الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِهَا حُقُوقُ الْغُرَمَاءِ، وَإِنْ قِيلَ بِانْتِقَالِهَا إلَى الْوَرَثَةِ لِأَنَّ التَّعَلُّقَ فِيهَا إمَّا تَعَلُّقُ رَهْنٍ أَوْ جِنَايَةٍ وَالنَّمَاءُ الْمُتَّصِلُ تَابِعٌ فِيهِمَا صَرَّحَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ بِذَلِكَ كُلِّهِ مُتَفَرِّقًا فِي كَلَامِهِمَا، وَأَمَّا عُقُودُ الضَّمَانِ فَتُتَّبَعُ فِي الْغَصْبِ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَحَكَى ابْنُ أَبِي مُوسَى فِيهِ رِوَايَةً أُخْرَى أَنَّهُ لَا يَتْبَعُ وَلَا يَكُونُ النَّمَاءُ الْمُتَّصِلُ الْحَادِثُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ مَضْمُونًا إذَا رَدَّ الْأَصْلَ كَمَا قَبَضَهُ وَقِيَاسُهُ الْعَارِيَّةُ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ حَاصِلٌ بِهِ فَيَصِيرُ حُكْمُهُ حُكْمَ الْأَصْلِ كَنَمَاءِ الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ وَتُتْبَعُ أَيْضًا فِي الصَّيْدِ الَّذِي فِي يَدِ الْمُحْرِمِ، وَفِي نَمَاءِ الْمَقْبُوضِ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ وَجْهَانِ مَعْرُوفَانِ.
[الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَة وَالثَّمَانُونَ وَالنَّمَاءُ الْمُنْفَصِلُ تَارَة يَكُونُ مُتَوَلِّدًا مِنْ عَيْنِ الذَّات وَالْبَيْضِ وَتَارَةً يَكُونُ مُتَوَلِّدًا مِنْ غَيْرِهَا]
(الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَة وَالثَّمَانُونَ) : وَالنَّمَاءُ الْمُنْفَصِلُ تَارَةً يَكُونُ مُتَوَلِّدًا مِنْ عَيْنِ الذَّاتِ كَالْوَلَدِ وَالطَّلْعِ وَالصُّوفِ وَاللَّبَنِ وَالْبَيْضِ وَتَارَةً يَكُونُ مُتَوَلِّدًا مِنْ غَيْرِهَا وَاسْتُحِقَّ بِسَبَبِ الْعَيْنِ كَالْمَهْرِ وَالْأَرْشِ. وَالْحُقُوقُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْأَعْيَانِ ثَلَاثَةٌ: عُقُودٌ وَسَبَّابَتِهِ وَحُقُوقٌ يَتَعَلَّقُ بِغَيْرِ فَسْخٍ وَلَا عَقْدٍ فَأَمَّا الْعُقُودُ فَلَهَا حَالَتَانِ إحْدَاهُمَا [أَنْ تُرَدَّ] عَلَى الْأَعْيَانِ بَعْدَ وُجُودِ نَمَائِهَا الْمُنْفَصِلِ فَلَا يَتْبَعُهَا النَّمَاءُ وَسَوَاءٌ كَانَ مِنْ الْعَيْنِ أَوْ غَيْرِهَا إلَّا مَا كَانَ مُتَوَلِّدًا مِنْ الْعَيْنِ فِي حَالِ اتِّصَالِهِ بِهَا وَاسْتِتَارِهِ وَتَعَيُّبِهِ فِيهَا بِأَصْلِ الْخِلْقَةِ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ تَبَعًا كَالْوَلَدِ وَاللَّبَنِ وَالْبَيْضِ وَالطَّلْعِ غَيْرِ الْمُؤَبَّرِ أَوْ كَانَ مُلَازِمًا لِلْعَيْنِ لَا يُفَارِقُهَا عَادَةً كَالشَّعَرِ وَالصُّوفِ فَإِنَّهَا تَلْحَقُ بِالْمُتَّصِلِ فِي اسْتِتْبَاعِ الْعَيْنِ وَفِي الْمُجَرَّدِ وَالْفُصُولِ وَجْهٌ فِي الرَّهْنِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِيهِ صُوفُ الْحَيَوَانِ وَلَبَنُهُ وَلَا وَرَقُ الشَّجَرِ الْمَقْصُودِ وَهُوَ بَعِيدٌ، أَمَّا الْمُنْفَصِلُ الْبَائِنُ فَلَا يَتْبَعُ بِغَيْرِ خِلَافٍ إلَّا فِي التَّدْبِيرِ فَإِنَّ فِي اسْتِتْبَاعِ الْأَوْلَادِ فِيهِ رِوَايَتَيْنِ.
