الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الطِّيبِ لِقَصْدِ إزَالَتِهِ وَمُعَالَجَتِهِ غَيْرُ مَمْنُوعٍ وَمِنْهَا إذَا تَعَمَّدَ الْمَأْمُومُ سَبْقَ إمَامِهِ فِي رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ وَقُلْنَا لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِمُجَرَّدِ تَعَمُّدِ السَّبْقِ، فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْعَوْدُ إلَى مُتَابَعَتِهِ الْإِمَامَ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ وُجُوبَ الْعَوْدِ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيقِ الْعَامِدِ وَغَيْرِهِ، كَمَا وَرَدَتْ رِوَايَاتٌ عَنْ الصَّحَابَةِ عُمَرَ وَابْنِهِ وَابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنهم وَفَرَّقَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ بَيْنَ الْعَامِدِ وَغَيْرِهِ وَقَالَ: مَتَى عَادَ الْعَامِدُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ قَدْ تَعَمَّدَ زِيَادَةَ رُكْنٍ كَامِلٍ عَمْدًا وَإِنَّمَا يَعُودُ السَّاهِي وَالْجَاهِلُ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّ عَوْدَ الْعَامِدِ يَتَخَرَّجُ عَلَى أَنَّ الْعَوْدَ إنَّمَا هُوَ قَطْعٌ لِلْفِعْلِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ الَّذِي ارْتَكَبَهُ وَرَجَعَ عَنْهُ إلَى مُتَابَعَةِ الْإِمَامِ الْوَاجِبَةِ فَلَا يَكُونُ مَنْهِيًّا عَنْهُ بَلْ مَأْمُورٌ بِهِ كَالْخُرُوجِ مِنْ الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ وَنَحْوِهَا عَلَى مَا سَبَقَ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ حَقِيقَةَ السُّجُودِ وَضْعُ الْأَعْضَاءِ الْمَخْصُوصَةِ عَلَى الْأَرْضِ فَإِذَا زِيدَ هَذَا الْمِقْدَارُ عَمْدًا بَطَلَتْ بِهِ الصَّلَاةُ وَأَمَّا الْهُوَى إلَيْهِ وَالرَّفْعُ مِنْهُ فَلَيْسَا مِنْ مَاهِيَّتِهِ وَإِنَّمَا هُمَا حَدَّانِ لَهُ فَلَا أَثَرَ لِنِيَّةِ قَطْعِهِمَا بِالرَّفْعِ فَإِنَّ الرَّفْعَ لَيْسَ مِنْهُ وَإِنَّمَا هُوَ غَايَةٌ لَهُ وَفَصْلٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ وَمَا مَضَى مِنْهُ وَوُجِدَ لَا يُمْكِنُ رَفْعُهُ، وَهُوَ سُجُودٌ تَامٌّ فَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِزِيَادَتِهِ عَمْدًا، وَهَذَا قَدْ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّ السَّبْقَ لِلرُّكْنِ عَمْدًا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَقَدْ قِيلَ إنَّهُ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ، وَعَلَى الْوَجْهِ الْآخَرِ فَيُقَالُ لَمَّا لَحِقَهُ الْإِمَامُ فِي هَذَا الرُّكْنِ وَاجْتَمَعَ مَعَهُ فِيهِ اُكْتُفِيَ بِذَلِكَ فِي الْمُتَابَعَةِ.
