الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب: ما جاء في زكاة بهيمة الأنعام
597 -
وعن أنسٍ رضي الله عنه أن أبا بكرٍ الصدِّيقَ رضي الله عنه كتبَ له "هذه فريضةُ الصدَقَةِ التي فرضَها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على المسلمينَ، والتي أمرَ اللهُ بها رسولَه: في أربعٍ وعشرينَ مِن الإبلِ فما دُونَها الغنمُ
…
". رواه البخاري.
رواه البخاري (1448)، (1454) وابن ماجه (1800) وابن خزيمة 4/ 27 والبيهقيُّ 4/ 58 والدارقطني 2/ 113 كلهم من طريق محمَّد بن عبد الله بن المثنى الأنصاري قال: حدثني أبي قال: حدثني ثمامة بن عبد الله بن أنس، أن أنسًا حدثه: أن أبا بكر رضي الله عنه كتب له هذا الكتاب لما وجَّهه إلى البحرين: بسم الله الرحمن الرحيم هذه فريضة الصدقة التي فرضها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين، والتي أمر اللهُ بها رسولَه؛ فمن سُئلها من المسلمين على وجهها فليعطها، ومن سئل فوقها فلا يعط: في أربع وعشرين من الإبل فما دونها من الغنم، من كل خمس شاة، فإذا بلغت خمسًا وعشرين إلى خمس وثلاثين ففيها بنت مخاض أنثى؛ فإذا بلغت ستًا وثلاثين إلى خمس وأربعين ففيها بنت لبون أنثى؛ فإذا بلغت ستًا وأربعين إلى ستين ففيها حِقَّهٌ طروقةُ الجمل، فإذا بلغت واحدة وستين إلى خمس وسبعين ففيها جَذَعَةٌ، فإذا بلغت -يعني- ستًا وسبعين إلى تسعين ففيها بنتا لبون؛ فإذا بلغت إحدى وتسعين
إلى عشرين ومئة ففيها حِقتان طروقتا الجملِ؛ فإذا زادت على عشرين ومئة ففي كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حِقَّة، ومن لم يكن معه إلا أربع من الإبل فليس فيها صدقة، إلا أن يشاء ربُّها، فإذا بلغت خمسًا من الإبل ففيها شاة، وفي صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومئة شاة، فإذا زادت على عشرين ومئة إلى مئتين شاتان، فإذا زادت على مئتين إلى ثلاث مئة ففيها ثلاث؛ فإذا زادت على ثلاث مئة ففي كل مئة شاة؛ فإذا كانت سائمة الرجلِ ناقصةً من أربعين شاةً واحدةً فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربُّها، وفي الرِّقة ربع العشر؛ فإن لم تكن إلا تسعين ومئة فليس فيها شيء إلا أن يشاء ربها.
ورواه أبو داود (1567) والنسائيُّ 5/ 18 والبيهقي 4/ 86 والدارقطني 2/ 114 والحاكم 1/ 548 كلهم من طريق حماد بن سلمة قال: أخذت هذا الكتاب من ثمامة بن عبد الله بن أنس عن أنس بن مالك فذكره إلا أن أبا داود لم يذكر جميع لفظه.
قال ابن التركماني في "الجوهر" 4/ 89 ذكر الدارقطني في كتاب "التتبع على الصحيحين" أن ثمامة لم يسمعه من أنس ولا سمعه عبد الله بن المثنى من ثمامة، وفي "الأطراف" للمقدسي قيل لابن معين: حديث ثمامة عن أنس في الصدقات. قال: لا يصح وليس بشيء ولا يصلح في هذا حديث. قلت -أي ابن التركماني- ثمَّ عبد الله بن المثنى متكلم فيه، قال الساجي: ضعيف منكر الحديث وقال أبو داود: لا أخرج حديثه. اه.
قلت: لم ينفرد به عبد الله بن المثنى بل تابعه حماد بن سلمة كما سبق، وأيضًا أيوب قال: رأيت عند ثمامة بن عبد الله بن أنس كتابًا كتبه أبو بكر الصديق لأنس بن مالك حين بعثه على صدقة البحرين عليه خاتم النبي صلى الله عليه وسلم. أخرجه البيهقي 4/ 87.
