الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب: أين تؤخذ صدقة الماشية
599 -
وعن عَمرِو بن شُعيب عن أبيه عن جَدِّه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تُؤخَذُ صدقاتُ المسلمينَ على مياهِهِم" رواه أحمد، ولأبي داود:"ولا تُؤخَذُ صدقاتُهم إلا في دُورِهم".
رواه أبو داود (1591) وأحمد 2/ 180 والبيهقي 4/ 110 كلهم من طريق محمَّد بن إسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"تؤخذ صدقات المسلمين على مياههم". هذا لفظ أحمد، وعنده أيضًا بسياق أتم من هذا بلفظ: لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة عام الفتح قام في الناس خطيبًا فقال: "يا أيها الناس، إنه ما كان من حلف في الجاهلية فإن الإِسلام لم يزده إلا شدة، ولا حلفَ في الإِسلام، والمسلمون يَدٌ على من سواهم؛ تكافأ دماؤهم، يجير عليهم أدناهم، ويرد عليهم أقصاهم؛ تُرَدُّ سراياهم على قَعَدِهم، لا يقتل مؤمن بكافر، دية الكافر نصف دية المسلم، لا جلب ولا جنب، ولا تؤخذ صدقاتهم إلا في ديارهم".
قلت: إسناده لا بأس به؛ وقد أعله الشوكاني في "نيل الأوطار" 4/ 156 فقال: الحديث سكت عنه أبو داود والمنذري والحافظ في "التلخيص" وفي إسناده محمَّد بن إسحاق وقد عنعن. اه.
وقد صرح بالتحديث عند البيهقي وأحمد 2/ 216، وقد توبع فقد تابعه عبد الرحمن بن الحارث وأسامة بن زيد كما سيأتي.
أولًا: متابعة عبد الرحمن بن الحارث رواها أحمد 2/ 215 قال: حدثنا إبراهيم بن العباس وحسين بن محمَّد قالا: ثنا عبد الرحمن ابن أبي الزناد عن عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة عن عمرو بن شعيب به.
وقد تكلم في عبد الرحمن بن أبي الزناد، وشيخه عبد الرحمن ابن الحارث.
قال النسائي عن عبد الرحمن بن الحارث: ليس بالقوي. اه.
وقال أحمد: متروك. اه.
وذكره ابن حبان في "الثقات" ووثقه ابن سعد والعجلي وقال ابن معين: ليس به بأس. اه.
وقال أبو حاتم: شيخ. اه.
وقال الحافظ في "التقريب"(3831): صدوق له أوهام. اه.
وأما ابن الزناد فقد قال ابن معين عنه: ضعيف. اه.
وقال مرة أخرى: لا يحتج بحديثه وهو دون الدراوردي. اه.
وقال صالح بن أحمد عن أبيه: مضطرب الحديث. اه.
وقال النسائي: لا يحتج به. اه.
وقال يعقوب بن شيبة: ثقة صدوق وفي حديثه ضعف سمعت علي بن المديني يقول: حديثه بالمدينة مقارب، وما حدث به بالعراق فهو مضطرب. اه.
وقال الترمذي والعجلي: ثقة. اه.
وقال ابن عدي: وهو ممن يكتب حديثه. اه.
وقال الحافظ ابن حجر في "التقريب"(3861): صدوق تغير حفظه لما قدم بغداد وكان فقيهًا. اه.
ثانيًا: متابعة أسامة بن زيد كما هي عند البيهقي 4/ 110 وأحمد 2/ 184 كلاهما من طريق ابن المبارك عنه به مرفوعًا.
وفي إسناده أسامة بن زيد تركه أحمد وغيره وجعله البعض أسامة ابن زيد الليثي، وعلى كلٍّ فإن من اسمه أسامة بن زيد في الكتب الستة ضعيف عدا الصحابي.
وفي الباب عن ابن عمر وعمران بن حصين وعائشة وعبد الله بن عمرو بن العاص:
أولًا: حديث ابن عمر رواه ابن ماجه (1806) قال: حدثنا أبو بدر عباد بن الوليد ثنا محمَّد بن الفضل ثنا ابن المبارك عن أسامة ابن زيد عن أبيه عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تؤخذ صدقات المسلمين على مياههم".
قلت: في إسناده أسامة بن زيد وسبق الكلام عليه.
ولهذا أعله البوصيري في تعليقه على "زوائد ابن ماجه" فقال 1/ 318: هذا إسناد ضعيف بضعف أسامة. اه.
وتعقبه الألباني فقال في "السلسلة الصحيحة" 4/ 382 لما نقل قول البوصيري: لعله أراد أنه أسامة بن زيد العدوي فإنه ضعيف، والأقرب ما ذكرنا أنه الليثي؛ فإنه هو الذي ذكر في الرواة عن عمرو ابن شعيب دون العدوي وكلاهما من شيوخ ابن المبارك. اه.
وقال أيضًا في أسامة بن زيد الليثي خلاف، وهو حسن الحديث. اه.
وقد اختلف في إسناده فرواه أحمد 2/ 184 ثنا عبد الصمد عن عبد الله بن المبارك ثنا أسامة بن زيد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن العاص.
ورواه أبو داود الطيالسي (2264) قال: حدثنا ابن المبارك به، وسيأتي الكلام على هذا الحديث بعد قليل.
