الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
-
أبو مِخنف لوط بن يحيى:
ضعَّفه عامة أهل الجرح والتعديل
(1)
، وقال عنه الذهبيُّ:«أخباريٌّ تالفٌ، لا يُوثقُ به»
(2)
، ثم قال عنه في موطن آخر:«صاحب تصانيف وتواريخ، .... ، وهو من بابة سيف بن عمر التميمي صاحب «الردَّة» ، وعبد الله بن عياش المنتوف، وعوانة بن الحكم»
(3)
.
-
محمد بن إسحاق بن يسار المدني:
قال عنه الدارقطني: «لا يُحتجُّ به، وإنما يُعتبر به»
(4)
.
وقال عنه الذهبي: «كان في العلم بحراً عجَّاجاً، لكنه ليس بالمجوِّد كما ينبغي»
(5)
، وقال:«قد أمسك عن الاحتجاج بروايات ابن إسحاق غير واحدٍ من العلماء»
(6)
.
ومع هذا فهو يثني عليه في علم المغازي والسير؛ فيقول: «قد كان في المغازي علَّامةً»
(7)
.
(8)
.
وقد سبقه إلى ذلك: الإمام أحمد، حيث قال -وذكر محمد بن إسحاق-:«أما في المغازي وأشباهه: فيكتب، وأما في الحلال والحرام: فيحتاج إلى مثل هذا، ومدَّ يده وضم أصابعه»
(9)
.
وقال العباس بن محمد: سمعتُ أحمد بن حنبل، وقيل، له: ما تقول في موسى بن عبيدة؟ وفي محمد بن إسحاق؟ فقال: «أما محمد بن إسحاق: فهو رجل يكتب هذه الأحاديث، كأنه يعني المغازي وما أشبهها، أما موسى بن عُبيدة: فلم يكن به بأس»
(10)
.
(1)
الضعفاء والمتروكون للدارقطني (449)، لسان الميزان (6/ 430).
(2)
ميزان الاعتدال (3/ 419).
(3)
سير أعلام النبلاء (7/ 302).
(4)
سؤالات البرقاني (422).
(5)
سير أعلام النبلاء (7/ 35).
(6)
المصدر السابق (7/ 39).
(7)
المصدر السابق (7/ 37).
(8)
المصدر السابق (7/ 41).
(9)
الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (7/ 193).
(10)
الضعفاء الكبير للعقيلي (4/ 23).
وقال الشافعيُّ: «من أراد أن يتبحَّر في المغازي؛ فهو عيال على محمد بن إسحاق»
(1)
.
إذن بعد هذا: كيف يُتعامل مع هذا الصنف من الرواة؟
لا شكَّ أن انفرادهم برواية حديث، أو واقعة يُستفاد منها تشريعٌ، أو حُكمٌ عقديٌّ، أو تحمل طعناً في أحدٍ ممن ثبتت عدالتهم بيقين؛ لا يقبله من لديه مسحةٌ من علم بأصول القبول والرد، هذا لا يُنازَعُ فيه.
أمَّا ما نقلوه من أخبارٍ، تحمل بعض التفاصيل التي لا تتعرَّضُ لشيءٍ مما ذُكر، وإنما يكون فيها زيادةٌ لا تضر، وتفاصيل قد تساعد على تصوُّرٍ أقرب لما كانت عليه الأحداث؛ فهذا لا بأس بإيراده، وعلى هذا يُحمل قول من قَبِل كلامهم من العلماء في أبواب المغازي والسير.
ولذا فإذا ما مرَّ بك عزيزي القارئ أثرٌ، ووجدت الحكم بضعف الإسناد مُصدَّراً عليه، وسبب ذلك وجود أحد هؤلاء؛ فتذكَّرْ تلك القاعدة التي تقدَّمت، وهي: أنَّ حالهم في نقل هذه الأخبار، مما لا يترتب عليه شيء من أحكام العقائد والتشريعات؛ مما يُتساهل فيه.
وهذه قاعدةٌ وضعها أحدُ أئمَّة الحديث في زمانه، عبدُ الرحمن بن مهدي، حينما قال:«إذا رُويِّنا عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحلال والحرام، والأحكام؛ شدَّدنا في الأسانيد، وانتقدنا الرجال، وإذا رُوِّينا في فضائل الأعمال، والثواب والعقاب، والمباحات والدعوات؛ تساهلنا في الأسانيد»
(2)
.
