الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
289 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ اسْتَفْتَى عُمَرُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم أَيَنَامُ أَحَدُنَا وَهْوَ جُنُبٌ قَالَ «نَعَمْ، إِذَا تَوَضَّأَ» . طرفاه 287، 290 - تحفة 7618
290 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ ذَكَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ تُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ مِنَ اللَّيْلِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «تَوَضَّأْ وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ ثُمَّ نَمْ» . طرفاه 287، 289 - تحفة 7224
288 -
قوله: (غسل فرجه وتوضأ للصلاة) اختصر فيه الراوي اختصارًا مُخِلاًّ، والمراد توضأ وضوءه للصلاة، وانكشف ههنا أن غَسْلَ الذَّكَرِ والوضوء كله مطلوب في الحالة الراهنة، وأنه من أحكام الجنابة كما مَرَّ مرارًا، فلا بد للمشتغل بالفقه أن يراعيَ الأحاديث ويمارسها ويزاولها، لأن في الشرع أحكامًا خَمَلَتْ في الفقه. فإن قلت: إذا كان مقلدًا فلا حاجة له إلى النظر في الأحاديث، ويكفي له قول إمامه الذي يُقَلِّده. قلت: كلا بل لا يتحتَّم التقليد إلا بعد المراجعة إليها، فإنه إذا يمرُّ على الأحاديث والمسائل، ويرى مأخذها، يستقر رأيه، ويطمئن قلبه لا محالة، ويقلد من يقلد بعد ثَلْجِ الصَّدْرِ، كما حررناه من قبلُ، ومن كان تقليده تقليدَ الأعمى، فإنه على رِجْلِ طائر.
28 - باب إِذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ
291 -
حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِى رَافِعٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الأَرْبَعِ ثُمَّ جَهَدَهَا، فَقَدْ وَجَبَ الْغَسْلُ» . تَابَعَهُ عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ عَنْ شُعْبَةَ مِثْلَهُ. وَقَالَ مُوسَى حَدَّثَنَا أَبَانُ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ مِثْلَهُ. تحفة 14659
29 - باب غَسْلِ مَا يُصِيبُ مِنْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ
292 -
حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنِ الْحُسَيْنِ قَالَ يَحْيَى وَأَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ الْجُهَنِىَّ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَأَلَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَقَالَ أَرَأَيْتَ إِذَا جَامَعَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فَلَمْ يُمْنِ. قَالَ عُثْمَانُ يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ، وَيَغْسِلُ ذَكَرَهُ. قَالَ عُثْمَانُ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ عَلِىَّ بْنَ أَبِى طَالِبٍ وَالزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ وَطَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ وَأُبَىَّ بْنَ كَعْبٍ - رضى الله عنهم - فَأَمَرُوهُ بِذَلِكَ. قَالَ يَحْيَى وَأَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. طرفه 179 - تحفة 9801، 3477، 10098، 3621 ل، 4997 ل - 81/ 1
293 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو أَيُّوبَ قَالَ أَخْبَرَنِى أُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذَا جَامَعَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ فَلَمْ يُنْزِلْ قَالَ «يَغْسِلُ مَا مَسَّ الْمَرْأَةَ مِنْهُ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّى» . قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْغَسْلُ أَحْوَطُ، وَذَاكَ الآخِرُ، وَإِنَّمَا بَيَّنَّا لاِخْتِلَافِهِمْ. تحفة 12
واعلم أنه ذهب جماعة إلى إنكار النسخ في هذا الباب رأسًا، وأن الأمر الآن كما كان يُوهمه ما روي عن ابن عباس رضي الله عنه عند الترمذي من قوله:«إنما الماء من الماء في الاحتلام» ، وقد مر معنا تحقيقه في المقدمة وأنه ثبت فيه النسخ البتة، وأنه ينبغي أن يُؤَوَّلَ قول ابن عباس رضي الله عنه. وكذلك ما أخرجه البخاري عن عثمان:«أن الرجل إذا جامع امرأته ولم يُمْنِ يتوضأ وضوءه للصلاة، ويغسل ذكره» . يُحْمَل على (أنه كان) قَبْلَ جمع عمر رضي الله عنه إياهم وإجماعهم على وجوب الغُسْل بمجاوزة الخِتَانَين.
فقد أخرج الطحاوي أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تذاكروا عند عمر بن الخطاب الغُسْلَ من الجنابة، فقال بعضهم:«إذا جاوز الخِتَان الختانَ فقد وَجَبَ الغُسْل» ، وقال بعضهم:«إنما الماء من الماء» ، فقال عمر رضي الله عنه:«قد اختلفتم عليَّ وأنتم أهل بدر الأخيار؟ فكيف بالناس بعدكم؟ فقال عليُّ بن أبي طالب رضي الله عنه: يا أمير المؤمنين إن أردتَ أن تَعْلَم ذلك فأرسل إلى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فسلهنَّ عن ذلك، فأرسل إلى عائشة رضي الله عنها، فقالت: إذا جاوز الخِتَانُ الخِتَانَ فقد وَجَبَ الغُسْل، فقال عمر رضي الله عنه عند ذلك: لا أسمعُ أحدًا يقول: الماء من الماء إلا جعلته نَكَالًا» .