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 4/ 382: لما ذكر إسناد ابن عمر السابق: محمَّد بن الفضل هو السدوسي الملقب بـ "عارم" وهو ثقة ولكنه كان اختلط؛ فلا يعتد بمخالفته المتقدمين عبد الصمد وهو ابن عبد الوارث والطيالسي وإسنادهما حسن. اه.
ثانيًا: حديث عمران بن حصين رواه الترمذي (1123) وأبو داود (2581) كلاهما من طريق بشر بن المفضل عن حميد الطويل قال: حدَّث الحسن عن عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا جلب ولا جنب ولا شغار في الإِسلام".
ورواه أحمد 4/ 443 من طريق حماد بن سلمة أنا حميد به بنحوه.
ورواه أيضًا 4/ 439 من طريق الحارث بن عمير عن حميد به بنحوه.
قلت: رجاله لا بأس بهم وصححه الترمذي 4/ 86 فقال: هذا حديث حسن صحيح. اه.
وصححه أيضًا ابن حبان ورواه أحمد 4/ 429 قال: حدثنا محمَّد ابن جعفر ثنا شعبة عن أبي قزعة عن الحسن عن عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا جلب ولا جنب ولا شغار".
وقد اختلف في سماع الحسن من عمران بن حصين، قال: بهز ابن أسد: سمع الحسن من عمران بن حصين.
ونقل العلائي في "جامع التحصيل" ص 163: عن علي بن المديني أنه قال: لم يسمع من عمران بن حصين ونقل أيضًا ص 164 عن ابن المديني أنه قال: سمعت يحيى -يعني القطان- وقيل له: كان الحسن يقول: سمعت عمران بن حصين، فقال: أما عن ثقة فلا، وذكر صالح بن أحمد أنه أنكر على من يقول عن الحسن حدثني عمران بن حصين أي أنه لم يسمع عنه. اه.
ولهذا لما نقل الحافظ ابن حجر في "تلخيص الحبير" ص 171 تصحيح الترمذي وابن حبان قال: وهو متوقف على صحة سماع الحسن من عمران، وقد اختلف في ذلك. اه.
ثالثًا: حديث عائشة رواه البيهقي 4/ 110 والطبراني في "الأوسط" كما في "مجمع البحرين" كلاهما من طريق عبد الملك بن محمَّد بن عمرو بن حزم عن عبد الله بن أبي بكر عن عمرة عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تؤخذ صدقات أهل البادية على مياههم وبأفنيتهم".
قلت: رجاله لا بأس بهم وعبد الملك بن محمَّد بن أبي بكر بن عمرو بن حزم الأنصاري قاضي بغداد ثقة قاله الخطيب في "تاريخ بغداد" 10/ 408.
ولهذا قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 3/ 79: إسناده حسن. اه.
رابعًا: حديث عبد الله بن عمرو رواه أحمد 2/ 184 - 185 قال: ثنا عبد الصمد عن عبد الله بن المبارك ثنا أسامة بن زيد عن عمرو ابن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"تؤخذ صدقات المسلمين على مياههم".
ورواه أبو داود الطيالسي (2264) قال: حدثنا ابن المبارك به.
زاد: "أو عند أفنيتهم" لكن ذكر البيهقي 4/ 110 أن الشك من أبي داود.
قلت: رجاله لا بأس بهم غير أسامة بن زيد وسبق الكلام عليه.
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2/ 382 إسنادهما حسن. اهـ.
فائدة:
روى أبو داود (1592) قال: حدثنا الحسن بن علي ثنا يعقوب سمعت أبي يقول: عن محمَّد بن إسحاق في قوله: "لا جلب ولا جنب" قال: أن تصدق الماشية في مواضعها ولا تجلب إلى المصدق، والجنب عن هذه الفريضة أيضًا، لا يجنب أصحابها، يقول: ولا يكون الرجل بأقصى مواضع أصحاب الصدقة فتجنب إليه، ولكن تؤخذ في موضعه يعني صدقته. اه.
قال الحافظ ابن حجر في "تلخيص الحبير" 2/ 171 فسر مالك الجلب والجنب بخلاف ما فسره به ابن إسحاق فقال: الجلب أن
تجلب الفرس في السباق فيحرك وراءه الشيء يستحث به فيسبق، والجنب أن يجنب مع الفرس الذي سابق به فرسًا آخر، حتى إذا دنا تحول الراكب على الفرس للجنوب فيسبق. ويدل على هذا التفسير زيادة أبي داود وهي قوله في الرهان: لا جرم. قال ابن الأثير: له تفسيرات فذكرهما وتبعه المنذري في "حاشيته".اه.
وذكر الخطابي في "معالم السنن" 2/ 205: أن معنى لا جنب ألا يجنب أصحاب الأموال عن مواضعهم، أي لا يبعدون عنها حتى يحتاج المصدق إلى أن يتبعهم ويمعن في طلبهم فكما يرعى جانبهم عليهم أن يرعوا جانبه أيضًا. اه.
وقال الشوكاني في "نيل الأوطار" 4/ 157: الحديث يدل على أن المصدق هو الذي يأتي للصدقات ويأخذها على مياه أهلها لأن ذلك أسهل. اه.
* * *