الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب: ما جاء في تعجيل الزكاة
608 -
وعن عَلِيٍّ رضي الله عنه أنَّ العباسَ رضي الله عنه سأل النبيَّ صلى الله عليه وسلم في تعجيل صَدَقَتِهِ قيبْل أن تَحِلَّ فَرَخَّصَ له في ذلك. رواه الترمذي والحاكم.
رواه أبو داود (1624) والترمذي (678) وابن ماجه (1795) وأحمد 1/ 104 والدارقطني 2/ 123 والحاكم 3/ 375 والبيهقي 4/ 111 وابن خزيمة 4/ 49 كلهم من طريق إسماعيل بن زكريا عن الحجاج بن دينار عن الحكم بن عتيبة عن حجية بن عدي عن علي رضي الله عنه: أن العباس رضي الله عنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم في تعجيل صدقته قبل أن تحل فرخص له في ذلك.
ورواه الترمذي (679) من طريق منصور عن إسرائيل عن الحجاج بن دينار عن الحكم بن جَحْلٍ عن حُجْر العدوي.
قال الحاكم 3/ 375: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. اهـ.
ووافقه الذهبي.
قلت: في قولهما نظر من وجهين:
1 -
أنه وقع اختلاف فيه على الحكم فقد رواه الدارقطني 2/ 124 من طريق إسرائيل عن حجاج بن دينار عن الحكم عن حجر العدوي
عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر: "إنا قد أخذنا من العباس زكاة العام الأول".
لهذا قال الدارقطني 2/ 123: خالفه إسرائيل فقال: عن حجر العدوي عن علي.
ورواه أبو عبيد (1884) عن حجاج بن أرطاة عن الحكم بن عتيبة قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر على الصدقة، فأتى العباس يسأله صدقة ماله. فقال: قد عجلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة سنتين، فرفعه عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"صدق عمي، قد تعجلنا منه صدقة سنتين".
ورواه البيهقي 4/ 111 من طريق منصور بن زاذان عن الحكم عن الحسن بن مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه، ومدار هذه الطرق على الحكم بن عتيبة سوى رواية الترمذي فهي عن الحكم بن جَحْل، وابن عتيبة هو الكندي بالولاء وهو ثقة من رجال "الصحيحين".
وابن جَحْل وثقه ابن معين.
وأما حجر العدوي فلم يروي له إلا الترمذي وهو مجهول ولعله حجية بن عدي كما قاله الحافظ في "التقريب"(1150).
وحجيه ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 3/ 314 وقال: سألت أبي عنه فقال: شيخ لا يحتج بحديثه، شبيه بالمجهول. اهـ.
وقال ابن سعد: كان معروفاً وليس بذاك. اهـ.
وقال العجلي: تابعي ثقة. اه.
ورواه الدارقطني 2/ 124 والبزار في "كشف الأستار" 1/ 424 (895) من طريق الحسن بن عمارة البجلي عن الحكم عن موسى ابن طلحة عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تعجل من العباس صدقة سنتين.
قال البزار: لا نعلم رواه إلا الحسن البجلي وهو الحسن بن عمارة وقد سكت أهل العلم عن حديثه. اه.
قلت: تكلم فيه أهل العلم كما سبق (1).
فقد تركه أبو حاتم وأحمد والنسائي ومسلم وغيرهم.
ولما سئل الدارقطني في "العلل" 3/ رقم (351) عن حديث حجية بن عدي عن علي: أن النبي صلى الله عليه وسلم تعجل صدقة العباس. فقال: هو حديث يرويه الحكم بن عتيبة واختلف عنه؛ فرواه الحجاج بن دينار واختلف عن الحجاج فقال: إسماعيل بن زكريا عنه عن الحكم عن حجية بن عدي عن علي، وقال إسرائيل: عن الحجاج بن دينار عن الحكم عن حجر العدوي عن علي، وقال محمد بن عبيد الله العرزمي عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس، وكلها وهم، والصواب ما رواه منصور عن الحكم عن الحسن بن يناق مرسلًا عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقال الحسن بن عمارة: عن الحكم عن موسى بن طلحة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم تعجيل صدقة العباس. اه.
(1) راجع باب: التيمم لكل صلاة، وباب: مدة القصر.
ونقله عنه بتمامه ابن الجوزي في "التحقيق" 2/ 498 وذكر نحوه الدارقطني في "العلل" 4/ رقم (513) باختصار.
