المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الخلاصة في بيعة يزيد: - فتح المنان بسيرة أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان

[أحمد الجابري]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌منهج العمل في الأبحاث

- ‌من نماذج الرواة:

- ‌ محمد بن عمر الواقدي:

- ‌ سيف بن عمر التميمي:

- ‌ أبو الحسن علي بن محمد المدائني:

- ‌ أبو مِخنف لوط بن يحيى:

- ‌ محمد بن إسحاق بن يسار المدني:

- ‌منهج العمل في الكتاب:

- ‌الفصل الأول مُعاويةُ رضي الله عنه قبل الخِلافة

- ‌اسمُهُ ونسبُهُ وكنيتُهُ ولقبُهُ:

- ‌مولده:

- ‌اهتمام أمِّه به، وتنبُّؤها بنبوغه:

- ‌صِفَتُه الخَلْقية:

- ‌زوجاتُه وأولادُه

- ‌إسلامُهُ:

- ‌القول الأول: أنَّه أسلم عام الفتح:

- ‌القول الثاني: أنَّه أسلم عام القضيَّة (الحديبية):

- ‌القول الثالث: أنَّه أسلم قُبَيْل الفتح (بعد الحديبية، وقبل الفتح):

- ‌معاوية رضي الله عنه مع النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌أولاً: مع النبي صلى الله عليه وسلم في جهاده:

- ‌ثانياً: مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم في نُسُكه:

- ‌ثالثاً: كتابتُه الوحي بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌رابعاً: روايتُه الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌معاوية مع أبي بكر الصدِّيق رضي الله عنهما

- ‌معاوية مع عمر بن الخطَّاب رضي الله عنهما

- ‌عمرُ يولِّي معاويةَ الشام:

- ‌تهنئةُ النَّاس هند بولاية معاوية:

- ‌كِتَابُ عمر إلى معاوية:

- ‌ثناءُ عمر على معاوية:

- ‌فتوحاتُ معاوية في عهد عمر:

- ‌معاوية مع عثمان بن عفَّان رضي الله عنهما

- ‌فتوحات معاوية وغزواته في عهد عثمان:

- ‌معاويةُ يرفع أمر الخلافات إلى عثمان بن عفَّان:

- ‌معاوية وفتنة مَقْتَل عثمان رضي الله عنه

- ‌بداية ظهور الفتنة بالكوفة، ونَفْيُ المتكلمين إلى الشام عند معاوية:

- ‌تفاقُم المِحنة، واستدعاء عثمان معاوية:

- ‌وصول الخبر إلى معاوية:

- ‌معاوية مع عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنهما

- ‌انقسام الصحابة والناس بعد مقتل عثمان رضي الله عنه

- ‌تلخيصٌ لما حدث في معركة الجمل (سنة 36 هـ)

- ‌الرسائل بين عليٍّ ومعاويةَ رضي الله عنهما:

- ‌موقعة صفِّين (سنة 37 هـ)

- ‌تعداد الجيشين:

- ‌النزاع على الماء:

- ‌المراسلات بين علي ومعاوية:

- ‌تنظيم الجيوش وبداية القتال:

- ‌مَقْتلُ عمَّار بن ياسر رضي الله عنه، وظهورُ جيش عليٍّ على أهل الشام:

- ‌ردُّ العلماء تأويل معاوية رضي الله عنه وأهلِ الشام للحديث:

- ‌ليلة الهرير، وآخر أيام القتال:

- ‌توقُّف القتال والدعوة إلى التحكيم:

- ‌مرويَّاتُ قصة التحكيم:

- ‌خُلاصة الكلام في قصة التحكيم:

- ‌موقفٌ حميدٌ لمعاوية مع ملك الروم حال الفتنة:

- ‌عدد الصحابة الذين شهدوا صفِّين:

- ‌فأمَّا الصحابة البدريُّون (من شهدوا بدراً):

- ‌موقف أهل السنَّة مما وقع بين عليٍّ ومعاوية رضي الله عنهما:

- ‌أيُّ الطائفتين كان أدنى إلى الحق

- ‌هل أصاب عليٌّ رضي الله عنه الحقَّ كاملاً بهذا القتال

- ‌إعذار أهل السنة لمعاوية رضي الله عنه ومن معه، وإمساكهم عن الكلام فيهم:

- ‌معركة النَّهْرَوَان

- ‌التخطيط لقتل عليٍّ، ومعاوية، وعمرو رضي الله عنهم

- ‌استقبال معاوية خبر مقتل عليٍّ:

- ‌الفصل الثاني معاوية رضي الله عنه والخلافة

- ‌خلافة الحسن بن علي رضي الله عنه

- ‌دعوة معاوية للصلح، وتنازل الحسن عن الخلافة:

- ‌كيف سيقنع الحسن هؤلاء العشرات من الآلاف خلفه بهذا الصلح والتنازل، وقد اشتعلت في قلوب الكثيرين منهم جذوة الغضب، ونار الانتقام

- ‌عام الجماعة:

- ‌فوائد من قصة الصلح بين الحسن ومعاوية:

- ‌ أهم نتائج هذا الصلح

- ‌معاوية رضي الله عنه: خليفةٌ أم مَلِكٌ

- ‌أولاً: معنى الملك العَضوض:

- ‌خروج الخوارج على معاوية:

- ‌الفتوحات في خلافة معاوية:

- ‌أهم الولاة والعمال الذين استعملهم معاوية رضي الله عنه، أو عزلهم:

- ‌معاوية يعهد بالخلافة لابنه يزيد من بعده:

- ‌الخطوة الأولى: معاوية يفكر في الأمر، ويستشير فيه بعض خواصِّه:

- ‌الخطوة الثانية: أخذ معاوية البيعة ليزيد من أهل الشام:

- ‌الخطوة الثالثة: استدعاء معاوية الوفود من الأمصار لأخذ البيعة ليزيد:

- ‌الخطوة الرابعة: الكتابة إلى أهل المدينة بطلب البيعة ليزيد:

- ‌الخطوة الخامسة: قدوم معاوية المدينة بنفسه، وطلبه البيعة ليزيد:

- ‌الخطوة السادسة: لقاء معاوية مع المعترضين على بيعة يزيد:

- ‌الخلاصة في بيعة يزيد:

- ‌أسباب اعتراض بعض الصحابة على بيعة يزيد:

- ‌دوافع ترشيح معاوية لابنه يزيد للخلافة بعده:

- ‌1 - الحفاظ على وحدة الأمة، والخوف عليها من الاختلاف والنزاع:

- ‌2 - حبُّ معاوية لابنه، وتوسُّمه فيه النجابة الدنيوية:

- ‌الجواب عن أدلة المعترضين على تولية معاوية ليزيد من بعده:

- ‌إذن لماذا اعترض البعض على عهد معاوية بالخلافة ليزيد من بعده

- ‌هل كان معاوية مصيبا في عهده ليزيد بالخلافة من بعده

- ‌مرضه وفاته:

- ‌وصيته قبل موته:

- ‌موضع مقبرته:

- ‌عمره، وتاريخ وفاته:

- ‌مدة ملكه:

- ‌نقش خاتمه:

- ‌حزن الصحابة لموته:

- ‌ممَّا قيل فيه من رثاء

- ‌صفاته وأخلاقه:

- ‌1 - الحرص على السُنَّة (تَعلُّماً، وتطبيقاً، وأَمراً ونَشْراً):

- ‌2 - ستر الناس، والعفو والتجاوز عنهم:

- ‌3 - الحلم والأناة:

- ‌4 - التواضع:

- ‌5 - الخشية من الله:

- ‌6 - العدل:

- ‌الفصل الثالث مناقبه، وثناء العلماء عليه

- ‌أولاً: مناقبه وفضائله:

- ‌ثانياً: ثناء الصحابة رضي الله عنه والسلف عليه:

- ‌ أبو بكر، وعمر، وعثمان رضي الله عنهم

- ‌ علي بن أبي طالب رضي الله عنه

- ‌ أبو الدرداء رضي الله عنه

- ‌ عبد الله بن عباس رضي الله عنه

- ‌ عبد الله بن الزبير رضي الله عنه

- ‌ عبد الله بن عمر رضي الله عنه

- ‌ المسور بن مخرمة رضي الله عنه

- ‌ مجاهد بن جبر:

- ‌ محمد بن سيرين:

- ‌ محمد بن شهاب الزهري:

- ‌ أبو إسحاق السبيعي:

- ‌ سفيان الثوري:

- ‌ الفضيل بن عياض:

- ‌ شيخ الإسلام ابن تيْميَّة:

- ‌ الذهبي:

- ‌ ابن كثير:

- ‌المفاضلة بين معاوية بن أبي سفيان وعمر بن عبد العزيز:

- ‌أقوال السلف فيمن سبَّ معاوية رضي الله عنه

- ‌ عمر بن عبد العزيز:

- ‌ الحسن البصري:

- ‌ الإمام مالك:

- ‌ الإمام أحمد:

- ‌ شيخ الإسلام ابن تيْميَّة:

- ‌الفصل الرابع شبهاتٌ وردُود

- ‌الشُّبهة الأولى: الأحاديث الواردة في ذم معاوية رضي الله عنه

- ‌أ- حديث: «إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه -وفي لفظ: فارجموه

- ‌ب- حديث عبادة بن الصامت مرفوعا: «سيلي أموركم بعدي رجال يعرفونكم ما تنكرون، وينكرون عليكم ما تعرفون، فلا طاعة لمن عصى، فلا تعتلوا بربكم»

- ‌جـ- حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: «كنتُ ألعب مع الصبيان، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فتواريت خلف باب، قال فجاء فحطأني حطأة(1)، وقال: اذهب وادع لي معاوية. قال: فجئت فقلت: هو يأكل، قال: ثم قال لي: اذهب فادع لي معاوية. قال: فجئت فقلت:

- ‌د- عن فاطمة بنت قيس، أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة، وهو غائب،…، قالت: فلما حللتُ ذكرت للنبي صلى الله عليه وسلم أن معاوية بن أبي سفيان، وأبا جهم خطباني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما أبو جهم، فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية ف

- ‌الشبهة الثانية: تعامل معاوية رضي الله عنه بالربا:

- ‌الشبهة الثالثة: بيع معاوية رضي الله عنه الأصنام:

- ‌الشبهة الرابعة: سمُّ معاوية للحسن بن علي رضي الله عنه

- ‌الشبهة الخامسة: قتل معاوية لعبد الرحمن بن خالد بن الوليد:

- ‌الشبهة السادسة: قتل معاوية للأشتر مالك بن الحارث النخعي:

- ‌الشبهة السابعة: قتل معاوية لحُجْر بن عدي

- ‌الشبهة الثامنة: لعنُ وسبُّ معاوية لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه

- ‌الشبهة التاسعة: محاولة معاوية نقل منبر النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى الشام:

- ‌الشبهة العاشرة: استلحاق معاوية رضي الله عنه زياد بن أبيه:

- ‌جريدة المصادر والمراجع

الفصل: ‌الخلاصة في بيعة يزيد:

‌الخلاصة في بيعة يزيد:

استطاع معاوية رضي الله عنه أن يأخذ البيعة ليزيد من أهل الأمصار في حياته، ولم يكن ثمَّ اعتراضٌ أو مناقشة من أحد، خلا بعض الصحابة من أهل المدينة؛ كعبد الرحمن بن أبي بكر، وابن الزبير، وابن عمر، مع مراجعات يسيرة من آخرين، كعمرو بن حزم، والأحنف بن قيس.

