الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد قام المسموع عنده بعدة وظائف هي:
[أ]((إقرار استخدام لغوي عند أبي تمام)) (1)، ((أومخالفته له)) (2).
[ب]((بيان الاتساع والمجاز الذي وقع في هذا المسموع نفسه)) (3).
[ج]((توضيح استعارية أبي تمام لبعض هذا المسموع من عدمه)) (4).
[د]((الرد على آراء لغوية غير صحيحة))،
ومن أمثلة ذلك:
ـ ((و ((أعزال)) جمع، وواحده غير مستعمل؛ لأن المعروف رجل أعزل)) (5).
ـ ((وبعض الناس يدعي أن أول من قال: ((حَمِيَ الوطيس)) النبي صلى الله عليه وسلم وما أحسب هذا إلا وهمًا؛ لأن الوطيس قد كثر في الشعر القديم)) (6).
[هـ]((بيان الألفاظ المولدة من غيرها)) (7).
[و]((كثرة تردد لفظة في فترة زمنية محددة)) (8).
[ز]((الاستخدامات الخاصة ببعض القبائل)) (9).
[ح]((توضيح عروبة لفظة أوأعجميتها)) (10).
هذا بالإضافة إلى الاستعمال الأساسي، وهوشرح الألفاظ الغامضة عند أبي تمام.
القياس:
(1) يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [3/ 248ب3].
(2)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [1/ 183ب15].
(3)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [2/ 299ب22]، [1/ 337ب33].
(4)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [4/ 36ب62].
(5)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [3/ 138ب37].
(6)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [2/ 265ب17].
(7)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [4/ 165ب2].
(8)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [2/ 255ب5].
(9)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [1/ 266ب21].
(10)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [2/ 170ب19]، [3/ 16ب34].
من يتتبع شرح أبي العلاء يجد أن ((القياس)) أمر واضح وجَلِيٌّ عنده حاضر في ذهنه، يلجأ إليه في توضيح بعض المسائل الصرفية والنحوية، والعروضية، واللغوية عند أبي تمام، ومن ذلك قوله عند قول أبي تمام:
لا ذوالحُقودِ اللُقَّحِ اللاتي تَرى
…
كَشحَ الصَديقِ وَلا العِداتِ الحُيَّلِ [بحر الكامل]
((و ((الحُيَّل)) جمع حائل؛ وهي التي لم تحمل، و ((الحُوَّل)) بالواو أجود؛ لأنه من ذوات الواو؛ فتظهر في جمعه، كما يقال: صائم وصُوَّم، قائم وقُوَّم؛ وقد قلبت إلى الياء استثقالا للتشديد مع الواو، كما قالوا: صُيَّم في جمع صائم، ونُيَّم في جمع نائم، وهما من الصوم والنوم)) (1).
ـ قال أبوتمام: الحَسَنُ بنُ وَهبٍ
…
كَالغَيثِ في انسِكابِه
في الشَّرخِ مِن حِجاهُ
…
وَالشَّرخِ مِن شَبابِه [بحر: مجزوء الرجز]
((هذا الوزن لم يذكره الخليل فيما ذكر، وإذا حمل على قياس ما قال فأشبه الأشياء به أن يكون من المنسرح)) (2).
ـ قال أبوتمام:
نَعاءِ إِلى كُلِّ حَيٍّ نَعاءِ
…
فَتى العَرَبِ احتَلَّ رَبعَ الفَناءِ [بحر المتقارب]
((العامة يثبتون الياء في بيت الطائي، كأنهم يعتقدون الإضافة، وذلك رديء جدا في القياس؛ لأن قولك ((حَذَار)) وما جرى مجراها لا تضاف إلا أن تخرج عن بابها؛ لأنها واقعة موقع الأمر إذ كان المفعول يقع بعدها، قال الفرزدق:
نَعاءِ ابنَ لَيلى للسَّماحة والنَّدى
…
وأضياف ليلٍ مُقفَعِلِّي الأَنامِلِ (3)[بحر الطويل]
(1) يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [3/ 39ب24].
(2)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [1/ 108].
(3)
الرواية التي وردت لهذا البيت في ديوان الفرزدق:
نَعاءِ اِبنَ لَيلى لِلسَّماحة والنَّدى
…
وَأَيدي شَمالٍ بارِداتِ الأَنامِلِ [بحر الطويل]
وورد هذا الشاهد في معجم شواهد النحو الشعرية برقم 2206، ص 561، وضعه ضمن باب: أسماء الأفعال والأصوات، وقال صاحب المعجم:((الشاهد للفرزدق في ديوانه 2/ 65، وابن السيرافي ص 604،وهو بلا نسبة في سيبويه والشنتمري 2/ 37،والإنصاف 278،وما بنته العرب على فعال ص 8))
وابن ليلى منصوب بنعاء)) (1).
ـ ((وبعض المولدين يظن الدجى واحدًا مثل هدى، وإنما هومثل: زُبْيَة وزبى)) (2).
وأبوالعلاء لم يكن يقتصر على مصطلح القياس تحديدا في قياساته التي يستعملها، بل نجد عنده بعض الأقوال التي تساوي في معناها المقصود من القياس مثل:((الخروج مخرج)) (3)، ((المناسبة)) (4)، ((الحمل على الغير)) (5)، ((الشائع في الكلام)) (6)، ((كما يقال)) (7)، ((ذلك مثل قولهم)) (8)، ((جاريا مجرى)) (9)، ((سائغ في الكلام)) (10)، ((على حد قولهم)) (11).
