصُبُر)))) (4). وقد يدخل كلام التبريزي هنا في أن ((فعُولا)) بابه أن يجمع على ((فُعْل)) بسكون العين في الاستثناء الذي وضعه ركن الدين.
(1) يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [1/ 301ب9]. وتنظر أيضا المواضع التالية: [1/ 235ب6]، [3/ 313ب12]، [3/ 236ب19]، [4/ 523ب22]، [4/ 358ب3]، [4/ 373ب9]، [4/ 18ب20]، [1/ 54].
(2)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [2/ 457ب3].
(3)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [4/ 521ب14].
(4)
شرح شافية ابن الحاجب: حسن بن محمد بن شرفشاه الحسيني الأستراباذي، ركن الدين، 1/ 451، تحقيق: د. عبد المقصود محمد عبد المقصود، الناشر: مكتبة الثقافة الدينية، ط1، 1425 هـ/2004م
ـ قال عند قول أبي تمام:
غَيثٌ حَوى كَرَمَ الطَّبائِعِ دَهرَهُ
…
وَالغَيثُ يَكرُمُ مَرَّةً وَيَلومُ [بحر الكامل]
((عادة العرب إذا خففوا الهمزة في مثل: ((يلؤُم)) أن يلقوا الحركة على اللام، ويحذفوا الهمزة؛ فيقولوا:((يَلُم)) وفي ((يسأم)) ((يَسَم))، وفي: ينئِم ((يَنِم))، وبعضهم يقولون: يلوم، ويسام وينيم الليث؛ وذلك رديء، قليل في كلامهم)) (1).
وإذا كان القياس لعب دورا في كشف الأساليب الرديئة عند أبي تمام فقد لعب دورا في بيان ((موافقته للأساليب اللغوية)):
ـ قال عند قول أبي تمام:
وَيَجزيكَ بِالحُسنى إِذا كُنتَ مُحسِنًا
…
وَيَغتَفِرُ العُظمى إِذا النَّعلُ زَلَّتِ [بحر الطويل]
((هذا مثل يضرب لمن قعد به الدهر وأصابته رزية، وليس ثم نعل، وإنما هوجار مجرى قولهم: ((استقدمت راحلته، وخفت نعامته)))) (2).
ـ وقال عند قول أبي تمام:
وَلَيسَ امرُؤٌ يَهديكَ غَيرَ مُذَكَّرٍ
…
إِلى كَرَمٍ إِلّا امرُؤٌ ضَلَّ ضُلُّهُ [بحر الطويل]
((يقال: ضَلَّ ضُلَّ الرجل، وضل ضلاله؛ إذا بولغ في وصفه بالضلال، وهو كقولهم: ((جُنَّ جنونه، وجاع جوعه)))) (3).
القياس الأسلوبي لشعر أبي تمام:
قام التبريزي بما أسميناه عند أبي العلاء بالقياس الأسلوبي، بمعنى أنه اتخذ من الخصائص الأسلوبية لأبي تمام خلفية يقيس عليها استخداما لغويا له، أوـ من خلالها ـ يرد رواية لا تنسجم مع تلك الخصائص.
(1) يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [3/ 291ب21]، ولمزيد من المواضع تنظر المواضع التالية:[2/ 57ب45]، [4/ 422ب5]، [4/ 577ب45].
(2)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [1/ 305ب26].
(3)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [3/ 146ب2].
ـ قال عند قول أبي تمام:
أَإِلى بَني عَبدِ الكَريمِ تَشاوَسَت
…
عَيناكَ وَيلَكَ خِلفَ مَن تَتَفَوَّقُ [بحر الكامل]
((استعار ((الخِلْف)) و ((والتفوق)) في هذا الموضع، يقول: هؤلاء رؤساء جِلة؛ فقد أخطأت في تعرضك لهم، كما تقول للرجل إذا سمعته يطعن في قوم: إِثْلَةَ من تَنْحِت، وورقَ أيِّ غُصْنٍ تَحُتُّ. ومن روى ((خَلْف)) بفتح الخاء، فهوبعيد من مذهب الطائي، وله مذهب في القياس)) (1).
ـ قال عند قول أبي تمام:
فَزِعوا إِلى الحَلَقِ المُضاعَفِ وَارتَدوا
…
فيها حَديدًا في الشُّؤونِ حَديدا [بحر الكامل]
((هومثل قوله: ((لظننتُ عودك عودا)))) (2).
…
خروجات أبي تمام الأسلوبية بين القياس والسماع:
نناقش هنا موقف التبريزي من ((الانحرافات الأسلوبية)). وقد سبق أن ناقشنا جزئيةً مماثلة عند أبي العلاء.
وبداية نقول: إن التبريزي يعطي لأبي تمام الحق في ((التصرف في اللغة)) مثله في ذلك مثل بقية الشعراء، وهو بذلك يوافق أستاذه أبا العلاء:
فَما أَبقَيتَ لِلسَّيفِ اليَماني
…
شَجًا فيهِم وَلا الرُّمحِ الرُّدَيني [بحر الوافر]
((خفف ياء ((الرديني)) للضرورة، وذلك في القافية كثير. وهم (أي الشعراء) يحذفون الأصول في الفواصل، فما بال الفروع؟)) (3).
