الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
د- عن فاطمة بنت قيس، أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة، وهو غائب،
…
، قالت: فلما حللتُ ذكرت للنبي صلى الله عليه وسلم أن معاوية بن أبي سفيان، وأبا جهم خطباني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما أبو جهم، فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية ف
صُعلوكٌ لا مال له، انكحي أسامة بن زيد» فكرهته، ثم قال:«انكحي أسامة» ، فنكحته، فجعل الله فيه خيرا، واغتبطت به
(1)
.
ووجه اتهام معاوية هنا: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم لم يرضه زوجاً لفاطمة بنت قيس، ونعته بأنه صعلوك.
والجواب عن هذه التهمة بما يلي:
أولاً: أن كلمة: «صُعلوك» لا عيب فيها ولا مذمة، فهي تعني: الفقر وقلة المال، وكان معاوية في هذا الوقت قليل المال جدا
(2)
، فهذا وصف لحاله، لا عيب في أخلاقه.
ثانياً: وأما كونه لم يرضه لها: فلأنه أراد لها من هو خيرٌ منه، فرأى أن أسامة خير من معاوية، وقد كان هناك في الصحابة من هم خيرٌ من معاوية بالإجماع، وليس في هذا قدحٌ في معاوية.
بل إن هذا الحديث يصلح أن يكون فيه بيان لفضل لمعاوية، حيث أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما ذكر لفاطمة بنت قيس أنه لا مال له، ولو كان في دينه مغمزٌ أو مطعنٌ لذكره الرسول صلى الله عليه وسلم لفاطمة ولم يكتمها ذلك، وهذا فيه ثناء على معاوية في دينه رضي الله عنه، وكان ذلك في أول حياته وإسلامه
(3)
.
هذا وثمَّ في هذا الباب أحاديث أخر، أعرضت إيرادها، وضربت صفحا عن ذكرها لأحد أمرين:
الأول: أن بعضها ليس فيه ذكرٌ لمعاوية، وإنما تكلَّف أقوام ذكره فيها
(4)
.
الثاني: أن بعضها ليس مشتهرا في هذا الزمان، ولا يُذكر الآن، فرأيت أن الإعراض عنها أولى لإماتتها، وإخماد ذكرها.
(1)
صحيح مسلم (1480).
(2)
شرح صحيح مسلم (10/ 98).
(3)
مقدمة الشيخ عبد الله السعد لكتاب سل السنان (ص: 9).
(4)
انظر عينة من هذه الأحاديث على سبيل المثال في: سل السنان (ص: 127 - 148).