وقبل الاسترسال في الحديث عن القياس عند أبي العلاء يجب أن نقف على مدلول القياس عنده، وهذا يقتضي بداية أن ننبه على أن القياس في تراثنا النحوي كان ذا مدلولين يختلفان تمام الاختلاف، ((أما أولهما فيرتكز على مدى اطراد الظاهرة في النصوص اللغوية مروية أو مسموعة، واعتبار ما يطرد من هذه الظواهر قواعد ينبغي الالتزام بها وتقويم ما يشذ من نصوص اللغة عنها (
…
) وأما المدلول الثاني للقياس
(1) يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [4/ 6ب1].
(2)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [1/ 54ب27].
(3)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [4/ 537ب4].
(4)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [2/ 465ب24].
(5)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [1/ 63].
(6)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [2/ 458ب5].
(7)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [3/ 39].
(8)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [1/ 9ب2].
(9)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [2/ 437ب34]، [1/ 93].
(10)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [4/ 449ب1].
(11)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [1/ 288 ـ 289].
فهو أنه عملية شكلية يتم فيها إلحاق أمر ما بآخر لما بينهما من شبه أو علة، فيعطي الملحق حكم ما ألحق به. ومن ثم فإن لهذه العملية أطرافا أربعة: المقيس، والمقيس عليه، والجامع بينهما، والحكم)) (1).
ويتضح من النصوص التي تجمعت لدى الباحث أن مدلول القياس الذي يستند إليه أبو العلاء هو المدلول الثاني الشكلي، ومن هذه النصوص:
أـ قال أبوتمام:
يَومٌ أَفاضَ جَوًى أَغاضَ تَعَزِّيًا
…
خاضَ الهَوى بَحرَي حِجاهُ المُزبِدِ [بحر الكامل]
((
…
((أغاض)): قليلة في الاستعمال؛ وإنما يقال: غاض الماءُ وغاضه غيره، ويجوز أن يكون الطائي سمع أغاض في شعر قديم، وإن لم يكن قد سُمِع فالقياس يطلقه)) (2).
ب ـ قال أبوتمام:
يَحميهِ لألاؤُهُ أَولَوذَعِيَّتُهُ
…
مِن أَن يُذالَ بِمَن أَومِمَّنِ الرَّجُلُ [بحر البسيط]
((اللألاء: النور، والرواية ((تحميه)) بالتأنيث، والقياس يوجب أنه ((لألاء)) مثل زلزال، من لألأ الشيء، وتلألأ، وإذا قيل إنه مثل الزلزال فما يمتنع من كسر أوله مثل: القلقال والسلسال؛ مصدر قلقل، وسلسل، وذلك مطرد في هذا الباب، وإذا قيل إن:((اللألاء)) مؤنثة؛ وجب أن يكون اشتقاقها من ((اللأل))، كما قال:
دُرَّةٌ مِن عَقائِلِ البَحرِ بِكرٌ
…
لَم تَنَلها مَثاقِبُ اللَّأَّال [بحر الخفيف](3)
فكأنها مبنية من اللأل ثم زيدت عليها الألف التي للتأنيث وبعدها الهمزة، وقولهم:((اللَّأَّال)) كلمة شاذة، واشتقاق اللؤلؤ مثل اشتقاق اللألاء)) (4).
(1) د. علي أبو المكارم: أصول التفكير النحوي، ص 27، دار غريب ط1، 2006م
(2)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [2/ 46ب9].
(3)
البيت لـ ((عبيد الله بن قيس الرقيات))، ينظر ديوانه، ص 112، [تحقيق وشرح: محمد يوسف نجم، دار صادر، بيروت].
(4)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [3/ 15ب30].
في النصين السابقين أ / ب نجد هاتين العبارتين المهمتين: ((وإن لم يكن قد سُمِع فالقياس يطلقه))، ((والقياس يوجب)). فالعبارة الأولى تدل على أن أبا العلاء لا ((يُشِذُّ)) صيغة ((أغاض))، أي أنه لا يأخذ بالمدلول الأول للقياس الذي كان
((موجودا حتى أوائل القرن الرابع الهجري)) (1). أما عبارة ((والقياس يوجب)) تدل على مدى السلطة التي يتمتع بها القياس وأن لديه من القوانين الذاتية ما يحقق بها هذه السلطة وهو بهذا الفهم لابد أن يكون مدلوله المدلول الثاني.
وتفضيل أبي العلاء للقياس كمنهج في التعامل مع اللغة لابد أن يكون نابعا من موقف فكري التزم به، فليس المنهج ((مجموعة من القواعد الكلية والأسس العامة فحسب، بل هو قبل كل شيء موقف فكري محدد تجاه الأشياء والعلاقات ولا سبيل إلى استكناه حقيقة هذا الموقف أو استكشاف آماده إلا بربطه بالمؤثرات المختلفة فيه وعلى رأسها المؤثرات الفكرية المتصلة به)) (2).
