الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
منكرة المتن.
(1)
.
وهذا قاله الإمام أحمد في حق من قال: «أن معاوية لعب بالأصنام» ، فكيف بمن قال أن معاوية بيعها
(2)
!! وقد تقدَّم معنا قول هشام بن عمَّار للبلاذري -وهو راوي هذا الخبر-: «نظرتُ في أحاديث معاوية عندكم، فوجدتُ أكثرها مصنوعا» .
الشبهة الرابعة: سمُّ معاوية للحسن بن علي رضي الله عنه
-:
عن ابن جُعْدُبة قال: «كانت جعدة بنت الأشعت بن قيس تحت الحسن بن عليّ، فدسّ إليها يزيد أن سمي حسناً أني مزوجك، ففعلت، فلما مات الحسن بعثت إليه جعدة تسأل يزيد الوفاء بما وعدها، فقال: أنا والله لم نرضك للحسن، فنرضاك لأنفسنا؟!» .
والجواب عن هذه الشبهة من وجوه:
أولاً: أن القصة واهية الإسناد
(3)
.
قال شيخ الإسلام ابن تيْميَّة: «وأما قوله
(4)
: إن معاوية سم الحسن؛ فهذا مما ذكره بعض الناس، ولم يثبت ذلك ببينة شرعية، أو إقرار معتبر، ولا نقل يجزم به. وهذا مما لا يمكن العلم به، فالقول به قول بلا علم»
(5)
.
وقال الذهبي: «هذا شيء لا يصح، فمن الذي اطلع عليه»
(6)
.
وقال ابن كثير -بعد أن نقل الرواية المذكورة-: «وعندي أن هذا ليس بصحيح، وعدم صحته عن أبيه معاوية بطريق الأولى والأحرى»
(7)
.
وضعَّف ذلك أيضا ابن خلدون
(8)
.
ثانياً: ليس في القصة ذكرٌ لمعاوية بن أبي سفيان!
(1)
المنتخب من علل الخلال (1/ 227).
(2)
سلُّ السنان (ص: 253).
(3)
إسناده ضعيف جدا: أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (13/ 284)، فابن جعدبة: هو يزيد بن عياض المدني، كذَّبه مالك وغيره، كما في التقريب (7761).
(4)
يعني: ابن المطهر الحلي الرافضي.
(5)
منهاج السنة (4/ 469).
(6)
تاريخ الإسلام (4/ 40).
(7)
البداية والنهاية (11/ 209).
(8)
تاريخ ابن خلدون (2/ 649).
ثالثاً: أن الحسن رضي الله عنه تنازل لمعاوية بمحض إرادته، وعن موضع قوة منه، ولم ينازعه شيئا بعد ذلك، بل لم يكن يفكر حتى في الملك؛ فلم يقبل معاوية على التخلص منه؟!
قال جبير بن نفير الحضرمي: «قلتُ للحسن بن علي: إن الناس يزعمون أنك تريد الخلافة؟ فقال: كانت جماجم العرب
(1)
بيدي يسالمون من سالمت، ويحاربون من حاربت، فتركتها ابتغاء وجه الله، ثم أثيرها بأتياس أهل الحجاز؟!»
(2)
.
وقال ابن العربي: «فإن قيل: قد دس على الحسن من سمه.
قلنا: هذا محال من وجهين: أحدهما: أنه ما كان ليتقي من الحسن بأسًا وقد سلم الأمر.
الثاني: أنه أمر مغيب لا يعلمه إلا الله فكيف تحملونه -بغير بينة- على أحد من خلقه في زمان متباعد لم نثق فيه بنقل ناقل، بين أيدي قوم ذوي أهواء، وفي حال فتنة وعصبية، ينسب كل واحد إلى صاحبه ما لا ينبغي، فلا يقبل منها إلا الصافي، ولا يسمع فيها إلا من العدل المصمم»
(3)
.
رابعاً: لو كانت هذه القصة صحيحة، ومنتشرة معروفة؛ فلم سكتَ الحسين وسائر الصحابة عن هذه الجريمة المنكرة، وهم الذين لا تأخذهم في الحق لومة لائم؟! فسكوتهم هذا بمثابة الطعن فيهم، لأنهم رضوا بما وقع، وحاشاهم ذلك.
خامساً: إذا كان معاوية رضي الله عنه يريد أن يصفي الساحة من المعارضين حتى يتمكن من مبايعة يزيد بدون معارضة، فإنه سيضطر إلى تصفية الكثير من أبناء الصحابة رضي الله عنهم، ولن تقتصر التصفية على الحسن رضي الله عنه فقط
(4)
.
(1)
جماجم العرب: سادتها ورؤساؤها.
(2)
إسناده حسن: أخرجه ابن سعد في الطبقات (الطبقة الخامسة، المتمم لصحابة، 1/ 318 - 319)، وفي سنده يزيد بن خمير، صدوق، كما في التقريب (7709).
(3)
العواصم من القواصم (ص: 213 - 214).
(4)
معاوية بن أبي سفيان، كشف شبهات ورد مفتريات (ص: 208).