الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب: ما جاء في الكفن
545 -
وعن ابن عُمَرَ رضي الله عنهما قال: لما تُوُفِّيَ عبدُ الله بن أُبَيٍّ؛ جاء ابنُه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أعطِنِي قَميصَكَ أُكفِّنْهُ فيه، فأعطَاه إيّاه. متفق عليه.
رواه البخاري (1269) ومسلم 4/ 2141 والنسائي 3/ 36 والترمذي (3097) والبيهقي 3/ 402 كلهم من طريق عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر. قال: لما توفي عبد الله بن أُبَيٍّ بن سلول جاء ابنه عبد الله بن عبد الله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله أن يعطيه قميصه يكفن فيه أباه. فأعطاه. ثم سأله أن يصلي عليه. فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي عليه. فقام عمر فأخذ بثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! أتصلي عليه وقد نهاك الله أن تصلي عليه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما خيَّرني الله فقال: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّة} [التوبة: 80]. وسأزيده على سبعين، قال: إنه منافق، فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل عز وجل:{وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} [التوبة: 84].
هذا اللفظ لمسلم. وفي رواية له في آخره قال: فترك الصلاة عليهم.
أما لفظ البخاري: قال: يا رسول الله أعطني قميصك أكفنه فيه، وصلِّ عليه واستغفرْ له. فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم قميصه فقال: "آذني
أصلي عليه". فآذنه. فلما أراد أن يصلي عليه جذبه عمر رضي الله عنه فقال: أليس الله قد نهاك أن تصلي على المنافقين؟ فقال: "أنا بين خيرتين، قال:{اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} فصلى عليه. فنزلت {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا} .
* * *
546 -
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "البَسُوا مِن ثيابِكُم البياض، فإنها مِن خَيرِ ثيابِكُم، وكفِّنُوا فيها موتاكُم". رواه الخمسة إلا النسائي وصححه الترمذي.
رواه أبو داود (3878) والترمذي (994) وابن ماجه (1472) وأحمد 1/ 247 والطبراني في "الكبير" 12/ 52 والبغوي في "شرح السنة" 5/ 314 والبيهقي 3/ 245 والحاكم 1/ 506 وابن حبان في "الموارد"(1439) كلهم من طريق عبد الله بن عثمان بن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "البسوا من ثيابكم البياض فإنها من خير ثيابكم، وكفنوا فيها موتاكم؛ وإن خير أكحالكم الإثمد، يجلو البصر وينبت الشعر". هذا لفظ أبي داود، وعند الحاكم بلفظ:"خير ثيابكم البياض فألبسوها أحياءكم وكفنوا فيها موتاكم".
قلت: رجاله لا بأس بهم وعبد الله بن عثمان بن خثيم المكي أرجو أنه لا بأس به فقد وثقه ابن معين كما في رواية ابن أبي مريم وأيضًا وثقه العجلي.
وقال أبو حاتم: ما به بأس صالح الحديث. اهـ.
وقال النسائي: ثقة. اهـ. وقال مرة: ليس بالقوي. اهـ.
وذكره ابن حبان في "الثقات". وتكلم فيه ابن المديني فقال: ابن خثيم منكر الحديث. اهـ.
ورواه عنه جمع منهم زهير عند أبي داود، وبشر بن المفضل عند الترمذي، وعبد الله بن رجاء المكي عند ابن ماجه، ويحيى بن سليم عند الحاكم وغيرهم.
قال الترمذي 3/ 376: حديث ابن عباس حديث حسن صحيح.
وهو الذي يستحبه أهل العلم. اهـ.
وقال الحاكم 1/ 506: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه. اهـ. ووافقه الذهبي وقال: له شاهد صحيح. اهـ. وسيأتي من حديث سمرة بعد قليل.
وقال النووي في "المجموع" 7/ 215: حديث صحيح رواه أبو داود والترمذي وغيرهما بأسانيد صحيحة. اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في "تلخيص الحبير" 2/ 74: صححه ابن القطان. اهـ.
