الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- تعيينه النعمان بن بشير الأنصاري رضي الله عنه أميراً على الكوفة.
- تعيينه مسلمة بن مخلد الأنصاري رضي الله عنه أميراً على مصر والمغرب معًا.
- تعيينه رويفع بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه أميراً على طرابلس
(1)
.
3 -
الظن بمعاوية رضي الله عنه أن دينه، وعدالته، وصحبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم، كل ذلك يمنعه مِن حَمْل منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى الشام، خاصة وهو يعلم قوله صلى الله عليه وسلم: «مَا بَيْنَ بَيْتِى وَمِنْبَرِى رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ
(2)
»
(3)
.
وكما ذكرتُ آنفاً: فإن ضعف الإسناد كان يغني عن كل هذا، لكن: زيادة في الحجة، {ويزداد الذين آمنوا إيمانا} .
الشبهة العاشرة: استلحاق معاوية رضي الله عنه زياد بن أبيه:
المراد بزياد هنا: هو زياد بن سمية، وهي أمه كانت أَمَة للحارث بن كلدة الثقفي طبيب العرب، زوَّجها لمولاه عبيد الثقفي، فأتت بزياد على فراشه وهم بالطائف، قبل أن يسلم أهل الطائف، وكان قبل الاستلحاق يُقال له: زياد بن عبيد الثقفي
(4)
.
قال الطبري: «وفي هذه السنة استلحق معاوية نسب زياد بن سمية بأبيه أبي سفيان، فيما قيل.
(1)
مرويات خلافة معاوية (ص: 316).
(2)
متفق عليه: أخرجه البخاري (1195)، ومسلم (1390)، عن عبد الله بن زيد المازني رضي الله عنه.
(3)
مرويات خلافة معاوية (ص: 313 - 314).
(4)
الاستيعاب (2/ 523)، تاريخ دمشق (19/ 162)، سير أعلام النبلاء (3/ 494).
حدثني عمر بن شبة، قال: زعموا أن رجلا من عبد القيس كان مع زياد لما وفد على معاوية، فقال لزياد: إن لابن عامر عندي يدا، فإن أذنت لي أتيته، قال: على أن تحدثني ما يجري بينك وبينه، قال: نعم، فأذن له فأتاه، فقال له ابن عامر: هيه هيه! وابن سمية يقبح آثاري، ويعرض بعمالي! لقد هممت أن آتي بقسامة من قريش يحلفون أن أبا سفيان لم ير سمية، قال: فلما رجع سأله زياد، فأبى أن يخبره، فلم يدعه حتى أخبره، فأخبر ذلك زياد معاوية، فقال معاوية لحاجبه: إذا جاء ابن عامر فاضرب وجه دابته عن أقصى الأبواب، ففعل ذلك به، فأتى ابن عامر يزيد، فشكا إليه ذلك، فقال له: هل ذكرت زيادا؟ قال: نعم، فركب معه يزيد حتى أدخله، فلما نظر إليه معاوية قام فدخل، فقال يزيد لابن عامر: اجلس فكم عسى أن تقعد في البيت عن مجلسه! فلما أطالا خرج معاوية وفي يده قضيب يضرب به الأبواب، ويتمثل:
لنا سياق ولكم سياق
…
قد علمت ذلكم الرفاق
ثم قعد فقال: يا ابن عامر، أنت القائل في زياد ما قلت؟! أما والله لقد علمت العرب أني كنت أعزها في الجاهلية، وأن الإسلام لم يزدني إلا عزا، وأني لم أتكثر بزياد من قلة، ولم أتعزز به من ذلة، ولكن عرفت حقا له فوضعته موضعه، فقال: يا أمير المؤمنين، نرجع إلى ما يحب زياد، قال: إذا نرجع إلى ما تحب، فخرج ابن عامر إلى زياد فترضاه»
(1)
.
وحاصل التهمة التي نُسبت إلى معاوية هنا: أنه باستلحاقه زياد بن عبيد إلى أبيه قد خالف أحكام الإسلام، فعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: قام رجل فقال: يا رسول الله، إن فلانا ابني عاهرت بأمه في الجاهلية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لا دعوة في الإسلام، ذهب أمر الجاهلية، الولد للفراش وللعاهر الحجر»
(2)
.
(1)
تاريخ الطبري (5/ 214).
(2)
إسناده حسن: أخرجه أبو داود (2274)، وهذا سند حسن للخلاف المعروف في عمرو بن شعيب، عن أبيه.
وقال عنه الألباني في صحيح أبي داود (الأم- 7/ 45): "حسن صحيح".
والرواية المذكورة لا تصح، فسندها منقطع بين عمر بن شبة ومعاوية، وقد أشار الطبري إلى ضعفها بقوله:«فيما قيل» .
(1)
.
ووجَّه الدكتور خالد الغيث التهمة إلى زياد بن أبيه بأنه هو الذي ألحق نسبه بنسب أبي سفيان، واستدل برواية أخرجها مسلم
(2)
من طريق أبي عثمان النهدي قال: «لما ادّعى زياد لقيت أبا بكرة فقلت له: ما هذا الذي صنعتم، إني سمعت سعد بن أبي وقاص يقول: سمع أذناي من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: من ادَّعى أبا في الإسلام غير أبيه يعلم أنه غير أبيه؛ فالجنة عليه حرام. فقال أبو بكرة: وأنا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم»
(3)
.
(1)
مرويات خلافة معاوية (ص: 304).
(2)
صحيح مسلم (63).
(3)
مرويات خلافة معاوية (ص: 305).
(1)
.
ويزيد هذا الأمر تأكيدا: ما ورد عن أبي إسحاق السبيعي قال: «لما قدم زيادٌ الكوفة قال: قد جئتكم في أمر ما طلبته الا إليكم، قالوا: ادعنا إلى ما شئت، قال: تلحقون نسبي بمعاوية، قالوا: أما بشهادة الزور فلا، فأتى البصرة، فشهد له رجل»
(2)
.
ولذلك قال أبو نعيم في ترجمته: «زياد بن سمية، ادَّعى أبا سفيان فنُسب إليه»
(3)
.
وبذلك تبرأ ساحة معاوية رضي الله عنه من هذه التهمة. والله أعلم
(4)
.
وختاماً:
(1)
شرح صحيح مسلم (2/ 53).
(2)
في إسناده ضعف: أخرجه الطبري في تاريخه (5/ 215)، وفي سنده عمرو بن هاشم، ليِّن الحديث، كما في التقريب (5126).
(3)
معرفة الصحابة (3/ 1217).
(4)
انظر للمزيد في هذه المسألة: مرويات خلافة معاوية (ص: 299 - 306)، معاوية بن أبي سفيان، كشف شبهات ورد مفتريات (ص: 264 - 267).
فهذه أهم وأشهر الشبهات التي وقفتُ عليها، وثمَّ شبهات أخر
(1)
لم أوردها لعدم انتشارها، وشدة ضعفها، ولم يقم دليل صحيحٌ على شيء منها حتى نتكلَّف إيراده، ونجيب عنه. وفيما تقدَّم بإذن الله كفاية، لمن أراد الحق وبحث عن الهداية، والله يهدينا إلى سواء السبيل، إنه بكل جميل كفيل، وهو حسبنا ونعم الوكيل. والحمد لله رب العالمين.
(1)
انظر للاستزادة من هذا الباب: سل السنان (ص: 247 - 256)، معاوية بن أبي سفيان، كشف شبهات ورد مفتريات (ص: 159 - 289).