وبقليل من الاستقراء فيما تجمع لدى الباحث من أقوال أبي العلاء في شرحه للديوان، نجد أن القياس عنده ((يبنى على المطرد))، ونلمح ذلك في النصوص التالية:
ـ قال أبوتمام برواية أبي العلاء لهذا البيت:
تَؤُمُّ شِهابَ الأزد حَفصًا وَرَهطُهُ
…
بَنوالحَربِ لا يَنبو ثَراهُم وَلا يُكدي [بحر الطويل]
((
…
وذكر ابن السكيت أن ((الأسْد)) بالسين أجود، وغيره يقولها بالزاي، ويجب أن يكون الأصل بالسين؛ لأن الدال إذا وقعت قبلها السين الساكنة؛ فبعض العرب يحولها إلى الزاي، وكذلك الصاد، وكذلك قالوا في المثل:((لم يُحْرَمُ مَنْ فُزْدَ له)) إذا سكنوا صاد فُصِدَ على لغة ربيعة)) (3).
ـ قال أبوتمام:
(1) د. علي أبو المكارم: أصول التفكير النحوي، ص 57
(2)
د. علي أبو المكارم: أصول التفكير النحوي، ص 10
(3)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [2/ 120ب7].
أَطَلَّ عَلى كُلَى الآفاقِ حَتّى
…
كَأَنَّ الأَرضَ في عَينَيهِ دارُ [بحر الوافر]
((.. ومن روى ((كلا الآفاق)) بكسر الكاف، وهو يريد ((كل الآفاق)) فروايته خطأ؛ لأن ((كِلا)) يستعمل للاثنين لا للجمع، ولم يأت في المسموع: كلا القوم، وكلا الأصحاب، وإنما يقال: كلا الرجلين، وكلا الفرسين، ونحوذلك)) (1).
ـ قال أبوالعلاء في استطراد لغوي عند قول أبي تمام:
ذَهَبَت بِمُذهَبِهِ السَّماحَةُ فَالتَوَت
…
فيهِ الظُّنونُ أَمَذهَبٌ أَم مُذهَبُ [بحر الكامل]
((
…
وإذا ضُمَّت الميم فالمعنى: ذهبت بثيابه المُذهبة؛ أي: يخلعها، وقد ادعى قوم أن الذهب يسمى ((مُذهبًا))؛ وفسروا على ذلك قول الأخطل:
لَبّاسُ أَردِيَةِ المُلوكِ كأنما
…
عُلَّت ترائبه بماء المُذهب [بحر الكامل]
قالوا أراد الذهب، والقياس يوجب أن المراد بماء الشيء المذهب ..)) (2).
ـ ((الإقراب: أكثر ما يستعمل في الإناث، يقال: فرس مقربة؛ تُشَدُّ قريبا من بيت مالكها؛ لأنه يخاف أن ينزوعليها فحل لئيم. وربما استعمل ذلك في الذكور، وقياس كلامهم يوجب أن كل فرس يجوز أن يوصف بقرب؛ لأن من شأنهم أن يقربوه)) (3).
ونلاحظ هذا الاطراد في القياس على مستوى الدلالة في بعض أقواله:
ـ ((أصل الوشيج: كل ما وشج بعضه في بعض؛ اتصل؛ ثم يقال لكل ما اتصل وشيج)) (4).
ـ ((يقال نَطِفَ البعير؛ إذا هجمت الغدة على قلبه؛ ثم قيل لكل فساد نَطَف)) (5).
ـ ((الجنى: اسم عام يقع على كل ما اجْتُنِي
…
)) (6).
(1) يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [2/ 155ب12].
(2)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [1/ 129ب5].
(3)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [2/ 409 ب7].
(4)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [1/ 99].
(5)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [2/ 361ب9].
(6)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [3/ 123ب32].
ـ ((وأنف كل شيء أوله)) (1).
ـ ((
…
وبعض الناس يقول: إنما ((الفرس)) مركوض، وليس هذا القول بشيء لأن كل من ضرب برجله الأرض أوغيرها فهو راكض)) (2).
ـ ((وكل صوت دقيق يقال له صريف)) (3).
وأبوالعلاء يفضل أن يكون القياس مطردًا وبعيدًا عن القليل والشاذ:
قال أبوتمام: وَثَناياكِ إِنَّها إِغريضُ
…
وَلِآلٍ تومٌ وَبَرقٌ وَميضُ [بحر الخفيف]
((ويقال للؤلؤة العظيمة ((تُؤْمَة))، والجمع تُؤَم، وهذا أجود من أن تجعل توم جمع: تُؤَام على تخفيف الهمزة؛ لأن ذلك قليل)) (4).
وقد لعب القياس دورًا مهما مع أبي العلاء في شرح ديوان أبي تمام، فقد كان يلجأ إليه لـ ((إقرار استعمال لغوي أوأسلوبي لأبي تمام؛ من خلال قياسه على المستعمل في اللغة)):
ـ قال أبوتمام:
وَإِنَّ المَعالي يَستَرِمُّ بَناؤُها
…
وَشيكًا كَما قَد تَستَرِمُّ المَنازِلُ [بحر الطويل]
((
…
ويَستَرِمُّ: يحتمل وجهين: أحدهما أن يكون في معنى ((صار كذلك))؛ كما يقال: استنسر البُغَاث؛ أي: صار كالنسر، والآخر: أن يكون في معنى طالب الشيء؛ فيكون قوله: ((يَستَرِمُّ بناؤها)): أن يطلب أن يُرَم؛ أي يصلح؛ كما يقال: استعطاني فلان؛ أي: طلب عطائي، واستفهمني؛ أي: طلب إفهامي)) (5).
ـ قال أبوتمام:
(1) يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [2/ 250ب26].
