الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الرابعة والستون
جزم الشيخ أبو إسحاق في التنبيه بتحريم (الزرافة) ولم يذكرها في (المهذب) ونقل النووي في شرح المهذب الاتفاق على تحريمها، وكان المملوك يستشكل ذلك.
إذ لم يذكر له دليلا، وليست على ما قيل مما يصطاد ويقوي بنابه، ثم رأى المملوك موفق الدين حمزة الحموي رحمه اله قد أنكر ذلك في كتابه مشكلات التنبيه وقال إن المنقول حلها وممن جزم به القاضي حسين والغزالي في فتاويهما.
ورآه المملوك في فتاوي القاضي وعزاه الشيخ في الكفاية، إلى فتاوي الفراء، وهو سبق قلم، قال موفق الدين حمزة وفيها شبه من الخيل، والبقر، والضبع وهي متولدة من ذلك قال وما هذا شأنه فأكله حلال بالاتفاق، ورأى المملوك في العقد لابن عبد ربه ما لفظه: الزرافة هي الناقة، من
نوق الحبش، وبين البقرة الوحشية، وبين الضبعان اشتراك، وذلك أن الضبعان ببلاد الحبشة تتفسد الناقة يجئ بولد بين خلق الناقة والضبعان، فإن كان الولد ذكرا عرض للمهاة ألحقتها زرافة لأنها جماعة، وهي واحدة كأنها جمل وبقرة وضبع، والزرافة في كلام العرب الجماعة. انتهى.
وفي الصحاح أن بعض الناس فسره بجمل الوحش ورأى المملوك أيضا في تعريفات أبي الحسين بن القطان الذي علقها عنه صاحبه
القاضي أبو القاسم بن كج في محرمات الإحرام ما صورته: فرع الكركي والبط، والزرافة وما أشبه ذلك على قولين أحدهما فيه قيمة، والثاني شاة. انتهى.
وهذا يدل على أنه مأكول لا سيما إن ثبت أنه متولد، بين مأكولين كما سبق.
(والمسئول بيان ذلك وإيضاحه جبركم الله).
الجواب: (الحمد لله)
المختار حل الزرافة كما في فتاوى القاضي حسين وكذلك في (تتمة التتمة)
وهو المنقول عن نص الإمام أحمد ولم أرها في فتاوى الغزالي أما عزو ابن الرفعة الحل إلى فتاوى الفراء فقد سبقه إلى ذلك ابن يونس في شرح (التنبيه) فقد كشفت فتاوي الفراء فلم أجدها فيها ولا في التهذيب والظاهر أن مراده بتاوى الفراء فتاوى القاضي حسين لأن الفراء هو البغوي وهو الذي جمع فتاوي القاضي حسين فيجوز نسبتها إليه باعتبار أنه جامعها/.
وأما ما ذكره الشيخ في (التنبيه) من التحريم فقد وافقه عليه أبو (الخطاب) من الحنابلة فوجد الخلاف في المذاهب يقيم العذر عنه
الشيخ، ولعل منها جنسا وحشيا، يتقوى بنابه، فيحمل التحريم عليه وأما هذا الذي شاهدنا، لا وجه للقول بالتحريم فيه، وما برحت اسمع في مصر ـ وقد ذكره ابن الرفعة في الكفاية أيضا ـ أن بعض الناس قرأها بالقاف وأنه حيوان آخر وهذا ليس بشيء فإنه شيء لا يعرف لكنه يؤكد إنكار تحريم الزرافة بالفاء وما ذكره ابن كج عن ابن القطان يوافق القول بالحل، وأنها مأكولة، وهو كذلك إن شاء الله تعالى وكذلك بقية الكلام وأكثر الأصحاب لم يتعرضوا لها أصلا، لا بحل ولا بحرمه ولم أدها منقولة إلا في هذين المذهبين مع قلة عدد ناقليها، ولا يخفى أن مذهب مالك حلها مع أنهم لم ينصوا عليها، ولا ذكروها، فيخرج لنا من ذلك أن أكثر العلماء على حلها، والدليل يقتضيه، لأنها ليس لها ناب كاسر فلا يشملها أدلة التحريم والأصل الإباحة، والشبه فيها أيضا يقتضى الإباحة، وهي أولى بالإباحة من الأرنب، والضبع، والضب الثابت تحليل الثلاثة بالنص (الحديث) فلذلك اخترنا حلها ولم يذكرها الحنفية أيضا، وقواعدهم تقتضى حلها. والله أعلم.