وَالْحَالَةُ الثَّانِيَة: أَنْ يَحْدُثَ النَّمَاءُ بَعْدَ وُرُودِ الْعَقْدِ عَلَى الْعَيْنِ فَيَنْقَسِمُ الْعَقْدُ إلَى تَمَلُّكٍ [وَغَيْرِهِ] . وَأَمَّا عُقُودُ التَّمْلِيكَاتِ الْمُنَجَّزَةِ فَمَا وَرَدَ مِنْهَا عَلَى عَيْنٍ وَالْمَنْفَعَةُ بِعِوَضٍ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَسْتَلْزِمُ اسْتِتْبَاعَ النَّمَاءِ الْمُنْفَصِلِ مِنْ الْعَيْنِ وَغَيْرِهِ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالْعِتْقِ وَعِوَضِهِ وَعِوَضِ الْخُلْعِ وَالْكِتَابَةِ وَالْإِجَارَةِ وَالصَّدَاقِ وَغَيْرِهَا وَمَا وَرَدَ مِنْهَا عَلَى الْعَيْنِ الْمُجَرَّدَةِ مِنْ غَيْرِ مَنْفَعَةٍ كَالْوَصِيَّةِ بِالرَّقَبَةِ دُونَ الْمَنَافِعِ وَالْمُشْتَرِي لَهَا مِنْ مُسْتَحِقِّهَا عَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّةِ الْمَبِيعِ فَلَا يُتْبَعُ فِيهِ النَّمَاءُ مِنْ غَيْرِ الْعَيْنِ، وَفِي اسْتِتْبَاعِ الْأَوْلَادِ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَلَدَ جُزْءٌ أَوْ كَسْبٍ وَمَا وَرَدَ فِيهَا عَلَى الْمَنْفَعَةِ الْمُجَرَّدَةِ فَإِنْ عَمَّ الْمَنَافِعَ كَالْوَقْفِ وَالْوَصِيَّةِ بِالْمَنْفَعَةِ تُتْبَعُ فِيهِ النَّمَاءَ الْحَادِثَ مِنْ الْعَيْنَ وَغَيْرِهَا إلَّا الْوَلَدَ فَإِنَّ فِيهِ وَجْهَيْنِ مُصَرَّحًا بِهِمَا فِي الْوَقْف وَمُخَرَّجَيْنِ فِي غَيْرِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ جُزْءٌ أَوْ كَسْبٌ وَفِي أَرْشِ الْجِنَايَةِ عَلَى الطَّرَفِ بِالْإِتْلَافِ احْتِمَالَانِ مَذْكُورَانِ فِي التَّرْغِيبِ هَلْ هُوَ لِلْمُوقَفِ عَلَيْهِ كَالْفَوَائِدِ أَوْ يُشْتَرَى بِهِ شِقْصٌ يَكُونُ وَقْفًا كَبَدَلِ الْجُمْلَةِ فَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ بِغَيْرِ إتْلَافٍ فَالْأَرْشُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ
وَجْهًا وَاحِدًا وَإِنْ كَانَ الْعَقْدُ عَلَى مَنْفَعَةٍ خَاصَّةٍ لَا تَتَأَبَّدُ كَالْإِجَارَةِ فَلَا تَتْبَعُ فِيهِ شَيْئًا مِنْ النَّمَاءِ الْمُنْفَصِلِ بِغَيْرِ خِلَافٍ وَأَمَّا عُقُودُ غَيْرِ التَّمْلِيكَاتِ الْمُنَجَّزَةِ فَنَوْعَانِ:
أَحَدُهُمَا: [مَا] يَئُولُ إلَى التَّمْلِيكِ فَمَا كَانَ مِنْهُ لَازِمًا لَا يَسْتَقِلُّ الْعَاقِدُ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ بِإِبْطَالِهِ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ فَإِنَّهُ يَتْبَعُ فِيهِ النَّمَاءَ الْمُنْفَصِلَ مِنْ الْعَيْنِ وَغَيْرِهَا وَيَنْدَرِجُ فِي ذَلِكَ صُوَرٌ
مِنْهَا: الْمُكَاتَبَةُ فَيَمْلِكُ اكْتِسَابَهَا وَيَتْبَعُهَا أَوْلَادُهَا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ.
