الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب: وجوب قراءة الفاتحة في الصلاة
279 -
وعن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا صلاةَ لِمَن لم يقرَأْ بفاتحةِ الكتاب" متفق عليه، وفي رواية لابن حبان والدارقطني "لا تُجزِئ صلاةٌ لا يُقرأُ فيها بفاتحةِ الكتابِ".
رواه البخاري (756) ومسلم 1/ 295 وأبو داود (822) والترمذي (247) والنسائي 2/ 237 وأحمد 5/ 314، 321 وابن خزيمة 1/ 246، 374 وعبد الرزاق 2/ 93 والدارقطني 1/ 321 وابن حبان في "صحيحه" 3/ 136، 138، 142 كلهم من طريق ابن شهاب، أن محمود بن الربيع الذي مَجَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجهه من بئر في دارهم، أخبره: أن عبادة بن الصامت أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا صلاة .. " فذكره.
قال الدارقطني 1/ 321 - 322: قال زياد في حديثه "لا تجزئ صلاة لا يقرأ الرجل فيها بفاتحة الكتاب". اهـ. وكذا وقع عند ابن حبان.
وقد أشار ابن عبد الهادي إلى إعلال هذا اللفظ.
فقال في "التنقيح" 2/ 837: انفرد زياد بن أيوب دَلُّويَه بلفظ: "لا تجزئ" ورواه الجماعة "لا صلاة لمن لم يقرأ .. " وهو الصحيح، وكأن زيادًا رواه بالمعنى. اهـ.
280 -
وفي أُخرى لأحمد وأبي داود والترمذي وابن حبان: "لَعَلَّكم تقرؤون خلفَ إمامِكُم؟ " قلنا: نَعَم، قال:"لا تَفعلُوا إلا بفاتحة الكتابِ، فإنه لا صلاةَ لِمَنْ لَم يَقرأْ بها".
رواه أبو داود (823) والترمذي (311) وأحمد 5/ 316 والدارقطني 1/ 318 - 319 والبيهقي 2/ 164 والحاكم 1/ 364 والبغوي في "شرح السنة" 3/ 82 كلهم من طريق محمد بن إسحاق عن مكحول عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح، فثقلت عليه القراءة، فلما انصرف قال:"إني أراكم تقرؤون وراء إمامكم؟ " قلنا: يا رسول الله، إي والله، قال:"فلا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها".
قلت: إسناده صحيح.
وقد أعل بعلل لا يثبت منها شيء.
فقد أعل بأن محمد بن إسحاق مدلس وقد عنعن، لكن يُرَدُّ هذا برواية البيهقي، فقد وقع فيها التصريح بالسماع.
وقال البيهقي 2/ 164. ورواه إبراهيم بن سعد عن محمد بن إسحاق وذكر فيه سماع ابن إسحاق من مكحول. اهـ.
وقاله أيضًا في "معرفة السنن والآثار" 2/ 52 وزاد فيه: فصار بذلك موصولًا صحيحًا. اهـ.
وأيضًا لم ينفرد به إسحاق بل تابعه زيد بن واقد عند البيهقي 2/ 164 والداوقطني 1/ 319 كلاهما من طريق زيد بن واقد القرشي
عن مكحول عن نافع بن محمود بن الربيع عن عبادة بنحوه وفيه قصة.
وزيد بن واقد ثقة، وقد وثقه الإمام أحمد وابن معين ودحيم والدارقطني وابن حبان وغيرهم، وفي إسناد حديث زيد بن واقد الراوي عن عبادة، نافع بن محمود بن الربيع مستور الحال، لكنه من كبار التابعين ووثقه الدارقطني توثيقًا ضمنيًّا فقال 1/ 320: هذا إسناد حسن ورجاله كلهم ثقات. اهـ.
ولم ينفرد بحديثه بل توبع، كما سبق ووثقه ابن حبان والذهبي في "الكاشف".
وأعل أيضًا الحديث بأن في سنده مكحولًا الشامي.
ويجاب عنه، بأنه لم يتفرد به بل توبع فقد رواه النسائي 2/ 141 من طريق زيد بن واقد عن حرام بن حكيم عن نافع بن محمود به.
قلت: وحرام بن حكيم ثقة، فبهذا يتبين صحة الحديث.
وللحديث شواهد سيأتي بعضها بعد قليل.
وقد صحح الحديث الأئمة.
فقد قال الحافظ ابن حجر في "تلخيص الحبير" 1/ 246: صححه أبو داود والترمذي والداوقطني وابن حبان والحاكم والبيهقي. اهـ.
