المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب: ما جاء في وضع اليدين قبل الركبتين وبيان الخلاف في ذلك - التبيان في تخريج وتبويب أحاديث بلوغ المرام - جـ ٤

[خالد بن ضيف الله الشلاحي]

فهرس الكتاب

- ‌باب صفة الصلاة

- ‌باب: جامع في صفة الصلاة

- ‌باب: ما جاء في دعاء الاستفتاح

- ‌باب: ما جاء في الاستعاذة في الصلاة

- ‌باب: ما جاء في تكبيرة الإحرام

- ‌باب: ما جاء في رفع اليدين إذا كبر وإذا ركع وإذا رفع

- ‌باب: ما جاء في صفة وضع اليدين في الصلاة

- ‌باب: وجوب قراءة الفاتحة في الصلاة

- ‌باب: من قال بترك قراءة البسملة أو الجهر بها في الصلاة

- ‌باب: من قال إن البسملة آية من الفاتحة

- ‌باب: الجهر بالتأمين في الصلاة

- ‌باب: ما يجزئ الأمي والأعجمي من القراءة

- ‌باب: القراءة في الظهر والعصر

- ‌باب: ما جاء في القراءة في صلاة المغرب والعشاء والفجر

- ‌باب: ما يقرأ في صلاة الفجر يوم الجمعة

- ‌باب: الدعاء في الصلاة

- ‌باب: ما يقال في الركوع والسجود

- ‌باب: ما يقول المصلي بعد الاعتدال من الركوع

- ‌باب: أعضاء السجود

- ‌باب: هيئة السجود

- ‌باب: ما جاء في صلاة القاعد، وبيان صفة قعوده

- ‌باب: الدعاء بين السجدتين

- ‌باب: جلسة الاستراحة

- ‌باب: استحباب القنوت في جميع الصلاة إذا نزلت بالمسلمين نازلة

- ‌باب: ما جاء في ترك القنوت

- ‌باب: ما جاء في صفة دعاء القنوت

- ‌باب: ما جاء في وضع اليدين قبل الركبتين وبيان الخلاف في ذلك

- ‌باب: ما جاء في الإشارة في التشهد

- ‌باب: ما جاء في صيغ التشهد

- ‌باب: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد

- ‌باب: الدعاء في التشهد

- ‌باب: ما جاء في صفة التسليم من الصلاة

- ‌باب: الذكر عقب الصلاة المفروضة

- ‌باب: ما جاء في استحباب قراءة آية الكرسي دبر كل صلاة

- ‌باب: جامع في الأمر بالاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة وغيرها