وَمِنْهَا: الْمُكَاتَبُ يَمْلِكُ اكْتِسَابَهُ وَيَتْبَعُهُ أَوْلَادُهُ مِنْ أَمَتِهِ كَمَا يَتْبَعُ الْحُرَّ وَلَدُهُ مِنْ أَمَتِهِ وَلَا يَتْبَعُهُ وَلَدُهُ مِنْ أَمَةٍ لِغَيْرِهِ.
وَمِنْهَا: الْمُوصَى بِعِتْقِهِ إذَا كَتَسَبٍّ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَبْلَ إعْتَاقِ الْوَرَثَةِ فَإِنَّ كَسْبَهُ لَهُ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ لِأَنَّ إعْتَاقَهُ وَاجِبٌ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى قَبُولٍ فَهُوَ كَالْمُعْتَقِ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ لِمُعَيَّنٍ وَقَالَ صَاحِبُ الْمُغْنِي فِي آخِرِ بَابِ الْعِتْقِ كَسْبُهُ لِلْوَرَثَةِ كَأُمِّ الْوَلَدِ وَلَكِنْ يُمْكِنُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ مَمْلُوكَةٌ لِسَيِّدِهَا وَالْمُوصَى بِعِتْقِهِ غَيْرُ مَمْلُوكٍ لِلْوَرَثَةِ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَمْنَعُ انْتِقَالَهُ إلَيْهِمْ، وَإِذَا قِيلَ هُوَ عَلَى مِلْكِ الْمَيِّتِ فَهُوَ مِلْكٌ تَقْدِيرِيٌّ لَا يَمْنَعُ مِنْ اسْتِحْقَاقِ الْكَسْبِ فَلَوْ كَانَ أَمَةً فَوَلَدَتْ قَبْلَ الْعِتْقِ وَبَعْدَ الْمَوْتِ تَبِعَهَا الْوَلَدُ كَأُمِّ الْوَلَدِ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ.
وَقَالَ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ لَا يَعْتِقُ.
وَمِنْهَا: الْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ بِوَقْتٍ أَوْ صِفَةٍ بَعْدَ الْمَوْتِ كَمَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ مِتُّ ثُمَّ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ أَوْ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِسَنَةٍ وَصَحَّحْنَا ذَلِكَ فَكَسْبُهُ بَيْنَ الْمَوْتِ وَوُجُودِ شَرْطِ الْعِتْقِ لِلْوَرَثَةِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَصَاحِبُ الْمُغْنِي كَأُمِّ الْوَلَدِ بِخِلَافِ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ.
لِأَنَّ ذَلِكَ أَوْجَبَ عِتْقَهُ فِي الْحَالِ وَهَذَا يَتَرَدَّدُ فِي وُجُودِ شَرْطِ عِتْقِهِ فَإِنَّهُ قَدْ يَجِيءُ الْوَقْتُ الْمُعَيَّنُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَا تُوجَدُ الصِّفَةُ حَتَّى ذَكَرَ فِي الْمُغْنِي فِي مَنْعِ الْوَارِثِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ قَبْلَ الصِّفَةِ احْتِمَالَيْنِ وَصَرَّحَ صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ بِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى حُكْمِ مِلْكِ الْمَيِّتِ لَا يَنْتَقِلُ إلَى الْوَرَثَةِ كَالْمُوصَى بِعِتْقِهِ.
وَعَلَى هَذَا فَيَتَوَجَّهُ أَنَّ كَسْبَهُ لَهُ وَمَا قِيلَ مِنْ احْتِمَالِ مَوْتِهِ قَبْلَ الصِّفَةِ مُعَارَضٌ بِاحْتِمَالِ مَوْتِ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ قَبْلَ الْعِتْقِ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ أَمَةً وَوَلَدَتْ بَعْدَ الْمَوْتِ فَهُوَ تَابِعٌ لَهَا كَأُمِّ الْوَلَدِ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَهُوَ مُتَوَجَّهٌ سَوَاءٌ قِيلَ إنَّ هَذَا الْعَقْدَ تَدْبِيرٌ كَقَوْلِ ابْنِ أَبِي مُوسَى وَالْقَاضِي فِي خِلَافِهِ أَوْ قِيلَ إنَّهُ تَعْلِيقٌ كَقَوْلِ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَابْنِ عَقِيلٍ فَإِنَّهُ تَعْلِيقٌ لَازِمٌ مُسْتَقِرٌّ لَا يُمْكِنُ إبْطَالُهُ فَهُوَ كَالْكِتَابَةِ، وَهَذَا يَشْهَدُ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ تَبَعِيَّةِ الْوَلَدِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا.