[الْقَاعِدَةُ التَّاسِعَة وَالْخَمْسُونَ الْعُقُودُ لَا تُرَدُّ إلَّا عَلَى موجود بِالْفِعْلِ أَوْ بِالْقُوَّةِ]
(الْقَاعِدَةُ التَّاسِعَة وَالْخَمْسُونَ) : الْعُقُودُ لَا تُرَدُّ إلَّا عَلَى مَوْجُودٍ بِالْفِعْلِ أَوْ بِالْقُوَّةِ، وَأَمَّا الْفُسُوخُ فَتُرَدُّ عَلَى الْمَعْدُومِ حُكْمًا وَاخْتِيَارًا عَلَى الصَّحِيحِ وَقَدْ دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ الْمُصَرَّاةِ حَيْثُ أَوْجَبَ الشَّارِعُ رَدَّ صَاعِ التَّمْرِ عِوَضًا عَنْ اللَّبَنِ بَعْدَ تَلَفِهِ وَهُوَ مِمَّا وَرَدَ الْعَقْدُ عَلَيْهِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ حَكَمَ بِفَسْخِ الْعَقْدِ فِيهِ وَرَدِّ عِوَضِهِ مَعَ أَصْلِهِ وَالرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ كَامِلًا
فَأَمَّا الِانْفِسَاخُ الْحُكْمِيُّ بِالتَّلَفِ فَفِي مَوَاضِعَ
: مِنْهَا إذَا تَلِفَ الْمَبِيعُ الْمُبْهَمُ قَبْلَ قَبْضِهِ انْفَسَخَ الْعَقْدُ فِيهِ وَفِي عِوَضِهِ سَوَاءٌ كَانَ ثَمَنًا أَوْ مُثْمَنًا.
وَمِنْهَا إذَا تَلِفَتْ الثِّمَارُ الْمُشْتَرَاةُ فِي رُءُوسِ النَّخْلِ قَبْلَ جَدِّهَا بِجَائِحَةٍ فَإِنَّ الْعَقْدَ يَنْفَسِخُ فِيهَا.
وَمِنْهَا إذَا تَلِفَتْ الْعَيْنُ الْمُسْتَأْجَرَةُ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ انْفَسَخَ الْعَقْدُ فِيمَا بَقِيَ مِنْهَا.
وَأَمَّا الْفَسْخُ الِاخْتِيَارِيُّ فَكَثِيرٌ
، وَمِنْ مَسَائِلِهِ إذَا تَلِفَ الْمَبِيعُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ هَلْ يَسْقُطُ الْخِيَارُ أَمْ لَا يَسْقُطُ؟ وَلِلْبَائِعِ الْفَسْخُ فَيَرْجِعُ بِعِوَضِهِ وَيَرُدُّ الثَّمَنَ عَلَى رِوَايَتَيْنِ مَعْرُوفَتَيْنِ وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ عَنْهُ إنْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي أَوْ تَلِفَ عَنْهُ فَلِلْبَائِعِ الثَّمَنُ وَإِنْ بَاعَهُ وَلَمْ يُمْكِنْهُ رَدُّهُ فَلَهُ الْقِيمَةُ [فَفَرَّقَ بَيْنَ التَّلَفِ الْحِسِّيِّ وَالْحُكْمِيِّ وَبَيْنَ التَّفْوِيتِ مَعَ بَقَاءِ الْعَيْنِ فَأَجَازَ الْفَسْخَ] مَعَ بَقَائِهَا لِإِمْكَانِ الرُّجُوعِ بِخِلَافِ التَّلَفِ وَأَيْضًا
فَتَصَرُّفُهُ فِي الْمَبِيعِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ جِنَايَةٌ حَالَ بِهَا بَيْنَ الْبَائِعِ وَالرُّجُوعِ فِي مَالِهِ فَيَمْلِكُ أَنْ يَفْسَخَ وَيُضَمِّنَهُ الْقِيمَةَ لِلْحَيْلُولَةِ وَإِلَى هَذَا الْمَأْخَذِ أَشَارَ أَحْمَدُ رحمه الله.
وَمِنْهَا إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي الثَّمَنِ بَعْدَ تَلَفِ الْمَبِيعِ وَفِيهِ رِوَايَتَانِ:
إحْدَاهُمَا يَتَخَالَفَانِ وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ وَيَغْرَمُ الْمُشْتَرِي الْقِيمَةَ.
