المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب: ما جاء في صدقة التطوع - التبيان في تخريج وتبويب أحاديث بلوغ المرام - جـ ٦

[خالد بن ضيف الله الشلاحي]

فهرس الكتاب

- ‌باب: ما جاء في ذكر الموت

- ‌باب: ما جاء في النهي عن تمني الموت

- ‌باب: ما جاء في أن المؤمن يموت بعرق المجبين

- ‌باب: ما جاء في تلقين المحتضر لا إله إلا الله

- ‌باب: ما جاء في قراءة سورة -يس- على الموتى

- ‌باب: جامع فيما يجوز فعله بالميت من تغميض وتغطية الوجه وتقبيل وغيرها

- ‌باب: ما جاء في أن نفس المؤمن معلقه بدَيْنه

- ‌باب: جامع في صفة غسل الميت

- ‌باب ما جاء في كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌باب: ما جاء في الكفن

- ‌باب: ما جاء في الرجل يُغَسِّل امرأته إذا ماتت والمرأة تُغَسِّل زوجها إذا مات

- ‌باب الصلاة على مَن قتلته الحدود

- ‌باب: ترك الإمام الصلاة على قاتل نفسه ونحوه من المعاصي

- ‌باب: الصلاة على القبر بعد الدفن

- ‌باب: ما جاء في كراهية النعي

- ‌باب ما جاء في الصلاة على الغائب

- ‌باب: ما يرجى للميت في كثرة من يصلي عليه

- ‌باب: جامع في موقف الإمام من الميت إذا صلى عليه

- ‌باب: الصلاة على الميت في المصلَّى أو في المسجد

- ‌باب: ما جاء في عدد التكبيرات على الجنازة

- ‌باب: ما يقرأ في صلاة الجنازة

- ‌باب: ما جاء في الدعاء في صلاة الجنازة

- ‌باب: ما جاء في الإسراع بالجنازة

- ‌باب: ما جاء في فضل اتباع الجنائز وصفته

- ‌باب: ما جاء في اتباع النساء الجنائز

- ‌باب: ما جاء في القيام للجنازة

- ‌باب: ما جاء في صفة إدخال الميت القبر

- ‌باب: ما جاء في النهي عن كسر عظام الميت

- ‌باب: ما جاء في استحباب اللحد

- ‌باب: ما جاء في النهي عن تشريف القبور والجلوس عليها

- ‌باب: ما جاء في الميت يحثى على قبره

- ‌باب: ما يقال عند الميت

- ‌باب: ما جاء في زيارة القبور وأنها خاصة للرجال

- ‌باب: ما يكره من النياحة على الميت

- ‌باب: جواز البكاء على الميت بغير ندب ولا نياحة

- ‌باب: ما جاء في الدفن بالليل

- ‌باب: ما جاء في صنع الطعام لأهل الميت

- ‌باب: ما يقال عند زيارة القبور

- ‌باب: ما جاء في النهي عن سب الأموات

- ‌باب:

- ‌باب: ما جاء في زكاة بهيمة الأنعام

- ‌باب: أين تؤخذ صدقة الماشية

- ‌باب: لا زكاة على المسلم في عبده وفرسه

- ‌باب: ما جاء فيمن منع الزكاة

- ‌باب: ما جاء في أنه لا زكاة على المال المستفاد حتى يحول عليه الحول

- ‌باب: ما جاء في أنه ليس في العوامل صدقة

- ‌باب: ما جاء في الزكاة في مال اليتيم

- ‌باب: الدعاء لمن أتى بصدقته

- ‌باب: ما جاء في تعجيل الزكاة

- ‌باب: ما جاء في تقدير النصاب

- ‌باب: صدقة الزروع والثمار وبيان ما فيه العشر أو نصفه

- ‌باب: ما تؤخذ منه الزكاة من الزروع

- ‌باب: ما جاء في الخرص

- ‌باب: ما جاء في زكاة الحلي

- ‌باب: ما جاء في زكاة العروض

- ‌باب: ما جاء في زكاة المعادن والركاز

- ‌باب: ما جاء في صدقة الفطر

- ‌باب صدقة التطوع

- ‌باب: ما جاء في صدقة التطوع

- ‌باب: ما جاء في ذم المسألة

- ‌باب قسم الصدقات

- ‌باب: ما جاء فيمن تحل له المسألة

- ‌باب: ما جاء فيمن لا تحل له الصدقة

- ‌باب: إباحة الأخذ لمن أُعطي من غير مسألة ولا إشراف

الفصل: ‌باب: ما جاء في صدقة التطوع

‌باب: ما جاء في صدقة التطوع

627 -

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم: "سبعة يُظِلُّهُمُ اللهُ في ظِلِّهِ يومَ لا ظِلَّ إلا ظِلُّهُ" فذكر الحديث وفيه: "رجلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فأخفاها حَتَّى لا تَعْلَمَ شِمالُه ما تُنفِقُ يَمينُهُ". متفق عليه.