قال الطحاوي: فهذا عمر رضي الله عنه قد حمل الناس على هذا بحضرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يُنْكِر ذلك عليه مُنْكِر. قلت وهذا أصرح شيء. وأقواه في أن الأمر كما في حديث عائشة رضي الله عنها، وأن حديث:«الماء من الماء» منسوخ، ومع ذلك يتسلسل النقل عن عثمان أنه كان يختار حديث:«الماء من الماء» فالذي ينبغي أن نحمله عليه أنه كان قبل إجماع أهل الحَلِّ والعَقْد، وأما بعده فلا ينبغي تلك النسبة إليه كما وقع في «الفتح» ولذا عَدَّه الترمذي فيمن أوجبوا الغُسل بالمجاوزة. وأخرج الطحاوي أيضًا قال: اجتمع المهاجرون: أنه ما أوجبَ الحدَّ من الجلد والرَّجْم أوجبَ الغُسل: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم، فعدَّ عثمان رضي الله عنه أيضًا منهم
(1)
.
وعبارة المصنَّف رحمه الله تعالى مع التكرار في الموضعين تُوهِم أنه ذهب إلى إيجاب الغُسل من الإنزال دون المجاوزة، ولذا أَلانَ في الكلام فقال مرة: الغُسْلُ أحوط، وأخرى: الماء أنقى، ويمكن أن يُؤَوَّل قوله: أنَّ الأحوط لا ينحصر في الاستحباب بل يُطْلَق على
(1)
قلت: وقد جاء الاختلاف في هذه المسألة بنحوٍ آخر أيضًا، وإن كان هو أيضًا قبل هذا الإِجماع، إلَّا أني أردتُ التنبيه عليه فقط، فقد أخرج الطحاوي عن أبي صالح قال: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يخطب فقال: "إن نساءَ الأنصار تُفتين أن الرجل إذا جامع فلم يُنْزل فإِنَّ على المرأة الغُسل ولا غُسل عليه، وإنه ليس كما أَفْتَينَ، وإذا جاوز الخِتانُ الخِتانَ ففد وجب الغُسْل" فدلَّ على أن حديث: "الماء من الماء" كان عندهم في الرجال المجامِعِين، لا في النساء المجامِعَات، وأن المخالطة، تُوجب على النساء الغُسل ولو بدون إنزال، فالإِنزال شرط للغُسل في الرجال فقط.
قلت: إذا كان تحقُّقُ الإنزال فيهن عسيرًا أوجب عليهن الغسل بالمجاوزة فقط عند القائلات به، بخلاف الرجال، فإن ذاك الإِنزال فيهم أظهر فأُدِير الغسل عليه، فإِذا لم يُمْنِ لا يجب عليه الغسل. والله تعالى أعلم.
الواجب أيضًا عند تعارض الدليلين، يعني إذا تعارض الدليلان فاخترتَ الوجوب احتياطًا مثلًا، صَدَقَ قولُك إنك اخترت الأحوط على الواجب أيضًا. وأما إذا حُمِلَ قوله على الحكم، أي حكم الغسل أحوط، يعني: الأحوط له أن يغتسل، وإن لم يغتسلْ لا بأس، لأن الواجب فيه الوضوء لا غير، فحينئذ لا يكون لقوله وجهٌ، ويخالف الإجماع.
قلت: وإن فرضنا أنه أَلانَ الكلامَ واختار استحبابَ الغُسل، فلعله أوَّلَ قولَه صلى الله عليه وسلم «إذا جاوز الخِتانُ الختانَ» أنه كناية عن الإنزال لخروج الماء بعدها في الأغلب، وحينئذ لا يكون الحديث المذكور عنده صريحًا في إيجاب الغُسل بالمجاوزة فقط، وإذا لم يَقُمْ عنده دليل على إيجاب الغُسل بمجرَّد المجاوزة أَلانَ في الكلام وقال: الغُسْل أحوط. ولذا لما أراد أن يُخَرِّج حديثًا يدلُّ على عدم وجوب الغسل بالمجاوزة بَوَّب عليه كما سيأتي: «باب غَسْلِ ما يُصِيب من فَرْجِ المرأة» ، ونَظَرُه إلى إخراج الأحاديث كما ترى، إلا أنه أراد أن لا يُفْصِح بمراده احتياطًا، ولكنه وَجَّه الناظرين إليه فقط، فإن الموضع مُشْكِل، فأراد أن يُخَرِّج مادتَه من الأحاديث ومن أسماء الصحابة الذين ذهبوا إليه، ويشير إليه فقط ولا يتكلم بشيء.
ثم وإن رُوي عند مسلم في هذا الحديث: «وإن لم يُنْزِل» صراحةً لكنه ليس على شرطه ليكون عليه حِجَّة، وما كان على شرطه يَصْلُح أن يُجعل كناية عن الإنزال مع نقل الاختلاف فيه. فهذا وجه ما ذهب إليه البخاري واختيارُه لو كان اختاره. والله أعلم بالصواب.
والحاصل: أنَّ المسألةَ منفصلة، وإنما ذكرته بحثًا فقط ليظهر وجه ما للبخاري مع ورود هذه الصرائح في الباب.
***