الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(1)
.
إعذار أهل السنة لمعاوية رضي الله عنه ومن معه، وإمساكهم عن الكلام فيهم:
مع تصويب أهل السنة لموقف علي رضي الله عنه، وتخطئتهم لموقف معاوية رضي الله عنه ومن معه، إلا أنهم جميعاً التمسوا العذر لمعاوية، ورأوه مجتهداً أخطأ في اجتهاده، فهو معذور، مأجور، لكونه أهلاً للاجتهاد.
قال أبو الحسن الأشعري: «فأما ما جرى من علي والزبير وعائشة رضي الله عنهم أجمعين، فإنما كان على تأويل واجتهاد، وعليٌّ الإمام، وكلهم من أهل الاجتهاد، وقد شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة والشهادة، فدلَّ على أنهم كلهم كانوا على حقٍّ في اجتهادهم، وكذلك ما جرى بين سيدنا علي ومعاوية رضي الله عنهما، فدل على تأويل واجتهاد.
وكل الصحابة أئمة مأمونون غير متهمين في الدين، وقد أثنى الله ورسوله على جميعهم، وتعبدنا بتوقيرهم وتعظيمهم وموالاتهم، والتبري من كل من ينقص أحدا منهم رضي الله عنهم أجمعين»
(2)
.
وقال أبو المعالي الجويني: «علي رضي الله عنه كان إماماً حقاً في توليته، ومقاتلوه بغاة، وحسن الظن بهم يقتضي أن يُظن بهم قصد الخير، وإن أخطئوه»
(3)
.
(4)
.
(1)
فتح الباري (13/ 67).
(2)
الإبانة عن أصول الديانة (ص: 260).
(3)
الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد (ص: 433).
(4)
المحلَّى (11/ 333).
(1)
. ثم ساق البيهقي حديث: «لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان تكون بينهما مقتلة عظيمة ، ودعواهما واحدة» .
(2)
.
(3)
.
وقال القرطبي: «لا يجوز أن يُنسب إلى أحد من الصحابة خطأٌ مقطوعٌ به، إذ كانوا كلهم اجتهدوا فيما فعلوه وأرادوا الله عز وجل، وهم كلهم لنا أئمة»
(4)
.
(5)
.
(1)
السنن الكبرى (8/ 299).
(2)
البداية والنهاية (10/ 550 - 551).
(3)
العواصم من القواصم (ص: 168 - 169).
(4)
الجامع لأحكام القرآن (16/ 321).
(5)
شرح صحيح مسلم (18/ 40).
وقال شيخ الإسلام ابن تيْميَّة: «وليس في كون عمَّار تقتله الفئة الباغية ما ينافي ما ذكرناه، فإنه قد قال الله تعالى:{وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين} {إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم} فقد جعلهم مع وجود الاقتتال والبغي مؤمنين إخوة، بل مع أمره بقتال الفئة الباغية جعلهم مؤمنين. وليس كل ما كان بغياً وظلماً أو عدواناً يخرج عموم الناس عن الإيمان، ولا يوجب لعنتهم، فكيف يخرج ذلك من كان من خير القرون؟ وكل من كان باغياً، أو ظالماً، أو معتدياً، أو مرتكباً ما هو ذنب فهو قسمان: متأوِّل، وغير متأوِّل، فالمتأوِّل المجتهد: كأهل العلم والدين الذين اجتهدوا، واعتقد بعضهم حلَّ أمور، واعتقد الآخر تحريمها، كما استحل بعضُهم بعضَ أنواع الأشربة، وبعضُهم بعضَ المعاملات الربوية، وبعضُهم بعضَ عقود التحليل والمتعة، وأمثال ذلك، فقد جرى ذلك وأمثاله من خيار السلف. فهؤلاء المتأولون المجتهدون غايتهم أنهم مخطئون، وقد قال الله تعالى:{ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا} وقد ثبت في الصحيح أن الله استجاب هذا الدعاء. وقد أخبر سبحانه عن داود وسليمان عليهما السلام إنما حكما في الحرث، وخص أحدهما بالعلم والحكم، مع ثنائه على كل منهما بالعلم والحكم. والعلماء ورثة الأنبياء، فإذا فهم أحدهم من المسألة ما لم يفهمه الآخر لم يكن بذلك ملوماً، ولا مانعاً لما عرف من علمه ودينه، وإن كان ذلك مع العلم بالحكم يكون إثماً وظلماً، والإصرار عليه فسقاً، بل متى علم تحريمه ضرورة كان تحليله كفراً. فالبغي هو من هذا الباب.