- ‌باب: ما جاء في صلاة المريض

- ‌باب سجود السهو وغيره

- ‌باب: جامع في سجود السهو في حال الزيادة أو النقص

- ‌باب: من شك في صلاته فلم يدرِ كم صلى

- ‌باب: جامع

- ‌فصل في سجود التلاوة وسجود الشكر

- ‌باب: ما جاء في سجدة الانشقاق والعلق

- ‌باب: ما جاء في سجدة {ص}

- ‌باب: ما جاء في سجدة سورة النجم

- ‌باب: ما جاء في سجدتي سورة الحج

- ‌باب: ما جاء في سجدة سورة النحل وأن السجود غير واجب

- ‌باب: التكبير للسجود

- ‌باب: سجود الشكر

- ‌باب صلاة التطوع

- ‌باب: في السنن والرواتب، وفضل التطوع

- ‌باب: الصلاة قبل العصر

- ‌باب الصلاة قبل المغرب

- ‌باب: ما جاء في تخفيف ركعتي الفجر وما يقرأ فيهما

- ‌باب: ما جاء في الاضطجاع بعد ركعتي الفجر

- ‌باب: ما جاء في أن صلاة الليل والنهار مثنى مثنى

- ‌باب: الحث على قيام الليل

- ‌باب: ما جاء في عدد الوتر

- ‌باب: ما جاء أن الوتر سنة

- ‌باب: ما جاء في وجوب الوتر

- ‌باب: ما جاء في عدد الوتر والحث عليه

- ‌باب: ما جاء فيما يقرأ في الوتر

- ‌باب: ما جاء في وقت الوتر وقضائه

- ‌باب: ما جاء في مشروعية صلاة الضحى

- ‌باب: ما جاء فيمن أنكر شرعية صلاة الضحى

- ‌باب: ما جاء في وقت صلاة الضحى

- ‌باب: ما جاء في عدد ركعات الضحى

- ‌باب صلاة الجماعة والإمامة

- ‌باب: جاء في فضل صلاة الجماعة

- ‌باب: التشديد على تارك الجماعة، أو تأخير الصلاة عن وقتها

- ‌باب: ما جاء في إعادة الصلاة لسبب

- ‌باب: الأمر باتباع الإمام في أفعاله

- ‌باب: استحباب صلاة النافلة في بيته

- ‌باب: تخفيف الإمام في القيام، وإتمام الركوع والسجود

- ‌باب: من أحق بالإمامة

- ‌باب: ما جاء في تسوية الصف وإتمامه

- ‌باب: فضل الصف الأول

- ‌باب ما جاء في موقف المأمومين في الصلاة

- ‌باب: جواز صلاة المنفرد خلف الصف

- ‌باب: ما جاء في عدم جواز صلاة المنفرد خلف الصف

- ‌باب: استحباب إتيان الصلاة بسكينة ووقار والنهي عن إتيانها سعيًا

- ‌باب: الاثنين فما فوقهما جماعة

- ‌باب: المرأة تؤم النساء

- ‌باب: ما جاء في إمامة الأعمى

- ‌باب: إمامة البر والفاجر

- ‌باب: المسبوق ببعض صلاته يصنع كما يصنع الإِمام

الفصل: ‌باب: ما جاء في وضع اليدين قبل الركبتين وبيان الخلاف في ذلك

‌باب: ما جاء في وضع اليدين قبل الركبتين وبيان الخلاف في ذلك

311، 312، 313 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا سجدَ أحدُكم، فلا يَبرُكْ كما يَبرُكْ البعيرُ، وَلْيَضَعْ يدَيهِ قبلَ رُكبَتَيه" أخرجه الثلاثة وهو أقوى من حديث وائل بن حُجْر: رأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم إذا سجدَ وضعَ رُكبَتَيهِ قبل يَدَيهِ. أخرجه الأربعة، فإن للأول شاهدًا من حديث ابن عمر، صححه ابن خزيمة وذكره البخاري معلقًا موقوفًا.

أولًا: حديث أبي هريرة رواه أبو داود (840) والنسائي 2/ 207 والترمذي (269) وأحمد 2/ 381 والدارمي 1/ 303 والبيهقي 2/ 99 والدارقطني 1/ 344 - 345 والبغوي في "شرح السنة" 3/ 134 - 135 كلهم من طريق محمد بن عبد الله بن حسن عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة به.

قلت: رجاله ثقات، إسناده قوي، وهو إلى الصحة أقرب، وقد أعل هذا الإسناد بأن محمد بن عبد الله بن الحسن قال فيه البخاري في "التاريخ الكبير" 1/ 139: لا يتابع عليه ولا أدري أسمع من أبي الزناد أم لا. اهـ. وقد فهم ابن عدي أن هذا إعلال من البخاري، حيث قال في "الكامل" 6/ 238: محمد بن عبد الله ويقال: ابن

ص: 196

حسن عن أبي الزناد، لا يتابع عليه لم يسمع، سمعت ابن حماد يذكره عن البخاري. اهـ.

وقد يقال: إن قول البخاري: "لا يتابع على حديثه" ليس بجرح مطلقًا بل هو إشارة إلى التفرد، ولهذا وثق النسائي محمد بن عبد الله بن الحسن، لكن قال ابن رجب ص 208: أما أكثر الحفاظ المتقدمين، فإنهم يقولون في الحديث إذا تفرد به واحد، وإن لم يرو الثقات خلافه: إنه لا يتابع عليه، ويجعلون ذلك علة فيه اللهم إلَّا أن يكون ممن كثر حفظه واشتهرت عدالته وحديثه كالزهري ونحوه، وربما يستنكرون بعض تفردات الثقات الكبار أيضًا، ولهم في كل حديث نقد خاص، وليس عندهم لذلك ضابط يضبطه. اهـ. ومحمد بن عبد الله ليس كالزهري.