رواه البخاري (1423) ومسلم 2/ 715 والترمذي 7/ 119 (2391) والنسائي 8/ 222 وأحمد 2/ 439 وابن خزيمة 1/ 185 كلهم من طريق خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظلَّ إلا ظلُّه: الإمام العادل، وشاب نشأ بعبادة الله، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في الله، اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقةٍ فأخفاها حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله، ورجل ذكر الله خاليًا، ففاضت عيناه"، هذا اللفظ لمسلم، وعند البغوي والترمذي وقع تردد في الحديث هل هو عن أبي هريرة أو أبي سعيد وقد وقع خطأ في هذا اللفظ. والصواب: حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه.

هكذا رواه مالك في "الموطأ" والبخاري في "صحيحه". وغيرهما من الأئمة، وهو الأولى، لأن المعروف في النفقه فعلها باليمين؛ لأنها من المستحبات.

ص: 463

قال ابن خزيمة 1/ 186 هذه اللفظة "لا تعلم يمينه ما تنفق شماله" قد خولف فيها يحيى بن سعيد، فقال من روى هذا الخبر غير يحيى:"لا تعلم شماله ما تنفق يمينه".اه.

وقد رواه البخاري (1423) من طريق يحيى بلفظ: "حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه".

ورواه مسلم 2/ 716 وغيره من طريق مالك عن نجيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي سعيد الخدري أو عن أبي هريرة: بمثله.

ومثله رواه الترمذي 7/ 120 (2391). وقال: هكذا روي هذا الحديث عن مالك بن أنس من غير وجه مثل هذا، وشك فيه، وقال: عن أبي هريرة أو عن أبي سعيد، وعبيد الله بن عمر رواه عن خبيب بن عبد الرحمن ولم يشك فيه يقول عن أبي هريرة. اه.

* * *

628 -

وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: سَمِعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كلُّ امرِئ في ظِلِّ صَدَقتِهِ، حَتَّى يُفصَلَ بين الناس". رواه ابن حبان والحاكم.

رواه أحمد 4/ 147 - 148 وابن حبان في "الموارد"(817) وفي "الصحيح" 5/ 131 - 132 والحاكم 1/ 577 والبغوي في "شرح السنة" 6/ 136 وابن خزيمة 4/ 94 كلهم من طريق عبد الله بن

ص: 464

المبارك عن حرملة بن عمران أنه سمع يزيد بن أبي حبيب يحدث أن أبا الخير قد حدثه أنه. سمع عقبة بن عامر يقول: كل امرئٍ في ظل صدقته حتى يقضى بين الناس، أو قال: حتى يحكم بين الناس. قال يزيد: وكان أبو الخير: لا يخطئه يوم لا يتصدق فيه بشيء ولو كعكة ولو بصلة. اه.

لم يذكر ابن حبان التردد بل قال: حتى يقضى بين الناس.

قال الحاكم 1/ 576: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. اه.

ووافقه الذهبي.

قلت: رجاله ثقات. وإسناده قوي وأبو الخير اسمه مرثد بن عبد الله اليزني. وقد سبق الكلام عليه في كتاب الطهارة عند حديث كلي في صفة الوضوء.

وصحح الحديث ابن خزيمة وابن حبان.

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 3/ 110 رواه كله أحمد وأبو يعلى والطبراني في "الكبير" بعضه. ورجال أحمد ثقات. اه.

* * *

629 -

وعن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: "أيُّما مسلمٍ كَسا مُسلِمًا ثوبًا على عُرْي، كَساه اللهُ مِن خُضْرِ الجنَّةِ، وأيُّما مُسلمٍ أطعمَ مسلمًا على جوعٍ، أطعَمَهُ اللهُ

ص: 465

مِن ثمارِ الجنَّةِ، وأيُّما مسلمٍ سَقَى مُسلِمًا على ظَمَأٍ سقاهُ اللهُ من الرحيقِ المختومِ". رواه أبو داود وفي إسناده لين.