قال البيهقي 4/ 111: هذا حديث مختلف فيه على الحكم بن عتيبة فرواه إسماعيل بن زكريا عن حجاج عن الحكم هكذا، وخالفه إسرائيل عن حجاج فقال: عن الحكم عن حجر العدوي عن علي، وخالفه في لفظه فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر: "إنا قد أخذنا من العباس زكاة العام عام الأول" ورواه محمد بن عبيد الله وهو العرزمي عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس في قصة عمر والعباس رضي الله عنهما ورواه الحسن بن عمارة عن الحكم عن موسى بن طلحة عن طلحة. ورواه هشيم عن منصور عن زاذان عن الحكم عن الحسن بن مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعمر رضي الله عنه في هذه القصة: "إنا كنا قد تعجلنا صدقة مال العباس لعامنا هذا عام أول" وهذا هو الأصح من هذه الروايات. اه.
وقال أبو داود 1/ 510: روى هذا الحديث هشيم عن منصور بن زاذان عن الحكم عن الحسن بن مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم وحديث هشيم أصح. اه.
ولهذا قال الترمذي 3/ 38: لا أعرف حديث "تعجيل الزكاة" من حديث إسرائيل عن الحجاج بن دينار؛ إلا من هذا الوجه، وحديث إسماعيل بن زكريا عن الحجاج عندي أصح من حديث إسرائيل عن الحجاج بن دينار، وقد روي هذا الحديث عن الحكم بن عتيبة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا. اه.
وأطال الألباني حفظه الله في "الإرواء" 3/ 347 في ذكر الاختلاف في إسناده.
2 -
أن في إسناده حجية بن عدي الكندي. قال أبو حاتم: شيخ لا يحتج بحديثه شبيه بالمجهول. اه.
وقال ابن سعد: كان معروفًا وليس بذاك. اه.
وقال العجلي تابعي ثقة.
وقد تكلم في الحجاج بن دينار قال الدراقطني: ليس بالقوي. اه.
وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به. اه.
والجمهور على توثيقه.
قال ابن المبارك: ثقة. اه.
وقال أحمد: ليس به بأس. اه.
وقال ابن معين: صدوق ليس به بأس. اه.
وقال أبو زرعة: صالح صدوق مستقيم الحديث لا بأس به. اه.
وقال الترمذي: ثقة مقارب الحديث. اه.
ووثقه أيضًا ابن المديني وأبو داود العجلي وابن حبان.
والحديث اختلف فيه قال الزركشي في "شرحه" 2/ 422: واختلف عن أحمد فيه، فضعفه في رواية الأثرم وإبراهيم بن الحارث ونقل عنه أيضًا إبراهيم بن الحارث أنه احتج به، وهو يدل على أن الضعف الذي فيه لم يزل الاحتجاج به. اه.
لهذا قال عبد الحق في "الأحكام الوسطى" 2/ 172: في إسناد هذا الحديث حجية بن عدي وليس ممن يحتج به. اه.
وتعقبه ابن القطان في كتابه "بيان الوهم والإيهام" 5/ 370 فقال: كذا قال في حجية إنه لا يحتج به، وليس كما قال: وإنما هو تبع فيه حاتم الرازي سأله عنه ابنه فقال: هو شيخ لا يحتج بحديثه شبيه بالمجهول شبيه بشريح بن النعمان الصائدي وهبيرة بن يريم، وهذا منه غير صحيح، ومن علمت حاله في حمل العلم وتحصيله وأخذ الناس عنه ونقلت لنا سيرته الدالة على صلاحه، ونحو ذلك، لا يقبل من قال فيه: لا يحتج به أو ما أشبه ذلك من ألفاظ التضعيف، ولا بد أن يضعفه بحجة، ويذكر جرحًا مفسرًا، وإلا لم يسمع منه ذلك.
ثم قال عن حجية: إنه رجل مشهور روى عنه سلمة بن كهيل وأبو إسحاق. اه.
قال الحافظ ابن حجر في "تلخيص الحبير" 2/ 172: قال الشافعي: روى عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه تسلف صدقة مال العباس قبل أن تحل، ولا أدري أثبت أم لا. قال البيهقي: وعني بذلك هذا الحديث يعضده حديث أبي البختري عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنا كنا احتجنا فاستلفنا العباس صدقة عامين".
قلت: رجاله ثقات؛ إلا أن فيه انقطاعًا، وفي بعض ألفاظه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمر:"إنا كنا تعجلنا صدقة مال العباس عام أول"، ورواه أبو داود الطيالسي من حديث أبي رافع. اه.
قلت: حديث أبي البختري رواه البيهقي 4/ 111 من طريق وهب ابن جرير حدثنا أبي عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن أبي البختري عن علي رضي الله عنه فذكر قصة في بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر ساعيًا ومنع العباس صدقته. وأنه ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم ما صنع العباس فقال: "أما علمت يا عمر أن عم الرجل صنو أبيه إنا كنا احتجنا فاستلفنا العباس صدقة عامين".