وأما قوله: "لا أدري أسمع من أبي الزناد أم لا" فهذا قد يقال فيه: إن البخاري قاله بناءً على شرطه، وإلا فإن محمد بن عبد الله بن الحسن قد عاصر أبي الزناد معاصرة طويلة ولم يعرف بالتدليس.

ولما ذكر الألباني حفظه الله هذه الحلة في "الإرواء" 2/ 79 قال: ليست بعلة إلا عند البخاري بناء على أصله المعروف وهو اشتراط معرفة اللقاء، وليس ذلك بشرط عند جمهور المحدثين، بل يكفي عندهم مجرد إمكان اللقاء مع أمن التدليس كما هو مذكور في "المصطلح" وشرحه الإمام مسلم في مقدمة "صحيحه"، وهذا متوفر هنا، فإن محمد بن عبد الله لم يعرف بتدليس ثم هو قد عاصر أبا الزناد وأدركه زمانًا طويلًا، فإنه مات سنة (145) وله من

ص: 197

العمر (53) وشيخه أبو الزناد مات سنة (130) فالحديث لا ريب فيه، على أن الدراوردي لم ينفرد به

اهـ.

وأعله الدارقطني والبيهقي بتفرد الدراوردي عن محمد بن عبد الله بن الحسن.

وأيضًا أعله الحازمي في "الاعتبار في الناسخ والمنسوخ" ص 121 بالتفرد.

وفي هذا نظر، لأنه لم يتفرد به الدراوردي بل تابعه عبد الله بن نافع عند أبي داود (841) والنسائي 2/ 207 والترمذي (269) بنحوه مختصرًا وعلى فرض أنه تفرد به الدراوردي فإنه ممن يحتج به ولهذا أخرج له مسلم وكذلك البخاري مقرونًا.

وقال الألباني في "الإرواء" 2/ 79 عن متابعة عبد الله بن نافع: فهذه متابعة قوية، فإن ابن نافع ثقة أيضًا من رجال مسلم كالدراوردي. اهـ.

وأعله أيضًا بن القيم في "الزاد" 1/ 57 - 58 من جهة المتن، بأنه وقع في متنه انقلاب، وأن صوابه: وليضع ركبتيه قبل يديه، وهذه دعوى تحتاج إلى دليل، بل إن واقع البعير إذا برك، فإنه يبرك على ركبتيه التي في يديه ويرفع يديه قليلًا ثم يبرك بروكًا كليًّا، كما يتضح للمعاين، لهذا قال الألباني حفظه الله في "تمام المنة" ص 195 لما نقل قول ابن القيم: سبب هذا كله أنه خفي عليه ما ذكره علماء اللغة كالفيروزآبادي وغيره: أن ركبتي البعير في يديه الأماميتين،

ص: 198

ولذلك قال الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 150: إن البعير ركبتاه في يديه، وكذلك في سائر البهائم وبنو آدم ليسوا كذلك، فقال: لا يبرك على ركبتيه اللتين في رجليه كما يبرك البعير على ركبتيه اللتين في يديه، ولكن يبدأ فيضع أولًا يديه اللتين ليس فيهما ركبتاه، ثم يضع ركبتيه، فيكون ما يفعل في ذلك بخلاف ما يفعل البعير وبهذا يظهر معنى الحديث ظهورًا لا غموض فيه .. اهـ.

وأما ما رواه ابن أبي شيبة 1/ 294 حدثنا ابن فضيل عن عبد الله بن سعيد عن جده عن أبي هريرة مرفوعًا: "إذا سجد أحدكم فليبتدئ بركبتيه قبل يديه ولا يبرك بروك الفحل".

فهذا حديث لا يصح، تفرد به عبد الله بن سعيد المقبري وهو متفق على ضعفه كما سبق، وقد اتهم بالوضع.

ولهذا قال الترمذي 1/ 363: وقد روي هذا الحديث عن عبد الله بن سعيد المقبري

وعبد الله بن سعيد المقبري ضعفه يحيى بن سعيد القطان. اهـ.

وضعف الحديث البيهقي والحافظ ابن حجر في "الفتح" 2/ 241.

وقال الألباني 2/ 79: هو حديث باطل تفرد به عبد الله وهو ابن سعيد المقبري وهو واهٍ جدًّا بل اتهمه بعضهم بالكذب. اهـ.

