الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الرابع:
دراسة المادة النحوية في شرح التبريزي
.
سيتركز الحديث في دراستنا للآراء النحوية عند التبريزي الموجودة في شرحه على ديوان أبي تمام في النقاط التالية:
[أ] دراسة المادة النحوبة المتعلقة بالمنصوبات:
• المتعدي واللازم عند التبريزي:
من إشارات التبريزي في هذا الباب:
(1)
إمكانية إشراب ((اسم)) معنى ((فعل))؛ فينصب اسمًا تاليا عليه:
ـ قال عند قول أبي تمام:
وَلَقَد أَراكِ فَهَل أَراكِ بِغِبطَةٍ وَالعَيشُ غَضٌّ وَالزَّمانُ غُلامُ
أَعوامَ وَصلٍ كانَ يُنسي طولَها ذِكرُ النَّوى فَكَأَنَّها أَيّامُ
[بحر الكامل]
((أعوامَ: منصوب بـ ((غَضٌّ)) وما في ((غلام)) من معنى الفعل)) (1).
وقول التبريزي هذا تأييد لما يسميه العلماء بـ ((التضمين))، ويراد به ((في النحوأن نعد الفعل مشتملا ومحتويا ودالا على معنى فعل آخر لسبب بلاغي، وبذلك يأخذ الفعل الأول حكم الفعل الثاني من حيث التعدي واللزوم والاستعمال في الجملة)) (2). وأورد أبوالبقاء في كتابه ((الكليات)) تعريفات مختلفة لمصطلح التضمين، منها:((وقال بعضهم: التضمين إيقاع لفظ موقع غيره لتضمنه لمعناه، وهونوع من المجاز، ولا اختصاص للتضمين بالفعل، بل يجري في الاسم أيضا)) (3).
(1) ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [3/ 151ب6]، ويُنْظَرُ أيضا:[3/ 167ب6]
(2)
ينظر: معجم مصطلحات النحو والصرف والعروض والقافية: د. محمد إبراهيم عبادة، ص 192، [مادة: التضمين overrunning]
(3)
الكليات، معجم في المصطلحات والفروق اللغوية: لأبي البقاء الكفوي، ص 266، [تحقيق: د. عدنان درويش، محمد المصري، ط2، 1419هـ، 1998، مؤسسة الرسالة للطباعة]
ومن المواضع الأخرى التي أظهر فيها التبريزي التضمين قوله عند قول أبي تمام:
إِذا خُراسانُ عَن صِنَّبرِها كَشَرَت
…
كانَت قَتادًا لَنا أَنيابُها العُصُلُ [بحر البسيط]
((وقوله: كانت قتادا؛ أي: مثل القتاد، وأنيابها: مرفوعة بـ ((قتاد))، كما يقال: كان فلان قتادًا جانبه، فقتاد قد ناب مناب الفعل)) (1).
ـ قال عند قول أبي تمام:
أَيُّها الغَيثُ حَيِّ أَهلا بِمَغداكَ وَعِندَ السُّرى وَحينَ تَؤوبُ [بحر الخفيف]
((ومن روى ((حَيَّ أهلا)) فهذه كلمة مرفوضة إلا أن يجعل ((حيَّ)) في معنى هلُمَّ، وينصب ((أهلا)) بفعل مضمر)) (2).
(1) ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [4/ 527ب8].
(2)
ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [1/ 293ب7]. ولم ينفرد التبريزي بإشاراته عن التضمين بل سبقه أبوالعلاء ببعض الإشارات منها:
ـ ((ويقبح: زعمتُ زيدٌ مُنطلق، إلا أن تجعل زعمت في معنى قلت)). [1/ 43ب6]
ـ وقال عند قول أبي تمام:
غَزوَةٌ مُتبِعٌ وَلَوكانَ رَأيٌ
…
لَم تَفَرَّد بِهِ لَكانَت سَلوبا [بحر الخفيف].
((ويجوز رفع ((رأي)) على أن يكون ((كان)) في معنى وقع، ونصبه على أن يكون في ((كان)) ضمير)). [1/ 170ب45]
ـ وقال عند قول أبي تمام:
وَأَرادوكَ بِالبَياتِ وَمَن هَ
…
ذا يُرادي مُتالِعًا وَعَسيبا [بحر الخفيف]
((ومن جعل ((ذا)) زائدة في قوله: ماذا فعلت؟ لم يبعد أن يجعل هذا زائدة في بيت الطائي. ولم يُرِدْ إلا أن يجعل ((هذا)) في معنى الذي)). [1/ 167 ـ 168ب 37]
= ويجوز ـ كما أشارأبوالعلاء ـ تضمين الفعل الماضي زمن الفعل المضارع لوجود قرينة السياق. قال عند قول أبي تمام:
مَتى تُنِخ تَرحَل بِتَفضيلِهِ
…
أَوغابَ يَومًا حَضَرَت بِالمَغيبْ [بحر السريع].
