المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب: الصلاة على الميت في المصلى أو في المسجد - التبيان في تخريج وتبويب أحاديث بلوغ المرام - جـ ٦

[خالد بن ضيف الله الشلاحي]

فهرس الكتاب

- ‌باب: ما جاء في ذكر الموت

- ‌باب: ما جاء في النهي عن تمني الموت

- ‌باب: ما جاء في أن المؤمن يموت بعرق المجبين

- ‌باب: ما جاء في تلقين المحتضر لا إله إلا الله

- ‌باب: ما جاء في قراءة سورة -يس- على الموتى

- ‌باب: جامع فيما يجوز فعله بالميت من تغميض وتغطية الوجه وتقبيل وغيرها

- ‌باب: ما جاء في أن نفس المؤمن معلقه بدَيْنه

- ‌باب: جامع في صفة غسل الميت

- ‌باب ما جاء في كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌باب: ما جاء في الكفن

- ‌باب: ما جاء في الرجل يُغَسِّل امرأته إذا ماتت والمرأة تُغَسِّل زوجها إذا مات

- ‌باب الصلاة على مَن قتلته الحدود

- ‌باب: ترك الإمام الصلاة على قاتل نفسه ونحوه من المعاصي

- ‌باب: الصلاة على القبر بعد الدفن

- ‌باب: ما جاء في كراهية النعي

- ‌باب ما جاء في الصلاة على الغائب

- ‌باب: ما يرجى للميت في كثرة من يصلي عليه

- ‌باب: جامع في موقف الإمام من الميت إذا صلى عليه

- ‌باب: الصلاة على الميت في المصلَّى أو في المسجد

- ‌باب: ما جاء في عدد التكبيرات على الجنازة

- ‌باب: ما يقرأ في صلاة الجنازة

- ‌باب: ما جاء في الدعاء في صلاة الجنازة

- ‌باب: ما جاء في الإسراع بالجنازة

- ‌باب: ما جاء في فضل اتباع الجنائز وصفته

- ‌باب: ما جاء في اتباع النساء الجنائز

- ‌باب: ما جاء في القيام للجنازة

- ‌باب: ما جاء في صفة إدخال الميت القبر

- ‌باب: ما جاء في النهي عن كسر عظام الميت

- ‌باب: ما جاء في استحباب اللحد

- ‌باب: ما جاء في النهي عن تشريف القبور والجلوس عليها

- ‌باب: ما جاء في الميت يحثى على قبره

- ‌باب: ما يقال عند الميت

- ‌باب: ما جاء في زيارة القبور وأنها خاصة للرجال

- ‌باب: ما يكره من النياحة على الميت

- ‌باب: جواز البكاء على الميت بغير ندب ولا نياحة

- ‌باب: ما جاء في الدفن بالليل

- ‌باب: ما جاء في صنع الطعام لأهل الميت

- ‌باب: ما يقال عند زيارة القبور

- ‌باب: ما جاء في النهي عن سب الأموات

- ‌باب:

- ‌باب: ما جاء في زكاة بهيمة الأنعام

- ‌باب: أين تؤخذ صدقة الماشية

- ‌باب: لا زكاة على المسلم في عبده وفرسه

- ‌باب: ما جاء فيمن منع الزكاة

- ‌باب: ما جاء في أنه لا زكاة على المال المستفاد حتى يحول عليه الحول

- ‌باب: ما جاء في أنه ليس في العوامل صدقة

- ‌باب: ما جاء في الزكاة في مال اليتيم

- ‌باب: الدعاء لمن أتى بصدقته

- ‌باب: ما جاء في تعجيل الزكاة

- ‌باب: ما جاء في تقدير النصاب

- ‌باب: صدقة الزروع والثمار وبيان ما فيه العشر أو نصفه

- ‌باب: ما تؤخذ منه الزكاة من الزروع

- ‌باب: ما جاء في الخرص

- ‌باب: ما جاء في زكاة الحلي

- ‌باب: ما جاء في زكاة العروض

- ‌باب: ما جاء في زكاة المعادن والركاز

- ‌باب: ما جاء في صدقة الفطر

- ‌باب صدقة التطوع

- ‌باب: ما جاء في صدقة التطوع

- ‌باب: ما جاء في ذم المسألة

- ‌باب قسم الصدقات

- ‌باب: ما جاء فيمن تحل له المسألة

- ‌باب: ما جاء فيمن لا تحل له الصدقة

- ‌باب: إباحة الأخذ لمن أُعطي من غير مسألة ولا إشراف

الفصل: ‌باب: الصلاة على الميت في المصلى أو في المسجد

‌باب: الصلاة على الميت في المصلَّى أو في المسجد

559 -

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: والله لقد صلَّى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على ابنَي بيضاءَ في المسجدِ. رواه مسلم.

رواه مسلم 2/ 668 (973)(101) قال: حدثني هارون بن عبد الله ومحمد بن رافع، وأبو داود (3190) قال: حدثني هارون بن عبد الله، كلاهما هارون ومحمد بن رافع قالا: حدثنا ابن أبي فديك، قال: أخبرنا الضحاك -يعني ابن عثمان- عن أبي النضر، عن أبي سلمة أن عائشة لما توفي سعد بن أبي وقاص قالت: ادخلوا به المسجد حتى أصلي عليه، فأنكر ذلك عليها، فقالت: والله لقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابني بيضاء في المسجد، سهيل وأخيه.

ورواه مسلم 2/ 668 والترمذي (1033) والنسائي 4/ 68 والبيهقي 4/ 51 كلهم من طريق عبد العزيز بن محمد عن عبد الواحد بن حمزة عن عبَّاد بن عبد الله بن الزبير: أن عائشة أمرت أن يُمرَّ بجنازة سعد بن أبي وقاص في المسجد، فتصلي عليه، فأنكر الناس ذلك عليها، فقالت: ما أسرع ما نسى النَّاس، ما صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سهيل ابن البيضاء إلا في المسجد. هذا اللفظ لمسلم والبيهقي.

ص: 137

ورواه أبو داود (3189) من طريق صالح بن عجلان ومحمد بن عبد الله بن عباد عن عباد بن عبد الله بن الزبير عن عائشة: بمثله.

ورواه ابن ماجه (1518) من طريق صالح بن عجلان عن عباد بن عبد الله بن الزبير به.

ورواه مسلم 2/ 668 والنسائي 4/ 68 والبيهقي 4/ 51 كلهم من طريق موسى بن عقبة عن عبد الواحد عن عباد بن عبد الله بن الزبير به.

وفي الباب عن ابن عمر وأبي هريرة وجابر ومحمد بن عبد الله بن جحش وأثر عن ابن عباس.

أولًا: حديث ابن عمر رواه البخاري (1329) قال: حدثنا إبراهيم بن المنذر حدثنا أبو ضمرة حدثنا موسى بن عقبة عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن اليهود جاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم برجل منهم وامرأة زنيا. فأمر بهما فَرُجما قريبا من موضع الجنائز عند المسجد.

ثانيًا: حديث أبي هريرة سبق تخريجه في باب: ما جاء في الصلاة على الغائب. وفيه ذكر المصلى. فليراجع.

وروى أبو داود (3191) وابن ماجه (1518) وأحمد 2/ 444 والبيهقي 4/ 52 والبغوي في "شرح السنة" 5/ 352 وابن عبد البر في "التمهيد" 21/ 220 - 221. كلهم من طريق ابن أبي ذئب عن صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من

ص: 138

صلى على جنازة في المسجد فلا شيء عليه". هذا لفظ أبو داود وعند ابن ماجه وأحمد بلفظ: "فليس له شيء" وعند البغوي بلفظ: "فليس له أجر". وعند البيهقي وابن عبد البر "فلا شيء له".