وقال البيهقي في "المعرفة" كما نقله الزيلعي في "نصب الراية" 2/ 337: هو حديث صحيح موصول إلا أن بعض الرواة قصر به؛ فرواه كذلك -يعني سند أبي داود- ثمَّ إن بعض من يدعى معرفة الآثار تعلق عليه وقال: هذا منقطع وأنتم لا تثبتون المنقطع، وإنما وصله عبد الله بن المثنى عن ثمامة عن أنس، وأنتم لا تجعلون ابن المثنى حجة، ولم يعلم أن يونس بن محمَّد المؤدب قد رواه عن حماد بن سلمة عن ثمامة عن أنس أن أبا بكر رضي الله عنه كتب له وقد أخرجناه في كتاب "السنن". كذلك رواه سريج بن النعمان عن حماد بن سلمة به، ورواه إسحاق بن راهويه وهو إمام عن النضر بن شميل وهو أتقن أصحاب حماد ثنا حماد بن سلمة به ثمَّ أخرجه كذلك. قال: ولا نعلم من الحفاظ أحدًا استقصى في انتقاد الرواة ما استقصاه محمَّد بن إسماعيل البخاري رضي الله عنه مع إمامته في معرفة علل الأحاديث وأسانيدها، وهو قد اعتمد فيه على حديث ابن المثنى فأخرجه في "صحيحه" وذلك لكثرة الشواهد له بالصحة. اه.
ولما ذكر الحافظ حديث حماد بن سلمة ورواياته قال في "الفتح" 3/ 318: فوضح أن حمادًا سمعه من ثمامة وأقرأه الكتاب فانتفى
تعليل من أعله بكونه مكاتبه، وانتفى من أعله بكون عبد الله بن المثنى لم يتابع عليه. اه.
وقال ابن حزم في "المحلى" 6/ 20: وهذا الحديث في نهاية الصحة، وعمل أبي بكر الصديق بحضرة جميع الصحابة لا يعرف له منهم مخالف أصلًا. اه.
وصححه ابن حبَّان وغيره وانتصر الحافظ ابن حجر في "تلخيص الحبير" 2/ 158 لتصحيحه.
وقال الدارقطني 2/ 116 عن إسناد حماد بن سلمة: إسناده صحيح وكلهم ثقات.
وقال الحاكم 1/ 548: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه هكذا، إنما انفرد بإخراجه البخاري من وجه آخر عن ثمامة ابن عبد الله. اه.
وفي الباب أحاديث ستأتي بعد قليل.
* * *
598 -
وعن مُعاذ بن جبلٍ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم بعثَهُ إلى اليمنِ، فأمرَه أن يأخذَ مِن كلِّ ثلاثينَ بقرةً تبيعًا أو تبيعةً، ومِن كلِّ أربعينَ مُسِنَّةً، ومن كُلِّ حالمٍ دينارًا أو عَدْلَهُ مَعَافِرِيًّا رواه الخمسة واللفظ لأحمد، وحسنه الترمذي، وأشار إلى اختلاف في وصله، وصححه ابن حبَّان والحاكم.
رواه أبو داود (1576) والنسائيُّ 5/ 25 والترمذي (623) وابن ماجه (1803) وابن خزيمة 4/ 19 والبيهقي 4/ 98 والبغويُّ في "شرح السنة" 6/ 19 والحاكم 1/ 555 كلهم من طريق الأعمش عن أبي وائل عن مسروق عن معاذ قال: بعثني النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن، فأمرني أن آخذ من كل ثلاثين بقرة تبيعًا أو تبيعة، ومن كل أربعين مسنة، ومن كل حالم دينارًا أو عدله معافر. هذا لفظ الترمذي.
قلت: اختلف في وصله وإرساله ورجح الترمذي والدارقطني إرساله.
قال الترمذي 2/ 204: هذا حديث حسن، وروى بعضهم هذا الحديث عن سفيان عن الأعمش عن أبي وائل عن مسروق: أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذًا إلى اليمن فأمره أن يأخذ
…
وهذا أصح. اه.
ونقل الحافظ ابن حجر في "التلخيص" 4/ 136 عن أبي داود أنَّه قال: هو حديث منكر وبلغني عن أحمد أنَّه كان ينكره. اه.
وقال الحاكم 1/ 555: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. اه.
قلت: قد اختلف العلماء في سماع مسروق من معاذ.
قال الحافظ ابن حجر في "تلخيص الحبير" 2/ 160 ورجح الترمذي والدارقطني في "العلل" الرواية المرسلة، ويقال: إن مسروقًا أيضًا لم يسمع من معاذ، وقد بالغ ابن حزم في تقرير ذلك، وقال ابن القطان: هو على الاحتمال، وينبغي أن يحكم لحديثه بالاتصال على رأي الجمهور، وقال ابن عبد البر في التمهيد: إسناده صحيح
ثابت، وهم عبد الحق فنقل عنه أنَّه قال: مسروق لم يلق معاذًا، وتعقبه ابن القطان بأن أبا عمر إنما قال ذلك في رواية مالك عن حميد بن قيس عن طاووس عن معاذ، وقد قال الشافعي: طاووس عالم بأمر معاذ وإن لم يلقه لكثرة من لقيه ممن أدرك معاذًا، وهذا مما لا أعلم من أحد فيه خلافًا. انتهى ما نقله وقاله الحافظ ابن حجر.