وقال الترمذي 1/ 418: حديث عبادة حسن. اهـ.
وقال الخطابي في "معالم السنن" 1/ 205: إسناده جيد لا مطعن فيه. اهـ.
وقال الدارقطني 1/ 318: إسناده حسن. اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في "الدراية" 1/ 164: رجاله ثقات. اهـ.
وقد جعل البيهقي حديث الزهري عن محمود بن الربيع عن عبادة المتفق عليه مقويًا لحديث ابن إسحاق.
فقال في "معرفة السنن" 2/ 52: ورواية الزهري عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا صلاة لمن
…
" وإن كان مختصرة فهي لرواية ابن إسحاق شاهدة. اهـ.
وفي الباب عن أبي هريرة ورجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن عمرو بن العاص وأنس بن مالك وأثر عن عمر بن الخطاب.
أولًا: حديث أبي هريرة رواه مسلم 1/ 296 وأبو داود (821) والنسائي 2/ 135 وأحمد 2/ 250 وابن ماجه (838) كلهم من طريق العلاء بن عبد الرحمن، أنه سمع أبا السَّائب مولى هشام بن زهرة يقول: سمعنا أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج -ثلاثًا- غير تمام" فقيل لأبي هريرة: إنا نكون وراء الإمام، فقال: اقرأ بها في نفسك، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "قال الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد:{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالمِينَ} ، قال الله تعالى: حَمِدني عبدي، وإذا قال:{الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ، قال الله تعالى: أثنى عليَّ عبدي، وإذا قال:{مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} ، قال: مجدني عبدي -وقال مرة: فوَّض إليّ
عبدي- فإذا قال: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} ، قال: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل، فإذا قال:{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيهِمْ غَيرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)} قال هذا لعبدي، ولعبدي ما سأل".
وللحديث ألفاظ وطرق أخرى عند مسلم وأحمد وغيرهما.
ثانيًا: حديث رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم رواه أحمد 5/ 410 قال. حدثنا عبد الله بن الوليد العدني ثنا سفيان ثنا خالد الحذاء عن أبي قلابة عن محمد بن أبي عائشة عن رجل من أصحاب محمد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لعلكم تقرؤون والإمام يقرأ؟ " قالها ثلاثًا، قالوا: إنا لنفعل ذاك، قال:"فلا تفعلوا إلا أن يقرأ أحدكم بفاتحة الكتاب".
قلت: رجاله لا بأس بهم، وعبد الله بن الوليد بن ميمون الأموي العدني قال حرب عن أحمد: سمع من سفيان وجعل يصحح سماعه، ولكن لم يكن صاحب حديث، وحديثه حديث صحيح، وكان ربما أخطأ في الأسماء، كتب عنه أبي كثيرًا. اهـ.
وقال ابن معين: لم أعرفه لم أكتب عنه شيئًا. اهـ. وقال أبو زرعة: صدوق. اهـ.
وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به. اهـ.
وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: مستقيم الحديث. اهـ.
وقال البخاري: مقارب الحديث. اهـ وقال العقيلي: ثقة معروف. اهـ.
وقال الدارقطني: ثقة مأمون. اهـ.
قلت: والذي يظهر من حاله أنه صدوق.
ولهذا قال الحافظ ابن حجر في "تلخيص الحبير" 1/ 246 - 247: إسناده حسن. اهـ.
وقد أعل الحديث بأنه من رواية محمد بن أبي عائشة وجل روايته عن كبار التابعين لأنه من الطبقة الرابعة كما ذكره الحافظ في "التقريب" ولم يسم الصحابي لكن هذا الإيراد في غير محله، فإن هذا الإيراد وارد لو كان محمد بن أبي عائشة من المكثرين من التدليس، فكيف بمن هو غير مدلس، وهذا شرط مسلم ولا يسع الناس اليوم العمل إلا به.
ثم أيضًا الحديث قبله الأئمة فقد حسنه الحافظ ابن حجر كما سلف.
وقال البيهقي 2/ 54: هذا إسناد صحيح، وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم ثقات، فترك ذكر أسمائهم في الإسناد لا يضر إذا لم يعارضه ما هو أصح منه. اهـ.
ثالثًا: حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رواه البخاري في "جزء القراءة" ص 15 قال: ثنا شجاع بن الوليد قال المضر: ثنا عكرمة قال: حدثني عمرو بن سعد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تقرؤون خلفي؟ " قالوا: نعم! إنا لنَهُذُّ هَذًّا، قال:"فلا تفعلوا إلا بأم القرآن".