وللحديث شاهد من حديث سمرة بن جندب. رواه النسائي 4/ 34، 8/ 205 وأحمد 5/ 20 والبيهقي 3/ 403 والطبراني في "الكبير" 7 / (6976) كلهم من طريق سعيد بن أبي عروبة عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"البسوا من ثيابكم البياض فإنها أطهر وأطيب وكفنوا فيها موتاكم".
ورواه عبد الرزاق 3/ 428 عن معمر عن أيوب به.
ورواه أحمد 5/ 12 قال: ثنا إسماعيل ثنا أيوب عن أبي قلابة عن سمرة بن جندب به مرفوعًا.
ورواه الحاكم 4/ 205 من طريق إسماعيل ابن عُلَيَّة عن أيوب عن أبي قتادة عن سمرة بن جندب به مرفوعًا.
ورواه أحمد 5/ 10 قال: ثنا علي بن عاصم عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن سمرة به مرفوعًا بنحوه.
فالحديث رجاله ثقات لكن اختلف في إسناده.
قال الحاكم 4/ 205: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه لأن فيه سفيان بن عيينه وإسماعيل ابن عُلَيَّة أرسلاه عن أيوب. اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في "تلخيص الحبير" 1/ 74: اختلف في وصله وإرساله. اهـ.
وقال ابن أبي حاتم في "العلل"(1093): سألت أبي عن حديث عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن
سمرة بن جندب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عليكم بهذا البياض فليلبسه أحياؤكم وكفنوا فيه موتاكم فإنه من خير ثيابكم". أو قال: "لباسكم". قال أبي: لم يتابع معمر على توصيل هذا الحديث وإنما يرويه عن أبي قلابة عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم. اهـ.
قلت: اختلف في سماع أبي قلابة من سمرة. قال العلائي في "جامع التحصيل" ص 211 في ترجمة أبي قلابة عبد الله بن زيد الجرمي: قال ابن المديني: لم يسمع من سمرة بن جندب. اهـ.
وكذا نقل ابن أبي حاتم في "المراسيل" ص 109.
ولما ذكر العلائي رواية أبي قلابة عن عمر وأبي هريرة وابن عباس ومعاوية وسمرة أنها عند النسائي قال: والظاهر في ذلك كله الإرسال. اهـ.
ونقل الحافظ في "تهذيب التهذيب" 5/ 198 عن ابن المديني أنه قال: سمع من سمرة. اهـ.
ونقله عنه أيضًا الذهبي في "سير أعلام النبلاء" 4/ 471. ولم يترجح لدي شيء في هذه المسألة.
وللحديث طريق آخر. فقد رواه ابن ماجه (3567) وأحمد 5/ 13 والحاكم 4/ 206 كلهم من طريق سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن ميمون بن أبي شبيب عن سمرة بن جندب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "البسوا ثياب البياض، فإنها أطهر وأطيب". زاد أحمد والحاكم "وكفنوا فيها موتاكم".
قال الحاكم 4/ 206: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه. اهـ. ووافقه الذهبي.
قلت: ميمون بن أبي شبيب الربعي أبو نصر الكوفي لم يخرج له البخاري ولا مسلم في أصل الصحيح. إنما أخرج له البخاري في "الأدب المفرد" ومسلم في المقدمة.
وقال علي بن المديني عنه: خفي علينا أمره. اهـ.
وقال أبو حاتم: صالح، اهـ.
وذكره ابن حبان في "الثقات". وقال عمرو بن علي: كان رجلًا تاجرًا كان من أهل الخير وليس يقول في شيء من حديثه: سمعت، ولم أخبر أن أحدًا يزعم أنه سمع من الصحابة. اهـ.
وقال ابن معين: ضعيف. اهـ.
وقال ابن الخراش: لم يسمع من علي، وصحح له الترمذي روايته عن أبي ذر. لكن في بعض النسخ وفي أكثرها قال: حسن فقط. اهـ.
وقد صحح الحافظ حديث سمرة فقال في "الفتح" 3/ 135 لما ذكر حديث ابن عباس: وله شاهد من حديث سمرة بن جندب أخرجوه وإسناده صحيح أيضًا. اهـ.
* * *
547 -
وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كَفَّنَ أحدُكُم أخاه فليُحسِنْ كَفَنَه". رواه مسلم.
