الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيه كلام الطحاوي من كتاب تلميذه أبي جعفر النَّحَّاس، فإِنه أجود وأحسن، ولا يمكن تلخيصه.
وإذا عَلِمْتَ أن الإِمام اعتبر الوقتَ في حميع هذا الباب، سَهُلٌ عليك أن تَعْتَبَرِه في طهارة المَعْذُور، فطهارته أيضًا تَدُور بالوقت دون الصلاة، فإِنها فِعْلُه بخلاف الوقت، فإِنه أمرٌ سماوي، وأمارةٌ للصلاة، وهو الذي يُسْتَفَاد من الشريعة، فإنَّ المَعَذُور لا يزال ينتظر الوقت، فإِذا بلغ آخره يتوضَّأ ويُصَلِي.
والحاصل: أنَّهم اعْتَبَرُوا في الجنون الشهرَ كلَّه، وفي الإِغماء اليومَ والليلةَ، وفي المَعْذُور وقتَ الصلاة الواحدة كلَّه، فهو من مراحل اجتهادٍ لا غير.
تنبيه: وأعلم أنه قد ثَبَتَ في المُسْتَحَاضة الغُسْل لكل صلاةٍ، والحمع بين الصلاتين في غُسْل واستبعده الشَّوْكَانِي، وقال: إن الغُسْلَ لكل صلاة أمرٌ غسيرٌ مما لا يمكن أن يَأْمُرَ به الشرع، وهو مما لا يُصْغَى إليه، فإِنَّه ثابت قطعًا، كما قاله الحافظ رحمه الله تعالى، وأقرَّ به أبو داود، الدارمي:«أنَّ امرأةً مستخاضةً سألت ابن عباس رضي الله عنه عن نفسها، وكانت مُتَحَيِّرَة، فأمرها أن تَغْتَسِلَ عند كل صلاةٍ، فقيل له: إن فيه مَشَقَّة قال: لو شاء الله لشق عليها أزيد منه» ، وبمثله أفتى علي رضي الله عنه، أمَّا تعدُّد الغُسْل للمُعْتَادة والمُبْتَدئة، فحمله الطحاوي على التبريد، وتقليل الدَّم، ودفع تقطيره، وهو المُسْتَفَاد بأمره زَيْنَب أن تَجْلِسَ في مِرْكَنَ
…
إلخ. والغُسْل لكل صلاةٍ أقطعُ للتقطير، فإِنْ تَعَسَّرَ، فالجمع في غُسْلٍ، وإلا فالوضوء لوقت كل صلاة، وهو الواجب عليها، أمَّا سائر الغسلاة فمستحبةٌ لها.
68 - باب غَسْلِ الْمَنِىِّ وَفَرْكِهِ، وَغَسْلِ مَا يُصِيبُ مِنَ الْمَرْأَةِ
229 -
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ الْجَزَرِىُّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كُنْتُ أَغْسِلُ الْجَنَابَةَ مِنْ ثَوْبِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم، فَيَخْرُجُ إِلَى الصَّلَاةِ، وَإِنَّ بُقَعَ الْمَاءِ فِى ثَوْبِهِ. أطرافه 230، 231، 232 - تحفة 16135
230 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرٌو عَنْ سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ عَائِشَةَ ح وَحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنِ الْمَنِىِّ يُصِيبُ الثَّوْبَ فَقَالَتْ كُنْتُ أَغْسِلُهُ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَيَخْرُجُ إِلَى الصَّلَاةِ وَأَثَرُ الْغَسْلِ فِى ثَوْبِهِ بُقَعُ الْمَاءِ. أطرافه 229، 231، 232 - تحفة 1
6135
69 -
باب إِذَا غَسَلَ الْجَنَابَةَ أَوْ غَيْرَهَا فَلَمْ يَذْهَبْ أَثَرُهُ
231 -
حَدَّثَنَا مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ قَالَ سَأَلْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ فِى الثَّوْبِ تُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ كُنْتُ أَغْسِلُهُ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى الصَّلَاةِ وَأَثَرُ الْغَسْلِ فِيهِ بُقَعُ الْمَاءِ. أطرافه 229، 230، 232 - تحفة 16135
232 -
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تَغْسِلُ الْمَنِىَّ مِنْ ثَوْبِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ أَرَاهُ فِيهِ بُقْعَةً أَوْ بُقَعًا. أطرافه 229، 230، 231 تحفة 16135
واختار المصنِّف رحمه الله تعالى نجاسة المَنِيِّ كما هو مذهب الحنفية، ووضع تراجم ثلاث تَتْرَى تدلّ على هذا المعنى، فذكر فيها غسله، كما ذكر غسل البول والمَذِيِّ، وكذا في الباب التالي ولم يومىء إلى طهارته وعدَّه مع سائر النجاسات في الباب الآتي: باب إذا أُلْقِيَ على ظهر المصلِّي
…
إلخ، وفيه: «وفي ثوبه دمٌ أو جَنَابةٌ، أي مَنِيّ، إلخ، فَعادَل بين الدم والمَنِيِّ، وسَوَّى بينهما، فدلّ على كونه نجسًا عنده.