وَمِنْهَا: الْمُوصَى بِوَقْفِهِ إذَا نَمَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَبْلَ إيقَافِهِ فَأَفْتَى الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَنَّهُ يُصْرَفُ مُنْصَرَفَ الْوَقْفِ لِأَنَّ نَمَاءَهُ قَبْلَ الْوَقْفِ كَنَمَائِهِ بَعْدَهُ.
(وَمِنْهَا) مَا نَقَلَ يَعْقُوبُ بْنُ بُخْتَانَ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ هَانِئٍ عَنْ أَحْمَدَ فِيمَنْ جَعَلَ مَالًا فِي وُجُوهِ الْبِرِّ فَاتَّجَرَ بِهِ الْوَصِيُّ قَالَ إنْ رَبِحَ
جَعَلَ رِبْحَهُ مَعَ الْمَالِ فِيمَا أَوْصَى بِهِ وَإِنْ خَسِرَ كَانَ ضَمَانًا، فَهَذَا إنْ كَانَ مُرَادُهُ إذَا وَصَّى بِتَفْرِقَةِ عَيْنِ الْمَالِ فَوَاضِحٌ وَإِنْ كَانَ وَصَّى أَنْ يَشْتَرِيَ فِيمَا يَنْمُو وَيُوقَفَ أَوْ يُتَصَدَّقَ بِنَمَائِهِ كَانَ مُخَالِفًا لِمَا أَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ.
وَمِنْهَا: الْمُوصَى بِهِ لِمُعَيَّنٍ يَقِفُ عَلَى قَبُولِهِ إذَا نَمَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَبْلَ الْقَبُولِ نَمَاءً مُنْفَصِلًا فَيَنْبَنِي عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ قَبْلَ الْقَبُولِ هَلْ هُوَ لِلْوَارِثِ أَوْ لِلْمَيِّتِ أَوْ لِلْمُوصَى لَهُ، وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ فَإِنْ قِيلَ إنَّهُ لِلْوَارِثِ فَهُوَ مُخْتَصٌّ بِنَمَائِهِ وَإِنْ قِيلَ هُوَ عَلَى مِلْكِ الْمَيِّتِ فَنَمَاؤُهُ مِنْ التَّرِكَةِ وَإِنْ قِيلَ إنَّهُ لِلْمُوصَى لَهُ بِمَعْنَى أَنَّا نَتَبَيَّنُ بِقَبُولِهِ مِلْكَهُ بِالْمَوْتِ أَوْ قِيلَ إنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ مِلْكُهُ عَلَى قَبُولٍ فَنَمَاؤُهُ كُلُّهُ لِلْمُوصَى لَهُ.
وَمِنْهَا: النَّذْرُ وَالصَّدَقَةُ وَالْوَقْفُ إذَا لَزِمَتْ فِي عَيْنٍ لَمْ يَجُزْ لِمَنْ أَخْرَجَهَا عَنْ مِلْكِهِ أَنَّهُ يَشْتَرِي شَيْئًا مِنْ نِتَاجِهَا نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي الصَّدَقَةِ وَالْوَقْفِ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ.
وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ ثُمَّ بَانَ بِهِ عَيْبٌ فَأَخَذَ أَرْشَهُ فَهَلْ يَمْلِكُ لِنَفْسِهِ أَوْ يَجِبُ عَلَيْهِ صَرْفُهُ فِي الرِّقَابِ عَلَى رِوَايَتَيْنِ وَخَصَّ الْقَاضِي الرِّوَايَتَيْنِ بِالْعِتْقِ عَنْ الْوَاجِبِ إذَا كَانَ الْعَيْبُ يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ إلْحَاقًا لِلْأَرْشِ بِالْوَلَاءِ.