رواه مسلم 2/ 651 وأبو داود (3148) والبغوي في "شرح السنة" 5/ 315 والبيهقي 3/ 403، 4/ 32 والحاكم 1/ 523 كلهم من طريق ابن جريج؛ قال: أخبرني أبو الزبير؛ أنه سمع جابر بن عبد الله يحدث؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب يومًا، فذكر رجلًا من أصحابه قبض فكفن في كفن غير طائل. وقبر ليلًا، فزجر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقبر الرجل بالليل حتى يصلى عليه، إلا أن يضطر إنسان إلى ذلك. وقال النبي صلى الله عليه وسلم:"إذا كفن أحدُكم أخاه فليحسن كفنه".
ورواه أحمد 3/ 349 من طريق ابن لهيعة عن أبي الزبير به بلفظ: "إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه، وصلوا على الميت أربع تكبيرات في الليل والنهار سواء".
قلت: في إسناده ابن لهيعة وسبق الكلام عليه (1). والذي يظهر أن ابن لهيعة خلط في لفظه.
* * *
548 -
وعنه قال: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يجمعُ بين الرجُلَينِ مِن قَتلَى أُحُدٍ في ثَوبٍ واحدٍ، ثم يقول:"أيُّهم أكثرُ أخْذًا للقرآنِ؟ " فيقدِّمُه في اللَّحدِ، ولم يُغَسَّلُوا، ولم يُصَلَّ عليهِم. رواه البخاري.
رواه البخاري (1343) والنسائي 4/ 62 وأبو داود (3138) وابن ماجه (1514) والترمذي (1036) والبيهقي 4/ 10 والطحاوي في
(1) راجع باب: نجاسة دم الحيض.
"شرح معاني الآثار" 1/ 501 وابن الجارود في "المنتقى"(552) كلهم من طريق الليث بن سعد عن ابن شهاب عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، أن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يجمع بين الرجلين من قتلى أحدٍ في ثوب ثم يقول: "أيهم أكثر أخذًا للقرآن؟ " فإذا أشير له إلى أحدهما قدمهُ في اللحدِ وقال: "أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة. وأمر بدفنهم في دمائهم، ولم يُغَسلوا ولم يصل عليهم".
قال الترمذي 3/ 412: حديث حسن صحيح. اهـ.
* * *
549 -
وعن عليٍّ رضي الله عنه قال: سمعت النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تُغَالُوا في الكَفَنِ، فإنه يُسْلَبُ سَرِيعًا" رواه أبو داود.
رواه أبو داود 2/ 216 (3154) قال: حدثنا محمد بن عبيد المحاربي ثنا عمرو بن هاشم أبو مالك الجَنْبِيُّ عن إسماعيل بن أبي خالد عن عامر عن علي بن أبي طالب قال: لا يغالى في كفن، فإني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"لا تغالوا في الكفن فإنه يُسْلَبُه سلبًا سريعًا".
ورواه البيهقي 3/ 403 من طريق أبي داود عن محمد بن عبيد المحاربي به.
قال النووي في "المجموع" 5/ 196 و"الخلاصة" 2/ 953: رواه أبو داود بإسناد حسن ولم يضعفه. اهـ.
قلت: في إسناده عمرو بن هاشم أبو مالك الجنبي قال مسلم في "الكنى": ضعيف. اهـ.
وقال أبو أحمد الحاكم: ليس بالقوي عندهم.
وقال النسائي في "الكنى": أنا سليمان بن الأشعث: سألت ابن معين عنه فقلت: أبو مالك الجنبي؟ قال: سمعت منه ولم يكن به بأس. اهـ.
وقال أحمد: صدوق ولم يكن صاحب حديث. اهـ.
وقال البخاري: فيه نظر. اهـ.
وقال ابن حبان: كان يقلب الأسانيد ويروي عن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات، لا يجوز الاحتجاج بخبره. اهـ.
قلت: فالذي يظهر أن حديثه ضعيف.
