الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَبِى طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِى مِنَ الْحَقِّ، هَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إِذَا هِىَ احْتَلَمَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «نَعَمْ إِذَا رَأَتِ الْمَاءَ» . أطرافه 130، 3328، 6091، 6121 - تحفة 18
264
23 -
باب عَرَقِ الْجُنُبِ وَأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَنْجُسُ
283 -
حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرٌ عَنْ أَبِى رَافِعٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم لَقِيَهُ فِى بَعْضِ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ وَهْوَ جُنُبٌ، فَانْخَنَسْتُ مِنْهُ، فَذَهَبَ فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ «أَيْنَ كُنْتَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ» . قَالَ كُنْتُ جُنُبًا، فَكَرِهْتُ أَنْ أُجَالِسَكَ وَأَنَا عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ. فَقَالَ «سُبْحَانَ اللَّهِ، إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَنْجُسُ» . طرفه 285 - تحفة 14648
24 - باب الْجُنُبُ يَخْرُجُ وَيَمْشِى فِى السُّوقِ وَغَيْرِهِ
وَقَالَ عَطَاءٌ يَحْتَجِمُ الْجُنُبُ وَيُقَلِّمُ أَظْفَارَهُ، وَيَحْلِقُ رَأْسَهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَوَضَّأْ.
284 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُمْ أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ فِى اللَّيْلَةِ الْوَاحِدَةِ، وَلَهُ يَوْمَئِذٍ تِسْعُ نِسْوَةٍ. أطرافه 268، 5068، 5215 - تحفة 1186
285 -
حَدَّثَنَا عَيَّاشٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ بَكْرٍ عَنْ أَبِى رَافِعٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ لَقِيَنِى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا جُنُبٌ، فَأَخَذَ بِيَدِى، فَمَشَيْتُ مَعَهُ حَتَّى قَعَدَ فَانْسَلَلْتُ، فَأَتَيْتُ الرَّحْلَ، فَاغْتَسَلْتُ ثُمَّ جِئْتُ وَهْوَ قَاعِدٌ فَقَالَ «أَيْنَ كُنْتَ يَا أَبَا هِرٍّ» فَقُلْتُ لَهُ. فَقَالَ «سُبْحَانَ اللَّهِ يَا أَبَا هِرٍّ إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَنْجُسُ» . طرفه 283 - تحفة 14648 - 80/ 1
وفي «الدر المختار» أن مُدْمِنَ الخمر لو وُجِدَ ريح الخمر من عَرَقه، فثوبه نَجِس. وفي «المبسوط» لمحمد رحمه لله تعالى أن غُسَالة الميت نَجِسة. وحَمَلَه المشايخ على ما اختلط بها نجاسة خارجة منه، بخلاف الكافر، فإنه جِيفة حيًا وميتًا، فغُسالته نَجِسَة ولو لم يخرج منه شيء. وظني أنَّ المصنَّف رحمه الله تعالى ذهب إلى نجاسة بَدَنِ الكافر، ونُسِب إلى مالك رحمه الله تعالى أيضًا، واختاره الحسن البصري أيضًا، فلو غَمَسَ يدَه في الماء يصير نجسًا، كما ذكره العيني، فكأنه أسوأ من الخنزير أيضًا حيث سؤره طاهر عند مالك في رواية، وهو ظاهر القرآن، فإنه قال:{إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة: 28]
…
إلخ.
واعلم أن النَّجَس في اللغة: ما كان نَجِسًا في ذاته كَعَذِرَةِ الإنسان وبوله، لا ما اختلطت به النجاسة. وعلى هذا لا ينبغي أن يُطلق النَّجَس على الثوب النَّجِس، بل يقال فيه: إنه متنجّس، لأن أهل اللغة لا يتعارفون إلا ما كان نَجَسًا عندهم، وهو ما يكون متقذِّرًا طبعًا، أما ما يكون نَجِسًا بعد حكم الفقهاء، فإنه بمعزِل عن أنظارهم، ولذا لم يضعوا له لفظًا، ولمّا لم
يكن عندهم لفظ موضوع لهذا النوع من النَّجَس اضطر الفقهاء إلى التوسيع في هذا اللفظ، فاستعملوه في النَّجَسِ والمُتَنَجِّس أيضًا، وأما أصل اللغة فكما قلنا.
