الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الأربعون
نقل أبو زكريا عن الشيخ أبي عمرو بن الصلاح رحمهما الله ما لفظه: والأوجه لأصحاب الشافعي/ المنتسبين إلى مذهبه يخرجونها على أصوله، ويستنبطونها من قواعده، ويجتهدون في بعضها، وإن لم يأخذوها من أصله.
أشكل هذا الكلام على الخادم في عد مثل هذا وجها في المذاهب وأي فرق بين هذا وبين مفردات المزنى.
والمشهور أنها لا تعد من المذهب، مع أنه كيف يسوغ لمن سئل عن
حكم مسألة في مذهب الشافعي من مفتى العصر أن يجيب فيها مصرحا بإضافة ذلك إلى مذهب الشافعي، إذا لم يعلم أن ذلك من منصوصاته أو مخرجا منها.
والمسئول كشف الغطا في ذلك حرس مجدكم وكُبت ضدكم.
الجواب (الحمد لله)
قد يؤخذ من نص معين، في مسألة معينة، فيخرج منها إلى مثلها المساوية لها من غير فرق، ولا نص يعارضه، وهذا أقوى ما يكون من التخريج، وتارة يكون من نص معين، في مسألة معينة، وله في نظيرها نص يخالفه، فيتحزب الأصحاب، منهم من يتكلف فرقا، ومنهم من يقول قولان بالنقل والتخريج وهذه رتبة ثانية في التخريج.
وتارة لا يكون له نص معين في مسألة معينة، ولكن يكون له قواعد مذهبية، ونصوص مختلفة، في مسائل يؤخذ منها قاعدة كلية، تدل على حكم في مسألة لم يوجد فيها له نص، وهذه رتبة ثالثة، وقد تكون أقوى من الثانية، إذا ظهر الفرق في الثانية ولم يظهر في هذه وهو يزاحم الأولى، وقد يربو عليها، لأن الأولى من مسألة واحدة، وهذه من مسائل شتى.
فقد يكون باجتماعها يقوى على ما يؤخذ من تلك الواحدة، وقد لا يجد المخرج شيئا من هذه الأنواع الثلاثة، ولكن يجد دليلا شرعيا جاريا على أصل من أصول الشافعي الذي قرره في أصول الفقه، وهذه رتبة رابعة.
وقد لا يجد نوعا من هذه الأربعة ولكن يجد دليلا شرعيا جاريا على أصل من جنس ما يقول به/ الشافعي، وإن لم يكن له نص في ذلك الأصل، وهذه رتبة خامسة، وقد لا يجد شيئا من الخمسة، ولكنه رجل قد تكيف بمذهب الشافعي، وبتصرفاته الفقهية والأصولية، حتى صارت له مزاجا، ومن يكون كذلك تجده يدرك مراد الشخص فيما لم يصرح به، ثم تجد مع ذلك دليلا شرعيا، فيقول به فيما لم يجد فيه نصا للشافعي، وهذه رتبة سادسة، وفي جميعها تقيد بالمذهب، وتارة لا يكون شيء من ذلك، ولا يكون الشخص مقلدا لإمامه في المذهب، ولا في الدليل، وإنما ينسب إليه، لكونه سلك طريقه في الاجتهاد ودعا إلى سبيله، فيقول قولا فهو فيه كالمجتهد المطلق، ولكن لانتسابه إلى الشافعي وقدوته بقوله يعد قوله وجها، وليس فوق هذه السبعة رتبة إلا الاجتهاد المطلق الذي لا يسلك فيه طريقة غيره، ولا ينتسب إليه وهي التي اختلف في إثباتها للمزني، حتى إن تفرد لا تعد من
المذهب، وله مع ذلك ما يشارك فيه السبعة المتقدمة فيعد ما قاله على ذلك من المذهب، والقسم الذي قاله ابن الصلاح وأشكل عليكم جدير بأن يكون هو السادس، وأما من يسأل عن مذهب الشافعي ويجيب مصرحا بإضافته إلى مذهب الشافعي، ولم يعلم ذلك منصوصا للشافعي، ولا مخرجا من منصوصاته، فلا يجوز ذلك لأحد، بل اختلفوا فيما هو مخرج، هل يجوز نسبته إلى الشافعي أو لا؟.
واختيار الشيخ أبي إسحاق أنه لا ينسب فهذا في القول المخرج، وأما
الوجه فلا تجوز نسبته بلا خوف. نعم إنه مقتضى قول الشافعي أو من مذهبه بمعنى أنه من قول أهل مذهبه/، والمفتي يفتى به إذا ترجح عنده، لأنه من قواعد الشافعي، ولا ينبغي أن يقال قال الشافعي لا لما وجد منصوصا له، ولا مذهب الشافعي إلا لما جمع أمرين أحدهما: أن يكون منصوصا له.
والثاني أن يكون قال به أصحابه أو أكثرهم. أما ما كان منصوصا وقد خرج عنه الأصحاب إما بتأويل وإما بغيره، فلا ينبغي أن يقال إنه مذهب الشافعي، لأن تجنيب الأصحاب له يدل على ريبة في نسبته إليه.
وما اتفق عليه الأصحاب، وقالوا إنه ليس بمنصوص، فيسوغ تقليدهم فيه، ولكن لا يطلق إنه مذهب الشافعي، بل مذهب الشافعية.
وما اتفقوا عليه ولم يعلم هو منصوص له أو لا .. يسوغ ابتاعهم فيه، ويسهل نسبته إليه، لأن الظاهر من اتفاقهم أنه قال به.