أما إذا كان الباغي مجتهداً ومتأوِّلاً، ولم يتبين له أنه باغٍ، بل اعتقد أنه على الحق وإن كان مخطئاً في اعتقاده: لم تكن تسميته باغياً موجبة لإثمه، فضلاً عن أن توجب فسقه. والذين يقولون بقتال البغاة المتأولين يقولون: مع الأمر بقتالهم قتالنا لهم لدفع ضرر بغيهم، لا عقوبة لهم، بل للمنع من العدوان. ويقولون: إنهم باقون على العدالة، لا يُفسَّقون. ويقولون هم كغير المكلف، كما يمنع الصبي والمجنون والناسي والمغمى عليه والنائم من العدوان أن لا يصدر منهم، بل تمنع البهائم من العدوان. ويجب على من قتل مؤمناً خطأ الدية بنص القرآن مع أنه لا إثم عليه في ذلك، وهكذا من رفع إلى الإمام من أهل الحدود وتاب بعد القدرة عليه فأقام عليه الحد، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، والباغي المتأوِّل يجلد عند مالك والشافعي وأحمد ونظائره متعددة.
ثم بتقدير أن يكون البغي بغير تأويل: يكون ذنباً، والذنوب تزول عقوبتها بأسباب متعددة: بالحسنات الماحية، والمصائب المكفِّرة، وغير ذلك»
(1)
.
(2)
.
(1)
مجموع الفتاوى (35/ 74 - 76).
(2)
مجموع الفتاوى (12/ 495).
وقال ابن كثير: «ولا يلزم من تسمية أصحاب معاوية بغاة تكفيرهم، كما يحاوله جهلة الفرق الضالة; لأنهم وإن كانوا بغاة في نفس الأمر، فإنهم كانوا مجتهدين فيما تعاطوه من القتال، وليس كل مجتهد مصيباً، بل المصيب له أجران، والمخطئ له أجر، ومن زاد في هذا الحديث بعد قوله: تقتلك الفئة الباغية: لا أنالها الله شفاعتي يوم القيامة، فقد افترى في هذه الزيادة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ; فإنه لم يقلها إذ لم تنقل من طريق تقبل. والله أعلم.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم: يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار، فإن عمَّارا وأصحابه يدعون أهل الشام إلى الألفة واجتماع الكلمة، وأهل الشام يريدون أن يستأثروا بالأمر دون من هو أحق به، وأن يكون الناس أوزاعاً، على كل قطر إمامٌ برأسه، وهذا يؤدي إلى افتراق الكلمة، واختلاف الأمة، فهو لازم مذهبهم وناشئ عن مسلكهم، وإن كانوا لا يقصدونه. والله أعلم»
(1)
.
(2)
.
(3)
.
(4)
.
(1)
البداية والنهاية (4/ 538).
(2)
الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث (ص: 177).
(3)
البداية والنهاية (11/ 420).
(4)
فتح الباري (13/ 67).
قلتُ (أحمد): بل إن عليَّاً نفسه وبعض الصحابة معه كانوا أولَ الناس التماسا للعذر لمن قاتلوهم، فلم يكفِّروهم، أو يلعنوهم.
فعن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف قال: «بينما عليٌّ آخذ بيد عديِّ بن حاتم وهو يطوف في القتلى، إذ مر برجل عرفته، فقلت: يا أمير المؤمنين، عهدي بهذا وهو مؤمن، قال: والآن؟»
(1)
.
وعن عبد الله بن عروة بن الزبير قال: أخبرني رجل شهد صفِّين قال: «رأيت عليَّاً خرج في بعض تلك الليالي ، فنظر إلى أهل الشام فقال: اللهم اغفر لي ولهم»
(2)
.
وعن يزيد بن الأصم قال: «سُئل علي عن قتلى يوم صفِّين، فقال: قتلانا وقتلاهم في الجنة، ويصير الأمر إليَّ وإلى معاوية»
(3)
.