رواه أبو داود (1682) قال: حدثنا علي بن الحسين بن إبراهيم ابن إشكاب ثنا أبو بدر ثنا أبو خالد -الذي كان ينزل في بني دالان- عن نُبيح عن أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أيما مسلم كسا مسلمًا ثوبا على عريٍ كساه الله من خضر الجنة، وأيما مسلم أطعم مسلمًا على جوع أطعمه الله من ثمار الجنة، وأيما مسلم سقى مسلمًا على ظمإٍ سقاه الله عز وجل من الرحيق المختوم".

ورواه أيضًا البيهقي 4/ 185 من طريق أبي داود به.

ونُبيح بن عبد الله العنزي. قال أبو زرعة: ثقة لم يرو عنه غير الأسود بن قيس. اه. وذكره ابن حبان في "الثقات".

وقال العجلي: كوفي ثقة. اه. وذكره علي بن المديني في جملة المجهولين الذين يروي عنهم الأسود بن قيس. وصحح الترمذي حديثه. وكذلك ابن خزيمة والحاكم وابن حبان.

وأبو خالد اسمه يزيد بن عبد الرحمن بن أبي سلامة الدالاني الأسدي الكوفي قال ابن معين: ليس به بأس. اه. وكذا قال النسائي.

وقال أبو حاتم: صدوق ثقة. اه. وقال أحمد بن حنبل: لا بأس به. اه. وقال الحاكم أبو أحمد: لا يتابع في بعض حديثه. اه. وقال ابن سعد: منكر الحديث. اه. وقال ابن حبان في "الضعفاء": كان يكثر الخطأ فاحش الوهم. خالف الثقات في الروايات حتى إذا

ص: 466

يسمعها المبتدئ في هذه الصناعة علم أنها معمولة أو مقلوبة، لا يجوز الاحتجاج به إذا وافق فكيف إذا انفرد بالمعضلات. اه. وقال الحاكم: إن الأئمة المتقدمين شهدوا له بالصدق والإتقان. اه. وقال ابن عبد البر: ليس بحجة. اه.

وأما أبو بدر اسمه شجاع بن الوليد بن قيس السكوني، لا بأس به. فقد قال المروزي: قلت: لأحمد: ثقه هو؟ قال: أرجو أن يكون صدوقًا. اه. وقال حنبل: قال أبو عبد الله: كان أبو بدر شيخًا صالحًا صدوقًا كتبنا عنه قديمًا. قال: ولقيه ابن معين يومًا فقال له: يا كذاب. فقال له الشيخ: إن كنت كذابًا وإلا فهتك الله. قال أبو عبد الله: فأظن دعوة الشيخ أدركته. اه.

وقال ابن خيثمة عن ابن معين: شجاع بن الوليد ثقة. اه. ووثقه العجلي.

وقال أبو حاتم: عبد الله بن بكر السهمي أحب إلى منه، وهو شيخ ليس بالمتين لا يحتج بحديثه. اه. وقال أبو زرعة: لا بأس به. اه.

* * *

630 -

وعن حكيمٍ بن حزامٍ رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: "اليدُ العليا خيرٌ من اليدِ السُّفلَى، وابدَأْ بمَنْ تَعولُ، وخيرُ الصَّدَقَةِ ما كان عن ظَهْرِ غِنًى، ومَن يَستعفِفْ يُعِفُّهُ اللهُ، ومَن يَستَغْنِ يُغْنِهِ الله". متفق عليه.

ص: 467

رواه البخاري (1427) وأحمد 3/ 403 والبغوي في "شرح السنة" 3/ 116 والبيهقي 4/ 77 كلهم من طريق هشام عن أبيه عن حكيم ابن حزام بن خويلد مرفوعًا.

ورواه مسلم 2/ 717 من طريق عمرو بن عثمان قال: سمعت موسى بن طلحة يحدث أن حكيم بن حزام حدثه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"أفضل الصدقة -أو خير الصدقة- عن ظهر غِنًى، واليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول".

