المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ثالثا: كتابته الوحي بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم - فتح المنان بسيرة أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان

[أحمد الجابري]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌منهج العمل في الأبحاث

- ‌من نماذج الرواة:

- ‌ محمد بن عمر الواقدي:

- ‌ سيف بن عمر التميمي:

- ‌ أبو الحسن علي بن محمد المدائني:

- ‌ أبو مِخنف لوط بن يحيى:

- ‌ محمد بن إسحاق بن يسار المدني:

- ‌منهج العمل في الكتاب:

- ‌الفصل الأول مُعاويةُ رضي الله عنه قبل الخِلافة

- ‌اسمُهُ ونسبُهُ وكنيتُهُ ولقبُهُ:

- ‌مولده:

- ‌اهتمام أمِّه به، وتنبُّؤها بنبوغه:

- ‌صِفَتُه الخَلْقية:

- ‌زوجاتُه وأولادُه

- ‌إسلامُهُ:

- ‌القول الأول: أنَّه أسلم عام الفتح:

- ‌القول الثاني: أنَّه أسلم عام القضيَّة (الحديبية):

- ‌القول الثالث: أنَّه أسلم قُبَيْل الفتح (بعد الحديبية، وقبل الفتح):

- ‌معاوية رضي الله عنه مع النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌أولاً: مع النبي صلى الله عليه وسلم في جهاده:

- ‌ثانياً: مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم في نُسُكه:

- ‌ثالثاً: كتابتُه الوحي بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌رابعاً: روايتُه الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌معاوية مع أبي بكر الصدِّيق رضي الله عنهما

- ‌معاوية مع عمر بن الخطَّاب رضي الله عنهما

- ‌عمرُ يولِّي معاويةَ الشام:

- ‌تهنئةُ النَّاس هند بولاية معاوية:

- ‌كِتَابُ عمر إلى معاوية:

- ‌ثناءُ عمر على معاوية:

- ‌فتوحاتُ معاوية في عهد عمر:

- ‌معاوية مع عثمان بن عفَّان رضي الله عنهما

- ‌فتوحات معاوية وغزواته في عهد عثمان:

- ‌معاويةُ يرفع أمر الخلافات إلى عثمان بن عفَّان:

- ‌معاوية وفتنة مَقْتَل عثمان رضي الله عنه

- ‌بداية ظهور الفتنة بالكوفة، ونَفْيُ المتكلمين إلى الشام عند معاوية:

- ‌تفاقُم المِحنة، واستدعاء عثمان معاوية:

- ‌وصول الخبر إلى معاوية:

- ‌معاوية مع عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنهما

- ‌انقسام الصحابة والناس بعد مقتل عثمان رضي الله عنه

- ‌تلخيصٌ لما حدث في معركة الجمل (سنة 36 هـ)

- ‌الرسائل بين عليٍّ ومعاويةَ رضي الله عنهما:

- ‌موقعة صفِّين (سنة 37 هـ)

- ‌تعداد الجيشين:

- ‌النزاع على الماء:

- ‌المراسلات بين علي ومعاوية:

- ‌تنظيم الجيوش وبداية القتال:

- ‌مَقْتلُ عمَّار بن ياسر رضي الله عنه، وظهورُ جيش عليٍّ على أهل الشام:

- ‌ردُّ العلماء تأويل معاوية رضي الله عنه وأهلِ الشام للحديث:

- ‌ليلة الهرير، وآخر أيام القتال:

- ‌توقُّف القتال والدعوة إلى التحكيم:

- ‌مرويَّاتُ قصة التحكيم:

- ‌خُلاصة الكلام في قصة التحكيم:

- ‌موقفٌ حميدٌ لمعاوية مع ملك الروم حال الفتنة:

- ‌عدد الصحابة الذين شهدوا صفِّين:

- ‌فأمَّا الصحابة البدريُّون (من شهدوا بدراً):

- ‌موقف أهل السنَّة مما وقع بين عليٍّ ومعاوية رضي الله عنهما:

- ‌أيُّ الطائفتين كان أدنى إلى الحق

- ‌هل أصاب عليٌّ رضي الله عنه الحقَّ كاملاً بهذا القتال

- ‌إعذار أهل السنة لمعاوية رضي الله عنه ومن معه، وإمساكهم عن الكلام فيهم:

- ‌معركة النَّهْرَوَان

- ‌التخطيط لقتل عليٍّ، ومعاوية، وعمرو رضي الله عنهم

- ‌استقبال معاوية خبر مقتل عليٍّ:

- ‌الفصل الثاني معاوية رضي الله عنه والخلافة

- ‌خلافة الحسن بن علي رضي الله عنه

- ‌دعوة معاوية للصلح، وتنازل الحسن عن الخلافة:

- ‌كيف سيقنع الحسن هؤلاء العشرات من الآلاف خلفه بهذا الصلح والتنازل، وقد اشتعلت في قلوب الكثيرين منهم جذوة الغضب، ونار الانتقام

- ‌عام الجماعة:

- ‌فوائد من قصة الصلح بين الحسن ومعاوية:

- ‌ أهم نتائج هذا الصلح

- ‌معاوية رضي الله عنه: خليفةٌ أم مَلِكٌ

- ‌أولاً: معنى الملك العَضوض:

- ‌خروج الخوارج على معاوية:

- ‌الفتوحات في خلافة معاوية:

- ‌أهم الولاة والعمال الذين استعملهم معاوية رضي الله عنه، أو عزلهم:

- ‌معاوية يعهد بالخلافة لابنه يزيد من بعده:

- ‌الخطوة الأولى: معاوية يفكر في الأمر، ويستشير فيه بعض خواصِّه:

- ‌الخطوة الثانية: أخذ معاوية البيعة ليزيد من أهل الشام:

- ‌الخطوة الثالثة: استدعاء معاوية الوفود من الأمصار لأخذ البيعة ليزيد:

- ‌الخطوة الرابعة: الكتابة إلى أهل المدينة بطلب البيعة ليزيد:

- ‌الخطوة الخامسة: قدوم معاوية المدينة بنفسه، وطلبه البيعة ليزيد:

- ‌الخطوة السادسة: لقاء معاوية مع المعترضين على بيعة يزيد:

- ‌الخلاصة في بيعة يزيد:

- ‌أسباب اعتراض بعض الصحابة على بيعة يزيد:

- ‌دوافع ترشيح معاوية لابنه يزيد للخلافة بعده:

- ‌1 - الحفاظ على وحدة الأمة، والخوف عليها من الاختلاف والنزاع:

- ‌2 - حبُّ معاوية لابنه، وتوسُّمه فيه النجابة الدنيوية:

- ‌الجواب عن أدلة المعترضين على تولية معاوية ليزيد من بعده:

- ‌إذن لماذا اعترض البعض على عهد معاوية بالخلافة ليزيد من بعده

- ‌هل كان معاوية مصيبا في عهده ليزيد بالخلافة من بعده

- ‌مرضه وفاته:

- ‌وصيته قبل موته:

- ‌موضع مقبرته:

- ‌عمره، وتاريخ وفاته:

- ‌مدة ملكه:

- ‌نقش خاتمه:

- ‌حزن الصحابة لموته:

- ‌ممَّا قيل فيه من رثاء

- ‌صفاته وأخلاقه:

- ‌1 - الحرص على السُنَّة (تَعلُّماً، وتطبيقاً، وأَمراً ونَشْراً):

- ‌2 - ستر الناس، والعفو والتجاوز عنهم:

- ‌3 - الحلم والأناة:

- ‌4 - التواضع:

- ‌5 - الخشية من الله:

- ‌6 - العدل:

- ‌الفصل الثالث مناقبه، وثناء العلماء عليه

- ‌أولاً: مناقبه وفضائله:

- ‌ثانياً: ثناء الصحابة رضي الله عنه والسلف عليه:

- ‌ أبو بكر، وعمر، وعثمان رضي الله عنهم

- ‌ علي بن أبي طالب رضي الله عنه

- ‌ أبو الدرداء رضي الله عنه

- ‌ عبد الله بن عباس رضي الله عنه

- ‌ عبد الله بن الزبير رضي الله عنه

- ‌ عبد الله بن عمر رضي الله عنه

- ‌ المسور بن مخرمة رضي الله عنه

- ‌ مجاهد بن جبر:

- ‌ محمد بن سيرين:

- ‌ محمد بن شهاب الزهري:

- ‌ أبو إسحاق السبيعي:

- ‌ سفيان الثوري:

- ‌ الفضيل بن عياض:

- ‌ شيخ الإسلام ابن تيْميَّة:

- ‌ الذهبي:

- ‌ ابن كثير:

- ‌المفاضلة بين معاوية بن أبي سفيان وعمر بن عبد العزيز:

- ‌أقوال السلف فيمن سبَّ معاوية رضي الله عنه

- ‌ عمر بن عبد العزيز:

- ‌ الحسن البصري:

- ‌ الإمام مالك:

- ‌ الإمام أحمد:

- ‌ شيخ الإسلام ابن تيْميَّة:

- ‌الفصل الرابع شبهاتٌ وردُود

- ‌الشُّبهة الأولى: الأحاديث الواردة في ذم معاوية رضي الله عنه

- ‌أ- حديث: «إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه -وفي لفظ: فارجموه

- ‌ب- حديث عبادة بن الصامت مرفوعا: «سيلي أموركم بعدي رجال يعرفونكم ما تنكرون، وينكرون عليكم ما تعرفون، فلا طاعة لمن عصى، فلا تعتلوا بربكم»

- ‌جـ- حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: «كنتُ ألعب مع الصبيان، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فتواريت خلف باب، قال فجاء فحطأني حطأة(1)، وقال: اذهب وادع لي معاوية. قال: فجئت فقلت: هو يأكل، قال: ثم قال لي: اذهب فادع لي معاوية. قال: فجئت فقلت:

- ‌د- عن فاطمة بنت قيس، أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة، وهو غائب،…، قالت: فلما حللتُ ذكرت للنبي صلى الله عليه وسلم أن معاوية بن أبي سفيان، وأبا جهم خطباني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما أبو جهم، فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية ف

- ‌الشبهة الثانية: تعامل معاوية رضي الله عنه بالربا:

- ‌الشبهة الثالثة: بيع معاوية رضي الله عنه الأصنام:

- ‌الشبهة الرابعة: سمُّ معاوية للحسن بن علي رضي الله عنه

- ‌الشبهة الخامسة: قتل معاوية لعبد الرحمن بن خالد بن الوليد:

- ‌الشبهة السادسة: قتل معاوية للأشتر مالك بن الحارث النخعي:

- ‌الشبهة السابعة: قتل معاوية لحُجْر بن عدي

- ‌الشبهة الثامنة: لعنُ وسبُّ معاوية لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه

- ‌الشبهة التاسعة: محاولة معاوية نقل منبر النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى الشام:

- ‌الشبهة العاشرة: استلحاق معاوية رضي الله عنه زياد بن أبيه:

- ‌جريدة المصادر والمراجع

الفصل: ‌ثالثا: كتابته الوحي بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم

وقال عنه شيخُ الإسلام ابنُ تيْميَّة: «شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حُنيناً، والطَّائف، وتبوك»

(1)

.

‌ثانياً: مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم في نُسُكه:

عن عبد الله بن عباس، عن معاوية رضي الله عنهم؛ قال:«قَصَّرْتُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِمِشْقَصٍ، وَهُوَ عَلَى الْمَرْوَة»

(2)

.

وقال عنه شيخ الإسلام ابن تيْميَّة: «وحجَّ مع النبي صلى الله عليه وسلم حجَّة الوداع»

(3)

.

‌ثالثاً: كتابتُه الوحي بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم

-:

لا يكاد يخلو مصدرٌ من مصادر ترجمته رضي الله عنه من ذكر هذه المنقبة له، وهي: أنه كان كاتباً بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، بل عدَّ بعضهم هذا من الأمور المتواترة عن معاوية رضي الله عنه.