قال ابن عبد البر في "التمهيد" 21/ 221: وقال الآخرون: أما رواية أبي حذيفة عن الثوري لهذا الحديث قوله فيه: "فليس له أجر" فخطأ لا إشكال فيه، ولم يقل أحد في هذا الحديث ما قاله أبو حذيفة. قالوا: والصحيح في هذا الحديث ما قاله يحيى القطان وسائر رواة هذا الحديث؛ عن ابن أبي ذئب بإسناده عن النبي صلى الله عليه وسلم وذلك قوله: "من صلى على جنازة في المسجد فلا شيء له" هذا هو الصحيح في هذا الحديث. اهـ.

قلت: الحديث اختلف فيه؛ لأنه من رواية ابن أبي ذئب عن صالح مولى التوأمة. وصالح مولى التوأمه طرأ عليه اختلاط في آخر عمره. لكن صحح الأئمة رواية القدماء عنه.

وابن أبي ذئب سمع منه قبل الاختلاط لهذا مال ابن القيم في "الهدي" 1/ 501 إلى تقويته فقال: صالح ثقة في نفسه. كما قال ابن عباس الدوري عن ابن معين: هو ثقة في نفسه. وقال ابن مريم ويحيى: ثقة حجة. فقلت له: إن مالكًا تركه، فقال: إن مالكًا أدركه بعد أن خرف، فسمع منه، والثوري إنما أدركه بعد أن خرف، فسمع منه. لكن ابن أبي ذئب سمع منه قبل أن يَخرَف. وقال علي بن المديني: هو ثقة إلا أنه خرِف وكبر فسمع منه الثوري بعد الخرف وسماع ابن أبي ذئب قبل ذلك. اهـ.

ص: 139

ثم قال ابن القيم: وهذا الحديث حسن فإنه من رواية ابن أبي ذئب عنه وسماعه منه قديم قبل اختلاط فلا يكون اختلاطه موجبًا لرد ما حدث به. قبل الاختلاط. اهـ.

وقال عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام الوسطى" 2/ 141: في إسناده صالح مولى التوأمة وقد قال فيه مالك بن أنس: ليس بثقة. وكان صالح قد اختلط بآخِرِهِ، فلذلك ضعف حديثه، واستثنى بعض أهل الحديث ما رواه ابن أبي ذئب عن صالح فقبله لأنه روى عنه قبل الاختلاط. وقال أبو أحمد بن عدي: وممن سمع من صالح قديمًا ابن أبي ذئب. وابن جريج وزياد بن سعد وغيرهم ممن سمع منه قديمًا، ولحقه مالك والثوري وغيرهما بعد الاختلاط. وهذا الحديث من رواية ابن أبي ذئب عن صالح. وروى هذا الحديث أبو حذيفة بن مسعود عن الثوري عن ابن أبي ذئب عن صالح وقال فيه:"لا أجر له". والصحيح ما رواه يحيى بن سعيد وسائر رواة هذا الحديث عن ابن أبي ذئب من قوله "لا شيء له" وتأول هذا بعضهم بمعنى لا شيء واحتج بقوله: {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء: 7] قال: وهذا الحديث معروف في كلام العرب. اهـ.

ونقل الحافظ ابن حجر في "التهذيب" 4/ 356 عن أحمد بن سعيد بن أبي مريم قال: سمعت ابن معين يقول: صالح مولى التوأمة ثقة حجة. قلت له: إن مالكًا ترك السماع منه. فقال: إن مالكًا إنما أدركه بعد أن كبر وخرف، والثوري إنما أدركه بعد ما

ص: 140

خرف وسمع منه أحاديث منكرات، ولكن ابن أبي ذئب سمع منه قبل أن يخرف. اهـ.

قال الجوزجاني: تغير أخيرًا، فحديث ابن أبي ذئب عنه مقبول لسنِّه وسماعه القديم. اهـ. ونحو هذا قال ابن عدي.

قلت: وبعد التأمل فإن الحديث ضعيف وإن كان ظاهر إسناده الصحة لوجوه:

أولًا: أن هذا الحديث مما انفرد به صالح مولى التوأمة. والأئمة يهابون ما ينفرد به، فقد نقل ابن القيم في "الهدي" 1/ 500: عن الإمام أحمد أنه قال: هو مما تفرد به صالح مولى التوأمه. اهـ.

