الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الخامسة والخمسون
لو أسلم كافر أصلى بدار الحرب، ومضى عليه زمن، لم يعلم فيه وجوب الصلاة، والصوم، ثم علم، وجب عليه القضاء، خلافا لأبي حنية رحمة الله، قد أشكل على المملوك إذا يبعد الإيجاب عليه، قبل بلوغه، والقضاء يحتاج إلى أمر مجدد، فما الدليل الواضح في ذلك؟ فقد ذكروا ما لم تتضح دلالته.
الجواب: (الحمد لله)
وجوب الصلاة والصوم، من المعلوم من الدين بالضرورة، فكل من بلغته الشريعة، تعلق به، كأصول الشريعة ولا يعتبر بلوغ الخبر إليه، بوجوب
الصلاة والصوم بخصوصهما، وذلك كاف في ترتيب الصلاة، والصوم في ذمته، وتعلقهما به كما يتعلق بالنائم، والناسي، فإذا علم وجب/ القضاء، قياسا على قوله صلى الله عليه وسلم (من نام عن صلاة أو نسيها، فليصلها إذا ذكرها) وهذا هو الأمر الجديد، ولا ريبة في ذلك، ولا إشكال.
وأبو حنيفة رحمه الله إنما قال: بعدم القضاء، على قاعدته: في أندار الحرب لها أثر في تغيير الأحكام، مع أني لا أحتاج أن أخصص ذلك، بما هو معلوم بالضرورة، بل كل أحكام الشريعة من هذا الجنس، يتعلق بالمكلفين، علموا بها، أو لم يعلموا، المعتبر بلوغ الخبر، إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فمتى استقرت الشريعة ببلوغ الوحي، إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وتبليغه، لزمت وثبت حكمها، في حق سائر المكلفين، وقبل ذلك لا يلزم.
وبيان هذا، أن الحكم (أزلي) عند الله تعالى، ثم يلقيه الله تعالى إلى جبريل، ثم ينزل به جبريل من سدرة المنتهى، وفي هذه الأحوال كلها لا يتعلق حكمه بالمكلفين، حتى ينزل إلى الأرض على النبي صلى الله عليه وسلم، فيتعلق به، ثم هو يبلغه على الفور، فيثبت حكمه بالتبليغ، في حق من بلغه، ويتبعه سائر المكلفين، في جميع الأحكام، إلا فيما يتعلق بالإثم، لا يكون إلا من حين بلوغ الخبر فيما يخفى.
وقد اختلفوا في بعض الأحكام، وتوقف ثبوتها على الخبر، كانعزال
القاضي، والوكيل، ونحوهما، وتلك أحكام جزئية لا اختلاف فيها.
وذكروا صلاة أهل قباء، واستدارتهم، من غير إعادة بعض الصلاة المتقدم منهم بعد نزول الوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك أمر كان في أول الإسلام، قبل استقرار الأحكام، أم اليوم فلا. وتكلموا أيضا في فرض الصلاة ليلة الإسراء، ولا شك أنها أول تعلقها بغير النبي صلى الله عليه وسلم من الظهر، لأنها أول صلاة بعد علمهم والصبح لم يكونوا علموا وقتها، والنبي صلى الله عليه وسلم علم والذي يعتقد أنه صلى على عادته، قبل طلوع الشمس ركعتين، وهل هي الصبح المفروضة الآن أو غيرها؟ الله أعلم لم يرد فيه نص. وهل كان التعلق به وهو/ في السماء أو بعد هبوطه صلى الله عليه وسلم إلى الأرض؟ لم يرد فيه نص
أيضا وقد تكلمت في شرح المنهاج، في باب الوكالة، على اختلاف العلماء في ثبوت الحكم، قبل بلوغ الخبر، ولا ضرورة إلى ذكره هنا. والله أعلم.