يقول شيخُ الإسلام ابن تيْميَّة: «فإنَّ معاويةَ ثبت بالتواتر أنه أَمَره النبي صلى الله عليه وسلم كما أمر غيره، وجاهد معه، وكان أميناً عنده- يكتب له الوحي، وما اتَّهمه النبيُّ صلى الله عليه وسلم في كتابة الوحي»

(4)

.

وفيما يلي بعضُ نصوص العلماء -على اختلاف أزمانهم وأماكنهم- في هذه المسألة:

(1)

منهاج السنة النبوية (7/ 40).

(2)

متفق عليه: أخرجه البخاري (1730)، ومسلم (1246) -واللفظ له، وليس في رواية البخاري ذكر المروة-.

وقد وقع خلاف يسير في إسناد هذا الحديث لا يقدح فيه إن شاء الله، فانظر: علل الدارقطني (7/ 51 - 52).

ثم هناك نزاع أشد من ذلك وقع بين العلماء، وهو في تحديد هذا النسك، هل كان عمرة، أم حجاً؟ وإن كان عمرة؛ فهل هي عمرة الجعرانة؟ أم القضاء؟ فانظر في ذلك: شرح النووي على مسلم (8/ 231 - 232)، فتح الباري (3/ 565 - 566).

(3)

منهاج السنة النبوية (7/ 40).

(4)

مجموع الفتاوى (4/ 472).

ص: 38

قال المعافى بن عمران

(1)

: «معاوية رضي الله عنه كاتبه، وصاحبه، وصهره، وأمينه على وحي الله عز وجل»

(2)

.

وقال خليفةُ بن خيَّاط: «تسمية من كَتَبَ له صلى الله عليه وسلم: زيد بن ثابت كاتب الوحي، وقد كتب له معاوية بن أبي سفيان»

(3)

.

وقال الإمامُ مُسلمٌ: «أبو عبد الرحمن معاوية بن أبي سفيان، كاتب رسول الله صلى الله عليه وسلم»

(4)

.

وقال الطبريُّ: «ذِكْرُ من كان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم: وكَتَبَ له معاوية بن أبي سفيان»

(5)

.

وقال أبو نعيمٍ: «كان من الكَتَبَة الحَسَبَة الفَصَحَة»

(6)

.

وقال ابنُ حزمٍ -وهو يتحدَّثُ عن كُتَّابه صلى الله عليه وسلم: «وكان زيد بن ثابت من ألزم النَّاس لذلك، ثُمَّ تلاه مُعاويةُ بعد الفتح، فكانا مُلازِمَيْن للكتابة بين يديه صلى الله عليه وسلم في الوحي وغير ذلك، لا عمل لهما غير ذلك»

(7)

.

وقال ابنُ عبد البرِّ: «وهو أحد الذين كتبوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم»

(8)

.

وقال الخطيبُ البغداديُّ: «واستكتبه النبيُّ صلى الله عليه وسلم»

(9)

.

وقال ابنُ عساكرٍ: «كاتبُ وحي ربِّ العالمين»

(10)

.

(1)

من تلاميذ سفيان الثوري الذين لازموه، وتأدب بآدابه، وكان سفيان يسميه: ياقوتة العلماء، ثقة عابد فقيه، مات سنة خمس -وقيل: ست- وثمانين ومئة. انظر: تهذيب التهذيب (10/ 199).

(2)

إسناده صحيح: أخرجه الآجري في الشريعة (5/ 2466)، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (2785).

(3)

تاريخ خليفة بن خياط (ص: 99).

(4)

الكنى والأسماء (2013).

(5)

تاريخ الطبري (3/ 173).

(6)

معرفة الصحابة (5/ 2496).

(7)

جوامع السيرة لابن حزم (ص: 26 - 27).

(8)

الاستيعاب (3/ 1416).

(9)

تاريخ بغداد (1/ 222).

(10)

تاريخ دمشق (59/ 55).