وعمومًا حديث الباب إسناده قوي كما سبق وإن أورد عليه ما أورد وقد صححه عبد الحق في "الأحكام الكبرى" والنووي وقواه الحافظ ابن حجر كما في "البلوغ".

ص: 199

وصححه أيضًا أحمد بن شاكر في تعليقه على "سنن الترمذي" وللحديث شاهد كما سيأتي.

ثانيًا: حديث وائل بن حجر رواه أبو داود (838) والنسائي 2/ 206 - 207 والترمذي (268) وابن ماجه (882) والدارمي 1/ 303 وابن خزيمة 1/ 318 والبيهقي 2/ 98 والدارقطني 1/ 345 والحاكم 1/ 226 كلهم من طريق يزيد بن هارون عن شريك عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه، وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه.

قلت: تفرد به شريك بن عبد الله القاضي وهو ضعيف كما سبق (1).

قال الدارقطني 1/ 345: تفرد به يزيد عن شريك ولم يحدث به عن عاصم بن كليب غير شريك، وشريك ليس بالقوي، فيما يتفرد به، والله أعلم. اهـ.

وقال الترمذي 1/ 362: هذا حديث حسن غريب، ولا نعرف أحدًا رواه مثل هذا عن شريك ثم قال: وروى همام عن عاصم هذا مرسلًا، ولم يذكر فيه وائل بن حجره اهـ. وكذا قال عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام الوسطى" 1/ 399.

ولما نقل ابن القطان في كتابه "بيان الوهم والإيهام" 2/ 65 - 66 قول عبد الحق: رواه همام عن عاصم مرسلًا وهمام ثقة، قال: كذا

(1) راجع باب: الماء الكثير لا ينجسه شيء. وباب: المني يصيب الثوب.

ص: 200

قال، وظاهره أن همامًا خالف شريكًا، فرواه عن عاصم مرسلًا، ورواه شريك عن عاصم متصلًا، كأنهما جميعًا روياه عن عاصم، والأمر فيه ليس كذلك عند أبي داود وإنما يرويه همام عن شقيق قال: حدثنا عاصم بن كليب عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم هكذا مرسلًا، فهمام إذن لم يروه عن عاصم، ويؤكد قبح هذا العمل ضعف شقيق الذي رواه همام، فإنه شقيق أبو الليث هو لا يعرف بغير رواية همام عنه، فإسقاطه إزالة ضعيف من الإسناد وهي التسوية، وقد تبين في كتاب "المراسيل" في نفس الإسناد أنه شقيق أبو الليث، فاعلم ذلك. اهـ.

وقال الترمذي في "العلل الكبير" 1/ 221: وروى همام بن يحيى عن شقيق عن عاصم ابن كليب شيئًا من هذا مرسلًا، لم يذكر فيه عن وائل بن حجر وشريك بن عبد الله كثير الغلط والوهم. اهـ. ولما نقل ابن الجوزي في "التحقيق" 1/ 399 قول الترمذي: هذا لا يضر، لأن الراوي قد يرفع وقد يرسل. اهـ.

وقال ابن عبد الهادي في "تنقيح التحقيق" 1/ 399: وقال يزيد بن هارون: ولم يرو شريك عن عاصم بن كليب إلا هذا الحديث، وقال الخطابي: حديث وائل أصح من حديث أبي هريرة. اهـ. وقال الحاكم: احتج مسلم بشريك وعاصم بن كليب. اهـ. ووافقه الذهبي، وليس كما قالا، فإن شريكًا لم يحتج به مسلم وإنما روى له في المتابعات كما صرح به الذهبي في "الميزان".

ص: 201

وقال البيهقي 2/ 99: هذا حديث يعد في أفراد شريك القاضي، وإنما تابعه همام من هذا الوجه مرسلًا هكذا ذكره البخاري وغيره من الحفاظ المتقدمين رحمهم الله. اهـ.

قلت: ومتابعة همام رواها أبو داود (839) والبيهقي 2/ 99 كلاهما من طريق همام حدثني شقيق قال: حدثني عاصم بن كليب عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد

فذكره. وفي الحقيقة أنها لا تعتبر متابعة بل تعتبر من باب المخالفة في الإسناد.

وشقيق هو أبو ليث هذا، مجهول كما قال الحافظ في "التقريب"(2819).