ورواه البيهقي في كتاب "القراءة" عن 68 من طريق عمرو بن شعيب به.
قلت: إسناده إلى عمرو بن شعيب لا بأس به، وسلسله عمرو بن لشعيب عن أبيه عن جده الصحيح أنها حسنة كما قررناه في غير هذا الموضع (1).
وروى ابن ماجه (841) من طريق حسين المعلم عن عمرو بن شعيب به بلفظ: "كل صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج، فهي خداج".
رابعًا: حديث أنس بن مالك رواه البيهقي 2/ 166 والدارقطني 1/ 340 وأبو يعلى "المقصد"(271) كلهم من طريق عبيد الله بن عمرو عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس بن مالك؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قضى صلاته أقبل عليهم بوجهه، فقال:"أتقرؤون في صلاتكم والإمام يقرأ؟ " فسكتوا، فقال لهم ثلاث مرات، فقال قائل أو قال قائلون: إنا لنفعل، قال:"ليقرأ أحدكم بفاتحة الكتاب في نفسه".
قلت: رجاله ثقات كما قال الهيثمي في "مجمع الروائد" 2/ 110.
لكن قال البيهقي 2/ 166: تفرد بروايته عن أنس عبيد الله بن عمرو الرقي وهو ثقة إلا أن هذا إنما يعرف عن أبي قلابة عن محمد ابن أبي عائشة. اهـ.
(1) راجع باب: صفة مسح الرأس.
ورواه البيهقي 2/ 166 من طريق حماد بن سلمة عن أيوب عن أبي قلابة عن محمد بن أبي عائشة.
ثم أيضًا رواه البيهقي 2/ 166 من طريق إسماعيل وهو ابن علية عن أيوب عن أبي قلابة عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
في القراءة .. قال إسماعيل، عن خالد: قلت لأبي قلابة: من حدثك هذا؟ قال: محمد بن أبي عائشة مولى لبني أمية. اهـ.
وذكر هذا الاختلاف البخاري في "التاريخ الكبير" 1/ 207.
وقال لما ذكر الطريق الموصولة عن أنس قال: لا يصح أنس. اهـ. يعني ذِكرَه.
وقد رجح ابن التركماني في "الجوهر النقي على سنن البيهقي" 2/ 166 - 167 أن الطريقين محفوظان، وفيه نظر، كذلك وقع اختلاف في متنه.
فقد رواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 218 من طريق عبيد الله بن عمرو عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أقبل بوجهه فقال:"أتقرؤون والإمام يقرأ؟ " فسكتوا، فسألهم ثلاثًا، فقالوا: إنا لنفعل، قال:"فلا تفعلوا". اهـ.
خامسًا: أثر عمر بن الخطاب رواه الدارقطني 1/ 317 والبيهقي 2/ 167 والحاكم 1/ 365 كلهم من طريق حفص بن غياث عن أبي إسحاق الشيباني عن جوّاب التيمي وإبراهيم بن محمد بن المنتشر عن الحارث بن سويد عن يزيد بن شريك؛ أنه سأل عمر عن القراءة
خلف الإمام فقال: اقرأْ بفاتحةِ الكتاب، قلت: وإن كنتَ أنت؟ قال: وإن كنتُ أنا، قلت وإن جَهرتَ قال: وإن جَهرتُ.
ولم يذكر الدارقطني في روايةٍ إبراهيمَ بن المنتشر ولا الحارثَ بن سويد، وكذا وقع في إسناد الطحاوي 2/ 218، فرواه من طريق جواب عن يزيد مباشرة.
قال البيهقي 2/ 167: والذي يدل عليه سائر الروايات أن جوّابًا أخذه عن يزيد بن شريك، وإبراهيم أخذه عن الحارث بن سويد عن يزيد بن شريك ولإبراهيم فيه إسناد آخر. اهـ.
قلت: وبهذا يزول الاختلاف.
وقال الدارقطني 1/ 317: رجاله كلهم ثقات اهـ.
وقال عن الرواية الأخرى المختصرة: هذا إسناد صحيح. اهـ.
قلت: إسناده لا بأس برجاله، وجواب بن عبيد الله التيمي الكوفي ضعفه ابن نمير.
ووثقه ابن معين.
وقال ابن عدي: وله مقاطيع في الزهد وغيره ولم أر له حديثًا منكرًا في مقدار ما يرويه. اهـ.
وقال يعقوب بن سفيان: ثقة يتشيع. اهـ.
وذكره ابن حبان في "الثقات".
* * *