ص: 39

وقال الشيخ عبدُ الله السعد: «وكون معاوية رضي الله عنه كاتباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم أمرٌ مشهورٌ عند أهل العلم، واتِّخاذ سيد الخلق له كاتباً لوحي الله عز وجل منقبةٌ عظيمةٌ لمعاوية رضي الله عنه»

(1)

.

إلا أنه قد رُوي أن كتابته للنبي صلى الله عليه وسلم كانت خاصة بالمراسلات بينه وبينه العرب، وقد ورد ما يردُّ هذا القول.

قال الذهبيُّ: «وذكر المفضَّل الغلابي: أنَّ زيد بن ثابت كان كاتب وحي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان معاوية كاتبه فيما بينه وبين العرب.

كذا قال! وقد صحَّ عن ابن عباس قال: كنت ألعب، فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: ادع لي معاوية، وكان يكتب الوحي

(2)

»

(3)

.

ولما نقل ابن تيْميَّة قولَ ابن المطهِّر عن أهل السنة: «وسمُّوه: كاتب الوحي، ولم يكتب له كلمةً من الوحي» ؛ أجاب عن ذلك فقال: «فهذا قولٌ بلا حجةٍ، فما الدليلُ على أنه لم يكتب له كلمة واحدة من الوحي، وإنما كان يكتب له الرسائل؟»

(4)

.

(1)

فتح الواحد العليِّ في الدفاع عن صحابة النبي صلى الله عليه وسلم (ص: 95).

(2)

أخرجه أحمد (2651) بلفظ: "وكان كاتبه"، وأما لفظة:"وكان يكتب الوحي" فهي في دلائل النبوة للبيهقي (6/ 243)، وأصل الحديث في مسلم (2604) بدون هذه الزيادة، وسيأتي الكلام عن هذا الحديث -إن شاء الله- في فصل:"شبهات وردود".

(3)

تاريخ الإسلام (4/ 309). ونقله الذهبي أيضا في سير أعلام النبلاء (3/ 122) لكنه جعله من قول أبي الحسن الكوفي، فقال:"ونقل المفضل الغلابي، عن أبي الحسن الكوفي"؛ فذكره، ولم يتعقبه الذهبي هناك، وأبو الحسن هذا هو المدائني، فقد نسب ابن حجر هذا القول إليه في الإصابة (6/ 121)، وقد تقدم الكلام في المدائني.

وقد ذكر الذهبي أيضا في الموضع السابق (3/ 120) أنه "كتب للنبي صلى الله عليه وسلم مرات يسيرة"!

(4)

منهاج السنة النبوية (4/ 427).

ص: 40

وقال عنه في موطنٍ آخر: «وكان يكتب الوحي، فهو ممن ائتمنه النبيُّ صلى الله عليه وسلم على كتابة الوحي، كما ائتمن غيره من الصحابة»

(1)

.

وتذكر إحدى الروايات أن الذي طلب من النبي صلى الله عليه وسلم استكتاب معاوية هو: والده أبا سفيان.

فعن ابن عباس، قال:«كان المسلمون لا ينظرون إلى أبي سفيان ولا يقاعدونه، فقال للنبي صلى الله عليه وسلم: يا نبيَّ الله! ثلاثٌ أعطنيهن، قال: نعم، قال: عندي أحسن العرب وأجمله، أم حبيبة بنت أبي سفيان، أزوجكها، قال: نعم، قال: ومعاوية تجعله كاتباً بين يديك، قال: نعم، قال: وتؤمِّرني حتى أقاتلَ الكفار كما كنتُ أقاتل المسلمين، قال: نعم»

(2)

.

(1)

المصدر السابق (7/ 40).

(2)

أخرجه مسلم (2501)، وابن حبان (7209).