قلت: رجاله ثقات إلا أنه منقطع أبو البختري لم يدرك عليًا كما في "المراسيل" لابن أبي حاتم ص 76.
قال البيهقي 4/ 111 عن هذا اللفظ: لفظ حديث القطان وفي رواية ابن قتادة: أن النبي صلى الله عليه وسلم تعجل من العباس صدقة عام أو صدقة عامين، وفي هذا إرسال بين أبي البختري وعلي رضي الله عنه وقد ورد هذا المعنى في حديث أبي هريرة من وجه ثابت. اه.
والحديث حسنه الألباني في "الإرواء" 3/ 347.
وفي الباب عن عبد الله بن مسعود وأبي رافع وأبي هريرة:
أولًا: حديث عبد الله بن مسعود رواه الطبراني في "الأوسط" كما في "مجمع البحرين" 3/ 30 من طريق محمد بن ذكوان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن عم الرجل صنو أبيه" وإن النبي صلى الله عليه وسلم تعجل من العباس صدقة عامين.
قلت: إسناده ضعيف؛ لأن فيه محمد بن ذكوان البصري.
قال أبو حاتم: منكر الحديث، ضعيف الحديث. اه.
وقال البخاري: منكر الحديث. اه.
وقال النسائي: ليس بثقة، ولا يكتب حديثه. اه.
وذكره ابن حبان في "الضعفاء" وقال: يروي عن الثقات المناكير والمعضلات عن المشاهير على قلة روايته حتى سقط الاحتجاج به. اه.
ونقل ابن عدي عن النسائي قال: محمد بن ذكوان عن منصور منكر الحديث. اه.
وقال ابن عدي: أراد حديثه عن منصور بن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله: أن النبي صلى الله عليه وسلم تعجل من العباس صدقة عامين. اه.
وقال أبو حاتم وأبو زرعة كما في "العلل"(623) عن هذا الإسناد: هو خطأ إنما هو منصور عن الحكم عن الحسن بن مسلم ابن يناق أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث عمر مرسل وهو الصحيح. اه.
وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 3/ 79: فيه محمد بن ذكوان، وفيه كلام وقد وثق. اه.
وبه أعله الحافظ ابن حجر في "الفتح" 3/ 334.
وقال الدارقطني في "العلل" 5/ 156: يرويه محمد بن ذكوان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة وهو وهم، والصحيح عن منصور عن الحكم عن الحسن مرسل وهو الصحيح. اه.
ثانيًا: حديث أبي رافع رواه الطبراني في "الأوسط" كما في "مجمع البحرين" 3/ 30 والدارقطني 2/ 125 كلاهما من طريق
شريك عن إسماعيل المكي عن سليمان الأحول عن أبي رافع. قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب ساعيًا على الصدقة فأتى العباس بن عبد المطلب فأغلظ له العباس؛ فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "يا عمر أما علمت أن عم الرجل صنو أبيه، إن العباس كان أسلفنا صدقة العام عام الأول".
قال الطبراني عقبه: لم يروه عن سليمان إلا إسماعيل، ولا عنه إلا شريك تفرد به إسحاق. اه.
وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 3/ 179 فيه إسماعيل المكي، وفيه كلام وقد وثق. اه.
وقال الحافظ في "التقريب"(484) ضعيف الحديث. اه.
قلت: وشريك كذلك ضعيف وقد سبق الكلام عليه (1).
ثالثًا: حديث أبي هريرة رواه البخاري (1468) ومسلم 2/ 676 - 677 وأبو داود (1623) والنسائي 5/ 23 والدارقطني 2/ 123 والبيهقي 4/ 111 كلهم من طريق أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة. قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر على الصدقة؛ فقيل: منع ابن جميل وخالد بن الوليد والعباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما ينقم ابن جميل إلا أنه كان فقيرًا فأغناه الله، وأما خالد فإنكم تظلمون خالدًا، قد احتبس أدراعه وأعتاده في
(1) راجع باب: الماء الكثير لا ينجسه شيء، وباب: المني يصيب الثوب
سبيل الله، وأما العباس فهي عليَّ ومثلها معها". ثم قال:"يا عمر أما علمت أن عم الرجل صنو أبيه".
قال الزركشي في "شرحه" 2/ 423: الحجة في قوله: "فهي عليَّ ومثلها معها" ومعناه أنه تسلف منه صدقة سنتين؛ فصارت دينًا عليه، وقيل: قبض منه صدقة عامين العام الذي شكى فيه العامل وتعجيل صدقة عام ثان، وقيل: بل ضَمِنَ أداءها صلى الله عليه وسلم عنه سنتين. اه.
ونحو هذا قال الخطابي في "معالم السنن" 2/ 224.
ولهذا وقع في تبويب "صحيح مسلم" باب: في تقديم الزكاة ومنعها.