المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب: جامع في صفة غسل الميت - التبيان في تخريج وتبويب أحاديث بلوغ المرام - جـ ٦

[خالد بن ضيف الله الشلاحي]

فهرس الكتاب

- ‌باب: ما جاء في ذكر الموت

- ‌باب: ما جاء في النهي عن تمني الموت

- ‌باب: ما جاء في أن المؤمن يموت بعرق المجبين

- ‌باب: ما جاء في تلقين المحتضر لا إله إلا الله

- ‌باب: ما جاء في قراءة سورة -يس- على الموتى

- ‌باب: جامع فيما يجوز فعله بالميت من تغميض وتغطية الوجه وتقبيل وغيرها

- ‌باب: ما جاء في أن نفس المؤمن معلقه بدَيْنه

- ‌باب: جامع في صفة غسل الميت

- ‌باب ما جاء في كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌باب: ما جاء في الكفن

- ‌باب: ما جاء في الرجل يُغَسِّل امرأته إذا ماتت والمرأة تُغَسِّل زوجها إذا مات

- ‌باب الصلاة على مَن قتلته الحدود

- ‌باب: ترك الإمام الصلاة على قاتل نفسه ونحوه من المعاصي

- ‌باب: الصلاة على القبر بعد الدفن

- ‌باب: ما جاء في كراهية النعي

- ‌باب ما جاء في الصلاة على الغائب

- ‌باب: ما يرجى للميت في كثرة من يصلي عليه

- ‌باب: جامع في موقف الإمام من الميت إذا صلى عليه

- ‌باب: الصلاة على الميت في المصلَّى أو في المسجد

- ‌باب: ما جاء في عدد التكبيرات على الجنازة

- ‌باب: ما يقرأ في صلاة الجنازة

- ‌باب: ما جاء في الدعاء في صلاة الجنازة

- ‌باب: ما جاء في الإسراع بالجنازة

- ‌باب: ما جاء في فضل اتباع الجنائز وصفته

- ‌باب: ما جاء في اتباع النساء الجنائز

- ‌باب: ما جاء في القيام للجنازة

- ‌باب: ما جاء في صفة إدخال الميت القبر

- ‌باب: ما جاء في النهي عن كسر عظام الميت

- ‌باب: ما جاء في استحباب اللحد

- ‌باب: ما جاء في النهي عن تشريف القبور والجلوس عليها

- ‌باب: ما جاء في الميت يحثى على قبره

- ‌باب: ما يقال عند الميت

- ‌باب: ما جاء في زيارة القبور وأنها خاصة للرجال

- ‌باب: ما يكره من النياحة على الميت

- ‌باب: جواز البكاء على الميت بغير ندب ولا نياحة

- ‌باب: ما جاء في الدفن بالليل

- ‌باب: ما جاء في صنع الطعام لأهل الميت

- ‌باب: ما يقال عند زيارة القبور

- ‌باب: ما جاء في النهي عن سب الأموات

- ‌باب:

- ‌باب: ما جاء في زكاة بهيمة الأنعام

- ‌باب: أين تؤخذ صدقة الماشية

- ‌باب: لا زكاة على المسلم في عبده وفرسه

- ‌باب: ما جاء فيمن منع الزكاة

- ‌باب: ما جاء في أنه لا زكاة على المال المستفاد حتى يحول عليه الحول

- ‌باب: ما جاء في أنه ليس في العوامل صدقة

- ‌باب: ما جاء في الزكاة في مال اليتيم

- ‌باب: الدعاء لمن أتى بصدقته

- ‌باب: ما جاء في تعجيل الزكاة

- ‌باب: ما جاء في تقدير النصاب

- ‌باب: صدقة الزروع والثمار وبيان ما فيه العشر أو نصفه

- ‌باب: ما تؤخذ منه الزكاة من الزروع

- ‌باب: ما جاء في الخرص

- ‌باب: ما جاء في زكاة الحلي

- ‌باب: ما جاء في زكاة العروض

- ‌باب: ما جاء في زكاة المعادن والركاز

- ‌باب: ما جاء في صدقة الفطر

- ‌باب صدقة التطوع

- ‌باب: ما جاء في صدقة التطوع

- ‌باب: ما جاء في ذم المسألة

- ‌باب قسم الصدقات

- ‌باب: ما جاء فيمن تحل له المسألة

- ‌باب: ما جاء فيمن لا تحل له الصدقة

- ‌باب: إباحة الأخذ لمن أُعطي من غير مسألة ولا إشراف

الفصل: ‌باب: جامع في صفة غسل الميت

‌باب: جامع في صفة غسل الميت

541 -

وعن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال في الذي سَقَطَ عن راحلتِهِ فمات:"اغسِلُوه بماءَ وسِدْرٍ وكَفِّنُوهُ في ثَوْبَينِ". متفق عليه.

رواه البخاري (1265 - 1266) ومسلم 2/ 865 وأبو داود (3239) والترمذي (951) والنسائي 5/ 195 وابن ماجه (3084) وأحمد 1/ 333 والبيهقي 3/ 391 كلهم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال بينما رجل واقف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة إذا وقع عن راحلته فأوقصته -أو: فوقصته- فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبين ولا تحنطوه، ولا تخمروا رأسه، فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا".

هذا لفظ البخاري.

وللحديث طرق وألفاظ عدة سيأتي بعضها في كتاب الحج إن شاء الله.

* * *

ص: 53

542 -

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: لما أرادوا غَسْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالوا: والله ما نَدرِي، نُجَرِّدُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كما نُجَرِّدُ موتانا، أم لا؟

الحديث. رواه أحمد وأبو داود.

رواه أحمد 6/ 267 وأبو داود (3141) وابن ماجه (1464) والحاكم 3/ 61 وابن حبان (2156 - 2157) والبيهقي 3/ 387 وابن الجارود في "المنتقى"(517).

كلهم من طريق محمَّد بن إسحاق قال: حدثني يحيى بن عباد عن أبيه عباد بن عبد الله بن الزبير قال: سمعت عائشة تقول: لما أرادوا غسل النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: والله ما ندري أنجرد رسول الله صلى الله عليه وسلم من ثيابه كما نجرد موتانا أم نغسله وعليه ثيابه؟ فلما اختلفوا ألقى الله عليهم النوم حتى ما منهم رجل إلا وذقنه في صدره، ثم كلمهم مُكلِّم من ناحية البيت لا يدرون من هو: أن اغسلوا النبي صلى الله عليه وسلم وعليه ثيابه، فقاموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فغسلوه وعليه قميصه يصبون الماء فوق القميص ويدلكونه بالقميص دون أيديهم، وكانت عائشة تقول: لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما غسله إلا نساؤه.

قال الحاكم 3/ 62: صحيح على شرط مسلم. اهـ. ووافقه الذهبي.

وتعقبه الألباني فقال في "الإرواء" 3/ 163: ابن إسحاق إنما أخرج له مسلم متابعة. اهـ.

ص: 54

قلت: يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير بن العوام المدني ثقة ولم يخرج له مسلم. وباقي رجاله ثقات، وابن إسحاق من رجال مسلم وهو مدلس وقد صرح بالتحديث.

وقال ابن عبد الهادي في "المحرر" 1/ 603: رواته ثقات، ومنهم ابن إسحاق وهو الإِمام الصدوق. اهـ.

وقال النووي في "الخلاصة" 2/ 935: رواه أبو داود بإسناد حسن. اهـ.

وقال الألباني حفظه الله في "الإرواء" 3/ 163: إسناده حسن. اهـ.