وقد وقع نزاع بين العلماء حول هذا الحديث، حتى أفرد بعضهم له مصنفا مستقلا، كما ذكر ذلك ابن كثير عن نفسه في البداية والنهاية (11/ 146)، وقال النووي في شرحه لمسلم (16/ 63 - 64):"واعلم أن هذا الحديث من الأحاديث المشهورة بالإشكال، ووجه الإشكال: أن أبا سفيان إنما أسلم يوم فتح مكة سنة ثمان من الهجرة، وهذا مشهور لا خلاف فيه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد تزوج أم حبيبة قبل ذلك بزمان طويل، قال القاضي: والذي في مسلم هنا أنه زوجها أبو سفيان غريب جدا! وخبرها مع أبي سفيان حين ورد المدينة في حال كفره مشهور. ولم يزد القاضي على هذا، وقال ابن حزم: هذا الحديث وهم من بعض الرواة، لأنه لا خلاف بين الناس أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج أم حبيبة قبل الفتح بدهر وهي بأرض الحبشة وأبوها كافر، وفي رواية عن ابن حزم أيضا أنه قال: موضوع، قال: والآفة فيه من عكرمة بن عمار، الراوي عن أبي زميل، وأنكر الشيخ أبو عمرو بن الصلاح هذا على ابن حزم، وبالغ في الشناعة عليه، قال: وهذا القول من جسارته، فإنه كان هجوما على تخطئة الأئمة الكبار، وإطلاق اللسان فيهم، قال: ولا نعلم أحدا من أئمة الحديث نسب عكرمة بن عمار إلى وضع الحديث، وقد وثقه وكيع ويحيى بن معين وغيرهما، قال: وما توهمه ابن حزم من منافاة هذا الحديث لتقدم زواجها غلط منه وغفلة، لأنه يحتمل أنه سأله تجديد عقد النكاح تطييبا لقلبه، لأنه كان ربما يرى عليها غضاضة من رياسته ونسبه أن تزوج بنته بغير رضاه، أو أنه ظن أن إسلام الأب في مثل هذا يقتضي تجديد العقد، وقد خفي أوضح من هذا على أكبر مرتبة من أبي سفيان ممن كثر علمه وطالت صحبته، هذا كلام أبي عمرو، وليس في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم جدد العقد، ولا قال لأبي سفيان إنه يحتاج إلى تجديده، فلعله صلى الله عليه وسلم أراد بقوله: "نعم" أن مقصودك يحصل وإن لم يكن بحقيقة عقد، والله أعلم".

وانظر أيضا كلام ابن القيم حول هذا الحديث في زاد المعاد (1/ 106 - 108).

ص: 41

وهذه الرواية -على مافيها من كلام- أصحُّ بكثيرٍ من هذه الروايات الواهية التي ساقها ابن عساكر في ترجمة معاوية رضي الله عنه

(1)

، والتي في بعضها أنَّ تكليفه بالكتابة جاء بوحيٍ من السماء

(2)

!

(1)

تاريخ دمشق (59/ 68 - 73).

(2)

ومن هذه الروايات الواهية: ما أخرجه الطبراني في الأوسط (1838) -ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (59/ 69) - عن عائشة قالت: "لما كان يوم أم حبيبة من النبي صلى الله عليه وسلم دق الباب داق، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «انظروا من هذا» قالوا: معاوية، فقال: «ائذنوا له» ودخل، وعلى أذنه قلم له يخط به، فقال: «ما هذا القلم على أذنك يا معاوية؟» قال: قلم أعددته لله ولرسوله. قال: «جزاك الله عن نبيك خيرا، والله ما استكتبتك إلا بوحي من الله عز وجل، وما أفعل من صغيرة ولا كبيرة إلا بوحي من الله عز وجل، كيف بك لو قد قمصك الله قميصا؟» يعني: الخلافة. فقامت أم حبيبة: فجلست بين يديه، فقالت: يا رسول الله، وإن الله مقمص أخي قميصا؟ قال: «نعم، ولكن فيه هنات وهنات وهنات». فقالت: يا رسول الله، فادع له. فقال: «اللهم اهده بالهدى، وجنبه الردى، واغفر له في الآخرة والأولى» ".

قال الطبراني عقبه: "لم يرو هذا الحديث عن هشام إلا عبد الله بن يحيى، تفرد به: السري بن عاصم".

قلتُ (أحمد): والآفة من السري هذا، فقد وهَّاه ابن عدي، وكذَّبه ابن خراش، وله ترجمة سيئة في لسان الميزان (4/ 22).

ص: 42