الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب: ما جاء في ترك القنوت
308 -
وعن سعد بن طارقٍ الأشجعيِّ رضي الله عنه قال: قلت لأبي: يا أبتِ، إنَّكَ قد صَلَّيتَ خلفَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكرٍ وعُمَرَ وعُثمانَ وعَلِيٍّ، أفكانُوا يَقنُتُونَ في الفَجْرِ؟ قال: أي بُنَيَّ، مُحْدَثٌ. رواه الخمسة إلا أبا داودَ.
رواه أحمد 6/ 394 والترمذي (402) وابن ماجه (1241) والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 249 كلهم من طريق يزيد بن هارون عن أبي مالك الأشجعي، سعد بن طارق قال: قلت لأبي:
…
فذكر الحديث.
ورواه أحمد 6/ 394 والنسائي 2/ 204 وابن حبان في "صحيحه"(1986) كلهم من طريق خلف وهو ابن خليفة عن أبي مالك الأشجعي سعد بن طارق به.
وتابعهما عبد الله بن إدريس وحفص بن غياث، كما عند ابن ماجه (1241) وأبي عوانة عند البيهقي 2/ 213.
قلت: رجاله ثقات، وإسناده ظاهره الصحة، فإن أبا مالك الأشجعي ثقة، وثقه الإمام أحمد ويحيى بن معين وأبو حاتم.
وقال النسائي: ليس به بأس. اهـ. وذكره ابن حبان في "الثقات".
وقال العقيلي: لا يتابع على حديثه عن أبيه في القنوت. اهـ.
وأما والده فهو صحابي روى له مسلم في "صحيح" حديثين من رواية يزيد بن هارون عن أبي مالك عن أبيه، ونص على صحبته البخاري وابن سعد وابن حجر.
وخالف في هذا الخطيب وتعقبه ابن الجوزي في "التحقيق" 1/ 459 فقال: قال البخاري: طارق بن الأشيم له صحبة، وهذا الإسناد صحيح، وقد تعصب أبو بكر الخطيب، فقال: في صحبة طارق نظر، قال: وإن صح الحديث حملناه على دعاء أحدثه أهل ذلك العصر، وهذا منه تعصب بارد لا وجه للنظر بعد ثبوت صحبته عند البخاري، ومحمد بن سعد وغيرهما ممن ذكر في الصحابة، وأما حمله فحمل من لا يفهم لأن الإنكار كان للدعاء في ذلك الوقت لا لنفس الدعاء. اهـ. ولم يتعقب ابن عبد الهادي، ابن الجوزي بشيء مما قال كما في "التنقيح" 2/ 1066 بل أيده فيما قال فقد قال في "المحرر" (256): طارق: صحابي معروف، ولا وجه لقول الخطيب: في صحبة طارق نظر. اهـ. وقال البيهقي 2/ 213: طارق بن أشيم الأشجعي لم يحفظه عمن صلى خلفه فرآه محدثًا وقد حفظه غيره فالحكم له دونه. اهـ.
قلت: وهذا قول جيد، وهو أولى من التكلف في إيجاد علة للحديث، فإن طارقًا صلى خلف كل منهم ولا إشكال في هذا وحدث بما رأى، والقنوت في النوازل ثابت من غير طريقه كما سبق.
وفي الباب عن أم سلمة وصفية بنت أبي عبيد وابن عمر وعبد الله بن مسعود وابن عباس.
أولًا: حديث أم سلمة رواه ابن ماجه (1242) والدارقطني 2/ 38 والبيهقي 2/ 214 كلهم من طريق محمد بن يعلى، زنبور ثنا عنبسة بن عبد الرحمن عن عبد الله بن نافع عن أبيه عن أم سلمة، قالت: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القنوت في الفجر.
قلت: محمد بن يعلى، قال عنه أبو حاتم: هو متروك. اهـ.
وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به فيما خالف الثقات. اهـ.
وقال الدارقطني 2/ 38: محمد بن يعلى وعنبسة وعبد الله بن نافع كلهم ضعفاء ولا يصح لنافع سماع من أم سلمة. اهـ.
ونقل الزيلعي في "نصب الراية" 2/ 134 فقال: قال ابن أبي حاتم: قال أبي، ويحيى بن معين: كان عنبسة بن عبد الرحمن يضع الحديث، وعبد الله بن نافع ضعيف جدًّا، وضعفه ابن المديني ويحيى وأبو حاتم والساجي، وغيرهم. اهـ.