ولما ذكر الألباني حفظه الله في "الإرواء" 3/ 269 قول الحاكم: على شرط الشيخين وموافقة الذهبي، قال الألباني: وهو كما قالا، وقد قيل: إن مسروقًا لم يسمع من معاذ فهو منقطع ولا حجة على ذلك، وقد قال ابن عبد البر: الحديث ثابت متصل. اه.
ورواه أحمد 5/ 240 قال: ثنا معاوية عن عمرو وهارون بن معروف قالا: ثنا عبد الله بن وهب قال: هارون في حديثه قال: وقال: حيوة عن أبي حبيب وقال معاوية: عن حيوة عن يزيد عن سلمة بن أسامة عن يحيى بن الحكم أن معاذًا قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أصدق أهل اليمن، وأمرني أن آخذ من البقر من كل ثلاثين تبيعًا. قال هارون: والتبيع الجذع أو الجذعة ومن كل أربعين مسنة
…
الحديث بطوله.
قلت: يحيى بن الحكم هو ابن الحكم بن أبي العاص بن أمية معروف اسمه ونسبه لكن حاله فيها جهالة.
وذكر الحافظ ابن حجر في "تعجيل المنفعة" ص 442: أنَّه لم يدرك معاذًا؛ لأن وفاته قديمة.
وأقره الألباني في "الإرواء" 3/ 268.
ورواه البيهقي 4/ 98 من طريق حميد بن قيس عن طاووس اليماني أن معاذ بن جبل رضي الله عنه أخذ من ثلاثين بقرة تبيعًا ومن أربعين مسنة، وأُتي بما دون ذلك فأبى أن يأخذ منه شيئًا، وقال: لم أسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه شيئًا حتى ألقاه فأسأله. فتوفى رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يقدم معاذ.
وقال عبد الحق في "الأحكام الوسطى" 2/ 163: هذا هو الصحيح أن معاذ بن جبل قدم معاذ بعدما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وطاووس لم يدرك معاذًا. اه.
قلت: حديث معاذ وإن كان فيه ضعف إلا أن العلماء أخذوا به وما زالوا يفتون به وعليه العمل.
قال الحافظ ابن حجر في "تلخيص الحبير" 2/ 160: قال البيهقي: طاووس وإن لم يلق معاذًا إلا أنَّه يماني، وسيرة معاذ بينهم مشهورة، وقال عبد الحق: ليس في زكاة البقر حديث متفق على صحته يعني في النصب، وقال ابن جرير الطبري: صح الإجماع المتيقن المقطوع به الذي لا اختلاف فيه: أن في كل خمسين بقرة بقرة؛ فوجب الأخذ بهذا، وما دون ذلك فمختلف فيه ولا نص في إيجابه، وتعقبه صاحب "الإمام" بحديث عمرو بن حزم الطويل في الديات وغيرها؛ فإن فيه: في كل ثلاثين باقورة تبيع جذع أو جذعة، وفي كل أربعين باقورة بقرة، وقال ابن عبد البر في "الاستذكار": لا خلاف بين العلماء أن السنة في زكاة البقر على ما في حديث معاذ هذا، وأنه النصاب المجمع عليه فيها. اه.
وفي الباب عن جابر وأبي سعيد الخدري وابن عمر وعبد الله بن مسعود وابن عباس وبهز بن حكيم وعلي بن أبي طالب:
أولًا: حديث جابر سيأتي بعد عدة أبوب.
ثانيًا: حديث أبي سعيد سيأتي أيضًا.
