الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كذلك لم تتوقَّف يمينُ معاوية عن الكتابة والخط بموت النبي صلى الله عليه وسلم، بل استكتبه أيضا أبو بكر رضي الله عنه، وهذا مزيد دليلٍ على أمانته.
(1)
.
وظلَّ معاوية رضي الله عنه على هذا الحال، من الغزو والجهاد ونشر الدين، حتى لحق الصدِّيق رضي الله عنه بربه، بعد أن عهد إلى عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه بالخلافة من بعده.
معاوية مع عمر بن الخطَّاب رضي الله عنهما
-:
على نفس منوال أبي بكر رضي الله عنه في استعمال معاوية رضي الله عنه في الغزو والجهاد، نَسَجَ الخليفة الجديد عمر رضي الله عنه، وفي المقابل: فإن معاوية لم يألُ جهداً في خلافة عمر في السمع والطاعة، والبذل والحركة، وساعده على ذلك ما كان فيه من نشاط الشباب وحماسه.
ففي سنة خمس عشرة من الهجرة
(2)
،
(1)
إسناده صحيح: أخرجه يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (3/ 373).
(2)
هكذا أرَّخ لها الطبري، لكن خالفه غيره، فنقل ابن عبد البر في الاستيعاب (3/ 1417) -بسند صحيح- عن الوليد بن مسلم أن فتح قيسارية على يد معاوية كان في العام التاسع عشر للهجرة، ونقل مثله أبو زرعة الدمشقي في تاريخه (ص: 179) عن أحمد بن حنبل، وابن عساكر في تاريخ دمشق (59/ 115 - 116) عن الليث بن سعد، فالله أعلم بالصواب.
ثم وجدتُ الطبري في موضع آخر (4/ 102) ذكر خلافا أوسع من ذلك، فقال: "وقال أبو معشر: كان فتح قيسارية في هذه السنة- أعني سنة تسع عشرة- وأميرها معاوية بن أبي سفيان. وكالذي قال أبو معشر في ذلك قال الواقدي.
وأما ابن إسحاق فإنه قال: كان فتح قيسارية من فلسطين وهرب هرقل وفتح مصر في سنة عشرين.
وأما سيف بن عمر فإنه قال: كان فتحها في سنة ست عشرة".
بعث عمر رضي الله عنه إلى يزيد بن أبي سفيان أن يُسرِّح معاوية إلى قيسارية، وأرسل إلى معاوية بكتابٍ، جاء فيه:«أما بعد، فإنِّي قد ولَّيتُك قيسارية، فسر إليها واستنصر الله عليهم، وأكثر من قول: لا حول ولا قوَّة إلا بالله، الله ربنا وثقتنا ورجاؤنا ومولانا، نعم المولى ونعم النصير» .
وامتثل معاوية رضي الله عنه، وسار في جنده حتى نزل على أهل قيسارية، وعليهم أبنى، فهزمه وحصره في قيسارية، ثم إنَّهم جعلوا يزاحفونه، وجعلوا لا يزاحفونه من مرة إلا هزمهم وردَّهم إلى حصنهم، ثم زاحفوه آخر ذلك، وخرجوا من صياصيهم، فاقتتلوا في حفيظة واستماتة، فبلغت قتلاهم في المعركة ثمانين ألفاً، وكملها في هزيمتهم مائة ألف، وبعث بالفتح مع رجلين من بني الضبيب، ثم خاف منهما الضعف، فبعث عبد الله بن علقمة الفراسي، وزهير بن الحلاب الخثعمي، وأمرهما أن يتبعاهما ويسبقاهما، فلحقاهما، فطوياهما وهما نائمان.
وانتهى بريد معاوية إلى عمر بالخبر، فجمع الناس وأباتهم على الفرح ليلاً، فحمد الله وقال: لتحمدوا الله على فتح قيسارية، وجعل معاوية قَبْل الفتح وبعده يحبس الأسرى عنده، ويقول: ما صنع ميخائيل بأسرانا صنعنا بأسراهم مثله، ففطمه عن العبث بأسرى المسلمين حتى افتتحها»
(1)
.
وفي سنة سبع عشرة أمَّر عمرُ معاويةَ على الأردن
(2)
.
(1)
إسناده ضعيف: أخرجه الطبري في تاريخه (3/ 603 - 604)، وفي سنده سيف بن عمر التميمي، تقدَّم أنه مع ضعفه فهو عمدة في التاريخ، كما أن في السند انقطاعاً بين الطبري وسيف.
(2)
تاريخ الطبري (4/ 67).