(2)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [3/ 10ب19].
(3)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [2/ 386ب43].
(4)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [2/ 287ب1].
(5)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [3/ 129ب55].
مِن كُلِّ مُشتَهَرٍ في كُلِّ مُعتَرَكٍ
…
لَم يُعرَفِ المُشتَري فيهِ وَلا زُحَلُ [بحر البسيط]
((من روى ((مُشتَهَرٍ)) على ما لم يسم فاعله، فهومقيس على قولهم: فلان مشهور، وقد شُهِر في الناس، كما يقال: كُتِبَ الكتاب واكتتب، وقضب الغصن واقتضب)) (1).
ـ قال أبوتمام:
أَبقَيتَ جَدَّ بَني الإِسلامِ في صَعَدٍ
…
وَالمُشرِكينَ وَدارَ الشِركِ في صَبَبِ [بحر البسيط]
((الجد ها هنا الحظ، وبنوالإسلام: الذين يدخلون فيه (
…
) ومن كلامهم إذا أكثر الرجل من الشيء وألفه أن يقولوا: هوأبوكذا وأمه وابنه)) (2).
ـ قال أبوتمام:
مِن مَتاعِ المُلكِ الَّذي يُمتِعُ العَينَ بِهِ ثُمَّ مِن رَقيقِ الرَّقيقِ [بحر الخفيف]
((
…
قصد الطائي بقوله: ((من رقيق الرقيق))؛ أي: من أحسنهم صورة، وأعلاهم قيمة، كما تقول: فلان كريم الكرام؛ أي: هوأعظم كرما)) (3).
ـ قال أبوتمام:
سَيلٌ طَما لَولَم يَذُدهُ ذائِدٌ
…
لَتَبَطَّحَت أولاهُ بِالبَطحاءِ [بحر الكامل]
((
…
وقوله: ((لَتَبَطَّحَت))؛ أي: لانبسطت، ويحتمل أن يكون قوله:((تبطحت))؛ أي: حَلَّت بالأبطح، كما يقال: تَبَصَّر؛ إذا أتي البصرة، أوأقام بها أوانتسب إلى أهلها)) (4).
ـ قال أبوتمام:
(1) يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [3/ 14ب29].
(2)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [1/ 47ب14]، وورد في هامش نفس الصفحة:
((كما يقال: هوأبوالأضياف، وأم العيال، وابن الهيجاء، وأخورغائب)).
(3)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [2/ 439ب41].
(4)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [1/ 11ب3].
بِنتُ الفَضاءِ مَتى تَخِد بِكَ لا تَدَع
…
في الصَّدرِ مِنكَ عَلى الفَلاةِ غَليلا [بحر الكامل]
((يعني الناقة؛ أي: أنها معاودة للسير في الفضاء من الأرض على مذهب قولهم: ابن قفر، وابن ليل، وهوكثير في كلامهم)) (1).
ـ قال أبوتمام:
وَقَرِّب أَنتَ تِلكَ فَإِنَّ هَمًّا
…
عَراني بِاشتِجارٍ وَارتِفاقِ [بحر الوافر]
((خاطب المرأة ثم انصرف عنها إلى مخاطبة رجل يأمر بتقريب العيس للسير، وهم يفعلون ذلك كثيرا؛ يتركون خطاب الأول المذكر إلى المؤنث، وخطاب المؤنث إلى المذكر، ومنه الآية: چ ? ? ? ?? ? ?? ? ? ? ? ? چ [يوسف: 29])) (2).
وفي أحيان كثيرة يستخدم أبوالعلاء القياس لتوضيح بعض الأمور: صرفية أونحوية أكثر دقة عند أبي تمام:
ـ قال أبوتمام:
هَدَأَت عَلى تَأميلِ أَحمَدَ هِمَّتي
…
وَأَطافَ تَقليدي بِهِ وَقِياسي
بِالمُجتَبى وَالمُصطَفى وَالمُستَرى
…
لِلحَمدِ وَالحالي بِهِ وَالكاسي
[بحر الكامل]
(1) يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [3/ 68ب16].
(2)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [2/ 424ب3]، ولمزيد من المواضع في نفس هذه الجزئية تُنْظَرُ المواضع الآتية:[1/ 11ب4]، [1/ 13ب9 هام]، [1/ 164، 165ب28]، [1/ 166ب35]، [1/ 171ـ 172ب52]، [1/ 212ب36]، [1/ 249ب30]، [1/ 267ب9]، [1/ 320ب27]، [1/ 364]، [1/ 366ب34]، [1/ 367ب38]، [1/ 43]، [1/ 68]، [1/ 9ب2]، [2/ 248ب18]، [2/ 256ب7]، [2/ 278ب12]، [2/ 295ب3]، [2/ 313ب15]، [3/ 100ب8]، [3/ 104ب28]، [3/ 248ب3]، [4/ 16ب16]، [4/ 202ب3]، [4/ 449ب1]
((
…
جاء بالباء في قوله: ((بالمجتبى))؛ لأنه بدل من الهاء في قوله ((به))، وإذا كان الحرف متصلا بالضمير ثم أبدل منه وجب أن يعاد الحرف مع الاسم؛ كقولك: مررنا بهم بالقوم الصالحين، ونزلنا عليهم؛ على خيار الناس)) (1).