ونحوه قال البيهقي والبغوي كما سيأتي لهذا قال ابن سعد: له أحاديث ورأيتهم يهابون حديثه. اهـ.

وقال ابن عبد البر في "التمهيد" 21/ 222: ومثل هذا ليس بحجة فيما انفرد به، وليس يعرف هذا الحديث من غير روايته البته. اهـ.

والأئمة تكلموا في صالح بن نبهان مولى التوأمة بعضهم فصَّل القول فيه بحسب السماع وبعضهم لم يفصل. فقد ضعفه أبو زرعة والنسائي ومالك وابن القطان وأبو حاتم تضعيفًا مطلقًا. وفصل ابن معين وتبعه ابن عدي فقالا: لا بأس بحديث من سمع منه قبل الاختلاط.

لهذا فإن الأظهر في حاله التفصيل بين من سمع منه قبل الاختلاط ، ومن سمع منه بعده، لكن مما ينبغي أن يعلم أن هذا هو الأصل

ص: 141

لكن قد يُخالف هذا الأصل لوجود قرينة تشير إلى رده كالتفرد مع المخالفة أو تصريح الأئمة بضعفه.

ولهذا أمثلة ألا ترى أن البخاري ومسلم أخرجوا لرجال الأصل فيهم الضعف لكن انتقوا حديثهم وخالفوا الأصل. كإسماعيل بن أبي أويس وغيره كثير.

إذًا الضعيف قد يصحح حديثه لوجود القرائن، فكذا يقال: الثقة قد يضعف حديثه لوجود قرائن تدل على ردّه.

كما وقع لابن أبي ذئب هنا وقد قرر هذه القاعدة المعلمي في كتابه "التنكيل".

ثانيًا: أن الأئمة تكلموا في هذا الحديث وإن كان من رواية ابن أبي ذئب إما إشارة وذلك فيما نقله ابن القيم عن الإمام أحمد.

ونقل أيضًا الحافظ ابن حجر في "التهذيب" 4/ 356: عن الترمذي أنه قال عن البخاري عن أحمد بن حنبل قال: سمع ابن أبي ذئب من صالح أخيرًا. وروى عنه منكرًا، حكاه ابن القطان عن الترمذي هكذا. اهـ.

وضعفه أيضًا ابن عبد البر في "التمهيد" 21/ 222. وقال البغوي في "شرح السنة" 5/ 352: هذا ضعيف الإسناد، ويعد من أفراد صالح مولى التوأمة. اهـ.

وقال ابن حبان في "المجروحين" 1/ 362: هذا خبر باطل كيف يخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم أن المصلي في المسجد على الجنازة لا شيء له من الأجر، ثم يصلى هو صلى الله عليه وسلم على سهيل ابن بيضاء. اهـ.

ص: 142

وضعف الحديث أيضًا البيهقي وقال ابن المنذر في "الأوسط" 5/ 416: لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من صلى على جنازة في المسجد فلا شيء له".

وقال النووي في "الخلاصة" 2/ 966: رواه أبو داود وغيره لكن رواية أبي داود "فلا شيء عليه" ضعفه الحفاظ. منهم أحمد بن حنبل وأبو بكر بن المنذر والخطابي والبيهقي قالوا: وهو من أفراد صالح مولى التوأمة وهو مختلف في عدالته. معظم ما عابوا عليه الاختلاط قالوا: وسمع ابن أبي ذئب منه قبل الاختلاط. اهـ. وقال في "المجموع" 5/ 14: حديث ضعيف باتفاق الحفاظ. اهـ.

ثالثًا: أن الحديث معارض بما هو أصح منه كحديث عائشة في أول الباب.

لهذا قال ابن عبد البر في "التمهيد" 2/ 222: حديث عائشة صحيح، نقله الثقات من وجهين صحيحين، وحديث أبي هريرة انفرد به صالح مولى التوأمة. وليس بحجة لضعفه. اهـ.

