الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الخامسة والثلاثون
نقل الشيخ أبو زكريا رحمه الله في كتابه "التبيان" عن الأصحاب/ أن قراءة القرآن لا تكره في الحمام، وعزاه في شرح المهذب إلى نقل صاحبي العدة والبيان، وغيرها. وكان المملوك يتوقف في عدم الكراهة لأن الحمام محل إزالة الأقذار والأوساخ.
ثم رأى الخادم: في شرح "الكفاية" لأبي القاسم الصيمري ولا ينبغي لأحد إذا كان على غائط أو بول أو في حمام أن يقرأ.
وقال الإمام الحليمي في "منهاجه" ولا يقرأ القرآن في الحمام، ولا في المواضع القذرة، ولا في حال قضاء الحاجتين.
فهل الراجح الكراهة أو عدمها؟ وهل كلام الصميري والحليمي ظاهر في الكراهة؟.
والمسئول بيان القول الأحق في ذلك.
الجواب (الحمد لله)
لا شك أن من تعظيم القرآن أن يكون القارئ والمكان الذي هو فيه على أكمل الأحوال، ........................................
أدبا مع القرآن، وإجلالا لكلام الرب سبحانه وتعالى، وإكراما للملائكة، فإنهم يستمعونه، كما جاء في الحديث لما قرأ أسيد بن حضير ورأى مثل الظلة وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"تلك السكينة تنزلت للقرآن" والملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم من النجاسات والأقذار والروائح الكريهة، فمن هذا تكره القراءة لمن أكل ثوما، أو بصلا، حتى يزيل رائحته، ولمن هو على قضاء الحاجة، لما فيه من الفحش، وفي المكان المتخذ لذلك، لأن معدل له، والكراهة في هذه الأحوال لا شك فيها ومن جملة تعظيم القرآن، أن يكون القارئ على طهارة فالجنب
تحرم عليه القراءة.
ومن في فيه نجاسة اختلف أصحابنا فيه والصحيح أنها لا تحرم.
والمحدث أجمع العلماء على جواز قراءته، وإن كان الأولى له أن يكون على وضوء/ لكنا لا نقول إن قراءته على الحدث مكروهة، لأن القراءة على وضوء/ لكنا لا نقول إن قراءته على الحدث مكروهة، لأن القراءة مطلوبة والاستكثار منها مطلوب، والحدث يكثر فلو كرهنا للمحدث القراءة
لفاته خير كثير، وقد بوب البخاري باب قراءة القرآن بعد الحدث وغيره وذكر فيه حديث ابن عباس أنه بات عند ميمونة وهي خالته فاضطجع في عرض الوسادة، واضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهله في طولها، فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا انتصف الليل أو قبله أو بعده بقليل، واستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس يمسح النوم عن وجهه بيده ثم قرأ العشر الآيات الخواتم من سورة آل عمران ثم قال إلى شن معلقة، فتوضأ منها فأحسن وضوءه ثم قام يصلي، قال ابن عباس فقمت فصنعت مثل ما صنع وذكر الحديث.
واعترض الإسماعيلي على البخاري، بأنه إذا فرق بين نوم النبي
صلى الله عليه وسلم، ونوم غيره، لم يقع هذا الحديث في هذا الباب.
قلت ولعل البخاري احتج بفعل ابن عباس بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم أو نقول إن هنا زيادة على النوم، وهو اضطجاعه مع أهله صلى الله عليه وسلم، واللمس ينقض الوضوء.
والمقصود هنا أن المحدث لم يقل أحد أنه تكره القراءة له، وسببه ما اشرنا إليه من التوسعة في قراءة القرآن، للاستكثار منه في كل حال، وهكذا نقول ينبغي تنزيه القرآن عن مكان فيه كلب أو نجاسة يسيرة في جانبه وإن اتسع، أو صورة أو تماثيل أو رقعة فيها جرس، ولكنا لا نستطيع إطلاق الكراهة في ذلك، لأن هذه الأشياء/ تكثر فيفوت بترك القراءات معها خير كثير، بخلاف مكان قضاء الحاجة ونحوه فهي أحوال قليلة، وأما الحمام فقد نهى عن الصلاة فيه، واختلف في العلة، فقيل: لأنه تكثر فيه النجاسة والوسخ، وقيل لأنه مأوى الشياطين، فعلى العلة الأولى لا تكره الصلاة في المخلع، ولا في مكان منه نظيف، وعلى العلة الثانية تكره، وهو الأصح إما لأن العلة الثانية هي الصحيحة، وإما لإطلاق النهي، وأنه لا يجوز أن يستنبط من النص معنى يخصصه، هذا في الصلاة.
أما القراءة فلم يرد فيها نهي، والقياس شرطه وجود العلة، والعلة قد بينا الخلاف فيها.
فإن قلنا بأنه مأوى الشياطين، فالقراءة لا تساوي الصلاة في ذلك، لأن الصلاة يطلب فيها الخشوع، ويخشى من إفساد الشيطان فيها، فإن للشيطان تسلطا فيها، كما جاء في الحديث:"أنه إذا ثوب بها أقبل حتى يخطر بين المرء وقلبه" يقول اذكر كذا اذكر كذا لما لم يكن يذكر حتى يظل الرجل إن يدري كما صلى؟ والقراءة يحذر فيها ذلك، وقد يكون سببا في طرد الشيطان كما (أنه إذا قرأ آية الكرسي إذا أخد مضجعة لا يقربه شيطان حتى يصبح).
وإن قلنا بأن الحمام تكثر فيه النجاسة (فإذا لم توجد هذه العلة لم يكن
للكراهة وجه، ومتى وجدت هذه العلة؟ وهي كثرة النجاسة) كرهت القراءة في الحمام وفي غيره فلذلك الراجح/ والقول الأحق عندنا عدم الكراهة، وقول الصميري ولحليمي لا ينبغي ليس صريحا في الكراهة، بل يحتمل أنه خلاف الأولى.
وقد رأيت كلام الحليمي وصدره جعله من تعظيم القرآن ولا يشك فيه وآخره يقتضى الكراهة، ولكن الحق خلافه، وإذا سئلنا عن القراءة في الحمام قلنا إن كان في مكان نظيف وليس فيه كشف عورة لم يكره وإلا فيكره.
وفي البخاري في الباب المذكور قال منصور عن إبراهيم لا باس
بالقراءة في الحمام ويكتب الرسالة على غير وضوء. وقال حماد عن إبراهيم إن كان عليهم إزار فسلم، وإلا فلا تسلم.
ووافقنا مالك على عدم الكراهة وهو قول عطاء وخالفت طائفة فقالت بالكراهة وهو مذهب أبي حنيفة.
وحكوا عن على ......................................................
رضي الله عنه أنه قال شر البيت الحمام لا يقرأ فيه القرآن وهذا محتمل لأن يراد به/ أنه إذا كان لا يقرأ فيه القرآن (كما هو الغالب فيه).