الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب: جامع فيما يجوز فعله بالميت من تغميض وتغطية الوجه وتقبيل وغيرها
537 -
وعن أُمِّ سَلَمَة رضي الله عنها قالت: دخلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على أبي سَلَمَةَ وقَدْ شَقَّ بصَرُهُ فأغمَضَهُ ثم قال: "إنَّ الرُّوْحَ إذا قُبِضَ تَبِعَه البَصَرُ" فضجَّ ناسٌ من أهله؛ فقال: "لا تَدعُوا على أَنفُسِكم إلا بخيرٍ، فإن الملائكةَ تُؤَمِّنُ على ما تقولون" ثمَّ قال: "اللهمَّ اغفِرْ لأبي سَلَمَةَ وارفَعْ درجتَه في المهديِّينَ، وافسَحْ له في قَبرِه ونَوِّرْ له فيه، واخلُفْهُ في عَقِبِه" رواه مسلم.
رواه مسلم 2/ 634 وابن ماجه (1454) وأحمد 6/ 297 والبيهقي 3/ 384 والبغوي في "شرح السنة" 5/ 300 كلهم من طريق أبي إسحاق الفزاري عن خالد الحذَّاء عن أبي قلابه عن قبيصة بن ذؤيب عن أم سلمة، قالت: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي سلمة، وقد شق بصره فأغمضه، ثم قال:"إن الرَّوح إذا قبض تبعه البصرُ" فضَجَّ ناسُّ من أهله. فقال: "لا تدعوا على أنفُسِكم إلّا بخير؛ فإن الملائكة يُؤَمِّنون على ما تقولون" ثم قال: "اللهم اغفر لأبي سلمة وارفع درجته في المهديين، واخلفه في عقبه في الغابرين، واغفر لنا وله يا رب العالمين، وافسح له في قبره، ونَوِّر له فيه" هكذا أخرجه مسلم.
538 -
وعن عائشة رضي الله عنها أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم حين تُوُفِّي سُجِّيَ بِبردِ حِبَرَة. متفق عليه.
رواه البخاري (5814) ومسلم 2/ 651 وأبو داود (3120) والبيهقي 3/ 385 والبغوي في "شرح السنة" 5/ 301 كلهم من طريق الزهريّ قال: أخبرني أبو سلمة أن عائشة أم المؤمنين قالت: سُجِّيَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حين مات بثوب حِبَرَةِ. هذا اللفظ لمسلم.
وعند البخاري (1241، 1242) بلفظ: أن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته، قالت: أقبل أبو بكر رضي الله عنه على فرسه من مسكنه بالسُّنْح حتى نزل فدخل المسجد فلم يُكلِّم الناس حتى دخل على عائشة فتيمَّم النبيَّ صلى الله عليه وسلم وهو مُسجَّى بِبُردِ حبرة فكشف عن وجهه، ثم أكب عليه فقبَّلهُ، ثم بكى. فقال: بأبي أنت وأمي لا يجمع الله عليك موتتين: أما الموتة التي كتبت عليك فقد مُتها. وقال أبو سلمة: فأخبرني ابنُ عباس رضي الله عنهما: أن أبا بكر رضي الله عنه خرج وعُمَرُ رضي الله عنه يُكلِّم الناسَ فقال: اجلسْ، فأبى؛ فقال: اجلسْ؛ فأبي؛ فتشهَّدَ أبو بكر رضي الله عنه فمال إليه الناسُ، وتركوا عمرَ؛ فقال: أما بعد فمن كان منكم يعبد محمدًا صلى الله عليه وسلم فإن محمدًا صلى الله عليه وسلم قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حيّ لا يموت. قال تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ
…
} [آل عمران: 144] والله لكأن الناس لم
يكونوا يعلمون أن الله أنزل الآية حتى تلاها أبو بكر فتلقاها منه الناس فما يُسمَعُ بشرٌ إلا يتلوها.
* * *
539 -
وعنها رضي الله عنها: أنَّ أبا بكرٍ الصديقَ رضي الله عنه قَبَّلَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم بعدَ مَوْتهِ. رواه البخاري.
رواه البخاري (4455، 4456، 4457) والنسائي 4/ 11 وابن ماجه (1457) وأحمد 6/ 55 والبغوي في "شرح السنة" 3/ 303 كلهم من طريق يحيى بن سعيد عن سفيان قال: حدثني موسى بن أبي عائشة عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس وعائشة: أن أبا بكر رضي الله عنه قَبَّلَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وهو ميت.
وعند ابن ماجه (1627) زيادة: "وقَبَّل بين عينيه" رواها من طريق عبد الرحمن بن أبي بكر عن ابن أبي مليكة عن عائشة به.
ورواه أحمد 6/ 31 قال: ثنا مرحوم بن عبد العزيز حدثني أبو عمران الجوني عن يزيد عن عائشة: أن أبا بكر دخل على النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته، فوضع فمه بين عينيه، ووضع يديه على صدغيه، وقال: واحبيباه واخليلاه واصفياه.
قال الألباني حفظه الله في "الإرواء" 3/ 157: سنده صحيح. اهـ.
تنبيه: جعل الحافظ رواية الحديث عن عائشة، والأولى أن يجعل رواية الحديث عن ابن عباس وعائشة جميعًا كما هو الصحيح.