وَلَوْ اشْتَرَى شَاةً فَأَوْجَبَهَا أُضْحِيَّةً ثُمَّ أَصَابَ بِهَا عَيْبًا فَأَخَذَ أَرْشَهُ اشْتَرَى بِهِ أُضْحِيَّةً فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ تَصَدَّقَ بِهِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعِتْقِ بِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْعِتْقِ تَكْمِيلُ أَحْكَامِ الْعَبْدِ وَقَدْ حَصَلَ وَالْقَصْدُ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ إيصَالُ لَحْمِهَا إلَى الْمَسَاكِينِ فَإِذَا كَانَ فِيهِ عَيْبٌ دَخَلَ الضَّرَرُ عَلَيْهِمْ فَوَجَبَ أَرْشُهُ عَلَيْهِمْ جَبْرًا [وَتَكْمِيلًا] لِحَقِّهِمْ وَفِي الْكَافِي احْتِمَالٌ آخَرُ أَنَّ الْأَرْشَ لَهُ كَمَا فِي الْعِتْقِ وَأَمَّا الْهَدْيُ وَالْأَضَاحِيّ إذَا تَعَيَّنَ فَإِنْ قِيلَ إنَّ مِلْكَهُ لَا يَزُولُ بِالتَّعْيِينِ كَقَوْلِ الْقَاضِي وَالْأَكْثَرِينَ فَهُوَ مِنْ هَذَا النَّوْعِ وَإِنْ جَازَ إبْدَالُهُ لِأَنَّ إبْدَالَهُ نَقْلٌ لِلْحَقِّ لَا إسْقَاطٌ لَهُ كَالْوَقْفِ وَيَتْبَعُهُ نَمَاؤُهُ مِنْهُ كَالْوَلَدِ فَإِذَا وَلَدَتْ الْأُضْحِيَّةُ ذَبَحَ مَعَهَا وَلَدَهَا وَهَلْ يَكُونُ أُضْحِيَّةً بِطَرِيقِ التَّبَعِ أَمْ لَا؟ فِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: هُوَ أُضْحِيَّةٌ قَالَهُ فِي الْمُغْنِي فَيَجُوزُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ كَأُمِّهِ.
وَالثَّانِي: لَيْسَ بِأُضْحِيَّةٍ قَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ قَالَ وَإِنْ تَصَدَّقَ بِهِ صَحِيحًا فَهَلْ يُجْزِئُ؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ الصَّدَقَةِ الْمُطْلَقَةِ وَبَيْنَ أَنْ يَحْذِيَ بِهِ حَذْوَ الْأُمِّ وَالْأَشْبَهُ بِكَلَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ أُضْحِيَّةٌ فَإِنَّهُ قَالَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مشيش يَذْبَحُهَا وَوَلَدَهَا عَنْ سَبْعَةٍ وَقَالَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ يَبْدَأُ بِأَيِّهِمَا شَاءَ فِي الذَّبْحِ وَأَنْكَرَ قَوْلَ مَنْ قَالَ لَا يَبْدَأُ إلَّا بِالْأُمِّ وَعَلَى هَذَا فَهَلْ يَصِيرُ الْوَلَدُ تَابِعًا لِأُمِّهِ أَوْ مُسْتَقِلًّا بِنَفْسِهِ حَتَّى لَوْ بَاعَ أُمَّهُ أَوْ عَابَتْ وَقُلْنَا يُرَدّ إلَى مِلْكِهِ فَهَلْ يَرْجِعُ وَلَدُهَا مَعَهَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ ذَكَرَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُعَيِّنَ ابْتِدَاءً أَوْ عَنْ وَاجِبٍ فِي الذِّمَّةِ عَلَى صَحِيحٍ وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ أَنَّ الْمُعَيَّنَةَ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ لَا يَتْبَعُهَا وَلَدُهَا لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِي الذِّمَّةِ وَاحِدٌ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهَا بِالتَّعْيِينِ صَارَتْ كَالْمُعَيَّنَةِ ابْتِدَاءً وَأَمَّا اللَّبَنُ فَيَجُوزُ شُرْبُهُ مَا لَمْ يُعْجِفْهَا لِلنَّصِّ وَلِأَنَّ الْأَكْلَ مِنْ لَحْمِهَا جَائِزٌ فَيَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِغَيْرِهِ مِنْ مَنَافِعِهَا وَمِنْ دَرِّهَا وَظَهْرِهَا فَأَمَّا الصُّوفُ فَنَصَّ أَحْمَدُ عَلَى كَرَاهَةِ جَزِّهِ إلَّا أَنْ يَطُولَ وَيَكُونَ جَزُّهُ
نَفْعًا لَهَا، قَالَ الْأَصْحَابُ وَيَتَصَدَّقُ بِهِ وَفَرَّقُوا بَيْنَ الصُّوفِ وَاللَّبَنِ بِأَنَّ الصُّوفَ كَانَ مَوْجُودًا حَالَ إيجَابِهَا فَوَرَدَ الْإِيجَابُ عَلَيْهِ وَاللَّبَنُ يَتَجَدَّدُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ فَهُوَ كَمَنْفَعَةِ ظَهْرِهَا.
وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ الصَّدَقَةُ بِالشَّعْرِ وَلَهُ الِانْتِفَاعُ بِهِ وَذَكَرَ ابْنُ الزاغوني أَنَّ اللَّبَنَ وَالصُّوفَ لَا يَدْخُلَانِ فِي الْإِيجَابِ وَلَهُ الِانْتِفَاعُ بِهِمَا إذَا لَمْ يَضُرَّ بِالْهَدْيِ وَكَذَلِكَ قَالَ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ فِي اللَّبَنِ.