* * *

543 -

وعن أُمِّ عطيةَ رضي الله عنها قالت: دخلَ علينا النبيُّ صلى الله عليه وسلم ونحنُ نُغسِّل ابنتَه. فقال: "اغسِلْنَها ثلاثًا أو خمسًا أو أكثر من ذلك، إنْ رأيتُنَّ ذلك، بماءٍ وسِدْرٍ، واجْعَلْنَ في الآخرةِ كافورًا، أو شيئًا من كافورٍ" فلما فَرَغنا آذنّاهُ، فألقَى إلينا حِقْوَهُ. فقال:"أشعِرْنَها إيّاه". متفق عليه.

وفي رواية: "ابْدَأْنَ بمَيامِنِها ومواضِعِ الوُضوءِ منها" وفي لفظ للبخاريِّ: فضَفَرنا شَعْرَها ثلاثةَ قُرونٍ، فألقيناهُ خلفَها.

رواه البخاري (1253) ومسلم 2/ 646 وأبو داود (3142 - 3143) وابن ماجه (1458) والنسائي 4/ 31 وأحمد 5/ 84 والبيهقي

ص: 55

3/ 389 كلهم من طريق أيوب عن محمَّد بن سيرين عن أم عطية قالت: دخل علينا النبي صلى الله عليه وسلم ونحن

فذكرت الحديث.

ورواه البخاري (1255 - 1256) ومسلم 2/ 648 وأبو داود (3145) والنسائي 4/ 30 والترمذي (990) والبيهقي 3/ 388 كلهم من طريق خالد الحذاء عن حفصة بنت سيرين عن أم عطية رضي الله عنها قالت: لما غسلنا ابنة النبي صلى الله عليه وسلم قال لنا -ونحن نغسلها-: "ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها". وفي رواية للبخاري "ابدؤوا".

ورواه البخاري (1263) ومسلم 2/ 648 وأبو داود (3144) والترمذي (990) والبيهقي 3/ 389 كلهم من طريق هشام بن حسان عن حفصة بنت سيرين "أم الهذيل"، عن أم عطية رضي الله عنها قالت: توفيت إحدى بنات النبي صلى الله عليه وسلم فأتانا النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "اغسلنها بالسدر وترًا ثلاثًا أو خمسًا أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك، واجعلن في الآخرة كافورًا -أو: شيئًا من كافور- فإذا فرغتن فآذِنَّني". فلما فرغنا آذناه، فألقى إلينا حقوة، فضفرنا شعرها ثلاثة قرون وألقيناها خلفها. هذا لفظ البخاري.

أما لفظ مسلم: قالت أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نغسل إحدى بناته فقال: "اغسلنها وترًا. خمسًا أو أكثر من ذلك" بنحو حديث أيوب السابق. وقال في الحديث: قالت: فضفرنا شعرها ثلاثة أثلاثٍ. قرنيها وناصيتها.

ص: 56

وفي لفظ البيهقي وأبو داود: فضفرنا رأسها ثلاثة قرون ثم ألقينا خلفها مقدمتها وقرنيها.

وهذه الألفاظ لا يعل بها الحديث فيكفي الحديث صحة أنه في "الصحيحين" بل عند الجماعة.

ولهذا قال ابن المنذر كما نقل عنه الحافظ ابن حجر في "الفتح" 3/ 127: ليس في أحاديث الغسل للميت أعلى من حديث أم عطية رضي الله عنها وعليه عول الأئمة. وقال ابن حجر: ومدار حديث أم عطية على محمَّد وحفصة ابنتي سيرين. وحفظت منه حفصة ما لم يحفظ محمَّد. اهـ.

وقال أيضًا في "الإصابة" 4/ 455 في ترجمة أم عطية: وحديثها في غسل ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم مشهور في الصحيح. وكان جماعة من علماء التابعين يأخذون ذلك الحكم. اهـ.

وقال ابن عبد البر في "الاستيعاب" في ترجمة أم عطية مع "الإصابة" 4/ 452: وأم عطية اسمها "نسيبة": وشهدت غسل ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحكت ذلك فأتقنت. وحديثها أصل في غسل الميت، وكان جماعة من الصحابه وعلماء التابعين بالبصرة يأخذون عنها غسل الميت. اهـ.