ـ قال أبوتمام:
بِالقائِمِ الثامِنِ المُستَخلَفِ اطَّأَدَت
…
قَواعِدُ المُلكِ مُمتَدًّا لَها الطِّوَلُ [بحر البسيط]
((ينبغي أن يكون اشتقاق ((اطأدت)) من ((الطود))، بني على ((افتَعَلت)) من ذلك، فقيل:((اطَّادَت)) ثم همزت للضرورة؛ لأن تاء ((الافتعال)) إذا كان قبلها طاء قلبت إليها، وليس في كلامهم ((الطَّاد)) بالهمز، وإنما قالوا: وطد، ولوبُنى ((افتعل)) من وطد لقيل:((اتَّطَدَ)))) (2).
ـ قال أبوتمام:
وَلَم أَرَ نَفعًا عِندَ مَن لَيسَ ضائِرًا
…
وَلَم أَرَ ضَرًّا عِندَ مَن لَيسَ يَنفَعُ
يَقولُ فَيُسمِعُ وَيَمشي فَيُسرِعُ
…
وَيَضرِبُ في ذاتِ الإِلَهِ فَيوجِعُ
[بحر الطويل]
((هذا البيت (3) من عجيب ما جاء في شعر الطائي؛ لأنه أتبع العينَ الواو في غير قافية (4)، وإنما آنسه بذلك أن العين في آخر النصف الأول وفي آخر النصف الثاني، ولا ريب أنه كان يتبع العين واوا في ((يسمعو))، وقد يمكنون الحركة حتى تصير حرفا ساكنا، مثل ما حكي أن بعض العرب يقول: قام زيدو، فيثبت الواو، ومررت بزيدي، فيثبت الياء، وذلك رديء مرفوض (
…
) فأدخل الياء بعد الكاف التي للمؤنث. فإن ادُّعي أن تلك لغة، فجائز أن يكون كذلك، وإلا فإن الكسرة مُكِّنت حتى صارت ياء، وبعض من يتكلم في العروض يذكر هذا البيت، ويجعله على أنه جاء بالعين متحركة
(1) يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [2/ 247ب16].
(2)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [3/ 8ب14].
(3)
المراد البيت الثاني من البيتين عاليه.
(4)
يقصد كلمة (يسمع) التي أثبتها التبريزي في روايته بدون واو.
وليس بعدها واو ويجب أن يكون الطائي لم يفعل ذلك؛ لأنه معدوم في شعر العرب، والغريزة له منكرة؛ لأنه يجمع بين أربعة أحرف متحركة في وزن (1) لم يستعمل ذلك فيه)))) (2).
ـ قال أبوتمام:
يَظَلُّ سَراةُ القَومِ مَثنًى وَمَوحَدًا
…
نَشاوى بِعَينَيها كَأَنَّهُمُ شَربُ [بحر الطويل]
((((سراة القوم)) خيارهم وأماثلهم؛ أخذ من سراة الجبل والفرس وهي أعلاهما، وهذا أوجه من أن يقال سراة جمع سريِّ؛ لأن ((فَعيلا))، لا يُجْمَع على ((فَعَلة)))) (3).
ـ قال أبوتمام:
أُصُلٌ كَبُردِ العَصبِ نيطَ إِلى ضُحًى
…
عَبِقٍ بِرَيحانِ الرِياضِ مُطَيَّبِ [بحر الكامل]
((.. ((أُصُل)): جاء به موحدا، وقيل:((أُصُل)): جمع أصيل، مثل رَغِيف ورُغُف، فمن نطق به على التوحيد فلا كلام فيه، ومن جعله جمع أصيلٍ: أجراه مجْرى الجموع التي تحمل على الجنس فتوحد)) (4).
ـ قال أبوتمام:
وَيَومٍ أَمامَ المُلكِ دَحضٍ وَقَفتَهُ
…
وَلَوخَرَّ فيهِ الدينُ لَانهالَ كاثِبُه [بحر الطويل]
((
…
من روى ((لانهد كاتبه)) جاز [أن] يكون من الكاثبة، وهي موضع يد الفارس بالرمح من ظهر الفرس، من قول النابغة:
لَهُنَّ عَلَيهِم عادَةٌ قَد عَرَفنَها
…
إِذا عُرِّضَ الخَطِّيُّ فَوقَ الكَواثِبِ [بحر الطويل]
وتستعمل الكاثبة في الإنسان، وهي الكتد أونحوه، ولا يعرف إلا بالهاء، فإذا كانت اللفظة يراد بها ذلك؛ فيجوز أن يكون حذف الهاء لمكان الإضافة؛ لأنهم يجرؤون
(1) بحر الطويل.
(2)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [2/ 326ب23، 24].
(3)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [1/ 180 ـ 181ب8].
(4)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [1/ 93ب3].
على حذفها مع المضاف، كما قالوا: إلاح الرجل، يريدون إلاحته، وقام ولاها؛ أي: ولاتها)) (1).
ـ قال أبوتمام:
كَم أَسيرٍ مِن سِرِّهِم وَقَتيلٍ
…
رادِعِ الثَّوبِ مِن دَمٍ كَالخَلوقِ [بحر الخفيف]
((
…
((الرادع)): أصله، الذي يَتَلطخ بالطيب
…
فيجوز أن يكون قوله: ((رادع)) في معنى الملون، كأن قال: رادع ثوبه، ويكون ((رادع)) جاريا مجرى ((لابن)) و ((تامر))؛ لأن الثوب في الحقيقة هوالمردوع)) (2).