وقال البيهقي 4/ 52: رواة جماعة عن ابن أبي ذئب عن صالح مولى التوأمة، وهو مما يعد في أفراد صالح. وحديث عائشة رضي الله عنها أصح منه. وصالح مولى التوأمة مختلف في عدالته. كان مالك بن أنس يجرحه. اهـ.

رابعًا: أنه على فرض التسليم بصحته. فقد يحمل على محامل أخرى.

ص: 143

قال البغوي في "شرح السنة" 5/ 352: وإن ثبت فيحتمل أن يكون المراد منه نقصان الأجر، لأن الغالب أنه إذا صلى في المسجد ينصرف فلا يشهد دفنه، ومن صلى عليه في الصحراء بحضرة القبور يشهد دفنه، فيستكمل أجر القراطين. اهـ.

وقال ابن عبد البر في "التمهيد" 21/ 221: ومعنى قوله "لا شيء له" يريد لا شيء عليه. قالوا: وهذا صحيح معروف في لسان العرب. قال الله عز وجل: {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء: 7] بمعنى: فعليها ومثله كثير. اهـ.

وقال النووي كما في "المجموع" 5/ 162 - 163 وفي "روضة الطالبين" 2/ 131.

ونقله ابن عبد الهادي في "تنقيح تحقيق أحاديث التعليق" 2/ 144 عنه أنه قال: أجابوا عن هذا الحديث بأجوبة:

أحدها: أنه ضعيف لا يصح الاحتجاج به. قال أحمد بن حنبل، هذا حديث ضعيف تفرد به صالح مولى التوأمة وهو ضعيف.

الثاني: أن الذي في النسخ المشهورة المحققة المسموعة في "سنن أبي داود": "من صلَّى على جنازة في المسجد فلا شيء عليه" فلا حجة حينئذ.

الثالث: أنه لو ثبت الحديث وثبت أنه "فلا شيء له" لوجب تأويله على "فلا شيء عليه" ليجمع بين الروايتين وبين هذا الحديث وحديث سهل ابن بيضاء وقد جاء له بمعنى "عليه" كقوله: {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} الآية.

ص: 144

الرابع: أنه محمول على نقص الأجر في حق من صلى في المسجد ورجع ولم يشيعها إلى المقبرة وحضور دفنه. والله أعلم. انتهى كلام النووي.

ثالثًا: حديث جابر رواه أحمد 3/ 330 والحاكم 2/ 66 والبيهقي 6/ 74 كلهم من طريق عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر رضي الله عنه قال: مات رجل فغسلناه وكفناه وحنطناه ووضعناه لرسول الله صلى الله عليه وسلم حيث توضع الجنائز عند مقام جبريل، ثم آذنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة عليه فجاء معنا خُطىً، ثم قال:"لعل على صاحبكم دينًا" قالوا: نعم ديناران، فتخلف، فقال له رجل منا يقال له أبو قتادة: يا رسول الله هما علي، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"هما عليك وفي مالك، والميت منهما بريء" فقال: نعم، فصلى عليه، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لقي أبا قتادة يقول:"ما صنعت الديناران" حتى كان آخر ذلك. قال: قد قضيتهما يا رسول الله. قال: "الآن حيث بردت عليه جلده" هذا لفظ الحاكم وليس عند البيهقي وأحمد ذكر موضع الجنائز.

قال الحاكم 2/ 67: هذا الحديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. اهـ.

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 3/ 39: إسناده حسن. اهـ.

قلت: في إسناده عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب الهاشمي فيه كلام سبق بيانه (1).

(1) راجع باب: اختصاص هذه الأمة بالتيمم. وباب: ما يميز به دم الحيض.