(4)
.
(1)
إسناده صحيح إلى سعد: أخرجه ابن أبي شيبة (37846)، لكن يبقى أن سعدا لم يلق أحدا من الصحابة، كما في جامع التحصيل (ص: 180).
(2)
إسناده صحيح إلى عبد الله: أخرجه ابن أبي شيبة (37865).
(3)
إسناده حسن إلى يزيد: أخرجه ابن أبي شيبة (37880)، وفي سنده عمر بن أيوب الموصلي، صدوق له أوهام، كما في التقريب (4867)، وشيخه: جعفر بن بُرقان، صدوق، كما في التقريب (932).
(4)
إسناده حسن: أخرجه ابن أبي شيبة (37841)، والمروزي في تعظيم قدر الصلاة (598)، وفي سنده الحسن بن الحكم النخعي، صدوق يخطئ، كما في التقريب (1229). وتصحَّف في المطبوع من ابن أبي شيبة (رياح) إلى (زياد)!
وعن أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل -وكان من أفضل أصحاب عبد الله بن مسعود- قال: «رأيتُ في المنام كأني أُدخلت الجنة، فرأيت قباباً مضروبة، فقلت: لمن هذه؟ فقيل: هذه لذي الكلاع وحوشب، وكانا ممن قُتل مع معاوية يوم صفِّين، قال: قلت: فأين عمَّار وأصحابه؟ قالوا: أمامك، قلت: وكيف وقد قتل بعضهم بعضاً؟ قال: قيل: إنهم لقوا الله فوجدوه واسع المغفرة»
(1)
.
ومن ثَمَّ تقرر عند أهل السنة الإمساك عن الكلام فيما شَجَر بين هؤلاء الصحابة الأفاضل، وعدم الخوض في ذلك إلا بما هو لائقٌ بهم، وهذه نصوصهم ناطقةٌ بما في قلوبهم؛ ومنها:
عن يزيد بن بشر الكلبي قال: «سُئِل عمر بن عبد العزيز عن علي، وعثمان، والجمل، وصفِّين، وما كان بينهم، فقال: تلك دماء كفَّ الله يدي عنها، وأنا أكره أن أغمس لساني فيها»
(2)
.
قال البيهقيُّ -مُعلِّقاً على قول عمر بن عبد العزيز-: «هذا حسنٌ جميل، لأن سكوت الرجل عما لا يعنيه هو الصواب»
(3)
.
(1)
إسناده صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة (37844)، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (3/ 314)، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (2020)، وأبو نعيم في الحلية (4/ 143، 9/ 62)، والبيهقي (16720).
(2)
حسن بمجموع طرقه: أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى (5/ 394)، وفي سنده خالد بن يزيد بن بشر الكلبي، ترجم له ابن عساكر في تاريخ دمشق (16/ 284)، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا.
وأخرجه الخطابي في العزلة (ص: 44)، وأبو نعيم في الحلية (9/ 144) من طريق الشافعي قال:"قيل لعمر بن عبد العزيز: ما تقول في أهل صفِّين؟ فقال: تلك دماء طهر الله يدي منها، فلا أحب أن أخضب لساني بها". وهذا مع انقطاعه إلا أنه يقوِّي الطريق الأول، ويشدُّ من أزره.
(3)
مناقب الشافعي لفخر الدين الرازي (ص: 136).
وقال أبو بكر المرُّوذي: «قيل لأبي عبدالله أحمد بن حنبل: يا أبا عبد الله، ما تقول فيما كان بين علي ومعاوية؟ فقال أبو عبدالله: ما أقول فيهم إلا الحسنى»
(1)
.
(2)
.
(3)
.
وقال الآجرِّي: «باب ذكر الكفِّ عما شجر بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورحمة الله عليهم أجمعين: ينبغي لمن تدبر ما رسمنا من فضائل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وفضائل أهل بيته، رضي الله عنهم أجمعين، أن يحبهم، ويترحم عليهم، ويستغفر لهم، ويتوسل إلى الله الكريم لهم، أي: بالدعاء والترحم والاستغفار والترضي، ويشكر الله العظيم إذ وفقه لهذا، ولا يذكر ما شجر بينهم، ولا ينقِّر عنه ولا يبحث.
