المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المسألة الخامسة عشرة - قضاء الأرب في أسئلة حلب

[تقي الدين السبكي]

فهرس الكتاب

- ‌المسألة الأولى

- ‌المسألة الثانية

- ‌المسألة الثالثة

- ‌المسألة الرابعة

- ‌المسألة الخامسة

- ‌المسألة السادسة

- ‌المسألة السابعة

- ‌المسألة الثامنة

- ‌المسألة التاسعة

- ‌المسألة العاشرة

- ‌المسألة الحادية عشرة

- ‌المسألة الثانية عشرة

- ‌المسألة الثالثة عشرة

- ‌المسألة الرابعة عشرة

- ‌المسألة الخامسة عشرة

- ‌المسألة السادسة عشرة

- ‌المسألة السابعة عشرة

- ‌المسألة الثامنة عشرة

- ‌المسألة التاسعة عشر

- ‌المسألة العشرون

- ‌المسألة الحادية والعشرون

- ‌المسألة الثانية والعشرون

- ‌المسألة الثالثة والعشرون

- ‌المسألة الرابعة والعشرون

- ‌المسألة الخامسة والعشرون

- ‌المسألة السادسة والعشرون

- ‌المسألة السابعة والعشرون

- ‌المسألة الثامنة والعشرون

- ‌المسألة التاسعة والعشرون

- ‌المسألة الثلاثون

- ‌المسألة الحادية والثلاثون

- ‌المسألة الثانية والثلاثون

- ‌المسألة الثالثة والثلاثون

- ‌المسألة الرابعة والثلاثون

- ‌المسألة الخامسة والثلاثون

- ‌المسألة السادسة والثلاثون

- ‌المسألة السابعة والثلاثون

- ‌المسألة الثامنة والثلاثون

- ‌المسألة التاسعة والثلاثون

- ‌المسألة الأربعون

- ‌المسألة الحادية والأربعون

- ‌المسألة الثانية والأربعون

- ‌المسألة الثالثة والأربعون

- ‌المسألة الرابعة والأربعون

- ‌المسألة الخامسة والأربعون

- ‌المسألة السادسة والأربعون

- ‌المسألة السابعة والأربعون

- ‌المسألة الثامنة والأربعون

- ‌المسألة التاسعة والأربعون

- ‌المسألة الخمسون

- ‌المسألة الحادية والخمسون

- ‌المسألة الثانية والخمسون

- ‌المسألة الثالثة والخمسون

- ‌المسألة الرابعة والخمسون

- ‌المسألة الخامسة والخمسون

- ‌المسألة السادسة والخمسون

- ‌المسألة السابعة والخمسون

- ‌المسألة الثامنة والخمسون

- ‌المسألة التاسعة والخمسون

- ‌المسألة الستون

- ‌المسألة الحادية والستون

- ‌المسألة الثانية والستون

- ‌المسألة الثالثة والستون

- ‌المسألة الرابعة والستون

- ‌المسألة الخامسة والستون

الفصل: ‌المسألة الخامسة عشرة

‌المسألة الخامسة عشرة

قال في (الروضة): لا يجوز للرجل أن يضاجع الرجل ولا المرأة أن تضاجع المرأة، وإن كان كل واحد في جانب من الفراش. انتهى. هل مراده ما إذا كانا متجردين أو أعم من ذلك؟

فإن كان الثاني، فما وحهه لا سيما إذا بعد أحدهما عن الآخر؟

وقد قال المتولى يكره للرجل أن يضاجع رجلا بإزار واحد، ما بين بدينهما ثوب.

وقال أيضا: يكره للابن الكبير، أن يضاجع أمه، وللأب أن يضاجع ابنته الكبيرة، بلا حائل. انتهى معنى كلامه.

ولعله المراد من الحديث الوارد في ذلك، والمسئول بيان كلام الروضة، وعلام يحمل؟

فإن حمل على حالة التجرد الوارد، فهل يحمل كلام المتولى على التحريم، فيحصل الوفاق، أو على التنزيه، فيكون مسألة خلاف.