ـ قال أبوتمام:
لَقَد أَخَذَت مِن دارِ ماوِيَّةَ الحُقبُ
…
أَنُحلُ المَغاني لِلبِلى هِيَ أَم نَهبُ [بحر الطويل]
((.. الحُقْب: الدهر، واختلفوا في تفسيره، فقالوا ثلاثون سنة، وقالوا ثمانون
…
والصحيح أن الحقب برهة طويلة لا حد لها، وأُنِّثَ على معنى البرهة والمدة؛ لأن تذكير الحُقب غير حقيقي، وهذا أوجه من أن يقال الحقب جمع حِقبة؛ إذا أراد بها السنة؛ لأن ((فِعْلَة)) قلما تجمع على ((فُعْل)))) (3).
ـ قال أبوتمام:
ضَمِنَت لَهُ أَعجاسُها وَتَكَفَّلَت
…
أَوتارُها أَن تُنقَضَ الأَوتارُ [بحر الكامل]
((والأحسن أن يكون أعجاس جمع: عِجْس بكسر العين أوعُجس بالضم؛ لأن (فَعْلا) لا يجمع على أفْعَال كثيرا)) (4).
ـ قال أبوالعلاء عند قول أبي تمام:
ما سَرَّني بِخِداجِها مِن حُجَّةٍ
…
ما بَينَ أَندَلُسٍ إِلى صَنعاءِ [بحر الكامل]
(1) يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [1/ 230 ـ 231].
(2)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [2/ 437ب34].
(3)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [1/ 177ب1].
(4)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [2/ 179ب50].
((
…
يقال: أخدجت الناقة إذا ألقت ولدها ناقصَ الخَلْق، وإن كانت شهورها تامة، وخدجت إذا ألقته لغير تمام، وقال قوم: خدجت وأخدجت سواء؛ وهذا القول أشبه بكلامهم؛ لأن فَعَلَ وأفعل يشتركان كثيرا
…
و ((الأندلس)) بناء مستنكر إن فتحت الدال وإن ضمت، وإذا حملت على قياس التصريف، وأجريت مجرى غيرها من العربي فوزنها ((فَعْلَلُلُ))، وهذا بناء مستنكر، ليس في كلامهم مثل ((سَفْرَجَل)) ولا ((سَفْرَجُل))، فإن ادعى مدع أنها ((فَنْعَلُل)) فقد خرج من حكم التصريف؛ لأن الهمزة إذا كان بعدها ثلاثة أحرف من الأصول لم تكن إلا زائدة)) (1).
ومجمل القول إن أبا العلاء كان يُجِلُّ القياس، ويقدره، ويجعله في مكانة متساوية مع السماع إن لم تفقها وتتجاورها.
…
انحرافات أبي تمام اللغوية والأسلوبية بين القياس والسماع عند أبي العلاء:
ورد عن الخليل بن أحمد قوله: ((الشعراء أمراء الكلام يصرفونه أنى شاءوا، ويجوز لهم ما لا يجوز لغيرهم من: إطلاق المعنى وتقييده، ومن تصريف اللفظ وتعقيده، ومد المقصور، وقصر الممدود، والجمع بين لغاته، والتفريق بين صفاته، واستخراج ما كلت الألسن عن وصفه ونعته، والأذهان عن فهمه وإيضاحه، فيقربون البعيد، ويبعدون القريب، ويحتج بهم، ولا يحتج عليهم)) (2).
(1) يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [1/ 16ـ 17ب16]، ولمزيد من المواضع في نفس هذه الجزئية تُنْظَرُ المواضع الآتية:[1/ 114]، [1/ 13ب9]، [1/ 20ـ 21]، [1/ 230ب34]، [1/ 232 233ب43]، [1/ 248ب29]، [1/ 260ب1]، [1/ 288 289ب30]، [1/ 330ب6]، [1/ 367ب38]، [1/ 43]، [1/ 435ب30]، [1/ 54]، [1/ 76]، [1/ 78]، [2/ 223ب1]، [2/ 255ب4]، [2/ 266ب18]، [2/ 279ب16]، [2/ 291ب15]، [2/ 362ب10]، [2/ 85ب18]، [3/ 103ب25]، [3/ 176ب2، 3]، [3/ 313ب13]، [3/ 80ب 9]، [4/ 74ب3].
(2)
حازم القرطاجني: منهاج البلغاء، 143ـ 144، تحقيق محمد الحبيب ابن الخوجة، دار الغرب الإسلامي.
ويبدو أن مضمون هذا المقولة كان مسيطرًا تماما على أبي العلاء؛ فنجد من أقواله ما يفيد إمرة الشعراء للكلام وتصرفهم فيه وما يفيد أيضا أن للشعر خصائصه العامة، وصنعته المستقلة (1)، وأن لكل شاعر خصائص أسلوبية معينة (2).
