الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الثانية والعشرون
قال القاضي أبو الطيب في كتابه في "أصول الفقه" فصل أقل الجمع ثلاثة في قول أكثر أصحابنا، وقال بعض أصحابنا اثنان.
وكان القاضي أبو بكر يختاره وينصره في المجالس. انتهى.
ما الذي منع الأصحاب تخريج قولهم: لو قال له على دارهم على هذا الأصل؟ ولم لا قيل لا يلزمه إلا درهمان على كلا القولين؟ لجواز أن يكون تجوز وأطلق الجمع على الاثنين.
وما الحكم فيما لو قال: أردت بقولي دراهم درهمين؟ إن قيل يلزمه ثلاثة كما (هو) المشهور فهو مشكل مع أن الإقرار مبني على اليقين، وهذا مجاز مستعمل مانع بالاتفاق من القائلين بالمنع، مع أن المملوك رأى في الإشراف للهروي عزو ذلك إلى بعض أصحابنا لكن بصيغة تعريض.
فقال: وقد عزا ذلك إلى بعض أصحابنا (أنه) لا يلزمه إلا درهمان، وحكاه الماوردي عن أهل العراق ومراده: المخالفين، لا أصحابنا، كما بينه مولانا قاضي القضاة أدام الله نعمه عليه في غير هذا الموضع.
والمسئول بيان وجه العذر عن الأصحاب في إضرابهم عن ذلك.
الجواب (الحمد لله)
النقل الذي قاله القاضي أبو الطيب صحيح، ووافقه عليه تلميذه ابن الصباغ في كتاب عدة العالم في أصول الفقه.
وذكره إمام الحرمين في البرهان، ونسبه إلى الأستاذ أبي إسحاق وهو من كبار أصحابنا.
وقال الإمام: إن ظاهر مذهب الشافعي في مواضع تعريفه/ الأصول، يشير غلى أن أقل الجمع ثلاثة، وهذه المسألة أصولية كبيرة، والمختار المشهور عند الجمهور أن أقله ثلاثة.
ومن قال: من أصحابنا كالأستاذ وغيره، اثنان مردود عليه، وليس هذا موضع تقريره، .........................................
فإن ثبت الوجه الذي قاله صاحب الإشراف فهو مبني على ذلك، وانقطع السؤال، وإن لم يثبت خلاف فيه في الفروع عن أحد من أصحابنا، فسببه أن الخلاف المذهبي، هو الذي يرجع إلى قواعد صاحب المذهب.
وكلامه في الفقه، إما من مسالة معينة له فيها نص، كالقول، المخرج، أو قاعدة مذهبية، أو مسائل منتشرة، وهي الوجوه، أو من قاعدة أصولية عرف من صاحب المذهب، أنه يقول بها، لبعض الوجوه أيضا، ووراء ذلك شيئان.
أحدهما: أن يقول بعض أصحاب الشافعي قولا يختاره لنفسه في الفقه، بدليل انتهض عنده، ولا يكون ذلك الدليل منتهضا على قواعد الشافعي، فهذا لا ينبغي أن يعد وجها ولا يلتحق بالمذهب، ولكن هذا قل أن يقع لاصحابنا، بل لا أعرفه لهم، لأنهم لا يخالفون قواعد إمامهم في الأصول، فلهذا كل ما يؤخذ من أصحاب الشافعي، في الفقه يعد وجها.
والثاني: أن من الأصحاب من توسع في العلوم من الأصول وغيره، فقد يرى رأيا في الأصول، ولا يفرع عليه، إما أهمالاً للتفريع، وإما لأمر آخر كهذه المسألة، فإن الأستاذ أبا إسحاق شافعي، وهو من حذاق
الأصوليين له فيه اليد الطولي وقد رأى أن أقل الجمع اثنان، ولم يحفظ عنه تفريع في الفقه عليه.
فإذا أرادنا نحن، أن نخرج من قوله في الأصول وجها ونلحقه بالمذهب، لا ينبغي لاحتمال أن يكون هو خالف إمامه في الأصول، لقوته فيه، ولم تنهض نفسه على القوة في الفروع، والمصيب في الأصول واحد قطعا، بخلاف الفروع فمع قول الشافعي: إن أقل الجمع ثلاثة، لا يمكن القول/ ولا التردد في أن أقل الجمع اثنان، فلذلك لم يثبتوا الخلاف في الفروع التي مآخذها متجاذبة متقاربة.
وقول السائل لم لا؟ قيل لا يلزمه إلا درهمان، على كلا القولين، لجواز أن يكون تجوز وأطلق الجمع على الاثنين، جوابه: أن الإقرار إنما يحمل على الحقيقة، واحتمال المجاز لا يقتضي الحمل عليه، إذ لو فتح هذا الباب لم يتمسك بإقراره.
وقد قال الهروى في هذا المكان: إن أصل هذا ما قاله الشافعي رضي الله عنه أنه يلزم في الإقرار باليقين، وظاهر المعلوم وهو الظن القوي، ولا يلزم بمجرد الظن كما لا يلزم في حال الشك إذ الأصل براءة الذمة وهذا الذي قاله صحيح واحتمال إرادة المجاز دون الشك لأنه وهم فكيف نعمل به؟ ولو قال أردت بقولي دراهم درهمين لم يقبل، لكن له تحليف غريمه.
وكون الإقرار مبنيا على اليقين لا يقدح في ذلك، لأن هذا يقين فإنه
موضوع اللفظ لغة، وليس المراد باليقين القطع، ولو أريد القطع، فقد تقدم كلام الهروي أنه يأخذ باليقين، وبالظن القوي، وحمل اللفظ على المجاز إنما يكون بقرينة، أما بغير قرينة، فيحمل على الحقيقة قطعا، وهذا هو المراد باليقين.