الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ـ
العنصر الرابع من عناصر المنهج عند أبي العلاء: توظيف خصائص الصنعة الشعرية:
من الأمور التي اعتمدها أبوالعلاء عند شرحه لديوان أبي تمام الاتكاء على توظيف الصنعة الشعرية وخصائصها.
والصنعة أو الصناعة كمصطلح عام يقصد به ((كل علم مَارسه الرجل سواء كان استدلاليا أو غيره حتى صار كالحرفة له، وقيل: كل عمل لا يسمى صناعة حتى يتمكن فيه ويتدرب وينسب إليه)) (1)، وقد ((تفسر بملكة يقتدر بها على استعمال مصنوعات ما لنحو غرض من الأغراض صادرًا عن البصيرة بحسب
الإمكان)) (2).
والشعر أيضا ((صناعة وثقافة يعرفها أهل العلم، كسائر أصناف العلم)) (3).
والمراد بصنعة الشعر تحديدا ((معرفة الشاعر بالأصول والقواعد التي تجعل الشعر حسناً (
…
) وغاية هذه الصناعة تجويده وتحسينه، قال قدامة: إن للشعر صناعة وإن كان جاريًا على سبيل سائر الصناعات مقصودًا فيه وفيما يحاك ويؤلف منه إلى غاية التجويد)) (4).
وقد كان أبوالعلاء جِدَّ خبير بخصائص تلك الصنعة وما يميزها، ومدى اتفاقه أواختلافه معها. وقد أحصى البحث اثنين وعشرين موضعًا وظف فيها أبوالعلاء خصائص الصنعة الشعرية، وفيما يلي أهمها:
ـ قال أبوالعلاء عند قول أبي تمام:
(1) الكفوي: الكليات، معجم في المصطلحات والفروق اللغوية، ص 544، مادة: صناعة، تحقيق د. عدنان درويش، محمد المصري، مؤسسة الرسالة.
(2)
محمد على التهانوي: موسوعة كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم، 2/ 1097، مادة: صناعة، تحقيق: د. على دحروج وآخرون، مكتبة لبنان ناشرون، ط1، 1996م
(3)
محمد بن سلام الجمحي: طبقات فحول الشعراء 1/ 5،ت: محمود محمد شاكر، دار المدني
(4)
مقال بعنوان: معايير صنعة الشعر، د. أحمد نتوف، مجلة التراث العربي، دمشق العدد 108 السنة السابعة والعشرون - كانون الأول 2008 - ذو الحجة 1428هـ
ما في النُّجومِ سِوى تَعِلَّةِ باطِلٍ
…
قَدُمَت وَأُسِّسَ إِفكُها تَأسيسا [بحر الكامل]
((.. كان الشعراء في القديم إذا جاءوا بالفعل جاءوا بمصدره في القافية .. ثم كثرت الصناعة، وتشدد فيها القالة حتى صاروا يعيبون ذلك، فأما أبوالطيب فقلما يجيء به، ولا ريب أنه كان يتعمد تركه، وإخلاء الكلام من مثله أحسنُ وأقوى؛ لأنه يجيء بعدما استغنى الكلام، وعُلِمَ الغرض، وإنما يتوصل به إلى تقويم القافية، وصلاح الوزن)) (1).
ـ وقال عند قول أبي تمام:
صَمّاءُ سَمُّ العِدى في جَنبِها ضَرَبٌ
…
وَشُربُ كاسِ الرَّدى في فَمِّها شُهُدُ [بحر البسيط]
((إن رويت: ((في فمها)) بالتخفيف صار في البيت زحاف، وقلما يستعمل الشعراء مثله، وهوعندهم جائز، وإن شددت الميم بَطَلَ الزحاف، إلا أن التخفيف أجزل في اللفظ)) (2).
ـ وقال عند قول أبي تمام:
هَذا أَمينَ اللَهِ آخِرُ مَصدَرٍ
…
شَجِيَ الظَّماءُ بِهِ وَأَوَّلُ مَورِدِ [بحر الكامل]
((مد ((الظماء)) وهومهموز مقصور؛ وذلك جائز، إلا أن ترك المد أحسن، وهوفي الشعر أسوغ منه في الكلام المنثور)) (3).
ـ وقال أبوالعلاء عند قول أبي تمام:
إِذا تَذَكَّرتُكَ ذَكَّرتَني
…
قَد ذَلَّ مَن لَيسَ لَهُ ناصِرُ [بحر السريع]
((هذا من التضمين (4) الذي يعرفه المحدثون. كانوا أول الأمر يسمونه ((استزادة))، وهذا المصراع في شعر قديم ينشده النحويون
…
وقد كانت الشعراء في القديم يأخذ أحدهم
(1) يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [2/ 266ـ267].
(2)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [4/ 76].
(3)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [2/ 54ـ 55].
(4)
يشير إلى النصف الثاني من البيت: (قَد ذَلَّ مَن لَيسَ لَهُ ناصِرُ).