وهويقبل منه ((انحرافه اللغوي)) طالما أن للكلام ((مَسَاغًا)):
(1) يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [4/ 396ب18].
(2)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [1/ 416ب30]، وينظر أيضا المواضع التالية:[2/ 38ب27]، [3/ 291ب21]، [1/ 9].
(3)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [3/ 299ب13 ـ 14].
كَم قَد دَعَت لَكَ بِالإِخلاصِ مِن مَرَةٍ
…
فيهِم وَفَدّاكَ بِالآباءِ مِن رَجُلِ [بحر البسيط]
((.. إذا عَدِمَت ((المرأة)) الألف واللام فالأحسن أن يلزمها ألف الوصل
…
ولم يحفل الطائي بذلك إذ كان سائغا في الكلام)) (1).
وكان التبريزي يحاول أن يلتمس ((تبريرا)) لانحرافات أبي تمام الأسلوبية: إما من سماع، أوتأييد بقولٍ لأحد العلماء، أوتوجيه بلاغي:
ـ قال عند قول أبي تمام:
عَنَّت فَأَعرَضَ عَن تَعريضِها أَرَبي
…
يا هَذِهِ عُذُري في هَذِهِ النُّكَبِ [بحر البسيط]
((قوله: ((في هذه النُّكَب)) يروي بضم النون وفتح الكاف؛ كأنه جمع نُكْبة مثل ظُلْمَة وظُلَم، ولم يذكروا ((نُكْبة)) بضم النون، وإنما المعروف:((أصابتهم نكبة))، بفتح النون؛ فإن كان الطائي قد سمعه في شعر؛ فيجوز أن يكون من باب ((نَوْبة ونُوَب، ودَوْلة ودُوَل)))) (2).
ـ وقال:
قَسَمَ الزَّمانُ رُبوعَها بَينَ الصَّبا
…
وَقَبولِها وَدَبورِها أَثلاثا [بحر الكامل]
((قيل في ((القَبول)) إنها الصَّبا، وقال النَّضْر بن شُمَيل: القَبُول: ريح بين الصَّبَا والجَنُوب، وقال ابن الأعرابي: القَبُول: كل ريح لينة طيبة المس تقبلها النفس؛ فليس للرد على أبي تمام وجه)) (3).
ـ وقال:
فَما أَبقَيتَ لِلسَيفِ اليَماني
…
شَجاً فيهِم وَلا الرُمحِ الرُدَيني
وَقائِعُ أَشرَقَت مِنهُنَّ جَمعٌ
…
إِلى خَيفَي مِنًى فَالمَوقِفَينِ [بحر الوافر]
(1) يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [3/ 96ب32].
(2)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [4/ 545ب1].
(3)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [1/ 321ب2].
((وثنى ((الخَيْف)) وهوما ارتفع من المسيل، وانحدر عن الجبل؛ لأنه أراد إقامة الوزن، وذلك جائز على معنى الاتساع؛ وإنما يجئ في الشعر القديم خيفُ مِنًى)) (1).
فإذا لم يجد ((مبررا)) فإن يكتفي بذكر ((الانحراف الأسلوبي)) بدون تعليق منه:
ـ قال عند قول أبي تمام:
نَقولُ إِن قُلتُمُ لا لا مُسَلَّمَةً
…
لِأَمرِكُم وَنَعَم إِن قُلتُم نَعَما [بحر البسيط]
((
…
((لا))، ((نعم)) يُحكيان، وهما ينوبان عن جملتين .... والغالب عليها ألا يدركهما إعراب، وقد أعرب الطائي ((نعم)) في هذا البيت .. ونصب الطائيُّ ((نعم)) في القافية؛ لأنه أخرجها من بابها، وجعلها مفعولة للقول)) (2).
ـ وقال:
سَقاهُم كَما أَسقاهُمُ في لَظى الوَغى
…
بِبيضِ صَفيحِ الهِندِ وَالسُّمُرِ الذُّبلِ [بحر الطويل]
((.. وحرك ((السُّمْر))، والقياس تسكينها، ولكنه شبه الجمع بالواحد؛ فثقَّل الميم، كما يقال: الثُّكُل والثُّكْل و ((الذُّبل)) جمع ((ذَبُول))؛ لأن ((فَعُولا)) بابه أن يجمع على ((فُعُل))، وجمع ((فاعل)) على هذا المثال قليل؛ فكان حمله على ((فَعُول)) أوجب)) (3).
وكان لا ينتقد أبا تمام إلا نادرا:
ـ قال:
أَيُّ كَريمٍ يَرضى بِشَتمِ بَني
…
عَبدِ الكَريمِ الجَحاجِحِ النُّجُبِ [بحر المنسرح]
((الجَحَاجِح: جمع جَحْجَاح، وهوالسيد، يقال في جمعه: جَحَاجِحة، والقياس أن تُثْبِت فيه الياء)) (4).