فاجعل هذا الأمر منك على ذكر.
وفيما يلي بعض النماذج العمليَّة من تصرفات العلماء مع مرويَّاتهم في هذا الباب:
(1)
سير أعلام النبلاء (7/ 36).
(2)
إسناده صحيح: أخرجه الحاكم (1/ 666)، وفي المدخل إلى الإكليل (ص: 29)، والخطيب في الجامع (1267).
- صنيع البخاريِّ في صحيحه مع راوٍ كمحمد بن إسحاق، حيث لم يعتمده كرجلٍ من رجاله في الأحاديث، لكنه علَّق عنه في أبواب المغازي كثيراً، من ذلك قوله:«قال ابن إسحاق: أول ما غزا النبي صلى الله عليه وسلم: الأبواء، ثم بُواط، ثم العُشيرة»
(1)
.
(2)
.
وقوله: «باب غزوة بني المصطلق، من خزاعة، وهي غزوة المريسيع، قال ابن إسحاق: وذلك سنة ست»
(3)
.
- ونجد الطبريَّ في كتابه التاريخ أكثر عن مثل هؤلاء الأخباريين المذكورين، بينما في كتابٍ له كتهذيب الآثار، عُني فيه بالأحاديث والاحتجاج بها؛ لا نجدُ ذكراً لهم!
- كذلك الحافظ ابن حجر اعتبر بروايات هؤلاء الأخباريين في شرحه لصحيح البخاري، ومن ذلك:
أنَّه في أول كتاب المغازي
(4)
ذكر عدد غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم، وعدد بعوثه وسراياه، وعدد الغزوات التي وقع فيها قتال، فاستشهد بأقوال أهل السير؛ مثل: محمد بن إسحاق، والواقدي، ومحمد بن سعد، وذَكَر خلافهم، وجمع بين أقوالهم وأقوال من هم أوثق منهم من رواة الصحيح، وفعل مثل هذا عند حديثه عن عدد أهل بدر
(5)
.
وفي قصة مقتل أبي جهل يوم بدر، جعل الحافظ رواية ابن إسحاق جامعة بين الروايات، رغم مخالفتها لما في الصحيح
(6)
!
(1)
صحيح البخاري (5/ 71).
(2)
صحيح البخاري (4127).
(3)
المصدر السابق (5/ 115).
(4)
فتح الباري (7/ 279).
(5)
المصدر السابق (7/ 291).
(6)
المصدر السابق (7/ 296).
كذلك في قصة بني النضير ومتى كان حصارُهم، ذكر ابنُ إسحاق أنها كانت بعد أحدٍ، وبعد استشهاد القرَّاء في بئر معونة، بينما نجد البخاري ينقل في الصحيح عن عروة أنها كانت على رأس ستة أشهر من وقعة بدر، أي: قبل أحد، وقد مال الحافظ ابن حجر إلى ترجيح رواية ابن إسحاق رغم إيراده سبباً للغزوة غير ما ذكر ابن إسحاق
(1)
!
وكل هذا الصنيع منهم، ومن غيرهم، يؤكِّد لنا على صحَّة ما قدَّمناه، من التفريق بين روايتهم للأحاديث المرفوعة، وكذلك ما يُستفادُ منه حكمٌ شرعيٌ، أو تأصيلٌ عقديٌّ، أو طعنٌ فيمن ثبتت عدالتهم، وبين الأخبار العامة، وتفاصيل السير المجملة، التي لا تمسُّ شيئاً مما سبق. والله أعلم.
(1)
المصدر السابق (7/ 331).
إدارة الثقافة الإسلامية
وزراة الأوقاف والشؤون الإسلامية
دولة الكويت
فتحُ المنَّان
بسيرة أمير المؤمنين مُعاوية بن أبي سُفْيان رضي الله عنه
(سِيرتُه- فضائلُه- الشُّبهات المُثَارة حَوْله)
جَمَعه وحقَّقه وعلَّق عليه
أحمد بن إبراهيم الجابري