المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المسألة الثامنة والعشرون - قضاء الأرب في أسئلة حلب

[تقي الدين السبكي]

فهرس الكتاب

- ‌المسألة الأولى

- ‌المسألة الثانية

- ‌المسألة الثالثة

- ‌المسألة الرابعة

- ‌المسألة الخامسة

- ‌المسألة السادسة

- ‌المسألة السابعة

- ‌المسألة الثامنة

- ‌المسألة التاسعة

- ‌المسألة العاشرة

- ‌المسألة الحادية عشرة

- ‌المسألة الثانية عشرة

- ‌المسألة الثالثة عشرة

- ‌المسألة الرابعة عشرة

- ‌المسألة الخامسة عشرة

- ‌المسألة السادسة عشرة

- ‌المسألة السابعة عشرة

- ‌المسألة الثامنة عشرة

- ‌المسألة التاسعة عشر

- ‌المسألة العشرون

- ‌المسألة الحادية والعشرون

- ‌المسألة الثانية والعشرون

- ‌المسألة الثالثة والعشرون

- ‌المسألة الرابعة والعشرون

- ‌المسألة الخامسة والعشرون

- ‌المسألة السادسة والعشرون

- ‌المسألة السابعة والعشرون

- ‌المسألة الثامنة والعشرون

- ‌المسألة التاسعة والعشرون

- ‌المسألة الثلاثون

- ‌المسألة الحادية والثلاثون

- ‌المسألة الثانية والثلاثون

- ‌المسألة الثالثة والثلاثون

- ‌المسألة الرابعة والثلاثون

- ‌المسألة الخامسة والثلاثون

- ‌المسألة السادسة والثلاثون

- ‌المسألة السابعة والثلاثون

- ‌المسألة الثامنة والثلاثون

- ‌المسألة التاسعة والثلاثون

- ‌المسألة الأربعون

- ‌المسألة الحادية والأربعون

- ‌المسألة الثانية والأربعون

- ‌المسألة الثالثة والأربعون

- ‌المسألة الرابعة والأربعون

- ‌المسألة الخامسة والأربعون

- ‌المسألة السادسة والأربعون

- ‌المسألة السابعة والأربعون

- ‌المسألة الثامنة والأربعون

- ‌المسألة التاسعة والأربعون

- ‌المسألة الخمسون

- ‌المسألة الحادية والخمسون

- ‌المسألة الثانية والخمسون

- ‌المسألة الثالثة والخمسون

- ‌المسألة الرابعة والخمسون

- ‌المسألة الخامسة والخمسون

- ‌المسألة السادسة والخمسون

- ‌المسألة السابعة والخمسون

- ‌المسألة الثامنة والخمسون

- ‌المسألة التاسعة والخمسون

- ‌المسألة الستون

- ‌المسألة الحادية والستون

- ‌المسألة الثانية والستون

- ‌المسألة الثالثة والستون

- ‌المسألة الرابعة والستون

- ‌المسألة الخامسة والستون

الفصل: ‌المسألة الثامنة والعشرون

‌المسألة الثامنة والعشرون

قال الإمام الحافظ أبو داود السجستاني في سننه في باب فضل المشي إلى الصلاة ما لفظه: حدثنا محمد بن عيسى حدثنا أبو معاوية، عن هلال بن ميمون، عن عطاء بن يزيد عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الصلاة في جماعة تعدل خمسا وعشرين صلاة،

ص: 334

فإذا صلاها في الفلاة فأتم ركوعها وسجودها بلغت خمسين صلاة".

قال أبو داود: قال عبد الواحد بن زياد في هذا الحديث: "صلاة الرجل في الفلاة تضاعف على صلاته في الجماعة وذكر الحديث. انتهى. والظاهر أن سند صحيح.

المسئول بيان معنى هذا الحديث، وما قيل فيه، وعلام يحمل؟ فقد أشكل فهمه على المملوك، جبر الله المسلمين بحياتكم.

الجواب (الحمد لله)

هذا الحديث رواه أبو داود وابن ماجه، ورجال سنده من رجال الصحيح، إلا هلال بن ميمون، وقد وثقه يحيى بن معين، وقال أبو حاتم الرازي ليس بالقوى، يكتب حديثه فالحديث جيد يحتج به إن شاء الله.