ـ وقال عند قول أبي تمام:
(1) يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [3/ 299ب13 ـ 14].
(2)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [3/ 174ب48].
(3)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [4/ 521ب14].
(4)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [4/ 305ب4].
الشَّرقُ غَربٌ حينَ تَلحَظُ قَصدَهُ
…
وَمَخالِفُ اليَمَنِ القَصِيِّ شَآمُ [بحر الكامل]
((
…
وقد تردد مجيء ((الشآم)) في شعر الطائي على ((فَعال))، وقد جاء ذلك في الشعر القديم إلا أنه شاذ)) (1).
****
الإجماع، ونظرية العامل عند التبريزي:
نجد في لمحة سريعة ما يفيد وعي التبريزي بـ ((الإجماع))، وإن لم يستخدم هذا الاصطلاح صراحة:
ـ قال:
شَتّانَ بَينَهُما في كُلِّ نازِلَةٍ
…
نَهجُ القَضاءِ مُبينٌ فيهِما جَدَدُ [بحر البسيط]
((وأهل اللغة يحكون أن الاختيار ((شتان زيدٌ وعمرو))، ويكرهون:((شتان ما بينهما))، وإذا كرهوا:((شتان ما بينهما)) فهم ((لشتان بينها)) أكره)) (2).
ـ وقال: ((
…
وواحدُ ((الشمائل: شمال))، والنحويون يذهبون إلى أن ((شِمالا)) يكون واحدًا وجمعًا)) (3).
ونلمح وجود وعي للتبريزي بـ ((نظرية العامل)) في بعض المواقع القليلة:
وَأَينَ بِوَجهِ الحَزمِ عَنهُ وَإِنَّما
…
مَرائي الأُمورِ المُشكِلاتِ تَجارِبُه [بحر الطويل]
((يقول أين يُعدَل عنه بوجه الحزم؟ وتضمر الفعل، أي كيف يبهم عليه وجه الرأي)) (4).
وقال:
لَمّا استَحَرَّ الوَداعُ المَحضُ وَانصَرَمَت
…
أَواخِرُ الصَّبرِ إِلّا كاظِمًا وَجِما [بحر البسيط]
(1) يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [3/ 154ب24].
(2)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [2/ 16ب25].
(3)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [2/ 243ب5].
(4)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [1/ 227ب26].
((
…
و ((وجَمَ)) على هذا الوجه منصوب بوقوع الفعل عليه، والذي عَمِلَ فيه اسم الفاعل، وهوكاظم)) (1).
…
المذهب النحوي للتبريزي:
باستقراء شرح التبريزي يمكن أن نقول: إنه كأستاذه لم يكن ينتمي للمدرسة ((البصرية)) أو ((الكوفية))، ودليل ذلك أنه عند مناقشته لقضية ((نحوية)) أو ((صرفية)) يصدرها بقوله:((والنحويون)) أو ((وأصحاب النحو)):
ـ ((والنحويون يذهبون إلى أن ((شِمالا)) يكون واحدًا وجمعًا)) (2).
ـ ((وأصحاب النحو يختلفون في اشتقاق ((الإنسان)))) (3).
وفي بعض الأحيان عند بسطه لقضية نحوية أوصرفية يذكر رأي البصريين ورأي الكوفيين، ولا يرجح رأيا على رأي:
ـ قال عند قول أبي تمام:
نِعَمٌ إِذا رُعِيَت بِشُكرٍ لَم تَزَل
…
نِعَمًا وَإِن لَم تُرعَ فَهيَ مَصائِبُ [بحر الكامل]
((قياس النحويين البصريين يُوجِب ألا تهمز ((المصايب))، وأن يقال:((مصاوِب)) بالواو؛ لأنها من صاب يصوب، وقد حكي بعضُ العلماء ((مَصَاوب)) و ((مصايب)) بالواووالياء. وقال قوم يقال: صاب السهم يصيب، وإذا أخذ من ذلك جاز أن يكون من قولهم مصايب بالياء، ويكون من باب ((مَعايش))، إلا أن الكوفيين يسهلون الهمز في مثل هذا الموضع على التشبيه، ويجعلون الأصلي كالزائد، ويُشبهونه بـ ((صحايف))، وقد قالوا: مزادة ومزايد، والمزادة الغالب عليها أن تكون من الزاد، والزادُ من ذوات الواولقولهم: زودتُ الرجل، وقالوا: مزود؛ لأنه يكون فيه الزاد، فإن كانت
(1) يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [3/ 167ب6]، وينظر أيضا الموضع التالي:[4/ 400ب31]، وقد تكون كلمة ((يقال)) الكثيرة الانتشار عند التبريزي نوعا من الإجماع.
(2)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [2/ 243ب5].
(3)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [2/ 246ب9ـ 10].