والمسئول إيضاح ذلك، فإنه مما يعم به البلوى أجزل الله لكم الأجر بمنه وكرمه.

ص: 236

الجواب (الحمد لله)

قول الروضة هنا، هو نص كلام الرافعي، وأصله من القاضي حسين، وعبارته: لا يجوز للرجلين، أن يتجردا في ثوب واحد /، فانظر كيف صرح بالتجرد، ويجب حمل كلام الرافعي والروضة عليه.

وإنما قلت ذلك، لأنهم استدلوا بقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يفضي الرجل إلى الرجل، في الثوب الواحد، ولا تفضي

المرأة إلى المرأة، في الثوب الواحد.

رواه مسلم في صحيحه، وأبو داود، والترمذي، وقال حسن غريب.

ص: 237

وتأملت هذا الحديث، فوجدت فيه لفظتين، أحدهما يفضي والإفضاء إنما يكون بغير حائل، يقول العرب، أفضى بيده إلى الأرض إذا مسها بباطن راحته، وأفضى إليه بسره.

وقال تعالى: (وقد أفضى بعضهكم إلى بعض) وقال صلى الله عليه وسلم: (إذا أفضى أحدكم بيده إلى فرجه) واللفظة الثانية: قوله: في الثوب الواحد، ومن المعلوم أنهما إذا كانا في ثوبيهما، وشملهما لحاف من فوقهما، فهما في ثوبين لا في ثوب واحد.

وقد قال صلى الله عليه وسلم: (إذا لم يكن لها جلباب، فتلبسها أختها من جلبابها)،

ص: 238

فالجلباب شامل لما من فوق الثياب شمول اللحاف.

ولما نزل قوله تعالى: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا).

دعا النبي صلى الله عليه وسلم: (فاطمة وحسنا وحسينا فجللهم بكساء)

ص: 239

وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها: (خرج النبي صلى الله عليه وسلم غداة، وعليه مرط مرجل، وشعر أسود، فجاء الحسن بن علي، فأدخله ثم جاء الحسين، ودخل معه، ثم جاءت فاطمة، فأدخلها، ثم جاء علي، فأدخله)

ثم قال: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا).

فهذه الأحاديث كلها، فيها الالتحاف بثوب واحد من فوق الثياب، فلم يبق في حالة المضطجعين في ثوب واحد، وهما لابسان إلا هيئة الاضطجاع، وما يظهر نهوضها لأن تكون علة في التحريم، نعم يظهر نهوضها علة للكراهية، لأن النوم مظنة هيجان الشهوة، وعدم التحفظ لانغمار العقل بالنوم، فربما يصدر منمها ملا يليث./

ولاشك أنه لو ورد نهي، أمكن أن يجعل هذا المعنى علة للتحريم الذي دل عليه، لكن لم يرد نهي عن الاضطجاع.

فالذي يظهر أنهما متى كانا لا بسين ثيابهما، لم يحرم اضطجاعهما في فراش، سواء تقاربا أم تباعدا؟

ص: 240

وليس كلام القاضي حسين أيضا، وإن كان كل منهما في طرف الفراش.

لكني أقول: إن كانا مجردين والفراش ساتر لهما معا، ولايستر أحدهما من الآخر فهو حرام، لعدم التستر. وإن سدلا وسطه، لم يظهر التحريم أيضا، وإن كانا في ثوب واحد، لأن معنى الإفضاء لم يوجد.

وهذا الحديث وهو قوله: (لا يفضي) بقية من حديث أوله: (لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل). وفي رواية إلى عرية مكان عورة وهو يدل على أن المراد بآخره ما ذكر في أوله من حفظ العورة، ولذلك أورده مسلم في ذلك المكان.

وأورده أبو داود في كتاب الحمام، والترمذي في كتاب الاستئذان، ولم

ص: 241

أجد فيما وقفت عليه من الحديث: (ولا يضاجع الرجل الرجل، ولا المرأة المرأة) حتى يكون دليلا لظاهر كلام الرافعي والروضة.