ص: 335

واللفظ الأول الذي رواه أبو داود لا إشكال فيه، لاحتمال أن يكون إذا صلاها في الفلاة في جماعة وأتم ركوعها وسجودها، بل هو ظاهره من حيث الوضع، لأن المتقدم صلاة الجماعة، والضمير يعود عليها، وإنما الإشكال في اللفظ الذي رواه أبو داود من طريق عبد الواحد بن زياد، وعبد الواحد بن زياد متفق عليه، من الرتبة المتوسطة وقد علقه أبو داود عنه، ولم يذكر شيخه فيه، ولا شيخ عبد الواحد، فتوقف علينا تصحيح/ هذا اللفظ، لكن معناه ثابت من جهة أخرى.

روى أبو حاتم بن حبان البستي في كتاب "التقاسيم والأنواع" أحاديث فضل الجماعة ثم قال: ذِكْر البيان بأن قوله صلى الله عليه وسلم: "صلاة الفذ" في الخبرين اللذين ذكرناهما لفظة أطلقت على العموم، يراد بها الخصوص، دون استعمالها على عموم ما وردت فيه.

ص: 336

أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو معاوية عن هلال بن ميمون عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته وحده بخمس وعشرين درجة، فإن صلاها بأرض قى، فأتم ركعوها وسجودها، بلغت صلاته خمسين درجة".

وهذا مثل لفظ أبي داود الأول محتمل لأن يكون صلاها في جماعة في أرض قى، لكن إنما فهموا منه أنه منفرد، فيكون الضمير على الصلاة، لا بوصف كونها في الجماعة، والأرض القى التي لا أهل لها، والإقواء الفاقة قال تعالى:(متاعًا للمقوين) والظاهر أن الذي فهموه من معنى

ص: 337

الحديث من الانفراد صحيح.

ويشهد له حديث رواه النسائي من حديث سلمان الفارسي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا كان الرجل في أرض قى فتوضأ فإن لم يجد الماء تيمم ثم ينادي بالصلاة ثم يقيمها ثم يصليها إلا أم من جنود الله صفا يركعون بركوعه، ويسجدون بسجوده ويؤمنون على دعائه" وفي بعض طرق هذا الحديث "صفا لا يرى قطره".

فهذا الحديث يبين أنه صلى وحده، وسبب التفضيل اجتماع أمور: وهي أنه في مكان لم يجد فيه جماعة، وأذن وأقام وأم جما غفيرا من الملائكة، نالته بركتهم، وأتم الركوع والسجود، وكان نداؤه سببا في حضور هذا الجمع/ من جنود الله وصلاتهم، فبمجموع ذلك بلغت خمسين.

ولعل خمساً وعشرين منها على الجماعة، التي كانت عادته أن يصليها فيها، إن كانت له عادة بذلك، وخمسًا وعشرين على هذه الصفات الزائدة التي ذكرناها، وحينئذ لا يكون معارضا لتفضيل صلاة الجماعة، ولا يحتاج إلى تخصيص كما ظنه ابن حبان، أو تكون هذه الصلاة الخاصة بهذه الأمور

ص: 338

المجتمعة فيها، جعلها الشرع أفضل، من صلاة الجماعة في غيرها، كما فهمه ابن حبان، ولا مانع من ذلك.

فالفضل بيد الله، يؤتيه من يشاء (والله ذو الفضل العظيم) وعلى كل تقدير، هذه الصلاة مغايرة لصلاة الفذ التي فضلت صلاة الجماعة عليها، أما على ما فهمه ابن حبان، فلاجتماع هذه الصفات فيها، وبذلك فضلت على صلاة الفذ وسواها، وأما على ما قلته أنا فالفضل على مجموع الصلاة وما معها من الأذان والإقامة وغيرها.

وينبغي لك أن تضبط عنى أمرين أحدهما:

أن من كانت عادته أن يصلي جماعة، وتعذر عليه، فصلى منفردا، لعذر، يكتب له ثواب الجماعة، وإن لم تكن له عادة بذلك، ولكنه أراد أن يصلي جماعة، فتعذرت عليه، فصلى منفردا، لا يكتب له ثواب الجماعة، لكن يكتب له ثواب قصده لذلك، وهي جماعة أيضا، لكنها دون الأولى، لأنها قصد مجرد، والأخرى سبقها فعل، ومن صلى منفردا في موضع لا يمكنه أن يصلي فيه جماعة، ولم يكن له عادة، لم يكتب له ثواب جماعة، لأنه ما وجد منه قصد، ولا عادة، وإنما قلت أنه يكتب لمن له عادة، لقوله صلى الله عليه وسلم:"إذا مرض العبد، أو سافر، كتب الله له ما كان يعمل، صحيحا مقيما".