وللحديث علة أُخرى. قال الحافظ ابن حجر في "التلخيص" 2/ 116: وفي الإسناد عمرو بن هاشم الجنبي مختلف فيه. وفيه انقطاع بين الشعبي وعلي؛ لأن الدارقطني قال: إنه لم يسمع منه سوى حديث واحد. اهـ.
وقال العلائي: في "جامع التحصيل" ص 204 في ترجمة الشعبي روى عن علي رضي الله عنه وذلك في "صحيح البخاري" وهو لا يكتفي بمجرد إمكان اللقاء. اهـ.
وقال ابن القطان في كتابه "بيان الوهم والإيهام" 5/ 50: هو حديث لا ينبغي أن يقال فيه: صحيح. بل حسن، لأنه من رواية
عمرو بن هاشم أبي مالك الجنبي عن إسماعيل ابن أبي خالد عن عامر الشعبي. وعمرو بن هاشم. وإن كان قد وثقه ابن معين وغيره، فإن البخاري قال: فيه نظر عن ابن إسحاق. وضعفه مسلم مطلقًا. وقال ابن حنبل: هو صدوق ولكنه لم يكن صاحب حديث. وقال أبو حاتم البستي: إنه يقلب الأسانيد. فأما الفضل الذي اعتنى به أبو محمد من قوله: إن الشعبي رأى عليًّا. فإنه موضع نظر، وقد قيل للدارقطني: سمع الشعبي من علي؟ قال: سمع منه حرفًا، ما سمع غير هذا. وذكر هذا في كتاب "العلل". وحديثه عنه قليل. معنعن. فمن ذلك حديثه عنه مرفوعًا:"لا تغالوا في الكفن". انتهى ما نقله وقاله ابن القطان.
وفي الباب عن جابر بن عبد الله وعبد الرحمن بن عوف وأبي قتادة وأبي الدرداء وأنس بن مالك وأثر عن عبد الله بن عمرو بن العاص.
أولًا: حديث جابر بن عبد الله رواه البخاري (1270) ومسلم 4/ 2140 كلاهما من طريق سفيان بن عيينة عن عمرو أنه سمع جابرًا يقول: أتى النبي صلى الله عليه وسلم قبر عبد الله بن أُبيٍّ. فأخرجه من قبره ونفث عليه من ريقه، وألبسه قميصه.
ثانيًا: حديث عبد الرحمن بن عوف رواه البخاري (1274) قال: حدثنا أحمد بن محمد المكي حدثنا إبراهيم بن سعد عن سعد عن أبيه قال: أُتي عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه يومًا بطعامه، فقال: قُتل مصعب بن عمير -وكان خيرًا مني- فلم يوجد له ما
يكفن فيه إلا بردة. وقتل حمزة -أو رجل آخر- خيرٌ مني فلم يوجد له ما يُكَفن فيه إلا بردة. لقد خشيت أن يكون قد عُجِّلت لنا طيباتنا في حياتنا الدنيا، ثم جعل يبكي.
وفي رواية له (1275): وقتل مصعب بن عمير -وهو خير مني- كُفن في بردة إن غطي رأسه بدت رجلاه، وإن غطي رجلاه بدا رأسه.
وروى أيضًا قصة تكفين مصعب بن عمير البخاري (1276) من حديث خباب فأمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نُغَطي رأسه، وأن نجعل على رجليه من الإذخر.
ثالثًا: حدث أبي قتادة رواه الترمذي (995) قال: حدثنا محمد بن بشار حدثنا عمر بن يونس حدثنا عكرمة بن عمار عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي قتادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا ولِيَ أحدكم أخاه فليحسن كفنه".
قال الترمذي 3/ 377: هذا حديث حسن غريب. اهـ.
قلت رجاله لا بأس بهم. وعكرمة بن عمار العجلي. إنما ضعفه الإمام أحمد وابن المديني روايته عن يحيى بن أبي كثير. وفي سماع محمد بن سيرين من أبي قتادة تأمل. ولم أجد أحدًا من الأئمة تكلم عن سماعه من أبي قتادة نفيًا أو إثباتًا. ولم يذكر المزي في "تحفة الأشراف" 9/ 264 حديثًا من رواية محمد بن سيرين عن أبي قتادة إلا هذا الحديث. والله أعلم.