ثم اعلم أنَّ فقهاءنا رحمهم الله تعالى وضعوا للتطهير أنواعًا: فالاستجمار في السبيلين، والدَّلك في الخُفَّين، والمسح فيما لا تتداخله النحاسة، والجفاف في الأرض، الفَرْك في المَنِيِّ، فهو تطهير له عند الشرع، وإن لم يكن منه القَلْع بالكلية، فقد لا يمكن بالماء أيضًا، كما هو المُتَبَادر من حديث عائشة رضي الله عنها الآتي، وفيه:«ثم أراه فيه بقعة أو بُقَعًا» ، لأنَّ الظاهر أن الضمير رَاجِعٌ إلى المَنِيّ
(1)
، وفي فقهنا: أنه يجب إزالة الرائحة واللون إلاّ ماشقَّ منها، وحينئذٍ لا بأس إن أردنا من الماء: هو المَنِيُّ، ومن البقعة: بقعته، مع أن المُتَبَادَرَ من لفظ الماء: المعروف، ومن البقعة: بقعة الماء،
وحاصله عندي: أنه كان يَذْهَبُ إلى المسجد مع بقاء أثر الغَسْل في ثوبه. ولم يكن يَنْتَظِر الجفاف.
والألفاظ الواردة فيه ثلاثةٌ:
الأول: «وإن بُقَع الماء في ثوبه» يقع الماء مبتدأ، وفي ثوبه خبره.
والثاني: «وأثر الغَسْل في ثوبه» .
والثالث: «ثم أراه فيه بقعة» .
وهذا الأخير هو الظاهر في مرادهم، إلا أنه لا ينبغي أخذ المسائل من ألفاظ الرُّوَاة لا سِيَّما عند اختلاف ألفاظهم، وكانت المسألة من الحلال والحرام، أو من باب الطهارة والنجاسة، وكذا لا مُسْكة لهم في لفظ الفَرْك، والمسح، والسَّلْت الواردة في هذا الباب، فإِن بعضها تطهيرٌ له، والبعضَ الآخر تقليلٌ في الحالة الراهنة، وإزالةٌ لجُرَمه المُتَقَذَّر وسَتْرُه عن أعين الناس. كذلك رَدَّ البعض بالبعض في المُخَاط في الثوب حالة الصلاة، مع أنَّ النجاسةَ القليلةَ
(1)
قلت: وقد يَخْطُر بالبال أن الفرك لو كان دليلًا على الطهارة كما فهمه الشافعية، لكان النَّضْح في البول دليلًا على طهارة البول، فإن النَّضْح على ما عُرِفَ عندهم هو الرَّشُّ، وهو غيرُ قالعٍ ولا مقلِّلٍ، بخلاف الفرك، فإنه وإن لم يكن قالعًا عن أصله، لكنه مقلِّل البتة، فلَزِمَهمِ أن يقولوا بطهارة البول، فاعلمه.