الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الرابعة
إذا أعسر ببعض الصداق قبل الدخول، فهل (لها) الفسخ؟ وإن قلنا بمقالة ابن الصلاح رحمه الله أنها قبضت بالبعض لا تفسخ لظهور
الفرق؟ أم لا فرق؟ وهل ما ذكره ابن الصلاح ماش على قاعدة المذهب؟ وقد أفتى قاضي القضاة شرف لدين البارزي رحمه فيه بالفسخ، فيما إذا قبضت البعض، معللا ذلك بما علل به ابن الصلاح المنع، وفرق بأن التبعيض
متعذر في النكاح.
بخلاف السلع في باب الفلس، والمسئول بيان حكم الصورتين فقد عمت البلوى بهما.
الجواب (الحمد لله)
الذي أختاره أنا: أن الإعسار بالمهر لا يثبت الفسخ، لأنه ليس في معنى المنصوص عليه، والكلام في ذلك يطول وله موضوع غير هذا.
والمذهب المفتى به، أنه يثبته قبل الدخول لا بعده، وحيث قلنا يثبته فهو إذا كان الإعسار بكله.
أما إذا أعسر ببعضه فقال ابن الرفعة: لا يثبت الفسخ، ولم يفرق بين أن يكون قبضت الباقي أو لا؟
فإنه لما تكلم على قول الغزالي: أما قولنا المستحق في معاوضة محضة يكون احترزنا به عن النكاح والخلع إلى آخره.
قال: فإن قلت: الزوج إذا أعسر بالصداق قبل الدخول من غير حجر، كان الفسخ به طريقان، أحدهما: قاطعة بثبوت حق الفسخ لها، والثانية لقولين في ذلك.
وأقل درجات المحجور عليه بالفلس أن يكون كالمعسر، فهلا جرى فيه مثل ذلك؟ لأن الإعسار منغير حجر على الرجوع في عين المبيع أم لا؟ فيه وجهان في ((الإبانة)).
وتعليق القاضي والنهاية: وعند الحجر بلا خلاف فكذا ينبغي أن يكون في النكاح.
قلت السؤال صحيح. قد ذكره الرافعيفقال: الكلام في ذلك ينبني على الخلاف في أن الإعسار بالصداق هل يثبت الفسخ أم لا؟
وقد تخيل بين الصورتين فرق، من حيث إن الحجر بالفلس إنما يكون عند وجود مال لا يفي بما عليه، أو يفي على رأي، وعند التوزيع لابد أن
ينوب الزوجة من المهر شيء فلم يكن قد أعسر بكله، فالفسخ إذن لو مكنت منه لكان الإعسار ببعضه.
والخلا المشهور إنما هو فيما لو أعسر بكله، فلذلك لم يخرج عليه. نعم التخريج، والسؤال يصح إن كان الفسخ بالإعسار عن بعض الصداق يثبت، كما إذا أعسر بكله، وما أظنه يثبت، وقد يقال: إن مراد المصنف أنا، إذا قلنا لا يجوز لها الفسخ بالإعسار بالصداق، كما هو المرجح عنده وتبعا لإمامه، فلا يكون حكم الحاكم بفلسه مسلطا عليه.
بخلاف إعسار المشتري بالثمن، فإنا إذا قلنا أنه لا يسلط البائع على الفسخ به، فإذا حكم الحاكم بفلسه، تسلط على الرجوع إلى العين./ وهذا أقرب إلى الصحة من الأول، وبه يندفع الاعتراض، هذا كلام ابن الرفعة رحمه الله.
والذي أختاره أنا، أن الإعسار ببعضه، كالإعسار بكله، فعلى مقتضى المذهب، يثبت الفسخ عند من يراه إذا أعسر بكله.
وأما ما ذكره ابن الصلاح رحمه الله من الفرق بين أن يقبض بعضه أو لا.؟
والاستناد في منع الفسخ عند قبض بعضه إلى ما ذكره من أن مقابله يصير كالمقبوض، والبضع لا تبعض فضعيف جدا.
وأما فتوى قاضي القضاة شرف الدين البارزي بالفسخ فيما إذا قبضت بعضه، معللا بما علل به ابن الصلاح، فليس بجيد، لضعف مأخذ ابن الصلاح، ولو أفتى من غير تعليل، كان صوابا بالنسبة إلى المذهب وقواعده من غير أن يكون فيه نقل صريح.
ومجاذبته لابن الصلاح في تعليله ضعيفة، لأنه متى صح ما لمحه ابن الصلاح من كون قبض البعض موجبا لقبض بعض البضع، وقض بعض البضع مانع، فقبض البعض مانع، وبقاء البعض غير مقتض، ولامانع فيسلم لابن الصلاح ما ادعاه، وأما نحن فنمنع ما لمحه ابن الصلاح.
،ماذكره ابن الصلاح، وقاضي القضاة شرف الدين البارزي، يشبه الوجهين فيمن نوى رفع الإحداث في الارتفاع مطلقا، والارتفاع مطلقا هو الأصح، وهو يشبه قول ابن الصلاح، ومقابله يشبه قول (قاضي القضاة شرف الدين) البارزي رحمة الله
على الجميع، ونحن نرفع الشبه بين المسألتين، لأنه نية المتوضى اقتضت لرفع، وقبض بعض الصداق لم يقتض قبض بعض البضع والله أعلم.