(1)
مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي (ص: 220 - 221).
(2)
المصدر السابق.
(3)
أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي (1/ 197).
فإن عارضنا جاهلٌ مفتونٌ قد خطي به عن طريق الرشاد فقال: لم قاتل فلان لفلان؟ ولم قتل فلان لفلان وفلان؟!
قيل له: ما بنا وبك إلى ذكر هذا حاجة تنفعنا ولا تضرنا إلى علمها.
فإن قال قائل: ولم؟
قيل: لأنها فتن شاهدها الصحابة رضي الله عنهم فكانوا فيها على حسب ما أراهم العلم بها، وكانوا أعلم بتأويلها من غيرهم، وكانوا أهدى سبيلاً ممن جاء بعدهم لأنهم أهل الجنة، عليهم نزل القرآن، وشاهدوا الرسول صلى الله عليه وسلم وجاهدوا معه، وشهد لهم الله عز وجل بالرضوان والمغفرة والأجر العظيم، وشهد لهم الرسول صلى الله عليه وسلم أنهم خير القرون، فكانوا بالله عز وجل أعرف، وبرسوله صلى الله عليه وسلم وبالقرآن وبالسنة، ومنهم يؤخذ العلم، وفي قولهم نعيش، وبأحكامهم نحكم، وبأدبهم نتأدب، ولهم نتبع، وبهذا أُمرنا.
فإن قال قائل: وأيش الذي يضرنا من معرفتنا لما جرى بينهم والبحث عنه؟
قيل له: لا شك فيه، وذلك أن عقول القوم كانت أكبر من عقولنا، وعقولنا أنقص بكثير، ولا نأمن أن نبحث عما شجر بينهم فنزل عن طريق الحق، ونتخلف عما أُمرنا فيهم.
فإن قال قائل: وبم أُمرنا فيهم؟
قيل: أُمرنا بالاستغفار لهم، والترحم عليهم، والمحبة لهم، والاتباع لهم، دل على ذلك الكتاب والسنة وقول أئمة المسلمين، وما بنا حاجة إلى ذكر ما جرى بينهم، قد صحبوا الرسول صلى الله عليه وسلم وصاهرهم وصاهروه، فبالصحبة له يغفر الله الكريم لهم، وقد ضمن الله عز وجل لهم في كتابه ألا يخزي منهم واحداً، وقد ذكر لنا الله تعالى في كتابه أن وصفهم في التوراة والإنجيل فوصفهم بأجمل الوصف، ونعتهم بأحسن النعت، وأخبرنا مولانا الكريم أنه قد تاب عليهم، وإذا تاب عليهم لم يعذب واحدا منهم أبدا، رضي الله عنهم ورضوا عنه {أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون} .
فإن قال قائل: إنما مرادي من ذلك لأن أكون عالماً بما جرى بينهم، فأكون لم يذهب عليَّ ما كانوا فيه، لأني أحب ذلك ولا أجهله.
قيل له: أنت طالب فتنة، لأنك تبحث عما يضرك ولا ينفعك، ولو اشتغلت بإصلاح ما لله عز وجل عليك فيما تعبدك به من أداء فرائضه واجتناب محارمه؛ كان أولى بك، وقيل له: ولاسيما في زماننا هذا مع قبح ما قد ظهر فيه من الأهواء الضالة
(1)
.
وقيل له: اشتغالك بمطعمك وملبسك من أين؟ هو أولى بك، وتمسكك بدرهمك من أين هو؟ وفيم تنفقه؟ أولى بك.
وقيل: لا نأمل أن تكون بتنقيرك وبحثك عما شجر بين القوم إلى أن يميل قلبك، فتهوى ما يصلح لك أن تهواه، ويلعب بك الشيطان؛ فتسب وتبغض من أمرك الله بمحبته والاستغفار له وباتباعه، فتزل عن طريق الحق، وتسلك طريق الباطل»
(2)
.
وقال ابن أبي زيد القيرواني: «وأن لا يُذكرَ أحدٌ من صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم إلا بأحسن ذكر، والإمساك عما شجر بينهم، وأنهم أحق الناس، أن يُلتمس لهم أحسن المخارج، ويُظن بهم أحسن المذاهب»
(3)
.