وأيضًا قد اختلف في إسناده، فروي من مسند صفية بنت عبيد كما سيأتي.
ثانيًا: حديث صفية بنت أبي عبيد رواه الدراقطني 2/ 38 قال: حدثنا النقاش محمد بن الحسن ثنا الحسين بن إدريس ثنا خالد بن الهياج عن أبيه عن عنبسة عن ابن نافع عن أبيه عن صفية بنت أبي عبيد بمثل حديث أم سلمة.
قلت: سبق الكلام على عنبسة وشيخه في الحديث السابق.
وأيضًا فيه علة أخرى، قال الدارقطني 2/ 38: صفية لم تدرك النبي صلى الله عليه وسلم. اهـ.
وروى أيضًا من مسند أم سلمة.
ثالثًا: حديث ابن عمر رواه البيهقي 2/ 213 قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد المقري أنبأ الحسن بن محمد بن إسحاق ثنا يوسف بن يعقوب ثنا أبو الربيع ثنا حماد بن زيد ثنا بشر بن حرب قال: سمعت ابن عمر يقول: أرأيت قيامهم عند فراغ القارئ من السورة هذا القنوت إنها لبدعة ما فعله النبي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا شهرًا ثم تركه.
قلت: إسناده ضعيف لأن فيه بشر بن حرب الأزدي أبو عمر الندبي البصري، قال أحمد: ليس بقوي. اهـ.
وقال البخاري: رأيت ابن المديني يضعفه، وكان يحيى القطان لا يروي عنه. اهـ.
وقال النسائي: ضعيف. اهـ. وكذا قال ابن أبي حاتم، وقال إسحاق: متروك، ليس بشيء. اهـ. وبه أعله الزيلحي فقال في "نصب الراية" 2/ 134: وعلى تقدير صحة هذا الحديث، فيكون المراد بالبدعة ها هنا القنوت قبل الركوع، لأنه روي عنه في "الصحيح" من طرق إلى النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قنت بعد الركوع، فدل على أنه إنما أنكر القنوت قبل الرُّكوع أو يكون ابن عمر نسي، بدليل ما أخبرنا، وأسند عن ابن سيرين أن سعيد بن المسيب ذكر له قول ابن عمر في "القنوت"
فقال: أما إنه قد قنت مع أبيه ولكنه نسي، قال: وروي أنه كان يقول: كبرنا ونسينا، وائتوا سعيد بن المسيب فاسألوه. اهـ. وقال البيهقي 2/ 213: بشر بن حرب الندبي ضعيف، وإن صحت روايته عن ابن عمر، ففيها دلالة على أنه إنما أنكر القنوت قبل الركوع دوامًا. اهـ.
وروى البيهقي 2/ 213 من طريق همام عن قتادة عن أبي مجلز قال: صليت مع ابن عمر صلاة فلم يقنت، فقلت لابن عمر: لا أراك تقنت قال: لا أحفظه عن أحد من أصحابنا. اهـ. قال البيهقي 2/ 213: نسيان بعض الصحابة أو غفلته عن بعض السنن لا يقدح في رواية من حفظه وأثبته. اهـ.
رابعًا: حديث عبد الله بن مسعود رواه البيهقي 2/ 213 أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا عبد الله بن محمد بن موسى ثنا محمد بن غالب ثنا معلى بن منصور ثنا محمد بن جابر عن حماد عن إبراهيم عن علقمة والأسود عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: ما قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء من صلواته.
قلت: إسناده ضعيف، لأن فيه محمد بن جابر السحيمي وبه أعله البيهقي 2/ 213 فقال عنه: متروك. اهـ. وأيضًا قد خولف في متنه.
قال البيهقي 2/ 213: وقد روى أبو حمزة الأعور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال: قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرًا يدعو على عصية وذكوان فلما ظهر عليهم ترك القنوت. اهـ. وقد سبق تخريجه في الباب السابق.
خامسًا: حديث ابن عباس رواه البيهقي 2/ 213 قال: أخبرني أبو عبد الرحمن السلمي أنبأ علي بن عمر ثنا الحسين بن إسماعيل ثنا محمد بن منصور الطوسي ثنا شبابة ثنا عبد الله بن ميسرة أبو ليلى عن إبراهيم بن أبي حرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: أن القنوت في صلاة الصبح بدعة.
قال البيهقي 2/ 214: لا يصح، وأبو ليلى الكوفي: متروك، وقد روينا عن ابن عباس أنه قنت في صلاة الصبح. اهـ.
* * *