الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
5 - الخشية من الله:
فعن الوليد بن أبي الوليد أبي عثمان المدني، أن عقبة بن مسلم، حدثه أن شفيا الأصبحي، حدثه: «أنه دخل المدينة، فإذا هو برجل قد اجتمع عليه الناس، فقال: من هذا؟ فقالوا: أبو هريرة، فدنوت منه حتى قعدت بين يديه وهو يحدث الناس، فلما سكت وخلا قلت له: أسألك بحق وبحق لما حدثتني حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم عقلته وعلمته، فقال أبو هريرة: أفعل، لأحدثنك حديثا حدثنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عقلته وعلمته، ثم نشغ أبو هريرة نشغة فمكثنا قليلا ثم أفاق، فقال: لأحدثنك حديثا حدثنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا البيت ما معنا أحد غيري وغيره، ثم نشغ أبو هريرة نشغة شديدة، ثم أفاق فمسح وجهه فقال: أفعل، لأحدثنك حديثا حدثنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا وهو في هذا البيت ما معنا أحد غيري وغيره، ثم نشغ أبو هريرة نشغة شديدة، ثم مال خارا على وجهه فأسندته عليَّ طويلا، ثم أفاق فقال: حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن الله تبارك وتعالى إذا كان يوم القيامة ينزل إلى العباد ليقضي بينهم وكل أمة جاثية، فأول من يدعو به رجل جمع القرآن، ورجل قتل في سبيل الله، ورجل كثير المال، فيقول الله للقارئ: ألم أعلمك ما أنزلت على رسولي؟ قال: بلى يا رب، قال: فماذا عملت فيما علمت؟ قال: كنت أقوم به آناء الليل وآناء النهار، فيقول الله له: كذبت، وتقول له الملائكة: كذبت، ويقول الله: بل أردت أن يقال: إن فلانا قارئ فقد قيل ذاك، ويؤتى بصاحب المال فيقول الله له: ألم أوسع عليك حتى لم أدعك تحتاج إلى أحد؟ قال: بلى يا رب، قال: فماذا عملت فيما آتيتك؟ قال: كنت أصل الرحم وأتصدق، فيقول الله له: كذبت، وتقول له الملائكة: كذبت، ويقول الله تعالى: بل أردت أن يقال: فلان جواد فقد قيل ذاك، ويؤتى بالذي قتل في سبيل الله، فيقول الله له: في ماذا قتلت؟ فيقول: أمرت بالجهاد في سبيلك فقاتلت حتى قتلت، فيقول الله
تعالى له: كذبت، وتقول له الملائكة: كذبت، ويقول الله: بل أردت أن يقال: فلان جريء، فقد قيل ذاك، ثم ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم على ركبتي فقال: يا أبا هريرة، أولئك الثلاثة أول خلق الله تسعر بهم النار يوم القيامة.
وقال الوليد أبو عثمان: فأخبرني عقبة بن مسلم: أن شفيا، هو الذي دخل على معاوية فأخبره بهذا»
قال أبو عثمان: وحدثني العلاء بن أبي حكيم، أنه كان سيافا لمعاوية فدخل عليه رجل، فأخبره بهذا عن أبي هريرة، فقال معاوية: قد فُعل بهؤلاء هذا، فكيف بمن بقي من الناس؟ ثم بكى معاوية بكاء شديدا حتى ظننا أنه هالك، وقلنا: قد جاءنا هذا الرجل بشرٍّ، ثم أفاق معاوية ومسح عن وجهه، وقال: صدق الله ورسوله {من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون} »
(1)
.
(1)
إسناده صحيح: أخرجه الترمذي (2382)، وفي سنده الوليد بن أبي الوليد المدني، قال عنه الحافظ في التقريب (7464):"ليِّن"! لكن يبدو أن حاله أعلى من هذا، وأن الحافظ غمطه حقه، فالرجل وثَّقه: أبو زرعة، وابن معين، والعجلي، ويعقوب بن سفيان، وسئل أبو داود عنه فقال خيرا، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال:"ربما خالف على قلة روايته". انظر: تحرير تقريب التهذيب (4/ 68).
والحديث أخرجه مسلم (1905)، والنسائي في الكبرى (4330)، بدون ذكر قصة معاوية.
- وعن يزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك: «أن أبا الدرداء كان يلي القضاء بدمشق، فلما حضرته الوفاة، قال له معاوية: من ترى لهذا الأمر؟ قال: فضالة بن عبيد. فلما مات أرسل معاوية إلى فضالة فولَّاه القضاء، فقال له: أما إني لم أَحْبُك بها، ولكني استترت بك من النار، فاستتر»
(1)
.
- وعن أبي قَبِيل حيي بن هانئ قال: «خطبنا معاوية في يوم جمعة فقال: إنما المال مالنا والفيء فيئنا، من شئنا أعطينا، ومن شئنا منعنا، فلم يرد عليه أحد، فلما كانت الجمعة الثانية، قال مثل مقالته، فلم يرد عليه أحد، فلما كانت الجمعة الثالثة، قال مثل مقالته، فقام إليه رجل ممن شهد المسجد فقال: كلا، بل المال مالنا والفيء فيئنا، من حال بيننا وبينه حاكمناه بأسيافنا، فلما صلى أمر بالرجل، فأدخل عليه، فأجلسه معه على السرير، ثم أذن للناس فدخلوا عليه، ثم قال: أيها الناس، إني تكلمت في أول جمعة فلم يرد علي أحد، وفي الثانية فلم يرد علي أحد، فلما كانت الثالثة أحياني هذا أحياه الله، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: سيأتي قوم يتكلمون، فلا يرد عليهم، يتقاحمون في النار تقاحم القردة.
فخشيتُ أن يجعلني الله منهم، فلما رد هذا علي أحياني، أحياه الله، ورجوتُ أن لا يجعلني الله منهم»
(2)
.
(1)
إسناده ضعيف: أخرجه أبو زرعة الدمشقي في تاريخه (ص: 199)، وفي سنده خالد بن يزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك، ضعيف مع كونه كان فقيها، كما في التقريب (1688).
(2)
إسناده صحيح إلى أبي قبيل: أخرجه أبو يعلى (7382)، والطبراني في الكبير (19/ رقم 925)، والأوسط (5311)، وأبو الشيخ في أمثال الحديث (271). وأبو قَبِيل نفسه صدوق يهم، كما في التقريب (1606).
والحديث حسنه الألباني في السلسلة الصحيحة (4/ 389 رقم 1790).