ورواه مسلم أيضًا 2/ 717 والبغوي في "شرح السنة" 6/ 115. كلاهما من طريق عروة بن الزبير وسعيد بن المسيب عن حكيم بن حرام قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاني، ثم سألته فأعطاني، ثم سألته فأعطاني، ثم قال: "إن هذا المال خضرة حلوة، فمن أخذَهُ بطيبِ نفسٍ بُورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه. وكان كالذي لا يشبع. واليدُ العليا خير من اليد السفلى".

ورواه مسلم 2/ 717 والدارمي 1/ 389 وأحمد 3/ 402 كلهم من طريق موسى بن طلحة عن حكيم بن حزام به مرفوعًا.

* * *

631 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قيل: يا رسولَ اللهِ أيُّ الصَّدَقَةِ أفضلُ؟ قال: "جُهْدُ المُقِلِّ، وابدأْ بمن تَعولُ". أخرجه أحمد وأبو داود وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم.

ص: 468

رواه أحمد 2/ 358 وأبو داود (1677) والحاكم 1/ 574 وابن خزيمة 4/ 102 والبيهقي 4/ 180 كلهم من طريق الليث بن سعد عن أبي الزبير عن يحيى بن جعدة عن أبي هريرة أنه قال: يا رسول الله أي الصدقة أفضل؟ قال: "جهد المقل، وابدأ بمن تعول".

قلت: رجاله ثقات. وإسناده قوي.

قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. اه. ووافقه الذهبي.

قلت: وهذا لا يسلم له. فإن يحيى بن جعدة لم يرو له مسلم. قال ابن عبد الهادي في "المحرر" 1/ 358 لما نقل كلام الحاكم تعقبه فقال: ليس كذلك فإن يحيى، لم يرو له مسلم. ولكن وثقه أبو حاتم وغيره. اه.

وممن وثقه أيضًا النسائي. وقد ذكره ابن حبان في "الثقات". وقد صححه الشيخ الألباني حفظه الله. كما في "الإرواء" 3/ 317 وهناك جمع طرق الحديث وفي الباب أحاديث تأتي في آخر الباب.

* * *

632 -

وعنه رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "تَصَدَّقُوا" فقال رجل: يا رسولَ الله عندي دينارٌ، قال:"تَصَدَّقْ به على نَفسِكَ"، فقال: عندي آخرُ، قال:"تصدق به على ولدِكَ"، قال: عندي آخرُ، قال:"تَصدَّقْ به على خادِمكَ"، قال: عندي

ص: 469

آخرُ، قال:"أنت أبصر". رواه أبو داود والنسائي وصححه ابن حبان والحاكم.

رواه أبو داود (1691) والنسائي 5/ 62 وأحمد 2/ 251 وابن حبان في "الموارد"(828) والحاكم 1/ 575 والبغوي في "شرح السنة" 6/ 193 كلهم من طريق محمد بن عجلان عن المقبري عن أبي هريرة قال: أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصدقة. فقال رجل: يا رسول الله، عندي دينار فقال:

فذكره.

قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. اه. ووافقه الذهبي.

قلت: إسناده لا بأس به. ومحمد بن عجلان ثقه غير أنه تكلم في حديثه عن أبي هريرة. لهذا قال ابن معين: ثقه أوثق من محمد ابن عمر وما يشك في هذا أحد. كان داود بن قيس يجلس إلى ابن عجلان يتحفظ عنه، وكان يقول: إنها اختلطت على ابن عجلان -يعني أحاديث سعيد المقبري-. اه.

وقال يحيى القطان عن ابن عجلان: كان سعيد المقبري يحدث عن أبي هريرة وعن أبيه عن أبي هريرة وعن رجل عن أبي هريرة، فاختلطت عليه فجعلها كلها عن أبي هريرة. اه.

ولما ذكر ابن حبان في كتاب "الثقات" هذه القصة قال: ليس هذا يوهن الإنسان به، لأن الصحيفة كلها في نفسها صحيحه. وربما قال ابن عجلان عن سعيد عن أبيه عن أبي هريرة. فهذا مما حمل

ص: 470

عنه قديمًا قبل اختلاط صحيفته. فلا يجب الاحتجاج إلا بما يروي عنه الثقات. اه.

وهذا الحديث رواه عنه سفيان ويحيى وغيرهم. وللحديث شاهد عن جابر سيأتي في أحاديث الباب.

* * *

633 -

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "إذا أنفقَتِ المرأةُ مِن طعامِ بيتِها غيرَ مُفسِدَةٍ، كان لها أجرُها بما أنفقَتْ، ولزوجِها أجرُهُ بما اكتسَبَ، وللخادِمِ مِثلُ ذلك، لا ينقُصُ بعضُهُم مِن أجرِ بعضٍ شيئًا". متفق عليه.