ولما خشي معاوية على هؤلاء الذين لم يبايعوا، أخبرهم ألا يظهروا اعتراضهم على ملإ من الناس حتى يخبرهم أنهم دخلوا في البيعة، حتى لا يتعرض لهم أحدٌ من أهل الشام بسوء، ثم ليفعلوا بعد ذلك ما أرادوا؛ فقال لعبد الرحمن بن أبي بكر -كما تقدَّم-:«على رسلك أيها الرجل، لا تشرفن بأهل الشام، فإني أخاف أن يسبقوني بنفسك حتى أخبر العشية أنك قد بايعت، ثم كن بعد ذلك على ما بدا لك من أمرك» . وهذا يفسِّر إعلان معاوية بيعة هؤلاء المعترضين من الصحابة أمام الناس على المنبر، فقد أخبرهم بما هو صانع، وبيَّن حجته فيما فعل.

ص: 190

وهذه الروايات التي تقدمت أصح سندا، وأقوم متنا، من الروايات التي ذكرت أن معاوية هدَّد هؤلاء الصحابة بالقتل، وجعل على رأس كلٍّ منهم حارسا لضرب عنقه إن لم يبايع

(1)

!

(1)

أخرج خليفة بن خياط في تاريخه (ص: 215) عن جويرية بن أسماء قال: سمعت أشياخ أهل المدينة يحدثون "أن معاوية لما كان قريبا من مكة، فلما راح من مر قال لصاحب حرسه: لا تدع أحدا يسير معي إلا من حملته أنا، فخرج يسير وحده، حتى إذا كان وسط الأراك لقيه الحسين بن علي، فوقف وقال: مرحبا وأهلا بابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم سيد شباب المسلمين، دابة لأبي عبد الله يركبها، فأتي ببرذون فتحول عليه، ثم طلع عبد الرحمن بن أبي بكر، فقال: مرحبا وأهلا بشيخ قريش وسيدها وابن صديق هذه الأمة، دابة لأبي محمد، فأتي ببرذون فركبه، ثم طلع ابن عمر فقال: مرحبا وأهلا بصاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن الفاروق وسيد المسلمين، ودعا له بدابة فركبها، ثم طلع ابن الزبير فقال له: مرحبا وأهلا بابن حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن الصديق وابن عمة رسول الله، ثم دعا له بدابة فركبها، ثم أقبل يسير بينهم لا يسايره غيرهم حتى دخل مكة، ثم كانوا أول داخل وآخر خارج، ليس في الأرض صباح إلا لهم فيه حباء وكرامة، لا يعرض لهم بذكر شيء مما هو فيه، حتى قضى نسكه وترحلت أثقاله وقرب مسيره إلى الكعبة وأنيخت رواحله، فأقبل بعض القوم على بعض فقالوا: أيها القوم، لا تخدعوا، إنه والله ما صنع بكم لحبكم ولا كرامتكم، وما صنعه إلا لما يريد، فأعدوا له جوابا، وأقبلوا على الحسين فقالوا: أنت يا أبا عبد الله، قال: وفيكم شيخ قريش وسيدها هو أحق بالكلام، فقالوا: أنت يا أبا محمد -لعبد الرحمن بن أبي بكر- فقال: لست هناك، وفيكم صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن سيد المسلمين -يعني: ابن عمر-، فقالوا لابن عمر: أنت، قال: لست بصاحبكم، ولكن ولوا الكلام ابن الزبير يكفيكم، قالوا: أنت يا ابن الزبير، قال نعم، إن أعطيتموني عهودكم ومواثيقكم ألا تخالفوني كفيتكم الرجل، فقالوا: فلك ذلك.