ثالثًا: حديث ابن عمر رواه أبو داود (1568) والترمذي (621) وأحمد 2/ 14 - 15 والبيهقيُّ 4/ 88 والحاكم 1/ 549 كلهم من طريق سفيان بن الحسين عن الزهري عن سالم عن أبيه قال: كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم كتاب الصدقة فلم يخرجه إلى عماله حتى قبض، فقرنه بسيفه، فعمل به أبو بكر حتى قبض، ثمَّ عمل به عمر حتى قبض، فكان فيه: "في خمسٍ من الإبل شاة، وفي عشر شاتان، وفي خمس عشرة ثلاث شياهٍ، وفي عشرين أربع شياه، وفي خمسٍ وعشرين ابنة مخاض إلى خمسٍ وثلاثين؛ فإذا زادت واحدةً ففيها ابنة لبونٍ إلى خمسٍ وأربعين؛ فإذا زادت واحدة ففيها حقة إلى ستين؛ فإذا زادت واحدة ففيها جذعة إلى خمسٍ وسبعين؛ فإذا زادت واحدة ففيها ابنتا لبونٍ إلى تسعين؛ فإذا زادت واحدةً ففيها حقتان إلى عشرين ومئة، فإن كانت الإبل أكثر من ذلك ففي كل خمسين حقة، وفي كل أربعين ابنة لبونٍ، وفي الغنم في كلّ أربعين شاةٍ شاةً إلى عشرين ومئة؛ فإن زادت واحدة فشاتان إلى مئتين؛ فإن زادت واحدةً على المئتين ففيها ثلاث شياه إلى ثلاث مئة؛ فإن كانت الغنم أكثر من ذلك ففي كلِّ مئة شاةٍ شاة، وليس فيها شيء حتى تبلغ المئة، ولا يفرق بين مجتمع ولا يجمع بين متفرق مخافة
الصدقة، وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية، ولا يؤخذ في الصدقة هرمة ولا ذات عيب".
قال الزهري: إذا جاء المصدق قسمت الشاة أثلاثًا ثلثًا شرارًا وثلثًا خيارًا وثلثًا وسطًا؛ فأخذ المصدق من الوسط، ولم يذكر الزهري البقر.
قلت: رجاله ثقات؛ غير أن فيه علة وهي أن سفيان بن حسين الواسطي وإن كان ثقة إلا أنه تكلم في حديثه عن الزهري.
قال ابن أبي خيثمة عن يحيى: ثقة في غير الزهري، لا يدفع وحديثه عن الزهري ليس بذاك إنما سمع منه بالموسم. اه.
وكذا قال الدوري عن ابن معين.
وقال المروزي عن أحمد: ليس بذاك في حديثه عن الزهري. اه.
وقال النسائي: ليس به بأس إلا في الزهري. اه.
وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: أما روايته عن الزهري فإن فيها تخاليط يجب أن يجانب وهو ثقة في غير الزهري. اه.
لكن تابعه على رفعه سليمان بن كثير عند ابن ماجه (577) والبيهقي 4/ 88 وسليمان بن كثير لين في الزهري.
لكن الحديث له شواهد كما سبق من حديث أنس.
ونقل البيهقي 4/ 88 عن الترمذي في كتاب "العلل" أنه قال: سألت محمَّد بن إسماعيل البخاري عن هذا الحديث فقال: أرجو أن يكون محفوظًا وسفيان بن حسين صدوق. اه.
وقال الترمذي 2/ 203: حديث ابن عمر حديث حسن والعمل على هذا الحديث عند عامة الفقهاء وقد روى يونس بن يزيد وغير واحد عن الزهري عن سالم هذا الحديث ولم يرفعوه وإنما رفعه سفيان بن حسين. اه.
وقال ابن عدي 3/ 125: قد رواه جماعة عن الزهري عن سالم عن أبيه فوقفوه. اه.
رابعًا: حديث عبد الله بن مسعود رواه الترمذي (622) وفي "العلل الكبير" 1/ 310 وابن ماجه (1804) والبيهقي 4/ 99 كلهم من طريق عبد السلام بن حرب عن خصيف عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "في ثلاثين من البقر تبيع أو تبيعة، وفي كل أربعين مسنة".
قال الترمذي 2/ 203 - 204: هكذا رواه عبد السلام بن حرب عن خصيف وعبد السلام ثقة حافظ، وروى شريك هذا الحديث عن خصيف عن أبي عبيدة عن أبيه عن عبد الله. وأبو عبيدة بن عبد الله لم يسمع من عبد الله أبيه. اه.
وأيضًا في إسناده خصيف بن عبد الرحمن سيئ الحفظ وقد اختلط بآخره وسبق الكلام عليه (1).
(1) راجع باب: تحريم استعمال آنية الذهب والفضة، وباب من أين أهل النبي صلى الله عليه وسلم.
قال عبد الحق الأشبيلي في "الأحكام الوسطى" 2/ 162: أبو عبيدة لم يسمع من أبيه، وقد وصله خصيف عن أبي عبيدة عن أمه عن عبد الله، والذي رواه مقطوعًا أحفظ. اه.
