المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المسألة الثالثة والستون - قضاء الأرب في أسئلة حلب

[تقي الدين السبكي]

فهرس الكتاب

- ‌المسألة الأولى

- ‌المسألة الثانية

- ‌المسألة الثالثة

- ‌المسألة الرابعة

- ‌المسألة الخامسة

- ‌المسألة السادسة

- ‌المسألة السابعة

- ‌المسألة الثامنة

- ‌المسألة التاسعة

- ‌المسألة العاشرة

- ‌المسألة الحادية عشرة

- ‌المسألة الثانية عشرة

- ‌المسألة الثالثة عشرة

- ‌المسألة الرابعة عشرة

- ‌المسألة الخامسة عشرة

- ‌المسألة السادسة عشرة

- ‌المسألة السابعة عشرة

- ‌المسألة الثامنة عشرة

- ‌المسألة التاسعة عشر

- ‌المسألة العشرون

- ‌المسألة الحادية والعشرون

- ‌المسألة الثانية والعشرون

- ‌المسألة الثالثة والعشرون

- ‌المسألة الرابعة والعشرون

- ‌المسألة الخامسة والعشرون

- ‌المسألة السادسة والعشرون

- ‌المسألة السابعة والعشرون

- ‌المسألة الثامنة والعشرون

- ‌المسألة التاسعة والعشرون

- ‌المسألة الثلاثون

- ‌المسألة الحادية والثلاثون

- ‌المسألة الثانية والثلاثون

- ‌المسألة الثالثة والثلاثون

- ‌المسألة الرابعة والثلاثون

- ‌المسألة الخامسة والثلاثون

- ‌المسألة السادسة والثلاثون

- ‌المسألة السابعة والثلاثون

- ‌المسألة الثامنة والثلاثون

- ‌المسألة التاسعة والثلاثون

- ‌المسألة الأربعون

- ‌المسألة الحادية والأربعون

- ‌المسألة الثانية والأربعون

- ‌المسألة الثالثة والأربعون

- ‌المسألة الرابعة والأربعون

- ‌المسألة الخامسة والأربعون

- ‌المسألة السادسة والأربعون

- ‌المسألة السابعة والأربعون

- ‌المسألة الثامنة والأربعون

- ‌المسألة التاسعة والأربعون

- ‌المسألة الخمسون

- ‌المسألة الحادية والخمسون

- ‌المسألة الثانية والخمسون

- ‌المسألة الثالثة والخمسون

- ‌المسألة الرابعة والخمسون

- ‌المسألة الخامسة والخمسون

- ‌المسألة السادسة والخمسون

- ‌المسألة السابعة والخمسون

- ‌المسألة الثامنة والخمسون

- ‌المسألة التاسعة والخمسون

- ‌المسألة الستون

- ‌المسألة الحادية والستون

- ‌المسألة الثانية والستون

- ‌المسألة الثالثة والستون

- ‌المسألة الرابعة والستون

- ‌المسألة الخامسة والستون

الفصل: ‌المسألة الثالثة والستون

‌المسألة الثالثة والستون

قال الأستاذ أبو منصور البغدادي في كتابه (الناسخ والمنسوخ) / ما لفظه: أجمع أصحاب الشافعي وأكثر المتكلمين من أصحاب الحديث، على تحريم ذبائح أهل الأهواء من المعتزلة، والنجارية، والجهمية، والخوارج، .................

ص: 520

وغلاة الروافض، والمشبهة، الذين يقولون في الله تعالى بصورة وحد. انتهى.

هل هذا الكلام على إطلاقه أم على القول بالتكفير؟.

الجواب: (الحمد لله)

أما أخذ ذلك مطلقا حتى يقال بالمنع مع عدم التكفير فلا يمكن على مذهبنا، نعم على مذهب مالك قالوا: إن أهل الأهواء لا يناكحون تجنبا وبعدا عنهم، وإن لم نكفرهم، ونحن وافقهم على الكراهة في ذلك دون التحريم. وأما على القول بالتكفير فلا شك في ذلك لأنهم ولدوا على الإسلام، ولا يقرون على كفرهم لا تحل زيجتهم، ولا مناكحتهم والذبحة والمناكحة من رواد واحد، ولا تقبل شهادتهم، والأستاذ أبو منصور من القائلين بالتكفير.

ص: 521

وقد وقفت على نسخة من كتابه (الناسخ والمنسوخ) له الذي أشير إليه في السؤال، واللفظ الذي رأيته فيه: أجمع أكثر المتكلمين، وأصحابنا من أهل الحديث، وهذا محتمل، لأن يريد: وأكثر أصحابنا، بخلاف اللفظ الذي تضمن السؤال، ومع قيده بأهل الحديث فلم يعمم جميع أصحابنا، لكن له كتاب آخر في "الأسماء والصفات" نفيس وقفت عليه، قال فيه: أما أصحابنا فإنهم وإن أجمعوا على تكفير المعتزلة، والخوارج، والنجاربة، والجهمية والمشبهة فقد أجازوا معاملتهم في المعاوضات دون الأنكحة. فأما مناكحتهم، وموارثتهم، والصلاة عليهم، وأكل ذبائحهم، فلا يحل شيء من ذلك إلا الموارثة، ففيها خلاف بين أصحابنا: قيل لأقرابائهم من المسلمين وإليه ذهب إسحاق بن راهويه، وقيل لأهل بدعتهم. انتهى.