وقال الخوارزمي في (الكافي): ولا تجوز مضاجعة الرجلين العاريين، وإن كان أحدهما لا من جانب، والآخر من جانب، وكذا في حق المرأتين، فإن كانا لا بسين، أو أحدهما لا بأس، وهذا الذي قاله الخوارزمي في العاريين، والمضاجعة واللابسين صحيح، أما إذا كان أحدهما غير لابس، فينبغي أن يحرم عليه لعدم التستر.

وقال إمام الحرمين ذكر الأصحاب كراهة تضاجع الرجلين في ثوب

ص: 242

واحد، واستدل بالحديث.

وقال ابن أبي عصرون يكره اضطجاع الرجلين في ثوب واحد، فإن أراد التحريم وفيحمل على التفصيل الذيقدمناه، وإن أراد الكراهة التنزيهية، وهو الظاهر، فيحتاج إلى دليل.

وما قاله الخوارزمي من نفي البأس عند اللباس أولى، والكلام في كلام المتولى كذلك.

وقول: بإزار واحد، إن أراد أنهما جميعا / في إزار واحد، فلاشك أن ذلك حرام، وإن أراد أن كلا منهما في إزار مع التجرد في باقي بدينهما فيحتمل التحريم لظاهر الحديث، وعليه يحمل كلام القاضي حسين المتقدم، ويحتمل الكراة، لأن العورة محفوظة، وننزل الحديث على هذه الحالة فإنه يكره.

ص: 243

وقوله: يكره للابن الكبير أن يضاجع أمه، وللأب أن يضاجع ابنته الكبيرة، بلا حائل.

فقد قال فيه في التتمة: إنه عن قولنا أن العورة منه ما بين السرة والركبة، كما ذكرنا في الرجل مع الرجل.

والذي فهمته من هذا، أنا إن قلنا إن العورة مالا يبدو في حال المهنة، يكون الاضطجاع، ـ وليس على كل منهما إلا الإزار ـ حراما، لانكشاف العورة بينهما، وإن قلنا العورة ما بين السرة والركبة، كانا كالرجلين، فيكره للحديث ولايحرم.

وليس في كلام القاضي حسين تصريح بالتحريم، حيث يكون كل منهما بإزار، حتى يحمل خلافا بينه وبين المتولي، فالأولى الجمع بينهما، وحمل كلام القاضي على التجرد جملة، وكلام المتولى على التجرد عما سوى الإزار. ونفى الكراهة عما سوى ذلك، إذا كانا لابسين لبسا تاما، كما اقتضاه كلام الخوارزمي، وقد علمت تنزيل الحديث على ما قلناه وبه يظهر هذا التقسيم.

وقد قال الرافعي أيضا: إذا بلغ الصبي أو الصبية عشر سنين وجب التفريق، بينه وبين أمه، وأبيه وأخته، وأخيه في المضجع.

ص: 244

قال صلى الله عليه وسلم: (واضربوهم عليها وهو أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع). وسبقه إلى ذلك القاضي حسين فقال: وإذا كان للرجل ابنة وبلغت عشر سنين، لا يجوز أن يضاجعها، وكذا الابن الكبير مع الأم، وكذا إذا كان له أولاد صغار، فإذا بلغوا عشر سنين يفرق بينهم في المضاجع.

واستدل بالحديث المذكور، وهذا الحديث رواه أبو داود بإسناد حسن وهو كما ترى يقتضي الأمر بالتفريق بين الصبيان ـ إذا بلغوا

ص: 245

العشر - في المضاجع، ولا يقتضي التفريق بينهم وبين الأبناء والأمهات، والقاضي والرافعي والنووي ذكروا الحكمين جميعا وللنتكلم على كل واحد من الحكمين./

أما الأول: وهو وجوب التفرقة بينه وبين أبيه وأمه، فلا دليل عليها، وليس في الحديث الأمر بها، كما أشرنا إليه.