وحينئذ ظهر معنى ما رُوي عن ابن عباس رضي الله عنه: أن المؤمن لا يَنْجُس حيًا وميتًا. ورَفْعُه معلول، وقد مرَّ عليه الوزير محمد بن إبراهيم
(1)
فقال: لا يصح إطلاقه على المؤمن لا حقيقة ولا مجازًا، وهذا الفاضل زَيديٌّ، وعندهم أحاديث أهل السنة أيضًا حجةٌ، والحافظ رحمه الله تعالى لما جاء إلى الحج أجازه أيضًا في الحديدة كما ذكره في «الدُّرَر الكامنة» .
وقد مرّ أيضًا أن قوله صلى الله عليه وسلم «إن الماء طَهورٌ لا ينجِّسُه شيء» ، حمله الشيخ ابن الهُمَام على الماء الخاص، وأخذ اللام للعهد، وقيَّده الطحاوي بقوله:«كما زعمتم» ، كما قَيَّد في سؤر الهرة، وانكشف بهذا التحقيق أنه ليس بنَجَسٍ حال كون النجاسة فيه أيضًا، فإن له صورةَ التطهير بإخراج النجاسة ونَزْحِ البئر، فماء الآبار ليس بنَجَس، ولكنه متنجِّس، إلا أنه لمّا كَثُر في الفقه إطلاق النَّجَس على المتنجِّس غُفِل عن هذا الإطلاق حتى لا يَسبقَ إليه ذهن أحد، وعليه قوله تعالى:{إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} .
واعلم أنَّ في الآية حكمين: الأول: بنجاسة الكافر، والثاني: بحرمة دخولهم في المسجد الحرام. وقد علمتَ مذهب مالك رحمه الله تعالى في الجملة الأولى، وأما في الجملة الثانية فإنَّه قال: إن الكافرَ لا يدخل المسجد الحرام ولا غيرَه، مع أنه ثبت في أحاديث الصحيحين وغيرهما دخولهم في المسجد، ومرّ عليه القاضي أبو بكر بن العربي المالكي وقال: إن تلك الوقائعَ كلَّها قبل عامهم هذا، وإنما النهي فيما بعد عامهم هذا، ثم إن النَّصَ وإن خَصَّصَ المسجد الحرام بالذِّكر لكنه عَمَّم الحكم بالتعليل فقال:{إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} فالنهي عن دخولهم لكونهم أنجاسًا، فيشمل المساجد كلها ولا يختص بمسجد دون مسجد.
وأما الشافعية، فلم أر عنهم شيئًا في نجاسة المشرك، وصرَّحوا أن الكافر لا يدخل المسجد الحرام، فوافقوا مالكًا رضي الله عنه في الحكم، وخالفوه في التعميم.
وأما الحنفية فإنهم قالوا: إنَّ المشركَ ليس بنَجَسٍ، وله أن يَدخل المسجدَ الحرام وغيرَه،
(1)
وهو زيدي من القرن الثامن، وكان أخوه الكبير مَلِكًا وهذا وزيرًا له، وكانت السلطنة في آبائه من نحو ألف سنة، والزيدية لا يَسُبُّون الصحابة، وكُتُبُ أهل السنة كلُّها حجة عندهم، غير أنهم يُفَضِّلون عليًا رضي الله عنهم، وكتابهم "المجموع" لزيد بن علي، وهو ابن زين العابدين، وهو راوٍ لبعض أحاديث أبي داود في موضعين أو ثلاثٍ، وعلى تلك "المجموع" حاشية للوزير المذكور، وفيها: أن إطلاق النَّجَس لا يصح على المؤمن لا حقيقة ولا مجازًا، "قلت: ونفي المجاز مُشْكِلٌ، ويُعْلَم من حاشيته أنه رجل دقيق النظر، واستجاز من الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى حين سمع أنه جاء للحج، وسافر له من صنعاء اليمن، فأجازه الحافظ رحمه الله تعالى، وصنف الحافظ رحمه الله تعالى "النُّخبة" وشرحه في السفر. كذا في تقرير الفاضل عبد العزيز.