وفي الباب عن شداد بن أوس في إغماض البصر وعن جابر في التغطية وعن عائشة وعامر بن ربيعة في التقبيل:
أولًا: حديث شدّاد بن أوس رواه ابن ماجه (1455) وأحمد 4/ 125 والحاكم 1/ 503 - 504 والبيهقي كلهم من طريق قزعة بن سويد عن حميد الأعرج عن الزّهري عن محمود بن لبيد عن شداد بن أوس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا حضرتم موتاكم فأغمضوا البصر؛ فإن البصر يتبع الرُّوح، وقولوا خيرًا، فإن الملائكة تؤمن على ما قال أهل الميت".
قال الحاكم 1/ 504: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. اهـ. ووافقه الذهبي.
وقال البوصيري في تعليقه على "زوائد ابن ماجه"(212): إسناده حسن؛ لأن قرعة بن سويد مختلف فيه، وباقي رجاله ثقات. اهـ.
قلت: قرعة بن سويد بن حجير بن بيان الباهلي تكلم فيه الأئمة.
قال الإِمام أحمد: مضطرب الحديث. اهـ.
وفي رواية عنه قال: هو شبه المتروك. اهـ. وذكره الأثرم.
وقال عباس الدوري عن ابن معين: صعيف. اهـ.
وقال عثمان الدارمي عن ابن معين: ثقة. اهـ.
وقال أبو حاتم: ليس بذاك القوي محله الصدق، وليس بالمتين يكتب حديثه ولا يحتج به. اهـ.
وقال البخاري: ليس بذاك القوي. اهـ.
وقال الآجري: سألت أبا داود عن قزعة بن سويد فقال: ضعيف كتبت إلى العباس العنبري أسأله عنه فكتب إلى أنه ضعيف. اهـ.
وقال النسائي: ضعيف. اهـ. وقد مشاه ابن عدي.
وأعل الحديث الحافظ ابن حجر في "تلخيص الحبير" 2/ 214 بأن فيه قزعة بن سويد.
وأعله ابن حبان في كتاب "الضعفاء" بقزعة وقال: إنه كثير الخطأ فاحش الوهم حتى كثر ذلك في روايته فسقط الاحتجاج به. اهـ.
ونقل الزيلعي في "نصب الراية" 2/ 254 عن البزار أنه أعله بقزعة وقال البزار: لا يعلم رواه عن حميد الأعرج إلا قزعة بن سويد، وليس به بأس لم يكن بالقوي، واحتملوا حديثه. اهـ.
ثانيًا: حديث جابر بن عبد الله رواه البخاري (1244) ومسلم 4/ 1918 كلهم من طريق شعبة قال: سمعت محمَّد بن المنكدر قال: سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: لما قتل أبي جعلت أكشف الثوب عن وجهه أبكي وينهوني والنبي صلى الله عليه وسلم لا ينهاني فجعلت عمتي فاطمة تبكي؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "تبكين أو لا تبكين، ما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفعتموه".
ثالثًا: حديث عائشة رواه الترمذي (989) وابن ماجه (1456) وأبو داود (3163) والبيهقي 3/ 407 والبغوي في "شرح السنة" 3/ 302 كلهم من طريق سفيان الثوري عن عاصم بن عبيد الله عن القاسم بن محمَّد عن عائشة قالت: قبَّل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عثمانَ بن
مظعون وهو ميت، وهو يبكي أو قال: عيناه تذرفان. هذا لفظ الترمذي.
وعند ابن ماجه: فكأني أنظر إلى دموعه تسيل على خدَّيه.
وعند أبي داود: حتى رأيت الدموع تسيل.
وعند البيهقي: حتى رأيت الدموع تسيل على وجنتيه.
قال الترمذي 3/ 369: حديث حسن صحيح. اهـ.
قلت: عاصم بن عبيد الله بن عاصم بن عمر بن الخطاب تكلِّم فيه.
قال أبو حاتم: منكر الحديث، مضطرب الحديث ليس له حديث يعتمد عليه، وما أقر به من ابن عقيل. اهـ.
وقال البخاري: منكر الحديث. اهـ.
وقال النسائي: لا أعلم مالكًا روى عن إنسان ضعيف مشهور بالضعف إلا عاصم بن عبيد الله. اهـ.
وقال يعقوب بن شيبة عن أحمد: حديثه وحديث ابن عقيل إلى الضعف ما هو. اهـ.
وقال علي: سمعت عبد الرحمن ينكر حديثه أشد الإنكار. اهـ.
وقال الدارقطني: مدني يترك وهو مغفل. اهـ.
وقال أبو داود: عاصم لا يكتب حديثه. اهـ.
وبه أعله الألباني حفظه الله في "الإرواء" 3/ 157.
رابعًا: حديث عامر بن ربيعة رواه البزار في "كشف الأستار" 1/ 383 (809) قال: حدثنا محمَّد بن عبد الله المخرمي حدثنا يونس بن محمَّد حدثنا العمري عن عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم قَبَّلَ عثمانَ بن مظعون.
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 3/ 20: إسناده حسن. اهـ.
قلت: فيما قاله نظر؛ لأن فيه العمري وهو عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، وهو ضعيف كما سبق.
وأيضًا عاصم بن عبيد الله بن عاصم بن عمر بن الخطاب العدوي وسبق الكلام عليه (1).
* * *
(1) راجع باب: فضل الحج والعمرة.