ولا شك أن أبا منصور من القائلين بالتكفير ودعواه الإجماع إما أن يكون لعدم اعتداده بالخلاف، وهو قد نقل الخلاف، وإما أن يحمل على قطعه بتكفير بعض الطوائف، وهذا لا شك فيه، على أن في الفرق من لا يتردد في كفره، ومنهم من لا يتردد في عدم كفره، ومنهم من هو محل الخلاف أو يظهر/ فيه الخلاف، فإذا حمل كلام أبي منصور ودعواه الإجماع على الغلاة من كل فرقة صح، غير أنه أطلق المعتزلة، والمختار عدم تكفيرهم، إلا من قال بالقدر، ...............................

ص: 522

على القول الذي يقول به معبد الجهني، ومن قال بأن الله لا يعلم الأشياء قبل وقوعها، وما أشبه ذلك، ولا شك في كفر هؤلاء، وأما بقية بدع المعتزلة كخلق القرآن فقد أطلق السلف منهم الأئمة الأربعة على تكفيرهم به، والمتأخرون من أصحابنا ومن المالكية يرون عدم التكفير بذلك، وتأويل البيهقي قول السلف بأن مرادهم كفر دون كفر، وليس هو الكفر المخرج عن الملة، ووافقه النووي، وأما غلاة الروافض فمنهم الغرابية، ولا شك في كفرهم، وأصحابنا وغيرهم يطلقون الخلاف في التكفير ويختارون عدمه، ونحن نوافقهم على ذلك، وعلى الإطلاق المذكور،

ص: 523

ونستعظم القول بالتفكير، لأنه يحتاج إلى أمرين عزيزين أحدهما: تحرير المعتقد وهو صعب من جهة الاطلاع، على ما في القلب، وتخليصه عما يشبهه وتحريره، ويكاد الشخص يصعب عليه تحرير اعتقاد نفسه، فضلا عن غيره.

الأمر الثاني: الحكم بأن ذلك كفر وهو صعب من جهة صعوبة علم الكلام، ومأخذه، وتميز الحق فيه من غيره، وإنما يحصل ذلك لرجل جمع صحة الذهن ورياضة النفس واعتدال المزاج، والتهذيب بعلوم النظر، والامتلاء من العلوم الشرعية، وعدم الميل والهوى، وبعد هذين الأمرين يمكن القول بالتكفير أو عدمه، ثم ذلك إما في شخص خاص وشرطه مع ذلك اعتراف الشخص به، وهيهات يحصل ذلك وأما البينة في ذلك فصعب قبولها لأنها تحتاج في الفهم إلى ما قدمناه فإن حصل ذلك أو حصل إقرار عمل بمقتضاه، وإما في فرقة، فإنما يقال ذلك من حيث العلم الحملي، وإما على ناس بأعينهم فلا سبيل إلى ذلك غلا بإقرار أو بينة، ولا يكفي أن يقال هذا من تلك الفرقة، لأنه مع/ الصعوبة من جهة ما قدمناه يتطرق إليه شيء آخر، وهو أن غالب الفرق عوام لا يعرفون الاعتقاد وإنما يحبون مذهبا، فينتمون إليه، من غير إحاطة بكنهه، فلو أقدمنا على تكفيرهم جر ذلك فسادا عظيما باطلا، وبهذا يجاب عن قول النووي.

لو كان المراد الكفر المخرج عن الملة لقتلوا أو قوتلوا فيجاب بأن ذلك

ص: 524

إنما لم يقطع به، لعدم تعينه، وإن كنا نحكم من حيث الجملة على من اعتقد ذلك الاعتقاد أنه كافر، والشأن في تشخيصه على أن التكفير صعب بكل حال، ولا ينكر إذا حصل شرطه، ولقد رأيت تصانيف لجماعة يظن بهم أنهم من أهل العلم ويتعلقون بشيء من رواية الحديث، وربما يكون لهم نسك وعبادة وشهرة بالعلم قالوا بأشياء وردوا أشياء تبين عن جهلهم العظيم، وتساهلهم في نقل الكذب الصريح ويقدمون على تكفير من لا يستحق التكفير وما سب ذلك إلا ما هم عليه من فرط الجهل والتعصب، (والنشأة على) شيء لم يعرفوا سواه وهو باطل، ولم يشتغلوا بشيء من العلم حتى يفهموا، بل هم في غاية الغباوة، فالأولى الإعراض عمن هذا شأنه، وإن وجدت أحدا يقبل الهدى هديته، وترك عموم الناس موكولين إلى خالقهم العالم سرائرهم، يجادلهم يوم يبعثهم وتنكشف ضمائرهم، والضابط في هذا أنه ما دام مقرا بالنبي صلى الله عليه وسلم منقادا بباطنه

ص: 525

للاتباع له وابتداعه لشبهة عنده، أما من جانب (هذا النبي) الكريم فالعلم الضروري حاصل بكفره، وإن السيف قائم عليه إلا من أدى الجزية بشرطها.