((قال: أوغاب، فجاء بالفعل الماضي، وهذا جائز على تقدير الفعل المضارع؛ لأنك إذا قلت: إن قُمْت قمتُ؛ فالمعنى: إن تقم أقم)). [4/ 50ب16]
بناء على ما سبق نؤيد إقرار مجمع اللغة لأمر التضمين؛ إذ أقر ((أنه قياسي لا سماعي، بشروط ثلاثة: تحقق المناسبة بين الفعلين، وجود قرينة تدل على ملاحظة الفعل الآخر، ويؤمن معها اللبس، ملاءمة التضمين للذوق العربي)) (1).
(2)
الفعل الذي يكثر استعماله غير متعد يحسن تعديته بالهمز:
قال التبريزي عند قول أبي تمام:
تَوانى وَشيكُ النُجعِ عَنهُ وَوُكِّلَت
…
بِهِ عَزَماتٌ أَوقَفَتهُ عَلى رِجلِ [بحر الطويل].
((وقد كثر مجيء وقف غير متعدٍ؛ فحسن عند ذلك تعديته بالهمز)) (2).
(3)
ومما أوضحه التبريزي: قياسية التعدي بالتضعيف (3) وبتضمين الفعل معنى فعل متعد (4).
• أخوات إن: لعل لا يدخل في خبرها أَنْ:
قال: ((عند النحويين أنَّ ((لعل)) يجب ألا تدخل ((أنْ)) في خبرها؛ فيقال: لعلك تقومُ، ويكرهون: لعلك أن تقومَ، إلا في الشعر كما قال مُتَمِّمُ بْنُ نُوَيْرَة (5):
لعلَّكَ يوماً أن تُلِمَّ مُلّمَةٌ
…
عليك من اللَّائي يدعنك أجدَعا (6)[بحر الطويل]
(1) النحوالوافي: 2/ 594
(2)
ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [4/ 523ب22].
(3)
ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [2/ 291ب18].
(4)
ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [1/ 68]، [1/ 282 ـ 283ب4].
(5)
هو: مُتَمِّمِ بْنِ نُوَيْرَة بن جمرة بن شداد اليربوعي التميمي، أبونهشل توفي نحو30 هـ، شاعر فحل، صحابي، من أشراف قومه، اشتهر في الجاهلية والاسلام. [الأعلام للزركلي:5/ 274]
(6)
البيت من الشواهد الشعرية التي ذكرها معجم شواهد النحوالشعرية، ص 474، شاهد رقم: 1605 وقال: ((مصادره: السيوطي 190، واللسان ـ علل ـ 13/ 502، والكامل 1/ 114، 260، والخزانة 2/ 433، وهولعنترة في شروح سقط الزند ص 557، وبلا نسبة في المقتضب3/ 74، والمفصل 164)).
وإنما كرهوا مجيء ((أن)) في هذا الموضع؛ لأنه مكان يقع فيه اسم الفاعل والفعل المضارع، وأن وما بعدها في تأويل المصدرفكأنه قال: لعلك إلمامُ مُلِمَّة، وجاز ذلك على حذف المضاف كأنه قال لعلك صاحبُ إلمامِ ملمة، وكذلك جميع هذا الباب إنما يُحمل على الحذف لدلالة المعنى على الغرض)) (1).
• التمييز:
إذا كان المميِّز ليس من نفس المميَّز جاز أن يقع واحدًا وجمعًا، قال التبريزي عند قول أبي تمام:
السَّيفُ أَصدَقُ أَنباءً مِنَ الكُتُبِ
…
في حَدِّهِ الحَدُّ بَينَ الجِدِّ وَاللَّعِبِ [بحر البسيط].
((أصدق أنباءً)) كلام قد دخله ترجيح، وهو من مواطن التمييز وإذا كان المميِّز ليس من نفس المميَّز جاز أن يقع واحدًا وجمعًا، مثل قوله:((أصدق أنباءً))، ولوكان في غير الشعر لجاز أن يقال: نبأً، وكذلك أخوك أخدم للناس عبدًا، ألا ترى أن العبد غيرُالأخ؟ فإن قلت أخوك أعظم الناس رأسًا امتنع أن يكون الجمعُ في موضع المميِّز الواحد)) (2).
• النداء:
قال التبريزي: ((العرب تنادي الأشياء التي لا تعقل وتخاطبها، ولا تنظر ألها أجساد أم لا، وينادون الظبية والناقة وهما لا تعقلان، ثم يجاوزون الأجساد إلى الأعراض؛ فيقولون: يا لهف فلانٍ، ما أشدك، وما أعظمك)) (3).
(1) ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [/ب].
(2)
ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [1/ 40ب1].
(3)
ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [2/ 10ب1]. وذكر أبوالعلاء كلامًا مشابهًا فقال: ((أصل النداء أن يكون لمن تخاطبه، ويراجع القول، ثم اتسعوا فيه حتى خاطبوا الديار وغيرها من الجوامد، فكأنه خاطب يوم وقعة عمورية لجلاله عنده)). [1/ 46]