وفي الباب عن أم سليم وابن عباس وبريدة وعلي ومرسل محمَّد بن علي بن الحسين وأثر عن محمَّد بن سيرين.

أولًا: حديث أُم سليم رواه البيهقي 4/ 4 قال: أخبرنا محمَّد بن عبد الله الحافظ ثنا أبو العباس محمَّد بن يعقوب ثنا محمَّد بن

ص: 57

إسحاق الصغاني ثنا محمود بن غيلان (ح) وأخبرنا أبو حازم الحافظ أنبأ أبو أحمد محمَّد بن محمَّد الحافظ أنبأ أبو بكر محمَّد بن إسحاق بن خزيمة ثنا محمود بن غيلان أملاه علينا، ثنا أبو النضر هاشم بن القاسم أبو معاوية شيبان عن ليث بن أبي سليم عن عبد الملك بن أبي بشير عن حفصة بنت سيرين عن أم سليم أم أنس بن مالك قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا توفيت المرأة فأرادوا أن يغسلوها فليبدأ ببطنها فليمسح بطنهما مسحًا رفيقًا إن لم تكن حبلى، فإن كانت حبلى فلا تحركيها، فإذا أردت غسلها فابدئي بأسفلها فألقي على عورتها ثوبًا ستيرًا، ثم خذي كرسفًا فاغسليها، فأحسني غسلها، ثم أدخلي يدك من تحت الثوب فامسحيها بكرفس ثلاث مرات فأحسني مسحها قبل أن توضِّئيها، ثم وضئيها بماء فيه سدر، ولتفرغ الماء امرأة وهي قائمة لا تلي شيئًا غيره، وليلِ غسلها أولى الناس بها، وإلا فامرأة ورعة، فإن كانت صغيرة أو رضيعة فلتغسلها امرأة أخرى مسلمة ورعة، فإذا فرغت من غسل سفلتها غسلًا نقيا بماء وسدر فهذا بيان وضوئها. ثم اغسليها بعد ذلك ثلاث مرات بماء وسدر، وابدئي برأسها قبل كل شيء، وأنقي كل غسلة من السدر بالماء، ولا تسرحي رأسها بمشط، فإن حدث منها حدث بعد الغسلات الثلاث فاجعليها خمسًا، وإن حدث بعد الخمس فاجعليها سبعًا، وكل ذلك فليكن وترًا بماء وسدر حتى لا يريبك شيء، فإذا كانت في آخر غسلة في الثالثة أو غيرها فاجعلي شيئًا من كافور وشيئا من سدر، ثم اجعلي ذلك في جرة جديدة، ثم أقعديها فأفرغي

ص: 58

عليها وابدئي برأسها حتى تبلغي رجليها، فإذا فرغت منها فألقي عليها ثوبًا نظيفًا، ثم أدخلي يدك من وراء الثوب فانزعيه عنها -هذا بيان الغسل، ثم احشي سفلتها كرسفًا ما استطعت، ثم امسحي كرسفها من طيبها ثم خذي سبنية طويلة مغسولة فاربطيها على عجزها كما يربط النطاق، ثم اعقديها بين فخذيها، وضمي فخذيها، ثم ألقي طرف السبنية من عند عجزها إلى قريب من ركبتها- فهذا بيان سفلتها. ثم طيبيها وكفنيها واضفري شعرها ثلاثة قرون: قصة وقرنين ولا تشبهيها بالرجال. وليكن كفنها خمسة أثواب إحداهن الذي تلف به فخذاها، ولا تنقضي من شعرها شيئًا يعني بنورة ولا غيرها، وما سقط من شعرها فاغسليه ثم أعيديه في شعر رأسها -أو قال: اغرزيه- وطيبي شعرها وأحسني تطييبه إن شئت، واجعلي كلَّ شيء منها وترًا ولا تنسي ذلك. فإن بدا لك أن تجمريها في نعشها فاجعليه نبذة واحدة حتى يكون وترًا. هذا بيان كفنها ورأسها وإن كانت مجدورة أو مخضوبة أو أشباه ذلك فخذي خرقة واسعة فاغسليها في الماء -وفي غير هذه الروايه "فاغمسيها في الماء"- ثم في روايتنا:"واجعلي تتبعي كل شيء منها، ولا تحركيها فإني أخشى أن ينفجر منها شيء لا يستطاع رده". هذا لفظ ابن خزيمة وحديث الصغاني انتهى عند قوله: "ليكن كفنها خمسة". اهـ.

