الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأمَّا أثر سفيان فأيضًا كذلك، ونظيرها ما عن محمد رحمه الله تعالى في النَّبيذ أنه يتوضأ منه ويتيمم، بل تردده يشعر بخلافه. والحاصل: أنه ليس في ترجمته شيء صريح يدل على طهارة سؤرِها عنده، فلا ينبغي لنا أن نعزو إليه هذه المسألة.
34 - باب إِذَا شَرِبَ الْكَلْبُ فِى إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعًا
172 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «إِذَا شَرِبَ الْكَلْبُ فِى إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعًا» . تحفة 13799
173 -
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ سَمِعْتُ أَبِى عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم «أَنَّ رَجُلًا رَأَى كَلْبًا يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ الْعَطَشِ، فَأَخَذَ الرَّجُلُ خُفَّهُ فَجَعَلَ يَغْرِفُ لَهُ بِهِ حَتَّى أَرْوَاهُ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَأَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ» . أطرافه 2363، 2466، 6009 - تحفة 12825
174 -
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبٍ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِى حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَتِ الْكِلَابُ تَبُولُ وَتُقْبِلُ وَتُدْبِرُ فِى الْمَسْجِدِ فِى زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَكُونُوا يَرُشُّونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ. تحفة 6704
وإنما تردد نظر الشارحين في مختاره لأنه أخرج المادَّة للطرفين تحت باب واحدٍ، فالأول: يدل على النجاسة. والثاني: يمكن أن يستدلَ منه على طهارته وإن كان ضعيفًا. قلت: ولا حجة في قصة الإسرائيلي على الطهارة. أمَّا أولًا، فلأنه لم يذكر أنه سَقَاه من خُفِّه أو حَفَرَ حُفرة ثم سقاه منه، وكذلك ليس فيه أنه غَسَلَ الخفَّ أولًا. وسكوتُه هذا ليس سكوتًا في معرض البيان، لأنه بصدد ذكر القِصة فقط لا ببيان المسألة. والرواةُ إذا سردوا قصةً لا يقصدون إلا ذكرَها على ما كانت في الخارج ولا يتعرضون إلى تخاريج المسائل ولا يراعونها في عباراتهم ثم يجيء علماءُ المذاهب ويأخذون المسائل من تعبيراتهم. وهذا طريق ضعيفٌ جدًا فاحفظه فإِنه يُنجيك عن كثير من المضائق وستمر عليك نظائره في هذا الكتاب.
قوله: (وقال أحمد بن شَبِيبٍ)
…
إلخ وفيه لفظ مشكل وهو «تبول» كما مرَّ: ولعل البخاري تَرَكه عمدًا. وقد ثبت عندي أنه من عادة البخاري حذفُ الجملة المشكلة أو اللفظ المشكل ولا قلق فيه، فإِنَّه يعلم من موضعه.
والحاصل: أن الشريعةَ لا تحكم بالنجاسة إلا بالمشاهدة الجزئية أو الإِخبار، فإِذا لم يكن هناك إِخبار ولا مشاهدة جُزئية، فاإنه لا تحكم بالنجاسة بمجردِ تطرقِ الأوهامِ وتوسوس الصدور. واعلم أن الشريعةَ لم تهدر الاحتمالات بالكلية وكذا لم تعتبرها بالكلية. والذي تبين لي أن تُقسَمَ على الأحوال فيعتبرُ مرة ويهدرُ أخرى. وإن كانت عامةُ عبارات فقهائنا تذهبُ إلى
التعميم فإِنهم قالوا: إن ما يُحمل إلينا من دار الحرب فإِنه طاهر مطلقًا
(1)
. وعندي أن مطبوخات الهندوسيين كلها مكروهةٌ لغلبة الظن بنجاستها، كما قالوا في سؤر الدجاجة المُخَلاة.