وانطلاقا من هذا الكلام نقول: إن أبا العلاء كان لا يخطِّئ أبا تمام في
((انحرافاته)) أو ((عدولاته)) أو ((خروجاته)) الأسلوبية. ودائما يحاول أن يلتمس له مخرجا من السماع (3) فإن لم يجد فمن القياس؛ فإن لم يجد فاستعارة (4) يحملها عليها؛
(1) يُنْظَر [3/ 40ب27]، [4/ 564ب5]، وقال أبوالعلاء في بعض المواضع:((ويقال إنه كان مع أبي تمام غلام يقال له: علاثة، فيجوز مثل ذلك. وقد يحتمل أن يفتعل الشاعر أسماء لغير موجودين؛ فيستعين بها في القافية وحشوالبيت)). [1/ 311ب1]، وقال أيضا عند قول أبي تمام:
وَظِلالِهِنَّ المُشرِقاتِ بِخُرَّدٍ
…
بيضٍ كَواعِبَ غامِضاتِ الأَكعُبِ [بحر الكامل]
((جعل الظِّلال مشرقات؛ وإنما الإشراق للشموس، وهذا من صنعة الشعر؛ لأنه وصف الظلال بما توصف به الشموس)) [1/ 94ب4].
(2)
قال أبوالعلاء عند قول أبي تمام:
إِحدى بَني بَكرِ بنِ عَبدِ مَناهِ
…
بَينَ الكَثيبِ الفَردِ فَالأَمواهِ [بحر الكامل]
((ولوقال قائل: إنه سماهم بني عبد مناه بهاء أصلية؛ أخذه من: ناه ينوه؛ إذا انتشر ذكره؛ لكان ذلك وجها قويا، وهوأحسن ما يحمل عليه البيت؛ لأن الشعراء يسمح لهم بتغيير الأسماء إلى ما قاربها، كقولهم في ثابت ثَبات، وفي جَمْش جَمُوش)) [3/ 344ـ 345ب1].
تراجع جزئية: قرينة أسلوب الشاعر، وقرينة صنعة الشعر.
(3)
حتى ولوكان هذا السماع مجرد اتباع شاعر آخر في لفظة واحدة:
قال أبوالعلاء عند قول أبي تمام:
بدور قُيولٌ لَم تَزَل كُلُّ حَلبَةٍ
…
تَمَزَّقُ مِنهُم عَن أَغَرَّ مُحَنَّبِ [بحر الطويل]
((ويروى: ((ذَوونَ قُيولٌ))، وهوجمع قولك: ذومَرْحَب، وذوجَدَن، وذويَزَن، وذلك في حمير كثير، وهم الأذواء، وقلما يقولون الذَّوون، وإنما تبع الطائي في ذلك الكُمَيت؛ لأنه قال:
وَمَا أعنِي بِذلك أَسفَليكُم
…
وَلَكِنِّي عَنيْتُ بِهِ الذَّوينَا [بحر الوافر]
)) [ديوان أبي تمام:1/ 154، ب25]، وينظر أيضا في نفس الجزئية:[1/ 256ب47]، [3/ 59ب1]، كما تراجع جزئية: السماع عند أبي العلاء.
(4)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [2/ 227ب15]، [2/ 257ب8].
فإن لم يجد سماعا أوقياسا أواستعارة صمت (1) أوقال: ((ولعل الطائي سمعه في كلام قديم))؛ فلم يكن أبوالعلاء يخطئه أويعيب عليه إلا نادرا جدا (2).
ـ قال أبوتمام:
هُما أَظلَما حالَيَّ ثُمَّتَ أَجلَيا
…
ظَلامَيهِما عَن وَجهِ أَمرَدَ أَشيَبِ [بحر الطويل]
((جعل (أظلم) هاهنا متعديا، وذلك قليل في الاستعمال، وهوفي القياس جائز)) (3).
ـ قال أبوالعلاء عند قول أبي تمام:
إِذا كانَتِ الأَنفاسُ جَمرًا لَدى الوَغى وَضاقَت ثِيابُ القَومِ وَهيَ فَضافِضُ [بحر الطويل]
((فَضَافِض: جمع فَضْفاض وهوالواسع، وإنما المستعمل ثوب فَضفاض؛ فجاء هذا على فَضْفَض، ومثله كثير)) (4).
ـ قال أبوتمام:
صَلَتانٌ أَعداؤُهُ حَيثُ حَلّوا
…
في حَديثٍ مِن عَزمِهِ مُستَفاضِ [بحر الخفيف]
((
…
وأهل اللغة يزعمون أن الصواب أن يقال: حديث مستفيض؛ والقياس لا يمنع أن يقال: مستفاض)) (5).
ـ قال أبوتمام:
إِمراتُهُ نَفَذَت عَلَيهِ أُمورُها
…
حَتّى ظَنَنّا أَنَّهُ إِمراتُها [بحر الكامل]
(1) يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [1/ 25ب47]، [1/ 48].
(2)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [1/ 286ب17]، [3/ 103ب23].
(3)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [1/ 150].
(4)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [2/ 299ب18].
(5)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [2/ 311ب11].
((لا يوجد في الشعر القديم (إِمراته)؛إلا أن القياس يطلق ذلك، وهذه اللفظة نادرة)) (1).
ـ قال أبوتمام:
مُبتَلُّ مَتنٍ وَصَهوَتَينِ إِلى
…
حَوافِرٍ صُلَّبٍ لَهُ مُلُس [بحر المنسرح]
((.. وضم ((مُلُس)) والصواب تسكينها فيما كان جمع ((أفعل)) أو ((فعلاء))، مثل: حُمْر وصُفْر، والتحريك جائز)) (2).
ـ قال أبوتمام برواية أبي العلاء:
شامَت بُروقَكَ آمالي بِمِصرَ وَلَو
…
أَصبَحْت بِالطوسِ لَم أسْتَبعِدِ الطوسا [بحر البسيط]
((.. فأما ((الطوس)) فلم تجر العادة بدخول الألف واللام عليها، وإن كان دخولها جائزا)) (3).