قلت: إسناد ضعيف جدًّا؛ لأن فيه ليث بن أبي سليم وهو ضعيف كما سبق (1).

(1) راجع باب: صفة المضمضة والاستنشاق.

ص: 59

وكذلك اختلف في إسناده على عبد الملك بن أبي بشير. ففي هذا الإسناد رواه عن حفصة بنت سيرين عن أم سليم أم أنس.

ورواه أيضًا البيهقي 3/ 388 من طريق عبد الملك بن بشير عن ابن سيرين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من غسل ميتا فليبدأ بعصره".

قال البيهقي: هذا مرسل وراويه ضعيف. اهـ.

وقال ابن أبي حاتم في "العلل"(1069): سألت أبي عن حديث رواه الوليد بن مسلم عن شيبان عن ليث عن عبد الملك بن أبي بشير عن حفصة ابنة سيرين عن أم سليم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكرته بطوله.

قال أبي: هذا حديث كأنه باطل يشبه أن يكون كلام ابن سيرين. قال أبو محمَّد: ما روى هذا الحديث عن شيبان سوى الوليد بن مسلم أبو النضر هاشم بن القاسم. ثم ذكر حديث أم عطية السابق. وقال: ليس من هذا المتن فيه إلا ذكر حديث السدر والكافور واغسليها وترًا وابدئي بميامنها. وها هنا ابدئي سفلتها. والحديث عن أم عطية. وقال ها هنا: عن أم سليم وليس لأم سليم عن النبي صلى الله عليه وسلم في غسل الميت شيء. اهـ.

تنبيه: قال البيهقي 4/ 5 لما روى حديث أم سليم السابق: رواه أبو عيسى الترمذي عن محمود بن غيلان فزاد عند قوله: "وأحسني تطييبه ولا تغسليه بماء سخن واجمريها بعد ما تكفنيها بسبع إن شئت" اهـ.

ص: 60

قلت: لم أجد هذا الحديث في "سنن الترمذي" في طبعة الدعاس وقد أورده الترمذي تعليقا في باب: ما جاء في غسل الميت قال: وفي الباب عن أم سليم. اهـ. هكذا فقط.

وقد ذكره المزي في "تحفة الأشراف" 13/ 85. وقال الحافظ ابن حجر في "النكت الظراف": نقلته من هامش نسخة الشيخ عماد الدين بن كثير نقلًا عن البيهقي، فليتأمل. اهـ.

وقال ابن التركماني في "الجوهر النقي مع السنن" 4/ 4 - 5: ولم أجده في كتاب الترمذي. وما رأيت أحدًا غير البيهقي عزاه إليه. اهـ.

ثانيًا: حديث ابن عباس رواه أحمد 1/ 260 قال: ثنا يعقوب ثنا أبي عن ابن إسحاق حدثني حسين بن عبد الله عن عكرمة عن ابن عباس: قال لما اجتمع القوم لغسل رسول الله على وليس في البيت إلا أهله عمه العباس بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب والفضل بن العباس وقثم بن العباس وأسامة بن زيد بن حارثه وصالح مولاه. فلما اجتمعوا لغسله نادى من وراء الباب أوسُ بن خولي الأنصاري ثم أحد بني عوف بن الخزرج وكان بدريًّا: عليَّ بن أبي طالب رضي الله عنه فقال له: نشدتك الله وحظنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فقال له عليٌّ: ادخلْ. فدخل فحضر غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يل من غسله شيئًا. قال: فأسنده إلى صدره وعليه قميصه. وكان العباس والفضل وقثم يقلبونه مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكان أسامة بن زيد وصالح مولاهم يصبان الماء وجعل علي يغسله ولم ير من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء مما يراه من الميت، وهو يقول:

ص: 61

بأبي وأمي ما أطيبك حيًّا وميتًا! حتى إذا فرغوا من غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان يغسل بالماء والسدر وجففوه ثم صنع به ما يصنع بالميت ثم أدرج في ثلاثة أثواب ثوبين أبيضين وبرد حبرة. ثم دعا العباس رجلين. فقال: ليذهب أحدكما إلى أبي عبيدة بن الجراح وكان أبو عبيدة يضرَحُ لأهل مكة، وليذهب الآخر إلى أبي طلحة بن سهل الأنصاري. وكان أبو طلحة يَلحَدُ لأهل المدينة، قال: تم قال العباس لهما حين سرَّحَهما: اللهم خِرْ لرسولك قال: فذهبا فلم يجد صاحب أبي عبيدة أبا عبيدة ووجد صاحب أبي طلحة أبا طلحة فجاء به، فلحد لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

قلت: إسناده فيه ضعف لأن حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس بن عبد المطلب الهاشمي المدني ضعيف.

قال الأثرم عن أحمد: له أشياء منكرة. اهـ.

وقال ابن أبي خيثمة عن ابن معين: ضعيف. اهـ.

وقال ابن أبي مريم عن يحيى: ليس به بأس يكتب حديثه. اهـ.

وقال البخاري قال علي: تركت حديثه وتركه أحمد أيضًا. اهـ.

وقال أبو زرعة: ليس بقوي. اهـ.

وقال أبو حاتم: ضعيف، وهو أحب إلى من حسين بن قيس يكتب حديثه ولا يحتج به. اهـ.

وقال الجوزجاني: لا يشتغل بحديثه. اهـ.

وقال النسائي: متروك. اهـ. وقال في موضع آخر: ليس بثقة. اهـ.

ص: 62

وبه أعل الحديث ابن عبد الهادي في "التنقيح" 2/ 1272.

وقال الحافظ ابن حجر في "تلخيص الحبير" 2/ 112: في إسناده حسين بن عبد الله وهو ضعيف. اهـ.

ورواه الطبراني في "الأوسط" كما في "مجمع البحرين" 2/ 386 من طريق يزيد بن أبي زياد عن مقسم عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما ثقل وعنده عائشة، وحفصة إذ دخل عليّ، فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم رفع رأسه، ثم قال:"ادن مني، ادن مني" فأسنده إليه، فلم يزل عنده حتى توفي. فلما قضى، قام علي، وأغلق الباب، وجاء العباس ومعه بنو عبد المطلب، فقاموا على الباب، فجعل علي يقول: بأبي أنت وأمي، طبت حيا، وطبت ميتا، وسطعت ريح طيبة لم يجدوا مثلها، فقال: أيها دع حنينا كحنين المرأة، وأقبلوا على صاحبكم قال علي: أدخلوا عليَّ الفضل بن العباس، فقالت الأنصار: ننشدكم بالله في نصيبنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأدخلوا رجلًا منهم، يقال له أوس بن خولي يحمل جرة بإحدى يديه، فسمعوا صوتا في البيت: لا تجردوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، واغسلوه كما هو في قميصه، فغسله عليّ يدخل يده من تحت القميص والفضل يمسك الثوب عنه، والأنصاري ينقل الماء على يد علي على خرقة يدخل يده تحت القميص.

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 9/ 36: روى ابن ماجه بعضه. ورواه الطبراني في "الأوسط" و"الكبير" وفيه يزيد بن أبي زياد وهو حسن الحديث على ضعفه، وبقية رجاله ثقات. اهـ.