كما في «الجامع الصغير» ، فأشكلتْ عليهم الآية. قلت: وفي «السِّيَر الكبير» أنَّه لا يدخل المسجد الحرام عندنا أيضًا، كما هو ظاهر النص، واختاره في «الدر المختار» لأن «السِّيَر» آخر تصانيف محمد رضي الله عنه.
بقي الكلام في الجملة الأُولى بعدُ، فأُجيب عنها أنَّ المرادَ من النجاسة نجاسةُ الشِّرْك دون نجاسة البدن، وهو كما ترى. فإن النجاسة وإن كانت نجاسة الشرك لكن الحكم أن لا يقربوا المسجد الحرام، والجواب حينئذ كما في «الكشاف» أن المراد من عدم القرب نهيهم عن الحج والعمرة فقط
(1)
، كما في الصحيحين وغيرهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم بعد نزولها بعث أبا بكرٍ أميرًا، وعليًّا رضي الله عنهما لينادي في الناس أن لا يَحُجَّ البيتَ عُريان ولا مشركٌ، فاستُفِيد منه أن الغرض من النهي هو منعهم عن الحج والعمرة، وفيه نظر بعدُ، لأنه يجري البحث في أنه هل يجوز ترك لفظ القرآن بعد ما انكشف الغرض أم لا؟ والذي يظهر أن ترك تعبير القرآن بحيث لا يبقى له حكمٌ وأَثَرٌ عسيرٌ جدًا، وإنما يتوسع بمثله في الأحاديث لفُشوِّ الرواية بالمعنى، وأما في القرآن فإنه مشكل، ولا سيما إذا كانت المناسبة بين الجملتين ظاهرة كما هو هنا.
فإنه حكم في القطعة الأولى بكونهم أنجاسًا، ثم فَرَّع عليه أن لا يقربوا، فهذان الحكمان يرتبطان جدًا لما ظهر أثر اللفظ في الحكم أيضًا، ولذا اخترتُ رواية «السِّيَر الكبير» بأن دخولهم في المسجد الحرام غير جائز، وأن النجاسة فيهم أزيد من نجاسة الشِّرك، أما دخولهم في سائر المساجد فالأمر فيه موسَّع، لأن الأصوليين قالوا: إن العموم إنما يكون في الآحاد لا في الأزمنة والأمكنة، وإن ذهب إليه جماعة أيضًا، إلا أن المختار عندي أن العموم في الأفراد والآحاد فَحَسْب، لأن الأحوال والأزمنة والأمكنة ليست موضوعًا لها ليشملها اللفظ.
وعلى هذا فالنجاسة عندي محمولة على ما هو المعروف لا على نجاسة الشِّرك، ومع هذا
(1)
قلت: هذا الجواب قد ارتضاه الجَصَّاص في أحكامه فقال: إنما معنى الآية على أحد وجهين: إما أن يكون النهي خاصًا بالمشركين الذين كانوا ممنوعين من دخول مكة وسائر المساجد، لأنهم لم تكن لهم ذِمّة، وكان لا يُقبل منهم إلا الإسلام، أو السيف، وهم مشركو العرب، أو أن يكون المراد منعهم من دخول مكة للحج، ولذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالنداء يوم النحر، وفي حديث علي رضي الله تعالى عنه حين أمره النبي صلى الله عليه وسلم بأن يُبَلّغ عنه سورة (براءة) نادى: ولا يحج بعد العام مُشْرِك، دليل على المراد بقوله: فلا تقربوا المسجد الحرام، ويدل عليه قوله في فسق:{وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً} ، وإنما كانت خشية العَيْلَة لانقطاع تلك المواسم بمنعهم من الحج، لأنهم كانوا ينتفعون بالتجارات التي كانت تكون مواسم الحج، فدل ذلك على أن مراد الآية الحج ويدل عليه اتفاق المسلمين على منع المشركين من الحج والوقوف بعرفة والمزدلفة وسائر أفعال الحج، وإن لم يكن في المسجد ولم يكن أهل الذمة ممنوعين من هذه المواضع ثبت أن مراد الآية هو الحج دون قرب المسجد اهـ. يقول العبد الضعيف: وهذا عندي كقوله تعالى في المحيض: {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222] قيل: أُريد منه الاعتزال مطلقًا، فكذلك ههنا فافهم.