الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال: ((ما صادفته حاضرًا، وما صادفته بحاضرٍ؛ فيدخلون الباء إذا كان في أول الكلام نَفْي أوشيء يشابه النفي)) (1).
[ج] دراسة المادة النحوية المتعلقة بالتوابع:
• البدل عند التبريزي:
(1)
دخول حرف الجر على البدل: ـ قال التبريزي عند قول أبي تمام:
فَرَماهُ بِالأَفشينِ بِالنَّجمِ الَّذي
…
صَدَعَ الدُّجى صَدعَ الرِّداءِ البالي [بحر الكامل](2)
((جاء بالباء في قوله ((بالنجم))؛ لأنه جعله واقعا موقع البدل، وإذا كان المبدل منه مخفوضا، جاز أن يجيء البدل وقد حُذِف منه حرفُ الخفض، ويحتمل أن يعاد معه، فمما حذف قوله تعالى: چ ? ? ? ? ? ??ے چ [البقرة 217] فلم يُعِدْ حرف الخفض مع ((القتال))، ومما أُعيد فيه الخافض قوله تعالى: چ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? چ [الأعراف 75]، أعاد اللام مع ((مَن)) وهما بدل من قوله: چ ? ? چ)).
وقد قرر النحاة أن البدل في الأغلب على نية تكرار العامل، وليس على تكراره حقيقة (3). والسبب في ((منع التكرار الحقيقي ـ لا الخيالي ـ أنه يؤدي إلى تأثير العامل
(1) ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [1/ 396ب44].
(2)
ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [3/ 134ـ 135ب21]. ونجد لأبي العلاء نفس الإشارة عند أبيات أبي تمام:
صَبَّحتُهُ بِسُلافَةٍ صَبَّحتُها
…
بِسُلافَةِ الخُلَطاءِ وَالنُّدَماءِ
بِمُدامَةٍ تَغدوالمُنى لِكُؤوسِها
…
خَوَلا عَلى السَّرّاءِ وَالضَّرّاءِ
[بحر الكامل]
((وقوله: ((بِمُدامَةٍ)) بدل من قوله في البيت الأول ((بِسُلافة))؛ لأن البدل قد يُرَدُّ معه العاملُ، فيقال: مررت بأخيك بالرجلِ الصالح)). [1/ 27ب8]
(3)
جاء في حاشية الصبان على شرح الأشموني: ((وعزا الدماميني القول بأن البدل على نية تكرار العامل إلى الأخفش والرماني والفارسي وأكثر المتأخرين وعزا القول بأن عامله العامل في متبوعه إلى سيبويه والمبرد والسيرافي والزمخشري وابن الحاجب ومال إليه)). [2/ 102، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، المكتبة التوفيقية]
المتكرر في البدل تأثيرا جديدًا يزحزحه عن البدلية، ويدخله في عداد معمولات أخرى لا تصلح بدلا)) (1). ويترتب على هذا التغيير الإعرابي تغيير معنوي معروف.
ويستثني من الحكم السالف صورة يصح فيها الأمران؛ ((إما تكرار العامل تكرارًا لفظيا، وإعادة التلفظ به مرة ثانية، وإما الاكتفاء بتخيل وجوده قبل البدل والاقتصار على ملاحظته في النية والتقدير)) (2). وهذه الصورة الجائزة هي التي ذكرها التبريزي هنا، أي الصورة التي يكون فيها العامل حرفا من حروف الجر)) (3).
(2)
البدل بالمصدر المؤول:
ومن الأمور المهمة التي أوضحها التبريزي إمكانية وقوع البدلية في المصدر المؤول، قال التبريزي عند قول أبي تمام:
إِيّاكَ وَالغيلَ أَن تُطيفَ بِهِ
…
إِنِّي أَخشى عَلَيكَ مِن سَبُعِه [بحر المنسرح]
((
…
((أَنْ)) بدلٌ من قوله: ((والغيل)) كأنه قال إياك وأن تُطيفَ به)) (4).
