الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعن يسار بن عبد الرحمن قال: «قال لي بكير بن الأشج: ما فعل خالك؟ قال: قلتُ: لزم البيت منذ كذا وكذا، فقال: إلا أن رجالاً من أهل بدر لزموا بيوتهم بعد قتل عثمان، فلم يخرجوا إلا إلى قبورهم»
(1)
.
وأما سائر الصحابة: فأكثرهم لم يشهد صفِّين، والمنقول أنَّ قلةً قليلةً منهم هم من حضر:
قال محمد بن سيرين: «هاجت الفتنة وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة آلاف، فما خفَّ فيها منهم مِئة، بل لم يبلغوا ثلاثين»
(2)
.
قال شيخ الإسلام ابن تيْميَّة عن إسناد هذا الأثر: «وهذا الإسناد من أصحِّ إسناد على وجه الأرض»
(3)
.
وإذا كان هذا عدد المشاركين منهم، فحينئذ لا صحَّة لقول من يقول: قُتل من الصحابة في صفِّين عددٌ كبيرٌ، أو يقول: قُتل من البدريين في صفِّين: خمسةٌ وعشرون!
موقف أهل السنَّة مما وقع بين عليٍّ ومعاوية رضي الله عنهما:
حريٌّ بنا قبل أن نغادر هذا الموطن أن نبين موقف أهل السنة من هذه الفتنة، وهو موقف جليلٌ يدل على إنصافهم، ووسطيتهم واعتدالهم، فنجد -في نصوصهم التالية- كيف أنهم بيَّنوا من أصاب ممن أخطأ، ومع ذلك يعذرون المخطئ، ولا يهدرون حسناته وصالح أعماله.
أيُّ الطائفتين كان أدنى إلى الحق
؟
ذهب جمهور أهل السنة والسواد الأعظم منهم، بل عدَّه ابن كثير مذهب أهل السنة والجماعة، ونقله ابن حجر اتفاقاً عنهم بعد خلافٍ قديمٍ -كما سيأتي-، ذهبوا إلى أنَّ عليَّاً رضي الله عنه ومن معه كانو أقربَ إلى الحق من معاوية رضي الله عنه ومن معه، وعمدتهم في هذا الترجيح: ماصحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم من أحاديث تشهد لطائفة علي.
(1)
في سنده ضعف: أخرجه ابن عبد البر في التمهيد (17/ 442)، وفي سنده عبد الله بن لهيعة، صدوق خلط بعد احتراق كتبه، كما في التقريب (3563).
(2)
إسناده صحيح: أخرجه أحمد في العلل ومعرفة الرجال (4787)، والخلال في السنة (728).
(3)
منهاج السنة النبوية (6/ 236).