وقال أبو نعيم الأصبهاني: «فالواجب على المسلمين في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: إظهار ما مدحهم الله تعالى به، وشكرهم عليه، من جميل أفعالهم وجميل سوابقهم، وأن يغضوا عما كان منهم في حال الغضب والإغفال، وفرط منهم عند استزلال الشيطان إياهم، ونأخذ في ذكرهم بما أخبر الله تعالى به؛ فقال تعالى:{وَالَّذين جَاءُوا من بعدهمْ يَقُولُونَ رَبنَا اغْفِر لنا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذين سبقُونَا بِالْإِيمَان} الْآيَة.
(1)
فما يقول رحمه الله لو رأى ما يحدث ويقال في زمننا هذا؟!
(2)
الشريعة (5/ 2485 - 2490).
(3)
عقيدة السلف للقيرواني (ص: 61).
فإن الهفوة والزلل والغضب والحدة والإفراط لا يخلو منه أحد، وهو لهم غفور، ولا يوجب ذلك البراء منهم، ولا العداوة لهم، ولكن يحب على السابقة الحميدة، ويتولى للمنقبة الشريفة»
(1)
.
(2)
.
وقال ابن قدامة المقدسي: «ومن السنة تولي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومحبتهم، وذكر محاسنهم، والترحم عليهم، والاستغفار لهم، والكف عن ذكر مساوئهم وما شجر بينهم. واعتقاد فضلهم ومعرفة سابقتهم»
(3)
.
وقال شيخ الإسلام ابن تيْميَّة: «ولهذا كان من مذهب أهل السنة: الإمساك عما شَجَرَ بين الصحابة، فإنه قد ثبتت فضائلهم، ووجبت موالاتهم ومحبتهم»
(4)
.
(5)
.
وقال ابن الوزير اليماني: «والكلام فيما شجر بين الصحابة مما كثر فيه المراء والعصبية، مع قلة الفائدة في كثير منه»
(6)
.
(1)
الإمامة والرد على الرافضة (ص: 341 - 342).
(2)
الجامع لأحكام القرآن (16/ 321).
(3)
لمعة الاعتقاد (ص: 39).
(4)
منهاج السنة النبوية (4/ 448 - 449).
(5)
سير أعلام النبلاء (8/ 209 - 210).
(6)
العواصم والقواصم (3/ 221).
(1)
.
وقال الشوكاني -في جواب من سأله عن مذهب أهل الحقِّ في شأن ما شجر بين الصحابة رضي الله عنهم في الخلافة-: «إنْ كان هذا السائل طالباً للنجاة، مستفهماً عن أقرب الأقوال إلى مطابقة مراد مولاه، كما يُشعر بذلك تصرفه في سؤاله؛ فلْيدَعْ الاشتغال بهذه الأمر، ويترك المرور في هذا المضيق الذي تاهت فيه الأفكار، وتحيَّرت عنده أفكار أهل الأنظار، فإن هؤلاء الذين تبحث عن حوادثهم، وتتطلَّع لمعرفة ما شجر بينهم، قد صاروا تحت أطباق الثرى، ولقوا ربهم في المئة الأولى من البعثة، وها نحن الآن في المئة الثالثة عشر، فما بالنا والاشتغال بهذا الشأن الذي لا يعنينا؟! ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه، وأي فائدة لنا في الدخول في الأمور التي فيها ريبة؟! وقد أُرشدنا إلى أن ندع ما يريبنا إلى ما لا يريبنا، ويكفينا من تلك القلاقل والزلازل أن نعتقد أنهم خير القرون، وأفضل الناس»
(2)
.
(3)
.
(1)
فتح الباري (13/ 34).
(2)
إرشاد السائل إلى دلائل المسائل (ص: 45).
(3)
المصدر السابق (ص: 46).
وللمزيد من هذه الأقوال، انظر: سلّ السِّنان في الذبِّ عن معاوية بن أبي سفيان لسعد بن ضيدان السبيعي (ص: 293 - 305)، عقيدة أهل السنة في الصحابة الكرام لناصر بن علي الشيخ (2/ 732 - 742).