ومن أمثلة إقراره بتبحره في اللغة وعدم تخطئته:
قال أبوتمام:
نُسائِلُها أَيَّ المَواطِنِ حَلَّتِ
…
وَأَيَّ دِيارٍ أَوطَنَتها وَأَيَّتِ [بحر الطويل]
قال أبوالعلاء:
((
…
وكان الذي سأل عن هذا البيت أبا نصر أحمد بن يوسف، فقال: إنما أراد (أيَّتْ) في معنى (تَأيَّت) من التَّأيي، وهذا قول حسن، وهويشبه مذهب أبي تمام في الصنعة، إلا أن المعروف من كلام العرب تأيَّيْتُ، ولم يجئ في أشعارهم أيَّيْتُ، ويجوز أن يكون أبوتمام سمعها في شعر قديم؛ لأنه كان مستبحرا في الرواية)) (4).
*****
(1) يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [4/ 327ب7].
(2)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [2/ 236ب6].
(3)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [2/ 261ب26]؛ وينظر أيضا المواضع الآتية: [1/ 159]، [2/ 315، ب25]، [2/ 240، ب14]، [2/ 236، ب7]، [4/ 467، ب3]، [3/ 124، ب35]، [4/ 38، ب2ـ 5]، [1/ 50]، [2/ 61، ب5].
(4)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [1/ 299ب1].
القياس الأسلوبي عند أبي العلاء:
من الأمور اللافتة للنظر في شرح أبي العلاء أنه كان يقوم بنوع من القياس يمكن أن يسمى ((القياس الأسلوبي))؛ بمعنى: أن أبا العلاء كان يحتفظ في ذهنه بالخصائص الأسلوبية لشعر أبي تمام، ويقيس عليها أي خروج له أتى به مخالفا هذه الخصائص، أوأية رواية لا تكون منسجمة مع هذه الخصائص.
ويكفى تدليلا على ذلك نقل العبارات التي تشير إلى هذا القياس:
- ((.. والأحسن على مذهب الطائي ..)) (1).
- ((.. ويجب أن يكون الطائي قال
…
)) (2).
- ((.. وهذا أشبه بمذهب الطائي من الوجه الذي تقدم ذكره
…
)) (3).
- ((.. ولورويت
…
لكان ذلك مشابها لصنعة الطائي)) (4).
- ((.. وقد كثر في شعره ..)) (5).
- ((.. ومن عرف مذهب الطائي لم يعدل عن هذه الرواية ..)) (6).
- ((.. الأشبه بصناعة الطائي أن يكون
…
)) (7).
- ((.. قد تردد في شعر الطائي وشعر غيره ..)) (8).
- ((.. فله معنى يستحسن على مذهب الطائي ..)) (9).
- ((.. وقد جاء بمثل ذلك في غير هذه المواضع)) (10).
(1) يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [2/ 174ب36].
(2)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [3/ 51ب20].
(3)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام: [2/ 192ب7]، [3/ 83ب7]، [2/ 415ب18]، [2/ 372ب43].
(4)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [2/ 177ب44].
(5)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [2/ 263ب3].
(6)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [1/ 117].
(7)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [1/ 192ب42].
(8)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [3/ 45ب48].
(9)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [3/ 22ب3].
(10)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [2/ 214ب1].
- ((.. وله عادة بذلك)) (1).
- ((.. إذا حمل ذلك على ما يعرف من مذهب الطائي
…
)) (2).
- ((.. وهذا أشبه بمذهب الطائي؛ لأنه يؤثر الاستعارة
…
)) (3).
- ((
…
فقد لزم مذهب الطائي في العارية
…
)) (4).
- ((.. الوجه أن يحمل على مذهب الطائي، ويجعل من المستعار)) (5).
- ((
…
ولم تجرِ عادة الطائي بذلك)) (6).
كل هذه الأقوال كانت من الممكن ـ إذا وجدت من يدرسها ـ أن تكون بذورا جيدة لما عُرِف حديثا بـ ((علم الأسلوب)) أو ((الأسلوبية))، والتي تركز في دراستها على لغة ((الأديب كما يمثلها إنتاجه الأدبي، وذلك بإخضاعها لمناهج من التحليل، بهدف الوصول إلى معايير موضوعية تساعد الناقد على التفسير من خلال ثلاثة توجهات في التحليل اللغوي للنص .... أما التوجه الثالث فهو توجه إحصائي، ويسعى إلى رصد درجة تكرار ظاهرة لغوية معينة في أسلوب شخص معين رصدا علميا دقيقا، ينأى عن الملاحظة العابرة، ويرفض تجزئة الإحساس الصادر عن التقاط الظواهر، هنا تتقصى النظرية الأسلوبية تطبيق علم الإحصاء، واستخدام الجداول الإحصائية والأرقام)) (7).
(1) يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [2/ 277ب10].
(2)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [3/ 40ب27].
(3)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [3/ 34ب7].
(4)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [3/ 84ب22].
(5)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [3/ 86ب26].
(6)
يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [2/ 431ب6].
(7)
موسوعة النظريات الأدبية: د. نبيل راغب، ص 34، 35، 36 وما بعدها (الشركة المصرية العالمية للنشر لونجمان، ط1، 2003).