قوله: (فلم يكونوا يرشون شيئًا من ذلك) على الشافعية رحمهم الله تعالى. وهذا لا يردُ على الحنفية، فإِنهم قائلون بطهارة الأرض باليُبْس. وأبعد الخَطَّابي في تأويله بأنها كانت تبولُ خارجَ المسجد ثم تمر في المسجد. قلت: ما أظرفَ وأعقلَ هذه الكلاب فهلا قال: إنها كانت تستنجي أيضًا. ثم تجيء في المسجد واعلم أن ترك البولِ في أرض المسجد حتى اليُبس مستنكرٌ عندنا أيضًا فلم أرد به شرحَ الحديث من أن طهارةَ أرضِ المسجد عندهم كانت على هذا الطريق، بل أردت التعريضَ ليفهمَ الخصومُ أن الحنفية رحمهم الله تعالى أيضًا لهم مُسْكَةٌ في الباب.
والوجه عندي أن غرضَ الراوي منه بيانُ عدم علمهم الخصوصي بمواضع أبوالها، مع حصول العلم الكلي وجنسه عندهم، فإِنها إذا كانت تُقبلُ وتدبر فأمكن أن تبول أيضًا فيقول: إنه لم يحدثْ من هذا الجنس في تطهير المسجد أمر جديد، بل عُدَّت طاهرة كما كانت قبل ذلك. والحكمُ بالنجاسة لا يمكن عندنا إلا بمشاهدة جُزْئية أو إخبار صحيح. وأما الظُّنْون فلا تغني عن الحق شيئًا. وبمثله نقول في حديث القُلتين وبئر بُضَاعة أيضًا، فإنه ليس هناك إلا عِلمٌ كليٌّ في مرتبة الجنس دون العلم الجزئي فاعلمه.
ثم استدلَّ الشافعية على أنَّ الأرض لا تطهر إلا بالغسل بحديث بولِ الأعرابي في المسجد وإهْرَاق الدلو عليه كما أخرجه أبو داود. قلت: وهذا أيضًا سبيل آخر لتطهيرها عندنا وفيه نفع أيضًا، وهو إزالةُ الرائحة الكريهة، والتطهير على الفور. مع ورودِ التصريح بحفرِ هذا الموضع أيضًا، كما هو عند أبي داود، فكأنه اكتفى بإسالة الدلو في الحالة الراهنة ليطهر سطحها وأمرَ بعده بحفرها تطهيرًا لباطنها. وكيف ما كان مسألة طهارة الأرض باليُبس مستقيمة على كل حال.
175 -
حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ ابْنِ أَبِى السَّفَرِ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ سَأَلْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ «إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ الْمُعَلَّمَ فَقَتَلَ فَكُلْ، وَإِذَا أَكَلَ فَلَا تَأْكُلْ، فَإِنَّمَا أَمْسَكَهُ عَلَى نَفْسِهِ» . قُلْتُ أُرْسِلُ كَلْبِى فَأَجِدُ مَعَهُ كَلْبًا آخَرَ قَالَ «فَلَا تَأْكُلْ، فَإِنَّمَا سَمَّيْتَ عَلَى كَلْبِكَ، وَلَمْ تُسَمِّ عَلَى كَلْبٍ آخَرَ» . أطرافه 2054، 5475، 5476، 5477، 5483، 5484، 5485، 5486، 5487، 7397 - تحفة 9863 - 55/ 1
175 -
قوله: (إذا أرسلت)
…
إلخ واتفقوا على أنَّه إن قَتَلَ خنقًا لا يكون حلالًا، بل يكون ميتة، فلا بد من الجرح. وشَرَطَ بعضُهم الإِدماء أيضًا.
(1)
قلت: وأخرج الترمذي عن أبي ثعلبة الخشني يقول أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله إنا بأرض قوم أهل كتاب نأكل في آنيتهم؟ قال إن وجدتم غير آنيتهم فلا تأكلوا فيها فإن لم تجدوا فاغسلوها وكلوا فيها اهـ هذا حديث حسن صحيح ويعارضه ما عنده عن هلب قال سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن طعام النصارى فقال لا يختلجن في صدرك طعام ضارعت فيه النصرانية اهـ هذا حديث حسن.