وإنما قلت إنه يكتب للمعذور الذي لا عادة له، لقوله تعالى: (فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله

ص: 339

الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما) (درجات منه ومغفرة ورحمة وكان الله غفورا رحيما) فالذين فضل/ عليهم هم المعذورون، والذين فضل عليهم درجات غير المعذورين.

وإنما قلت: إن أجر الهم غير أجر الفعل، فلأن أجر الفعل يضاعف، وأجر الهم غير مضاعف، كما يفهم من حديث:"إذا هم عبدي بحسنة، فاكتبوها له حسنة، فإن عملها فاكتبوها له عشرا".

الأمر الثاني: أن جماعة من الفضلاء، قالوا إن تفضيل صلاة الجماعة، على صلاة الفذ، مخصوص بالفذ الذي كان له عادة بالجماعة، لأنها تكتب له، كما سق وابن حبان، قد علمت ما ادعاه من التخصيص.

وأنا أقول: إنه يمكن إبقاء اللفظ على عمومه، وأن كل صلاة جماعة، تفضل كل صلاة فذ، وأن صلاة الفذ، الذي اعتاد الجماعة، فانقطع عنها لعذر، صلاة فذ لا صلاة جماعة، وثوابها ثواب صلاة فذ، لا ثواب صلاة جماعة، لكن الله تفضل على صاحبها، فكتب له أجر الجماعة، جزاء لعادته السابقة، لا جزاء على هذه الصلاة، فصلاته هذه، بصلاة واحدة، وزاده الله من فضله، لأجل عادته، أجر الجماعة، وعندي تردد، في أنه يكتب له خمس وعشرون، مع هذه فتصير ستا وعشرين، أو أربعًا وعشرين وهذه، وهو الأقرب.

وأما ما قاله ابن حبان، فيمكن أيضا فيه أن يقال، إن الزائد على صلاة

ص: 340

الجماعة، حصل لاقتران تلك الأمور، وقدر صلاة الجماعة، حصل لشهود الملائكة، وقيامهم مقام الآدميين، ولم يرد ذلك في غير هذه الحالة، فتكون صلاة جماعة، أو يقال إنها صلاة منفرد، وثوابها ثواب صلاة المنفرد، والتسع والأربعون للأمور الزائدة، فلا يلزم التخصيص، ولا التعارض.

ويبني على هذا التردد، أن من يشترط الجماعة في الصلاة/ إذا صلى منفردا لعذر، هل نقول يجب القضاء؟ كمن صلى فاقد الطهور، حيث تأمره بالقضاء، فإن كان كذلك، فصلاة الملائكة إن جعلناها، كصلاة الآدميين، وأنها تصير بها جماعة، فقد يقال: إنها تكفي لسقوط القضاء، وأن من لم يجعلها صلاة جماعة، وجب القضاء.

ص: 341

وبعد أن كتبت هذه بأيام، رأيت في (فتاوى) أبى عبد الله الحسين ابن محمد الحناطي الطبري رحمه الله فيمن صلى في فضاء من الأرض، بأذان وإقامة، وكان منفردا، ثم حلف أنه صلى بالجماعة هل يلزمه التكفير أم لا؟ فقال يكون بارا في يمينه، ولا كفارة عليه.

لما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أذن وأقام، في فضاء من الأرض وصلى وحده، صلت الملائكة خلفه صفوفا" فإذا حلف على هذا المعنى لا يحنث. انتهى كلامه.

فشكرت الله تعالى على موافقة، ما خطر لي، من تقدمني من أهل العلم والحمد لله.

(ورأيت في الموطأ رواية معن بن عيسى .........................

ص: 342

عن مالك عن يحيى بن سعيد بن المسيب أنه كان يقول: "من صلى بأرض فلاة صلى عن يمينه ملك وعن شماله ملك فإن أذن بالصلاة وأقام يشك لا يدري أي ذلك قال صلى وراءه أمثال الجبال من الملائكة". والله أعلم).

ص: 343