وَلَوْ فَقَأَ رَجُلٌ عَيْنَ الْهَدْيِ الْمُعَيَّنِ ابْتِدَاءً أُخِذَ مِنْهُ أَرْشُهُ وَتُصُدِّقَ بِهِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ وَإِنْ قِيلَ بِزَوَالِ مِلْكِهِ بِالتَّعْيِينِ كَقَوْلِ أَبِي الْخَطَّابِ فَهُوَ مِنْ قِسْمِ التَّمْلِيكَاتِ الْمُنْجَزَةِ كَالْعِتْقِ وَالْوَقْفِ وَإِنْ جَازَ الِانْتِفَاعُ بِبَعْضِ مَنَافِعِهِ كَمَنْ وَقَفَ مَسْجِدًا فَإِنَّهُ يَنْتَفِعُ بِهِ مَعَ جُمْلَةِ الْمُسْلِمِينَ.
وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْهَا غَيْرَ لَازِمٍ وَهُوَ [مَا] يَمْلِكُ الْعَاقِدُ إبْطَالَهُ إمَّا بِالْقَوْلِ أَوْ تُمْنَعُ نُفُوذُ الْحَقِّ الْمُتَعَلِّقِ بِهِ بِإِزَالَةِ الْمِلْكِ مِنْ غَيْرِ وُجُوبِ إبْدَالٍ فَلَا يُتْبَعُ فِيهِ النَّمَاءُ مِنْ غَيْرِ عَيْنِهِ، وَفِي اسْتِتْبَاعِ الْوَلَدِ خِلَافٌ، وَيَنْدَرِجُ تَحْتَ ذَلِكَ صُوَرٌ: مِنْهَا: الْمُدَبَّرَةُ فَإِنَّهُ يَتْبَعُهَا وَلَدُهَا عَلَى الْمَذْهَبِ الْمَشْهُورِ وَعَنْهُ رِوَايَةٌ أُخْرَى لَا يَتْبَعُهَا وَزَعَمَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي انْتِصَارِهِ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ نَزَلَ عَلَى أَنَّ التَّدْبِيرَ هَلْ هُوَ لَازِمٌ أَمْ لَا.
فَإِنْ قِيلَ بِلُزُومِهِ تَبِعَ الْوَلَدُ وَإِلَّا لَمْ يَتْبَعْ وَأَبَى أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ ذَلِكَ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالتَّبَعِيَّةِ قَالَ الْأَكْثَرُونَ يَكُونُ مُدَبِّرًا بِنَفْسِهِ لَا بِطَرِيقِ التَّبَعِ بِخِلَافِ وَلَدِ الْمُكَاتَبَةِ وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ عَلَى أَنَّ الْأُمَّ لَوْ عَتَقَتْ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ لَمْ يَعْتِقْ الْوَلَدُ حَتَّى يَمُوتَ وَعَلَى هَذَا لَوْ رَجَعَ فِي تَدْبِيرِ الْأُمِّ وَقُلْنَا لَهُ ذَلِكَ بَقِيَ الْوَلَدُ مُدَبَّرًا هَذَا قَوْلُ الْقَاضِي وَابْنِ عَقِيلٍ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي التَّنْبِيهِ بَلْ هُوَ تَابِعٌ مَحْضٌ لَهَا إنْ عَتَقَتْ عَتَقَ وَإِنْ رَقَّتْ رَقَّ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ أَبِي مُوسَى أَيْضًا.
وَمِنْهَا: الْمُعَلَّقُ عِتْقُهَا بِصِفَةٍ إذَا حَمَلَتْ وَوَلَدَتْ بَيْنَ التَّعْلِيقِ وَوُجُودِ الصِّفَةِ فَفِي عِتْقِهِ مَعَهَا وَجْهَانِ مَعْرُوفَانِ وَلَوْ لَمْ تُوجَدْ الصِّفَةُ فِي الْأُمِّ لَمْ يُعْتَقْ وَلَوْ وُجِدَتْ فِيهِ الصِّفَةُ لِأَنَّهُ تَابِعٌ مَحْضٌ.