ص: 63

قلت: الحديث ضعيف لأنَّ فيه يزيد بن أبي زياد الهاشمي وسبق الكلام عليه (1).

ثالثًا: حديث بريدة رواه ابن ماجه (1466) والحاكم 1/ 505 والبيهقي 3/ 387 كلهم من طريق أبي معاوية ثنا أبو بردة عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه؛ قال: لما أخذوا في غسل النبي صلى الله عليه وسلم ناداهم مناد من الداخل: لا تنزعوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قميصه.

قال الحاكم 1/ 505: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه. اهـ. ووافقه الذهبي.

قلت: فيما قالاه نظر. فإن أبا بردة الكوفي اسمه عمرو بن يزيد التميمي، ضعيف. قال ابن معين: ليس حديثه بشيء. وليس هو من ولد أبي موسى الأشعري. اهـ.

وقال أبو حاتم: ليس بقوي منكر الحديث. وكان مرجئا. اهـ.

وقال الآجري: سألت أبا داود عنه فوهاه جدًّا. اهـ.

وقال الدارقطني: ضعيف. اهـ. وبه أعل الحديث ابن عبد الهادي وتعقب الحاكم والذهبي فقال في "التنقيح" 2/ 122: أبو بردة هو عمرو بن يزيد وهو ضعيف تكلم فيه ابن معين وأبو حاتم وأبو داود وغيره، وذكر الحاكم أن هذا الحديث على شرط الشيخين وهو

(1) راجع باب: القدر الذي يكتفي به الرجل في الوضوء. باب: عدد التكبيرات على الجنازة.

ص: 64

واهم في ذلك، وكأنه ظن أن أبا بردة هو بريد بن عبد الله بن بردة أحد الثقات المشهورين المخرج لهم في "الصحيحين" وليس به. وإن كان أبو معاوية يروي عن بريد فإن بريدًا لا تعرف له رواية عن علقمة بن مرثد. والله أعلم. اهـ.

وقال البوصيري في تعليقه على "زوائد ابن ماجه": إسناده ضعيف لضعف أبي بردة. واسمه عمرو بن يزيد التميمي. وقول الحاكم: إلى الحديث صحيح، وأبو برده هو يزيد بن عبد الله وهم، لما ذكره المزي في "الأطراف" و"التهذيب". اهـ.

ووقع الوهم أيضًا عند البيهقي 3/ 387 فلما رواه قال: أبو بردة يعني -بريد بن عبد الله- لهذا تعقبه ابن التركماني في "الجوهر النقي مع السنن" 3/ 387 فقال: ذكر المزي هذا الحديث في "أطرافه" وعزاه إلى ابن ماجه، وفي آخره: أبو بردة هذا اسمه عمرو بن يزيد التميمي كوفي. وقد ذكر البيهقي فيما بعد 4/ 54 - 55 في باب من قال: يسل الميت. حديثًا بهذا السند ثم قال: أبو بردة هذا هو عمرو بن يزيد التميمي. ثم ضعفه. اهـ.

تنبيه: وقع في إسناد الحاكم "معاوية" بدل "أبو معاوية".

رابعًا: حديث علي رواه ابن ماجه (1468) قال: حدثنا عباد بن يعقوب ثنا الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي عن إسماعيل بن عبد الله بن جعفر عن أبيه عن علي، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إذا أنا مت فاغسلوني بسبع قِرَبٍ، من بئر غرْسٍ".

ص: 65

قلت: في إسناده عباد بن يعقوب الرواجني الأسدي. اختلف فيه.

قال الحاكم: كان ابن خزيمة يقول: حدثنا الثقة في روايته المتهم في دينه عباد بن يعقوب. اهـ.

وقال أبو حاتم: شيخ ثقه. اهـ. وقال: الدارقطني: شيعي صدوق. اهـ.

وقال ابن حبان: كان رافضيا داعية ومع ذلك، يروي المناكير عن المشاهير فاستحق الترك. اهـ.