ولابد أن يحمل قول التبريزي: ((أَنْ بدلٌ من قوله: والغيل)) على المصدرية أي: أن مع ما بعدها في تأويل المصدر؛ كأنه قال: ((إياك والغيل إطافتك)) (5).
(1) النحوالوافي: 3/ 678
(2)
النحوالوافي: [3/ 679].
(3)
ينظر الخلاف حول إعراب حرف الجر المكرر، وإعراب الاسم المجرور بعده النحوالوافي 3/ 679
(4)
ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [2/ 344ب6].
(5)
ونجد عند أبي العلاء مثالا لهذا الأمر، وهوقوله عند قول أبي تمام:
بَلى لَقَد سَلَفَت في جاهِلِيَّتِهِم
…
لِلحَقِّ ـ لَيسَ كَحَقّي نُصرَةٌ ـ عَجَبُ
أَن تَعلَقَ الدَّلوبِالدَّلوالغَريبَةِ أَو
…
يُلابِسَ الطُّنُبَ المُستَحصِدَ الطُّنُبُ
[بحر البسيط]
((وقوله: ((أن تعلق)) يجوز أن يكون ((أن)) وصلتها في موضع خفض على البدل من الحق)). [1/ 257ب51ـ 52]
ومن جميل إشارات العلماء أن التعبير بالمصدر المؤول بدلا من المصدر الصريح له فوائد عدة، منها:((أن التعبير بالمصدر صريحا يدل على الحدث مجردا وليس في صيغته ما يدل على مضى ولا استقبال، فجاءوا بلفظ الفعل المشتق منه مع ((أن)) ليجتمع لهم الإخبار عن الحدث مع الدلالة على الزمان ويعنى ذلك القول بواضح العبارة أن التحويل من المصدر الصريح إلى المصدر المؤول إنما كان ليفيد إلى جانب الحدث الدلالة على الزمان)) (1).
• النعت:
(1)
نعت الواحد بالجمع: قال عند قول أبي تمام:
غَلَّ المَرَوراةَ الصَّحاصِحَ عَزمُهُ
…
بِالعيسِ إِن قَصَدَت وَإِن لَم تَقصِدِ [بحر الكامل]
((وإن رُوِيتِ ((المروراةَ)) بهاء في الخط منصوبة، فهو وجه حسن، ويكون قد نعت الواحد بالجمع، وذلك شائع، كثير في الأشياء التي تحتمل القسمة، تقول: هذه أرض مرت (2) وإن شئت قلت: أمرات، لأن الأرض تقع على القليل والكثير، وكذلك مكان قفر، وإن شئت قلت: قفار؛ لأن المكان قد يضيق ويتسع فيكون أمكنة كثيرة)) (3).
وكلمة التبريزي ((وذلك شائع، كثير في الأشياء)) يفهم منها أن نعت الواحد بالجمع يكون فيه المنعوت غير عاقل، وكلمته ((التي تحتمل القسمة)) تشير إلى أن هذا المنعوت من جموع التكسير، وهذا يتفق مع ما قرره النحاة من أنه يستثنى من المطابقة الحتمية بين النعت والمنعوت عدة أمور، منها ((أن يكون المنعوت جمع مذكر غير عاقل (4)؛ فيجوز في نعتها الحقيقي أن يكون مفرداً مؤنثاً، وجمع مؤنث
(1) المصدر المؤول بحث في التركيب والدلالة: د. طه محمد الجندي، ص 70، الناشر دار الثقافة العربية
(2)
المَرْتُ: مفازة لا نبات فيها. ويقال: ومكان مرتٌ: قفر لا نبات فيه. المعجم الوسيط، مادة مرت 2/ 894
(3)
ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [2/ 48ب13].
(4)
قال أ / عباس حسن: ((المراد هنا بجمع المذكر لغير العاقل ما يشمل: جمع التكسير للمذكر غير العاقل، أي: جمع التكسير الذي يكون مفرده مذكراً غير عاقل؛ مثل: كُتب
…
وما يشمل أيضًا: الملحق بجمع المذكر السالم مما يكون مفرده مذكرًا غير عاقل أيضًا، مثل: أَرَضُون))، النحو الوافي: 3/ 446