وقال الذهبي في "الميزان" 2/ 279: شقيق عن عاصم بن كليب وعنه همام، لا يعرف. اهـ. وقال الطحاوي 2/ 255: لا يعرف. اهـ. واختلف فيه أيضًا على همام.

فقد رواه أبو داود (839) والبيهقي 2/ 98 كلاهما من طريق حجاج بن منهال ثنا محمد بن جحادة عن عبد الجبار بن وائل عن أبيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم فذكر حديث الصلاة قال: فلما سجد وقعتا رُكبتاه إلى الأرض قبل أن تقع كفاه.

قلت: الحديث غير محفوظ بهذا الإسناد، فقد قال الحازمي في "الاعتبار" ص 161: المرسل هو المحفوظ. اهـ.

وكذلك أعل أيضًا بالانقطاع، قال الحافظ ابن حجر في "تلخيص الحبير" 1/ 271: عبد الجبار لم يسمع من أبيه. اهـ. وكذا قال المنذري في "مختصر السنن" 1/ 358.

ص: 202

وبه أعله الألباني في "الإرواء" 2/ 77 وقال أيضًا: وهذا الحديث مع ضعفه فقد خالفه أحاديث صحيحة

اهـ. ثم ذكر حديث ابن عمر الآتي.

ثالثًا: حديث ابن عمر علقه البخاري، ووصله ابن خزيمة 1/ 318 - 319 والدارقطني 1/ 344 والبيهقي 2/ 100 والحاكم 1/ 318 - 349 والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 254 كلهم من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر: أنه كان يضع يديه قبل ركبتيه، وقال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك.

وعزاه المزي في "تحفة الأشراف" 6/ 156 - 157 (8030) إلى "سنن أبي داود" من طريق عبد العزيز الدراوردي به.

قلت: رجاله ثقات.

قال الحاكم 1/ 349: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. اهـ. ووافقه الذهبي.

لكن في النفس من قوليهما شيء، لأن مسلم لم يخرج للدراوردي عن عبيد الله شيء.

وفي رواية الدراوردي عن عبيد الله بعض المناكير، فقد نقل المزي كما في "تحفة الأشراف" 6/ 156 أن أبا داود قال: روى عبد العزيز عن عبيد الله أحاديث مناكير. اهـ.

ولعل سبب وجود النكارة في حديثه هو ما قاله الإمام أحمد فلما وثق الدراوردي قال: إذا حدث من كتابه فهو صحيح وإذا حدث من

ص: 203

كتب الناس وهم وكان يقرأ من كتبهم فيخطئ وربما قلب حديث عبد الله بن عمر يرويها عن عبيد الله بن عمرو .. اهـ.

ولهذا قال البيهقي 2/ 100 عن حديث ابن عمر: لا أراه إلا وهمًا، ثم ذكر أن المشهور عن ابن عمر ما أسنده 2/ 101 من طريق سليمان بن حرب ثنا حماد بن زيد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال: إذا سجد أحدكم فليضع يديه، فإذا رفع فليرفعهما، فإل اليدين تسجد كما يسجد الوجه.

وتعقبه ابن التركماني كما في "الجوهر النقي مع السنن" 2/ 100 فقال: حديث ابن عمر المذكور أولًا: أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" وما علله به البيهقي من حديثه المذكور ثانيًا فيه نظر لأن كلًّا منهما معناه منفصل عن الآخر، وحديث أبي هريرة المذكور أولًا دلالته قولية، وقد تأيد بحديث ابن عمر فيمكن ترجيحه على حديث وائل لأن دلالته فعلية على ما هو الأرجح عند الأصوليين

اهـ.

وفي الباب عن أنس بن مالك وسعد بن أبي وقاص وأثر عن عبد الله بن مسعود وعمر بن الخطاب.

رابعًا: حديث أنس بن مالك رواه الحاكم 1/ 349 والبيهقي 2/ 99 والدارقطني 1/ 345 وابن حزم في "المحلى" 4/ 179 كلهم من طريق العلاء بن إسماعيل العطار ثنا حفص بن غياث عن عاصم الأحول عن أنس قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كبر فحاذى بإبهاميه أذنيه، ثم ركع حتى استقر كل مفصل منه، وانحط بالتكبير حتى سبقت ركبتاه يداه.

ص: 204

قال الحاكم 1/ 349: هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، ولا أعرف له علة، ولم يخرجاه. اهـ. ووافقه الذهبي.

