الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 - الحلم والأناة:
هاتان خصلتان يحبهما الله، كما صح ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1)
، وقد كان معاوية رضي الله عنه مضرب المثل في الحلم والأناة.
قال السيوطي: «وكان يضرب بحلمه المثل، وقد أفرد ابن أبي الدنيا وأبو بكر بن أبي عاصم تصنيفًا في حلم معاوية»
(2)
.
قال قبيصة بن جابر: «صحبت معاوية، فما رأيت أحدا أنبل حلما، ولا أبعد أناة منه»
(3)
.
(4)
.
وقال عنه الذهبي: «ورضي الناس بسخائه وحلمه، وإن كان بعضهم تألم مرة منه، وكذلك فليكن الملك.
وإن كان غيره من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرا منه بكثير، وأفضل، وأصلح، فهذا الرجل ساد وساس العالم بكمال عقله، وفرط حلمه، وسعة نفسه، وقوة دهائه ورأيه»
(5)
.
ومما أُثر عنه رضي الله عنه من أقواله في الحلم ما يلي:
- عن عروة بن الزبير قال: «كنت جالسا عند معاوية، فحدَّث نفسه، ثم انتبه؛ فقال: لا حلم إلا بتجربة. يعيدها ثلاثاً»
(6)
.
(1)
في صحيح مسلم (17) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأشج عبد القيس: "إن فيك خصلتين يحبهما الله: الحلم، والأناة".
(2)
تاريخ الخلفاء (ص: 149).
(3)
إسناده لا بأس به: أخرجه يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (1/ 458)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (59/ 178)، وفي سنده مجالد بن سعيد، تقدَّم أنه ليس بالقوي، لكن الخبر هنا مما يتحمله إن شاء الله.
(4)
أخرجه ابن أبي خيثمة في تاريخه (السفر الثاني- 2273)، وفي إسناده راو يُقال له: عبد الله بن جعثنة، كذا بالأصل، لم أظفر به!
(5)
سير أعلام النبلاء (3/ 132 - 133).
(6)
إسناده صحيح: أخرجه البخاري في الأدب المفرد (564).
- وعن أبي سفيان بن العلاء -أخي أبي عمرو بن العلاء- قال: «قال معاوية: إني لأرفع نفسي أن يكون ذنب أوزن من حلمي»
(1)
.
- وذكر أبو عبيدة معمر بن المثنَّى أنَّ معاوية رضي الله عنه كان يتمثل بهذه الأبيات كثيرا:
فَمَا قَتَلَ السَّفَاهَةَ مِثْلُ حِلْمٍ
…
يَعُودُ بِهِ عَلَى الْجَهْلِ الْحَلِيمُ
فَلَا تَسْفَهْ وَإِنْ مُلِّئْتَ غَيْظًا
…
عَلَى أَحَدٍ فَإِنَّ الْفُحْشَ لَوْمُ
وَلَا تَقْطَعْ أَخًا لَكَ عِنْدَ ذَنْبٍ
…
فَإِنَّ الذَّنْبَ يَغْفِرُهُ الْكَرِيمُ
(2)
ومن مواقفه التي تدل على حلمه ما يلي:
- عن عروة بن الزبير: «أن المسور بن مخرمة أخبره أنه قدم وافدا على معاوية بن أبي سفيان، فقضى حاجته، ثم دعاه فأخلاه فقال: يا مسور! ما فعل طعنك على الأئمة؟ فقال المسور: دعنا من هذا، وأحسن فيما قدمنا له، قال معاوية: والله لتكلمن بذات نفسك، والذي تعيب علي، قال المسور: فلم أترك شيئا أعيبه عليه إلا بينته له.
قال معاوية: لا برئ من الذنب، فهل تعد يا مسور مالي من الإصلاح في أمر العامة، فإن الحسنة بعشر أمثالها، أم تعد الذنوب وتترك الحسنات؟
قال المسور: لا والله ما نذكر إلا ما ترى من هذه الذنوب.
قال معاوية: فإنا نعترف لله بكل ذنب أذنبناه، فهل لك يا مسور ذنوب في خاصتك تخشى أن تهلكك إن لم يغفرها الله؟
قال مسور: نعم.
(1)
في إسناده ضعف: أخرجه الدينوري في المجالسة وجواهر العلم (801)، وفي سنده محمد بن موسى البصري، ليِّن، كما في التقريب (6338).
(2)
تاريخ دمشق (59/ 186 - 187)، البداية والنهاية (11/ 442).