رواه البخاري (1437) ومسلم 2/ 710 والبغوي في "شرح السنة" 6/ 201 وأبو داود (1685) وابن ماجه (2294) وأحمد 6/ 44. كلهم من طريق شقيق عن مسروق عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أنفقت المرأة من بيت زوجها غيرَ مفسدةٍ كان لها أجرها، وله مثله بما اكتسب، ولها بما أنفقت. وللخازن مثل ذلك، من غير أن ينقص من أجورهم شيئًا". هذا اللفظ لمسلم.

وعند البخاري "إذا تصدقت المرأة من طعام زوجها غير مفسدة كان لها أجرها ولزوجها بما كسب، وللخازن مثل ذلك".

* * *

ص: 471

634 -

وعن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: جاءَتْ زينبُ امرأةُ ابنِ مسعودٍ فقالت: يا رسولَ الله إنكَ أمرتَ اليومَ بالصَّدَقَةِ، وكان عندي حُلِيٌّ لي فأردتُ أن أتصدَّقَ به، فزعَمَ ابنُ مسعودٍ أنَّه وولدَهُ أحقُّ مَن تَصدَّقْثُ به عليهم؟ فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"صَدَقَ ابنُ مسعودٍ، زوجُكِ وولدُكِ أحقُّ مَن تَصدَّقْتِ به عليهِم". رواه البخاري.

رواه البخاري (1462) قال: حدثنا ابن أبي مريم أخبرنا محمد ابن جعفر قال: أخبرني زيد عن عياض بن عبد الله عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أضحى أو فطر إلى المصلى، ثم انصرف فوعظ الناس وأمرهم بالصدقة. فقال:"أيها الناس، تصدقوا" فمرَّ على نساء فقال: "يا معشر النساء تصدقن، فإني رأيتكن أكثر أهل النار". فقلن: وبم ذلك يا رسول الله؟ قال: "تكثرن اللعن، وتكفرن العشير، ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للُبِّ الرجل الحازم من إحداكنَّ يا معشر النساء". ثم انصرف. فلما صار إلى منزله جاءت زينب امرأة ابن مسعود تستأذن عليه، فقيل: يا رسول الله هذه زينب فقال: "أي الزيانب؟ " فقيل: امرأة ابن مسعود. قال: "نعم، ائذنوا لها"، فأُذن لها، قالت: يا نبي الله، إنك أمرت اليوم بالصدقة، وكان عندي حُليٌّ لي فأردت أن أتصدق بها، فزعم ابن مسعود أنه وولده أحق من تصدقت به عليهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"صدق ابن مسعود، زوجك وولدك أحق من تصدَّقت به عليهم".

ص: 472

رواه البغوي في "شرح السنة" 6/ 36 من طريق البخاري به.

وفي الباب عدة أحاديث:

أولًا: في معنى حديث حكيم بن حزام عدة أحاديث عن أبي أُمامة وجابر وابن عمر وطارق المحاربي وابن مسعود.

أولًا: حديث أبي أُمامة رواه مسلم 2/ 718 وأحمد 5/ 262 والبيهقي 4/ 182 كلهم من طريق عكرمة بن عمار حدثنا شداد، قال: سمعت أبا أُمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا ابن آدم! إنك إن تبذل الفضل خير لك، وإن تمسكه شرٌّ لك، ولا تلام على كفاف، وابدأ بمن تعول، واليد العليا خير من اليد السفلى".

ثانيًا: حديث جابر بن عبد الله رواه أحمد 3/ 330 وابن حبان "الموارد"(826) كلاهما من طريق ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابرًا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفضل الصدقة ما كان عن ظهر غنى، وابدأ بمن تعول".

قلت: إسناده قوي.

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 3/ 115 رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. اه.

ثالثًا: حديث ابن عمر رواه أحمد 2/ 4 من طريق ابن عجلان عن القعقاع بن حكيم قال: كتب عبد العزيز بن مروان إلى ابن عمر أن ارفع إليَّ حاجتك، قال: فكتب إليه ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: "إن اليدَ العُليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول"، ولستُ أسألُكَ شيئًا ولا أردُّ رِزقًا رزقَنِيه اللهُ منكَ.