رابعًا: حديث أبي الدرداء رواه ابن ماجه (3568) قال: حدثنا محمد بن حسان الأزرق ثنا عبد المجيد بن أبي داود ثنا مروان بن سالم عن صفوان بن عمرو عن شريح بن عبيد الحضرمي عن أبي الدرداء؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أحسن ما زرتم الله به في قبوركم ومساجدكم، البياض".
قلت: إسناده ضعيف جدًّا؛ لأن فيه مروان بن سالم الغفاري ضعيف جدًّا.
قال عبد الله بن أحمد عن أبيه: ليس بثقة. اهـ.
وكذا قال النسائي والعقيلي وفي رواية قال النسائي: متروك الحديث. اهـ. وقال البخاري ومسلم: منكر الحديث. اهـ.
وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: منكر الحديث جدًّا ضعيف الحديث ليس له حديث قائم. قلت: يترك حديثه؟ قال: لا يكتب حديثه. اهـ.
وقال الدارقطني: متروك الحديث. اهـ. واتهمه الساجي فقال: كذاب يضع الحديث. اهـ.
وكذلك في إسناده انقطاع فإن شريحًا لم يدرك أبا الدرداء، فلما نقل الحافظ ابن حجر في "تهذيب التهذيب" 4/ 289 قول ابن أبي حاتم في "المراسيل" عن أبيه: لم يدرك أبا أمامة ولا المقدام ولا الحارث بن الحارث وهو عن أبي مالك الأشعري مرسل. اهـ.
وقال الحافظ: وإذا لم يدرك أبا أمامة الذي تأخرت وفاته فبالأولى أن لا يكون أدرك أبا الدرداء. اهـ.
وقد اقتصر البوصيري في تعليقه على "زوائد ابن ماجه" بإعلاله بهذه العلة فقط. وهذا قصور ظاهر.
خامسًا: حديث أنس بن مالك رواه الطبراني في "الأوسط" كما في "مجمع البحرين" 2/ 411 قال: حدثنا أحمد بن زهير ثنا محمد بن عبد الله بن عقيل المقرئ. ثنا مسلم بن إبراهيم ثنا حماد بن سلمة عن حميد عن يونس عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كفن في ثلاثة أثواب أحدها قميص.
قال الطبراني عقبه: لم يروه عن حميد إلا حماد، ولا عنه إلا مسلم، تفرد به المقرئ. اهـ.
وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 3/ 24: إسناده حسن. اهـ.
قلت: في إسناده محمد بن عبد الله بن عقيل الهلالي وسبق الكلام عليه. وحميد الطويل ثقة لكن وصف بأنه يدلس. وقد عنعن لكن قال مؤمل بن إسماعيل: عامة ما يرويه حميد عن أنس سمعه من ثابت -يعني البناني- عنه كما في "جامع التحصيل" لكن في متنه علة وهي مخالفتة لحديث عائشة الذي في "الصحيحين" من أن النبي صلى الله عليه وسلم كفن في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص ولا عمامة. وفي هذا الحديث نفى أن النبي صلى الله عليه وسلم كفن في قميص، وفي حديث حميد إثباته. وهذا تناقض.
وروى الحاكم 1/ 365 - 2/ 120 وأبو بكر بن أبي شيبة وأبو يعلى كما في "المطالب"(802) والطبراني في "الكبير" 3 / رقم (2939)
كلهم من طريق أسامة بن زيد عن الزهري عن أنس رضي الله عنه قال: لما كان يوم أحد كُفن حمزةُ رضي الله عنه في نمرة إذا خُمر رأسه بدت رجلاه، وإذا خمر رجلاه بدا وأسه.
قلت: رجاله لا بأس بهم غير أسامة بن زيد اختلف فيه. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 3/ 24: رجاله رجال الصحيح. اهـ.
وأصل الحديث رواه أبو داود (3136) من طريق أسامة به بلفظ أتم من هذا.
سادسًا: أثر عبد الله بن عمرو بن العاص رواه مالك في "الموطأ"(156) عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال الميت يقمص ويؤزر ويلف في الثوب الثالث.
قلت: إسناده قوي.
* * *