وَمِنْهَا: الْمُوصَى بِعِتْقِهَا أَوْ وَقْفِهَا إذَا وَلَدَتْ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصَى لَمْ يَتْبَعْهَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي الْمُوصَى بِعِتْقِهَا وَقِيَاسُهُ الْأُخْرَى وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَتْبَعَ فِي الْوَصِيَّةِ بِالْوَقْفِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهِ شَوْبُ التَّحْرِيرِ دُونَ التَّمْلِيكِ
وَمِنْهَا: الْمُعَلَّقُ وَقْفُهَا بِالْمَوْتِ إنْ قُلْنَا هُوَ لَازِمٌ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ مِنْ رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ [صَارَتْ كَالْمُسْتَوْلَدَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتْبَعَهَا وَلَدُهَا وَإِنْ قُلْنَا لَيْسَ بِلَازِمٍ وَكَلَامُ أَحْمَدَ فِي آخِرِ رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ] يُشْعِرُ بِهِ حَيْثُ قَالَ إنْ كَانَ تَنَاوَلَ وَشَبَّهَهُ بِالْمُدَبَّرِ يَعْنِي أَنَّهُ يَتْبَعُهُ فَهَلْ يَتْبَعُهَا الْوَلَدُ كَالْمُدَبَّرِ أَوْ لَا يَتْبَعُ لِأَنَّ الْوَقْفَ تُغَلَّبُ فِيهِ شَائِبَةُ التَّمْلِيكِ فَهُوَ كَالْمُوصَى بِهِ وَيَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ.
النَّوْعُ الثَّانِي عُقُودٌ مَوْضُوعَةٌ لِغَيْرِ تَمْلِيكِ الْعَيْنِ فَلَا يُمْلَكُ بِهَا النَّمَاءُ بِغَيْرِ إشْكَالٍ إذْ الْأَصْلُ لَا يُمْلَكُ فَالْفَرْعُ أَوْلَى وَلَكِنْ هَلْ يَكُونُ النَّمَاءُ تَابِعًا لِأَصْلِهِ فِي وُرُودِ الْعَقْدِ عَلَيْهِ وَفِي كَوْنِهِ مَضْمُونًا أَمْ غَيْرَ
مَضْمُونٍ فَإِنْ كَانَ الْعَقْدُ وَارِدًا عَلَى الْعَيْنِ وَهُوَ لَازِمٌ فَحُكْمُ النَّمَاءِ حُكْمُ الْأَصْلِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ لَازِمٍ أَوْ لَازِمًا لَكِنَّهُ مَعْقُودٌ عَلَى الْمَنْفَعَةِ مِنْ غَيْرِ تَأْيِيدٍ أَوْ عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ فَلَا يَكُونُ النَّمَاءُ دَاخِلًا فِي الْعَقْدِ وَهَلْ يَكُونُ تَابِعًا لِلْأَصْلِ فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ فِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ تَابِعٌ لَهُ فِيهِمَا.
وَالثَّانِي: إنْ شَارَكَ الْأَصْلَ فِي الْمَعْنَى الَّذِي أَوْجَبَ الضَّمَانَ أَوْ الِائْتِمَانَ تَبِعَهُ وَإِلَّا فَلَا وَيَنْدَرِجُ تَحْتَ ذَلِكَ صُوَرٌ:.
(مِنْهَا) الْمَرْهُونُ فَنَمَاؤُهُ الْمُنْفَصِلُ كُلُّهُ رَهْنٌ مَعَهُ سَوَاءٌ كَانَ مُتَوَلِّدًا مِنْ عَيْنِهِ كَالثَّمَرَةِ وَالْوَلَدِ أَوْ مِنْ كَسْبِهِ كَالْأُجْرَةِ أَوْ بَدَلًا عَنْهُ كَالْأَرْشِ وَهُوَ دَاخِلٌ مَعَهُ فِي عَقْدِ الرَّهْنِ فَيَمْلِكُ الْوَكِيلُ فِي بَيْعِ الرَّهْنِ بَيْعَهُ مَعَهُ وَإِنْ كَانَ حَادِثًا بَعْدَ الْعَقْدِ وَالتَّوْكِيلِ.
وَمِنْهَا: الْأَجِيرُ كَالرَّاعِي وَغَيْرِهِ فَيَكُونُ النَّمَاءُ فِي يَدِهِ أَمَانَةً كَأَصْلِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ رَعْيُ سِخَالِ الْغَنَمِ الْمُعَيَّنَةِ فِي عَقْدِ الرَّعْيِ لِأَنَّهَا غَيْرُ دَاخِلَةٍ فِيهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى رَعْيِ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ فَإِنَّ عَلَيْهِ رَعْيَ سِخَالِهَا لِأَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَرْعَى مَا جَرَى الْعُرْفُ بِهِ مَعَ الْإِطْلَاقِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ.
