الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة التاسعة والثلاثون
صح عن ابن عمرو رضي الله عنهما أنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أنكر على من رآه يتنفل في السفر، وقال: إنه سافر مع النبي صلى الله عليه وسلم/ وأبى بكر وعمر فلم يرهم يزيدون على المكتوبة وقال: لو كنت مسبحا لأتممت صلاتي هذا معنى ما ثبت عنه فما وجه الجمع بين هذين الحديثين؟ أثابكم الله الجنة.
الجواب (الحمد لله)
صح عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أنه كان يصلي على راحلته" وصح عن ابن عمر أنه صلى الظهر بطريق مكة ثم أقبل فحانت منه التفاته نحو حيث صلى فرأى ناسا قياما فقال ما يصنع هؤلاء؟ قيل يسبحون قال لو كنت مسبحا لأتممت صلاتي، يا بن أخي إني صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله، وصحبت أبا بكر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله، وصحبت عمر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله ثم صحبت عثمان فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله وقد قال الله تعالى:(لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) ولا تنافى بين هذين الحديثين فالأول، في النفل المطلق، والثاني في السنن الراتبة مع الفرائض، اختلف العلماء هل تصلي في السفر؟ فمذهب الشافعي أن تصلي، ورأى ابن عمر في طائفة أنها لا تصلي لأن الفريضة قد قصرت وتلك السنن إنما جعلت
لتكمل منها ما عساه يكون في الفرائض من نقص.
فإذا ترك بعض المتبوع فلأن يترك بعض التابع أولى وهذا قوى على رأي من يرى أن القصر عزيمة، ولا يقوي على رأي من رآه رخصة ولم
ير ابن عمر ترك النوافل المطلقة. فاعلم ذلك فإنه وجه الجمع بين الحديثين والوتر ليس داخلا في هذا الخلاف، فإن ابن عمر وغيره متفقون على أنه يصلي في السفر، ولعل ذلك لأنه صلاة مستقلة، فهذا/ وجه الجمع بين الحديثين فيما ظهر لنا.
ورأيت في الأم في الجزء التاسع في باب النافلة في السفر أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر: "أنه لم يكن يصلي مع الفريضة في السفر شيئا قبلها، ولا شيئا بعدها، إلا من جوف الليل".
قال الشافعي: ومعروف عن ابن عمر عيب النافلة في النهار في السفر، قال مالك لا بأس بالنافلة في السفر نهارا. انتهى. فإن كان هذا على إطلاقه فيخرج جواب آخر غير ما ذكرناه والجمع بين الحديثين بأن أحدهما محمول على النهار والآخر على الليل، والأولى عندي ما قدمته. وأن الوتر وقيام الليل كالصلوات المستقلة، والرواتب غيرهما هي محل الخلاف
بين ابن عمر وغيره، ولا أدري هل يطرد ذلك، في ركعتي الفجر وسنة المغرب أو لا؟ فإن متبوعهما لا يقصران، وماعدا ذلك من النوافل المطلقة، الذي يظهر أن لا فرق بين الليل والنهار وأنه يصلي عند الجميع. وفي موطأ معن عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عمر كان يرى عبيد الله ابن عبد الله بن عمر (يتنفل في السفر فلا ينكر عليه)(وأنه بلغه أن القاسم بن محمد، وعروة ابن الزبير، وأبا بكر بن عبد الرحمن يتنفلون في السفر).
وعن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر" لم يكن يصلي مع الفريضة في السفر شيئا قبلها ولا بعدها إلا من جوف الليل وعلى بعيره أو راحلته حيثما توجهت".
وفي الصحيح عن عامر بن ربيعة "أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي السبحة في الليل في السفر على ظهر راحلته حيث توجهت" وهذا يوافق ما أشار إليه الشافعي من الفرق بين الليل والنهار. والله أعلم.
رواحلهم المحملة ولئلا يتأخروا عن مصالح أنفسهم ودوابهم آخر النهار أو للمسارعة إلى الجهاد وللعبادة التي بين أيديهم فإن معظم أسفارهم كان لذلك فيفعلونها على الرواحل لذلك ولا يفعلونها على الأرض لما ذكرنا والله أعلم". كتبه أحمد الأذرعي غفر الله له ورحمه.