فإن كان الأصحاب أخذوا ذلك من هذا الحديث فلا دليل فيه، وإن كانوا أخذوه من الحديث المتقدم عن إفضاء الرجل إلى الرجل، والمرأة إلى المرأة، فقد تقدم الكلام عليه، ونحن نقول به بالشرائط المتقدمة، لأنه مع أبيه كالرجلين، والبنت مع أمها كالمرأتين، والرجل مع المرأة بطريق الأولى.

وحيث قلنا بالجواز هناك، نقول به هنا، وأولى.

وقد ورد في سنن أبي داود، والترمذي، والنسائي من حديث رجل من الطفاوة ولم يسن عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يفضين رجل إلى رجل، ولا امرأة إلى امرأة، إلا ولد أو

ص: 246

والد).

قال: وذكر الثالثة فنسيتها.

والرجل الذي من الطفاوة مجهول، لكن الترمذي حسن الحديث فكفانا مؤنته، وإذا ثبت هذا اقتضى الترخيص في الإفضاء بين الوالد والوالدة وولدها، والمعنى فيه قوة المحرمية بينهما، وكمال الاحتشام، وبعد الشهوة، وذلك يرد ما قاله الأصحاب.

والترخيص في المحل الذس نقول إنه يمتنع في غير الوالد والولد. أما حيث نقول بالجواز فهنا أولى، وإن لك يثبت هذا الحديث ولا هذا المعنى، فلا أقل من أن يكونا كغيرهما من الرجال والنساء، وقد تقدم التفضيل فيه وحكمه.

وإن كان الأصحاب أخذوا ذلك من أنه إذا وجب التفريق بين الصبيان وجب بينهم وبين آبائهم بالقياس، فالفرق ظاهر لما قلناه.

ولما بين الصبيان من الغرامة، وعدم التحفظ، ولا سيما في أول

ص: 247

(نشأة) الشهوة، وقبل كمال العقل، وقدبلغوا السن الذي فيه إمكان البلوغ وانبعاث الشهوة ولا وازع لها.

وأما الحكم الثاني: هو التفرقة بين الصبيان أنفسهم فهو صحيح ثابت، والذي عليه الأمر بالتفريق بينهم في المضاجع، فالأمر محمول على الوجوب، لأنه ظاهره ولاصارف عنه، والتفريق في المضجع يصدق بطريقين.

أحدهما: أن يكون لكل منهما فراش، والثاني: أن يكونا في فراش، ولكن مفترقين غير متلاصقين، فالثاني أعم من الأول، فينبغي الاكتفاء به لأنه لا دليل على حمل الحديث على الأول وحده.

ثم هو محل ذلك إذا كانا مجردين أو أعم؟

ولاشك أنه محتمل. والأمر بالتفريق مطلق، وبينهم يشمل الصبيان المتجردين ...........................

ص: 248

واللابسين، وهو في المتجرين ظاهر، لأنه داخل في الحديث الأول. وأما في اللابسين فيحتمل أن يقال: بعمومه فيهم ويعلل بما قدمناه من المعنى من عدم تحفظهم.

ويحتمل أن يقال: إن مقصودهم الحديث إنما هو التفريق، والحديث إذا سيق لمقصود لا يعم في غيره، كما يقوله الشافعي رضي الله عنه، ونزيد هاهنا أن يقال: إن عادة العرب التعري عند النوم، ورأيت عندنا بمصر رجلا من عباد الله الصالحين، فقيها مالكيا صنف كتابا في الثياب، قرأت عليه، كان يقول: إن التعري عند النوم سنة، وينكر النوم في الثياب.

وهذا الرجل هو الشيخ أبو عبد الله بن الحاج تلميذ ابن أبي

ص: 249

جمرة، فإذا ثبت هذا فقد يقال: الحديث ورد على المعهود وهو نوم الصبيان عراة، فلذلك أمر بالتفريق بينهم عند عشر سنين، كما نه عن إفضاء الرجل إلى الرجل، ويصير الحديثان في معنى واحد، وإذا وقفت عي هذه المسألة، ووفقت لإشراق ما قلته لك في قلبك، فاحمد الله، وادع لي بالمغفرة. والله أعلم.

ص: 250