وتعقبه ابن القطان في كتابه "بيان الوهم والإيهام" 2/ 206 فقال: كذا وقع هذا الكلام منه وهو خطأ وتغيير للواقع في "كتاب الترمذي" فإنه يفهم منه أن الموصول من رواية خصيف، والمقطوع من غير روايته وليس كذلك، وما رواه في الحالين إلا خصيف، ولكنه اختلف عليه فعبد السلام بن حرب، وهو حافظ لا يذكر عن أمه ويجعله مقطوعًا، وشريك وهو ممن ساء حفظه، يذكر عن أمه فيجعله موصولًا وكلاهما يرويه عن خصيف عن أبي عبيدة. اه.
وقال الترمذي في "العلل الكبير" 1/ 310: سألت محمَّد بن إسماعيل عن هذا الحديث فقال: رواه شريك عن خصيف عن أبي عبيدة عن أبيه عن عبد الله قال: قلت له: أبو عبيدة ما اسمه؟ فلم يعرف اسمه، وقال: هو كثير الغلط. اه.
وضعف حديث معاذ النووي في "المجموع " 5/ 416.
خامسًا: حديث ابن عباس رواه البيهقي 4/ 99 قال: أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه أنبأ علي بن عمر ثنا أبو سهيل بن زياد ثنا جعفر بن محمَّد الفريابي ثنا عمرو بن عثمان ثنا بقية حدثني المسعودي عن الحكم عن طاووس عن ابن عباس قال: لما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذًا إلى اليمن، أمره أن يأخذ من البقر من كل ثلاثين تبيعًا أو تبيعة جذع أو جذعة، ومن كل أربعين بقرة بقرة
مسنة. فقالوا: فالأوقاص. قال: فقال ما أمرني فيها بشيء وسأسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قدمت عليه، فلما قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم سأله عن الأوقاص فقال:"ليس فيها شيء".
قلت: إسناده ضعيف.
قال الحافظ ابن حجر في "تلخيص الحبير" 2/ 160: هذا موصول لكن المسعودي اختلط، وتفرد بوصله عنه بقية بن الوليد وقد رواه الحسن بن عمارة عن الحكم أيضًا لكن الحسن ضعيف، ويدل على ضعفه قوله فيه: إن معاذًا قدم على النبي صلى الله عليه وسلم من اليمن فسأله ومعاذ لما قدم على النبي صلى الله عليه وسلم كان قد مات. اه.
قلت: حديث الحسن بن عمارة رواه البيهقي 4/ 98 عنه عن الحكم به.
قال البيهقي 4/ 98: وله شاهد أجود منه. اه. يعني به حديث المسعودي.
وقال الحافظ ابن حجر في "تلخيص الحبير" 2/ 160: قال ابن عبد البر: ورواه قوم عن طاووس عن ابن عباس عن معاذ إلا أن الذين أرسلوه أثبت من الذين أسندوه. اه.
وروي من مسند معاذ كما سبق.
والحديث أعله عبد الحق ببقية فقال في "الأحكام الوسطى" 3/ 190: بقية لا يحتج به. اه.
وتعقبه ابن القطان في كتابه "بيان الوهم والإيهام" 3/ 109 فقال لم يعرض لمن هو أضعف منه وهو المسعودي. اه.
وقال أيضًا ابن القطان في كتابه "بيان الوهم الإيهام" 4/ 167 لما نقل قول عبد الحق: أعرض من إسناده عن المسعودي وهو جدًا مختلط، ورأى أن علة الخبر إنما هي كونه من رواية بقية. اه.
سادسًا: حديث بهز بن حكيم سيأتي الكلام عليه في الباب بعد القادم.
سابعًا: حديث علي رواه أبو داود (1572) والدارقطني 2/ 103 والبيهقي 4/ 116 من طريق زهير عن أبي إسحاق عن الحارث وعاصم ابن ضمرة عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "في البقر في كل ثلاثين تبيع وفي الأربعين مسنة وليس على العوامل شيء".
قلت: أبو إسحاق اختلط بآخره، وسماع زهير بن أبي معاوية كان بعد الاختلاط.
قال أبو زرعة كما في "الكواكب النيرات"(86): زهير بن معاوية ثقة إلا أنه سمع من أبي إسحاق بعد الاختلاط. اه.
وقد رواه سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن عاصم عن علي موقوفًا كما عند عبد الرزاق (8642) وسماع سفيان من أبي إسحاق كان قبل الاختلاط.
ورواه ابن أبي شيبة 3/ 130 والدارقطني 2/ 103 من طريق أبي بكر بن عياش عن أبي إسحاق مرفوعًا.
وسيأتي الكلام على الحديث موسعًا في باب: ما جاء في أول ليس في العوامل صدقة. حديث رقم (604).