ص: 473

قلت: وهذا إسناد لا بأس به، وقد رواه أحمد 2/ 93 من طريق إسحاق بن سعيد عن أبيه عن ابن عمر، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "المسألة كدوح في وجه صاحبها يوم القيامة، فمن شاء فليستبق على وجهه، وأهون المسألة مسألة ذي الرحم تسأله في حاجته، وخير المسألة المسألة عن ظهر غنى، وابدأ بمن تعول". وإسناده قوي.

وأخرجه الدارمي 1/ 389 من طريق حماد بن زيد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "اليد العليا خير من اليد السفلى"، قال:"واليد العليا يد المعطي، واليد السفلى يد السائل".

رابعًا: حديث طارق المحاربي رواه النسائي 5/ 61 وابن حبان في "الموارد"(810) كلاهما من طريق الفضل بن موسى عن يزيد ابن زياد بن أبي الجعد عن جامع بن شداد عن طارق المحاربي قال: قدمت المدينة فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قائم يخطب الناس، وهو يقول:"يد المعطي العليا، وابدأ بمن تعول، أمك وأباك، وأختك وأخاك، ثم أدناك أدناك".

قلت إسناده لا بأس به.

ويزيد بن زياد بن أبي الجعد قال أحمد وابن معين والعجلي عنه: ثقة. اه، وقال أبو زرعة شيخ. اه. وقال أبو حاتم: ما بحديثه بأس. اه.

ص: 474

خامسًا: حديث ابن مسعود رواه الطبراني في "الكبير" 10/ رقم (10455) والبزار كما في "كشف الأستار" 2/ 376 رقم (1887) كلاهما من طريق حرمي بن حفص القسملي حدثنا زياد بن عبد الرحمن القرشي حدثنا عاصم بن بهدلة عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اليد العليا أفضل من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول، أمك وأباك وأختك وأخاك وأدناك فأدناك".

قلت: رجاله لا بأس بهم. وعاصم بن أبي النجود حسن الحديث كما سبق. لهذا قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 3/ 120: إسناده حسن. اه.

ثانيًا: وفي معنى حديث أبي هريرة قال: قيل: يا رسول الله أي الصدقة أفضل؟ قال: "جهد المقل

" الحديث. ورد في الباب عن أبي ذر وأبي أمامة.

أولًا: حديث أبي ذر رواه أحمد 5/ 178 والدارمي في "الرد على الجهمية"(298) والبزار في "كشف الأستار" 1/ 93 (160) وأبو داود الطيالسي (478) كلهم من طريق المسعودي قال: أنبأني أبو عمر الدمشقي عن عبيد بن الخشخاش عن أبي ذر قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد -فذكر الحديث بطوله وفي آخره- قلت: يا رسول الله: فالصدقة، قال:"أضعاف مضاعفة"، قلت: يا رسول الله! فأيها أفضل، قال:"جهد من مقل أو سر إلى فقير".

قلت: إسناده ضعيف جدًا؛ لأن فيه المسعودي وهو ضعيف لاختلاطه وقد سبق الكلام عليه.

ص: 475

ورواية أبي داود الطيالسي كانت بعد الاختلاط كما في "الكواكب" ص 288 وأيضًا فيه أبو عمر الدمشقي قال الدارقطني عنه: متروك. اه.

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 3/ 116 فيه أبو عمرو الدمشقي وهو متروك. اه. وأما عبيد الخشخاش فهو لين الحديث.

ثانيًا: حديث أبي أُمامة رواه أحمد 5/ 265 قال: ثنا أبو المغيرة ثنا معان بن رفاعة حدثني علي بن يزيد عن القاسم أبي عبد الرحمن عن أبي أُمامة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد جالسًا وكان

فذكر الحديث بطوله وفي آخره قلت: يا نبي الله: أرأيت الصدقة ماذا؟ قال: "أضعاف مضاعفة وعند الله المزيد" قال: قلت: يا نبي الله، فأي الصدقة أفضل؟ قال:"سر إلى فقير، وجهد من مقل".

ورواه الطبراني في "الكبير" 8/ رقم (787) من طريق علي بن يزيد به.

قلت: إسناده ضعيف؛ لأن فيه علي بن يزيد وهو الألهاني. قال حرب عن أحمد هو دمشقي كأنه ضعفه. اه. وقال محمد بن عمر: قال: يحيى بن معين: علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أُمامة ضعاف كلها. اه. وقال يعقوب: علي بن يزيد واهي الحديث كثير المنكرات. اه.