ص: 145

رابعًا: حديث محمد بن عبد الله بن جحش رواه الحاكم 2/ 29 قال: حدثنا علي بن حمشاد ثنا هشام بن علي ثنا عبد الله بن رجاء ثنا سعيد بن سلمة بن أبي الحسام ثنا العلاء بن عبد الرحمن (ح) وأخبرني أبو بكر بن أبي نصر ثنا أحمد بن محمد بن عيسى القاضي ثنا القعنبي ثنا عبد العزيز بن محمد ثنا العلاء بن عبد الرحمن عن أبي كثير مولى محمد بن جحش عن محمد بن جحش قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعدًا حيث توضع الجنائز فرفع رأسه قبل السماء ثم خفض بصره فوضع يده على جبهته فقال: "سبحان الله، سبحان الله، ما أنزل الله من التشديد" قال: فعرفنا وسكتنا حتى إذا كان الغد سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقلت: يا رسول الله ما التشديد الذي نزل؟ قال: "في الدين، والذي نفس محمد بيده لو قتل رجل في سبيل الله ثم عاش وعليه دين ما دخل الجنة حتى يقضي دينه".

قال الحاكم 2/ 30: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه: اهـ. ووافقه الذهبي.

قلت: في إسناده أبو كثير مولى محمد بن جحش لم أجد من وثقه غير أن الحافظ ابن حجر قال في "التقريب"(8325): ثقة من الثانية، ويقال له صحبة. اهـ. ولا أدري على ماذا بنى توثيقه.

وقد ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 9/ 429 ولم يورد فيه جرحا ولا تعديلًا.

وذكره ابن حبان في "الثقات" 5/ 570 وقال الذهبي في "الكاشف"(6797): شيخ. اهـ.

ص: 146

خامسًا: أثر ابن عمر رواه مالك في "الموطأ" 1/ 230 عن نافع عن ابن عمر أنه قال: صُلِّيَ على عمر بن الخطاب في المسجد.

قلت: رجاله ثقات. وإسناده قوي.

ورواه البيهقي 4/ 52 من طريق وهيب عن عبيد الله يعني ابن عمر عن نافع عن ابن عمر: أن عمر رضي الله عنه صُلِّي عليه في المسجد وصَلَّى عليه صهيب.

قال النووي في "الخلاصة" 2/ 965: رواه البيهقي بإسناد صحيح. ورواه مالك في "الموطأ" عن ابن عمر لكن لم يذكر صهيبًا.

سادسًا: أثر عائشة رواه البيهقي 4/ 51 - 52 قال: أخبرنا الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران ببغداد أنبأ أبو جعفر الرزاز ثنا أحمد بن الوليد الفحام ثنا إسماعيل بن أبان الغنوي ثنا هشام عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما ترك أبو بكر رضي الله عنه دينارًا ولا درهما ودفن ليلة الثلاثاء وصُلِّي عليه في المسجد.

قلت: إسناده ضعيف جدًّا. قال البيهقي 4/ 52: إسماعيل الغنوي متروك.

ورواه سفيان الثوري عن هشام بن عروة عن أبيه أن أبا بكر رضي الله عنه صُلِّي عليه في المسجد. اهـ.

وذكره مسندًا، وهذا الشاهد ضعيف فقد رواه عن سفيان عبد الله بن الوليد وفيه كلام.

ص: 147

قال ابن معين: لا أعرفه لم أكتب عنه شيئًا. اهـ.

وقال الإمام أحمد: لا يحتج به. اهـ.

وقال ابن عدي: روى عن الثوري غرائب في غير الجامع. اهـ.

ولهذا أعل هذا الأثر ابن التركماني بعبد الله بن الوليد وقال أيضًا كما في "الجوهر النقي مع السنن" 4/ 52: وفيه أيضًا سنان بن محمد أظنه الفزاري الذي يروي عن ابن وهب قال فيه ابن عدي: يسرق الأحاديث وفي حديثه موضوعات.

وقال الرازي: لا أحدث عنه. وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به. وقد روى الصلاة على أبي بكر في المسجد بسند آخر رجاله ثقات. قال ابن أبي شيبة في "المصنف" ثنا حفص -يعني ابن غياث- عن هشام عن أبيه قال: ما صُلِّي على أبي بكر إلا في المسجد. اهـ.

* * *

ص: 148