وأكثر أصحابنا في الفقه لم يتكلموا في أهل البدع، إلا في كتاب الشهادة لأجل قبول الشهادة وذكر الشافعي ذلك هنالك وممن تكلم يه الصميري والماوردي، والقاضي حسين، والإمام وهو لا يرى/ التكفير، حتى قال: إن القول بخلق القرآن أهون بدعة، قالتها المعتزلة، ومع ذلك لا نرى تكفيرهم وأنا موافقه على ذلك، والمشهور عن الأشعري التكفير (ولكن قوله الأخير الذي استقر عليه عدم التكفير) وقال أبو منصور في كتاب (الأسماء والصفات) إن الأشعري وأكثر المتكلمين قالوا بتكفير كل مبتدع كانت بدعته كفرا أو أدته إلى كفر، كمن زعم أن معبوده صورة أو له حد ونهاية، أو تجوز عليه الحركة أو السكون ثم ذكر بعض ...........................

ص: 526

أقاويل المعتزلة والرافضة، والكيسانية، والقرامطة، وقطع بكفرهم، قال ويجب إكفار الجهمية والنجارية.

قال: ولا إشكال لذي لب في تكفير الكرامية مجسمة خراسان في قولهم: إنه تعالى جسم، له حدود ونهاية من تحته، وأنه مماس لعرشه، وأنه محل الحوادث، وأنه يحدث فيه قوله وإرادته.

وذكر في الطفل بين أبوين من أهل القدر والتشبيه بموت أحدهما: منهم من قال هو كالمسلم وهو الذي ذهب إليه الشافعي، وأبو حنيفة وذكره عمر ابن عبد العزيز في رسالته إلى أهل البصرة وقال مالك: الاعتبار بموت الأب

ص: 527

دون الأم، وقال أخرون يعتبر حكم الطفل بإسلام الأم، وتوبتها عن البدعة، دون الأب، قال: وسبى نساء المعتزلة وذراريهم إذ كان نساؤهم على ضلالتهم على اختلاف الفقهاء في سبى نساء المرتدين إذا ارتددت وذراريهم.

وقد اختلف في ذلك أصحاب الشافعي فقال أكثرهم: إن تابت المرأة وإلا قتلت، وقال بعضهم تسترق وهو قياس قول أبي حنيفة، وقد عملت الصحابة بذلك في بنى حنيفة، ومنهم خولة التي أولدها علي محمد بن الحنيفة والله عز وجل أعلم.

ولا خلاف أن أهل البدع إذا لم نقل/ بتكفيرهم فساق، (ولا خلاف أنهم آثمون مخطئون، إلا على قول عبيد الله بن الحسن العنبري القاضي البصري)، وقد خرق الإجماع في ذلك، وابتداع القول بأنهم مصيبون

ص: 528

بمعنى نفي الإثم لا بمعنى مطابقة الاعتقاد، ولم يسبقه إلى نفي الإثم عنهم أحد، وتبعه على ذلك أبو بكر بن لوقا، (ولا خلاف في رد شهادتهم إذا قلنا بكفرهم) وأما إذا قلنا بفسقهم دون كفرهم، ففيه خلاف وتفصيل.

ولا خلاف في رد شهادة الخطابية.

قال بعض أصحابنا إلا أن يشهدوا بمعاينة السبب. وغيرهم من الروافض يفصل فيه، فمن قذف عائشة فهو كافر.

ومن سب الشيخين (هما أبو بكر وعمر رضي الله عنهما ففي

ص: 529

كفره وجهان لأصحابنا فإن لم نكفره فهو فاسق، مردود الشهادة، ومن سب بقية الصحابة فهو فاسق مردود الشهادة، ولا يغلط فيقال إن شهادته مقبولة. والله أعلم.

وذكر الإمام في (النهاية) أن البخاري كان نصف الصحيح في الروضة، روى عن محمد بن جرير فغلبته عيناه.

فرأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقال: (تروى عن ابن جرير وهو يطعن في أصحابي) وكان خارجيا، قال يا رسول الله إنه ثقة قال: صدقت إنه ثقة فارو عنه وهذه حكاية فيها تخليط ليس في البخاري ابن جرير، ولا في الرواة محمد بن جرير بل عبد الله بن جرير، وليس خارجيا ولا رافضيا.

والمعروف في كتاب (الأنساب) ............................

ص: 530

للسمعاني وغيره عن يزيد بن هارون قال: رأيت رب العزة في المنام/، قال لي بايزيد لا تكتب عنه يعني حريز بن عثمان الرحبي فإنه يسب عليا.

ص: 531

فاشتبه حريز بابن جرير، واشتبه يزيد بن هارون بالبخاري واشتبه المنام بالمنام وجرير ثقة، رووا له، ومسألة الرواية، والشهادة من أهل الأهواء لها محل غير هذا لا نطيل بذكره.

ص: 532