ص: 191

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= فخرج الإذن فأذن لهم، فدخلوا فتكلم معاوية، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: قد علمتم سيرتي فيكم، وصلتي لأرحامكم، وصفحي عنكم، وحملي لما يكون منكم، ويزيد ابن أمير المؤمنين، أخوكم وابن عمكم، وأحسن الناس فيكم رأيا، وإنما أردت أن تقدموه باسم الخلافة، وتكونون أنتم الذين تنزعون وتؤمرون وتجبون وتقسمون، لا يدخل عليكم في شيء من ذلك، فسكت القوم، فقال: ألا تجيبوني؟ فسكتوا فأقبل على ابن الزبير فقال: هات يا بن الزبير، فإنك لعمري صاحب خطبة القوم، قال: نعم يا أمير المؤمنين، نخيرك من ثلاث خصال، أيها ما أخذت فهو لك رغبة، قال: لله أبوك! اعرضهن، قال: إن شئت صنعت ما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن شئت صنعت ما صنع أبو بكر، فهو خير هذه الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن شئت صنعت ما صنع عمر، فهو خير هذه الأمة بعد أبي بكر، قال: لله أبوك! وما صنعوا؟ قال: قُبض رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يعهد عهدا، ولم يستخلف أحدا، فارتضى المسلمون أبا بكر، فإن شئت أن تدع هذا الأمر حتى يقضي الله فيه قضاءه فيختار المسلمون لأنفسهم، فقال: إنه ليس فيكم اليوم مثل أبي بكر، إن أبا بكر كان رجلا تقطع دونه الأعناق، وإني لست آمن عليكم الاختلاف، قال: صدقت، والله ما تحب أن تدعنا على هذه الأمة، قال: فاصنع ما صنع أبو بكر، قال: لله أبوك! قال: وما صنع أبو بكر؟ قال: عمد إلى رجل من قاصية قريش، ليس من بني أبيه ولا من رهطه الأدنين فاستخلفه، فإن شئت أن تنظر أي رجل من قريش شئت ليس من بني عبد شمس فترضى به، قال: لله أبوك! الثالثة ما هي؟ قال: تصنع ما صنع عمر، قال: وما صنع عمر؟ قال: جعل هذا الأمر شورى في ستة نفر من قريش، ليس فيهم أحد من ولده، ولا من بني أبيه، ولا من رهطه، قال: فهل عندك غير هذا؟ قال: لا، قال: فأنتم؟ قالوا: ونحن أيضا، قال: إما لا فإني أحببت أن أتقدم إليكم أنه قد أعذر من أنذر، وإنه قد كان يقوم منكم القائم إلي فيكذبني على رؤوس الناس فأحتمل له ذلك وأصفح عنه، وإني قائم بمقالة إن صدقت فلي صدقي، وإن كذبت فعلي كذبي، وإني أقسم لكم بالله لئن ردَّ عليَّ منكم إنسان كلمة في مقامي هذا لا ترجع إليه كلمته حتى يسبق إلي رأسه، فلا يرعين رجل إلا على نفسه، ثم دعا صاحب حرسه فقال: أقم على رأس كل رجل من هؤلاء رجلين من حرسك، فإن ذهب رجل يرد علي كلمة في مقامي هذا بصدق أو كذب فليضرباه بسيفيهما.

ثم خرج وخرجوا معه، حتى إذا رقى المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إن هؤلاء الرهط سادة المسلمين وخيارهم، لا نستبد بأمر دونهم، ولا نقضي أمرا إلا عن مشورتهم، وإنهم قد رضوا وبايعوا ليزيد ابن أمير المؤمنين من بعده، فبايعوا بسم الله، فضربوا على يديه، ثم جلس على راحلته وانصرف، فلقيهم الناس فقالوا: زعمتم وزعمتم فلما أرضيتم وحبيتم فعلتم، قالوا: إنا والله ما فعلنا، قالوا: فما منعكم أن تردوا على الرجل إذ كذب؟ ثم بايع أهل المدينة والناس، ثم خرج إلى الشام".

وهذا مع ما في متنه من النكارة والمخالفة للآثار الصحيحة التي تقدمت، فإنه معضل ضعيف الإسناد، فشيوخ جويرية الذين ذكروا هذه القصة مجاهيل مبهمون لا يُدرى من هم!

ص: 192