وقال البخاري: منكر الحديث. اه. وقال أبو زرعة الرازي: ليس بالقوي. اه. وقال الدارقطني: متروك. اه.

ص: 476

وبه أعله الهيثمي في "مجمع الزوائد" 3/ 116 وقال ابن كثير في "تفسيره" 1/ 586: معان ابن رفاعة السلامي ضعيف وعلي بن يزيد ضعيف والقاسم بن عبد الرحمن ضعيف أيضًا. اه.

ثالثًا: وفي معنى حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تصدقوا" فقال رجل: يا رسول الله: عندي دينار؟ قال: "تصدق به على نفسك" قال: عندي آخر، قال: "تصدق به على ولدك

" الحديث. فقد ورد في معناه حديث جابر عند مسلم 2/ 692 والنسائي 5/ 69 وأحمد 3/ 305. كلهم من طريق أبي الزبير عن جابر قال: أعتق رجل من بني عذرة عبدًا له عن دبر. فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "ألك مال غيره؟ " فقال لا. فقال: "من يشتريه مني؟ " فاشتراه نعيم ابن عبد الله العدوي بثمان مئة درهم. فجاء بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فدفعها إليه، ثم قال: "ابدأ بنفسك فتصدق عليها، فإن فضل شيء فلأهلك، فإن فضل عن أهلك شى فلذي قرابتك، فإن فضل عن ذي قرابتك شيء فهكذا وهكذا" يقول:"فبين يديك وعن يمينك وشمالك".

وفي معنى حديث عائشة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا أنفقت المرأة من طعام زوجها" ورد فيه حديث أبي موسى وأبي هريرة.

أولًا: حديث أبي موسى رواه البخاري (1438) ومسلم 2/ 710 والبغوي في "شرح السنة" 6/ 206 كلهم من طريق بريد بن عبد الله ابن أبي بردة قال: أخبرني جدي أبو بردة عن أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الخازن الأمين الذي يُنفِذ -وربما قال:

ص: 477

يعطي- ما أُمر به، فيعطيه كاملًا مُوَفّرًا، طيبةً به نفسُه، فيدفعه إلى الذي أُمر له به أحدُ المتصدقينَ".

ثانيًا: حديث أبي هريرة رواه البخاري (2066) وأبو داود (1678) وأحمد 2/ 316 كلهم من طريق عبد الرزاق عن معمر عن همام قال: سمعت أبا هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أنفقت المرأة من كسب زوجها عن غير أمره فلها نصف أجره".

وفي معنى حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: جاءت زينب امرأة ابن مسعود، فقالت: يا رسول الله؛ إنك أمرت اليوم بالصدقة، وكان عندي حلي، فأردت أن أتصدق به، فزعم ابن مسعود أنه وولده أحق من تصدقت به عليهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "صدق ابن مسعود

".

فقد ورد في هذا المعنى حديث زينب امرأة ابن مسعود هكذا من مسندها.

أخرجه البخاري (1466) ومسلم 2/ 694 وأحمد 2/ 502 والنسائي 5/ 92 كلهم من طريق الأعمش قالط: حدثني شقيق عن عمرو بن الحارث عن زينب امرأة عبد الله بن مسعود قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تصدقن يا معشر النساء! ولو من حليكن"، قالت: فرجعت إلى عبد الله فقلت: إنك رجل خفيف ذات اليد. وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمرنا بالصدقة، فأته -فاسأله، فإن كان ذلك يجزئ عني، وإلا صرفتها إلى غيركم، قالت: فقال لي عبد الله: بل ائتيه أنت، قالت: فانطلقت فإذا امرأة من الأنصار بباب رسول الله صلى الله عليه وسلم -

ص: 478

حاجتي حاجتها، قالت: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ألقيت عليه المهابة، قالت: فخرج علينا بلال، فقلنا له: ائت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره أن امرأتين بالباب تسألانك: أتجزي الصدقة عنهما على أزواجهما، وعلى أيتام في حُجُورهما؟ ولا تخبره من نحن، قالت: فدخل بلال على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من هما؟ " فقال: امرأة من الأنصار وزينب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أي الزيانب؟ " قال: امرأة عبد الله فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لهما أجران: أجر القرابة وأجر الصدقة".

* * *

ص: 479