وَمِنْهَا: الْمُسْتَأْجِرُ يَكُونُ النَّمَاءُ فِي يَدِهِ أَمَانَةً كَأَصْلِهِ وَلَيْسَ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي الْعَقْدِ وَهَلْ لَهُ إمْسَاكُهُ بِغَيْرِ اسْتِئْذَانِ مَالِكِهِ تَبَعًا لِأَصْلِهِ جَعْلًا لِلْإِذْنِ فِي إمْسَاكِ أَصْلِهِ إذْنًا فِي إمْسَاكِ نَمَائِهِ أَمْ لَا؟ كَمَنْ أَطَارَتْ الرِّيحُ إلَى دَارِهِ ثَوْبَ غَيْرِهِ خَرَّجَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.
وَمِنْهَا: الْوَدِيعَةُ هَلْ يَكُونُ نَمَاؤُهَا وَدِيعَةً وَأَمَانَةً مَحْضَةً كَالثَّوْبِ الْمُطَارِ إلَى دَارِهِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ أَيْضًا.
(وَمِنْهَا) الْعَارِيَّةُ لَا يُرَدُّ عَقْدُ الْإِعَارَةِ عَلَى وَلَدِهَا فَلَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ الِانْتِفَاعُ بِهِ وَهَلْ هُوَ مَضْمُونٌ كَأَصْلِهِ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ فِي بَابِ الرَّهْنِ أَحَدُهُمَا هُوَ مَضْمُونٌ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِأَصْلِهِ.
وَالثَّانِي: لَيْسَ بِمَضْمُونٍ لِأَنَّ أَصْلَهُ إنَّمَا ضُمِنَ لِإِمْسَاكِهِ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ [فِي بَابِ الرَّهْنِ] وَالنَّمَاءُ مَمْسُوكٌ لِحِفْظِهِ عَلَى الْمَالِكِ فَيَكُونُ أَمَانَةً وَقَالَا فِي كِتَابِ الْغَصْبِ إنَّ فِي وَلَدِ الْعَارِيَّةِ وَجْهًا وَاحِدًا.
وَمِنْهَا: الْمَقْبُوضَةُ عَلَى وَجْهِ السَّوْمِ إذَا وَلَدَتْ فِي يَدِ الْقَابِضِ قَالَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ حُكْمُهُ حُكْمُ أَصْلِهِ إنْ قُلْنَا هُوَ مَضْمُونٌ فَالْوَلَدُ مَضْمُونٌ وَإِلَّا فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُخَرَّجَ فِيهِ وَجْهٌ آخَرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَضْمُونٍ كَوَلَدِ الْعَارِيَّةِ لِأَنَّ أُمَّهُ إنَّمَا ضَمِنَتْ لِقَبْضِهَا بِسَبَبِ الضَّمَانِ وَالتَّمْلِيكِ وَالْوَلَدِ وَلَمْ يَحْصُلْ قَبْضُهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَهُوَ كَالثَّوْبِ الْمُطَارِ بِالرِّيحِ إلَى مِلْكِهِ.
وَمِنْهَا: الْمَقْبُوضُ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ وَفِي ضَمَانِ زِيَادَتِهِ وَجْهَانِ وَوَجَّهَ الْقَاضِي سُقُوطَ الضَّمَانِ بِأَنَّهُ إنَّمَا دَخَلَ عَلَى ضَمَانِ الْعَيْنِ دُونَ نَمَائِهَا وَهُوَ مُنْتَقَضٌ بِتَضْمِينِهِ الْأُجْرَةَ.
وَمِنْهَا: الشَّاهِدَةُ وَالضَّامِنَةُ وَالْكَفِيلَةُ لَا يَتَعَلَّقُ بِأَوْلَادِهِنَّ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْأَحْكَامِ لِأَنَّ هَذِهِ حُقُوقٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالذِّمَّةِ لَا بِالْعَيْنِ فَهِيَ كَسَائِرِ عُقُودِ الْمُدَايَنَاتِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَابْنُ عَقِيلٍ وَاخْتَارَ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ أَنَّ وَلَدَ الضَّامِنَةِ يَتْبَعُهَا وَيُبَاعُ مَعَهَا كَوَلَدِ الْمَرْهُونَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ دَيْنَ الْمَأْذُونِ لَهُ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ وَضَعَّفَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي نَظَرِيَّاتِهِ لِأَنَّ التَّعَلُّقَ بِالرَّقَبَةِ هُنَا كَتَعَلُّقِ الْجِنَايَةِ فَلَا