وقد أخرج له البخاري، لكن قال الذهبي في "الميزان" 2/ 379: وعنه البخاري [انظر "صحيح البخاري" (527) و (7534)] حديثًا في "الصحيح" مقرونا بآخر. اهـ.

وقال البوصيري في تعليقه على "زوائد ابن ماجه": والبخاري، وإن روى عنه حديثًا واحدًا، فقد أنكر الأئمة في عصره عليه روايته عنه. وترك الرواية عنه جماعة من الحفاظ. اهـ.

خامسًا: مرسل محمَّد بن علي بن الحسين رواه عبد الرزاق 3/ 397 - 398 عن ابن جريج قال: سمعت محمَّد بن علي بن الحسين يخبرنا قال: غُسل النبي صلى الله عليه وسلم في قميص، وغسل ثلاثًا كلهن بماء وسدر، وولي عليُّ سفلته والفضل بن عباس يحتضن النبي صلى الله عليه وسلم والعباس يصب الماء، قال: وعليّ يغسل سفلته ويقول الفضل لعليٍّ: أرحني، قطعت وتيني، إني لأجد شيئًا يتنزل عليَّ، قطعت

ص: 66

وتيني قال: وغسل النبي صلى الله عليه وسلم من بئر لسعد بن خيثمه، يقال لها الغراس بقباء، قال: وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يغسل رأسه إلا بسدر. وبه نأخذ، قال: قلت لعبد الرزاق: يبدأ بالرأس أو اللّحية؟ قال: السنة لا شك بالرأس ثم اللحية، ثم قال: أخبرنا حميد أن معمرًا أخبره عن أيوب عن أبي قلابة قال: يبدأ بالرأس ثم اللحية ثم الميامن يعني غسل ثلاث مرات بماء وسدر تم بماء فهي واحدة كل غسلة بماء وسدر ثم بماء فهي واحد.

قلت: المرسل رواه أيضًا البيهقي 3/ 395 من طريق سفيان عن ابن جريج به.

قلت: رجاله ثقات وإسناده قوي.

وقال الحافظ ابن حجر في "تلخيص الحبير" 2/ 112: وهو مرسل جيد. اهـ.

وقد روي تغسيل النبي صلى الله عليه وسلم من طرق أخرى.

فقد رواه ابن أبي شيبة 4/ 77 والبيهقي 3/ 388 من طريق يزيد بن أبي زياد عن عبيد الله بن الحارث بن نوفل: أن عليًّا رضي الله عنه غسل النبي صلى الله عليه وسلم وعلى النبي صلى الله عليه وسلم قميصه وبيد علي رضي الله عنه خرقه يتتبع بها تحت القميص.

قلت: إسناده ضعيف لضعف يزيد بن أبي زياد كما سبق (1).

(1) راجع باب: القدر الذي يكتفي به الرجل من الماء في الوضوء، وباب: عدد التكبيرات على الجنازة.

ص: 67

وروى مالك في "الموطأ" 1/ 222 وعنه الشافعي 1/ 209 عن جعفر بن محمَّد عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غسل في قميص.

سادسًا: أثر محمَّد بن سيرين رواه الطبراني في "الكبير" 1/ 249 (714) قال: حدثنا محمَّد بن عبد الله الحضرمي، حدثنا بشر بن الوليد القاضي، ثنا شريك، عن عاصم الأحول عن محمَّد بن سيرين، قال: غسلت أنس بن مالك فلما بلغت عورته قلت لبنيه: أنتم أحق بغسل عورته دونكم فاغسلوها، فجعل الذي يغسلها على يده خرقة وعليها ثوب ثم غسل العورة من تحت الثوب.

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 3/ 21: إسناده حسن. اهـ.

قلت: إسناده ضعيف لأنَّ فيه شريكا وقد اختلط، ولم يُذكر أن بشرًا كان له سماع منه قبل الاختلاط.

* * *

ص: 68