قلت: فيما قالاه نظر، ولهذا لما نقل ابن عبد الهادي في "تنقيح تحقيق أحاديث التعليق" 1/ 399 قول الحاكم على شرطهما ولا أعرف له علة، قال: وليس كما قال، العلاء بن إسماعيل غير معروف. اهـ.

ونقل ابن أبي حاتم عن أبيه في "العلل" 1/ 188 أنه قال: حديث منكر اهـ.

وبين الحافظ ابن حجر في "لسان الميزان" 4/ 211 وجه النكارة حيث قال في ترجمة العلاء بن إسماعيل العطار لما ذكر الإسناد السابق: خالفه عمر بن حفص بن غياث وهو من أثبت الناس في أبيه، فرواه عن أبيه عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة وغيره، موقوفًا عليه، وهذا هو المحفوظ. اهـ.

والعلاء بن إسماعيل تفرد به كما قاله الدارقطني 1/ 345 فلم يتابعه أحد، وكذا ذكر البيهقي 2/ 99. وقال الحافظ ابن حجر في "تلخيص الحبير" 1/ 27 عن العلاء بن إسماعيل العطار: مجهول. اهـ.

خامسًا: حديث سعد بن أبي وقاص رواه ابن خزيمة 1/ 319 والبيهقي 1/ 100 وابن المنذر في "الأوسط" 3/ 167 والحازمي في "الاعتبار"(221) كلهم من طريق إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كهيل قال: حدثني أبي عن أبيه عن سلمة عن مصعب بن

ص: 205

سعد عن سعد قال: كنا نضع اليدين قبل الركبتين فأمر بالركبتين قبل اليدين.

قلت: إسناده ضعيف جدًّا، لأن إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى نص ابن حبان وابن نمير أن في روايته عن أبيه بعض المناكير.

وأبوه إسماعيل ضعيف جدًّا، قال الدارقطني: متروك. اهـ.

وأضعف منه يحيى بن سلمة، قال أبو حاتم عنه: منكر الحديث. اهـ.

وقال ابن معين: لا يكتب حديثه. اهـ.

وقال النووي في "المجموع" 3/ 422 وفي "الخلاصة" 1/ 403 - 404: رواه ابن خزيمة في "صحيحه". وهذا الأثر ضعيف ظاهر الضعف، بين البيهقي وغيره ضعفه، وهو من رواية يحيى بن سلمة بن كهيل، وهو ضعيف باتفاق الحفاظ

اهـ.

سادسًا: أثر عبد الله بن مسعود رواه الطحاوي 1/ 256 قال: حدثنا أبو بكرة قال: ثنا أبو عمر الضرير قال: أنا حماد بن سلمة أن الحجاج بن أرطاة أخبرهم قال: قال إبراهيم النخعي: حُفظ عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن ركبتيه كانتا تقعان إلى الأرض قبل يديه.

قلت: الحجاج بن أرطاة ضعيف ومدلس كما سبق (1)، لم يصرح بالتحديث.

(1) راجع باب: ما جاء أن الوتر سنة.

ص: 206

وأيضًا إبراهيم النخعي لم يدرك عمر.

سابعًا: أثر عمر بن الخطاب رواه عبد الرزاق 2/ 176 عن الثوري ومعمر عن الأعمش عن إبراهيم: أن عمر كان إذا ركع يقع كما يقع البعير، ركبتاه قبل يديه، ويكبر ويهوي.

ورواه ابن أبي شيبة 1/ 294 من طريق يعلى عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود: أن عمر كان يقع على ركبتيه.

ورواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 256 من طريق الأعمش قال: حدثني إبراهيم عن أصحاب عبد الله علقمة والأسود فقالا: حفظنا عن عمر في صلاته أنه خر بعد ركوعه على ركبتيه كما يخر البعير ووضع ركبتيه قبل يديه.

قلت: الإسناد الأول فيه انقطاع لكن ينجبر بالطريقين الآخرين، فالأثر عن عمر إسناده قوي.

وقد يستدل بقول أصحاب عمر: فكان يخر على ركبتيه كما يخر البعير، على بيان صفة خرور البعير، مما يرد دعوى الانقلاب في حديث أبي هريرة، والله أعلم.

* * *

ص: 207