وَالثَّانِيَةُ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ وَلَا فَسْخَ اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ وَمِنْهَا إذَا تَبَايَعَا جَارِيَةً بِعَبْدٍ أَوْ ثَوْبٍ ثُمَّ وَجَدَ أَحَدُهُمَا بِمَا قَبَضَهُ عَيْبًا وَقَدْ تَلِفَ الْآخَرُ فَإِنَّهُ يَرُدُّ مَا بِيَدِهِ وَيَفْسَخُ الْعَقْدَ وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ التَّالِفِ نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ وَابْنُ مَنْصُورٍ وَلَمْ يَذْكُرْ الْأَصْحَابُ فِيهِ خِلَافًا لِأَنَّ هُنَا عَيْنًا بَاقِيَةً يُمْكِنُ الْفَسْخُ فِيهَا فَيَقَعُ الْفَسْخُ فِي التَّالِفِ تَبَعًا كَمَا لَوْ كَانَ الثَّمَنُ نَقْدًا مُعَيَّنًا وَقَدْ تَلِفَ فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّهُ يَرُدُّ السِّلْعَةَ بِالْعَيْبِ وَيَأْخُذُ بَدَلَ الثَّمَنِ وَمِنْهَا إذَا تَلِفَ بَعْضُ الْمَبِيعِ الْمَعِيبِ وَأَرَادَ رَدَّهُ فَهَلْ يَجُوزُ رَدُّ الْمَوْجُودِ مَعَ قِيمَةِ الْمَفْقُودِ وَيَأْخُذُ الثَّمَنَ.
ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا جَوَازُهُ لِأَنَّ الْفَسْخَ فِي الْمَفْقُودِ هُنَا تَابِعٌ لِلْفَسْخِ فِي الْمَوْجُودِ، وَخَرَّجَهُ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ عَلَى رِوَايَتَيْنِ فِيمَا إذَا اشْتَرَى شَيْئًا فَبَانَ مَعِيبًا وَقَدْ تَعَيَّبَ عِنْدَهُ فَإِنَّهُ يَرُدُّهُ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَيَرُدُّ مَعَهَا أَرْشَ الْعَيْبِ الْحَادِثِ عِنْدَهُ مَنْسُوبًا مِنْ قِيمَتِهِ لَا مِنْ ثَمَنِهِ فَوَرَدَ الْفَسْخُ هُنَا عَلَى الْمَفْقُودِ تَبَعًا لِلْمَوْجُودِ وَاعْتَذَرَ ابْنُ عَقِيلٍ عَنْ ضَمَانِهِ بِالْقِيمَةِ فَإِنَّهُ لَمَّا فَسَخَ الْعَقْدَ صَارَ الْمَبِيعُ فِي يَدِهِ كَالْمَقْبُوضِ عَلَى وَجْهِ السَّوْمِ لِأَنَّهُ قَبَضَ بِحُكْمِ عَقْدٍ فَلِذَلِكَ ضَمِنَ بِالْقِيمَةِ وَهَذَا رُجُوعٌ إلَى أَنَّ الْفَسْخَ رَفْعٌ لِلْعَقْدِ مِنْ أَصْلِهِ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّ الْأَصْلَ ضَمَانُهُ بِجُزْءٍ مِنْ الثَّمَنِ وَهُوَ مُقْتَضَى مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ فِي مَسَائِلِ التَّفْلِيسِ لِأَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْ الْمَبِيعِ مُقَابِلٌ لِجُزْءٍ مِنْ الثَّمَنِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ رَدَّ الْمَبِيعَ كُلَّهُ رَدَّ الْمَوْجُودَ مِنْهُ بِقِسْطِهِ مِنْ الثَّمَنِ كَمَا فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَهَذَا خِلَافُ أَرْشِ الْعَيْبِ الَّذِي يَأْخُذُهُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْبَائِعِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ مَنْسُوبًا مِنْ الثَّمَنِ وَاخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ فِيهِ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ هُوَ فَسْخٌ لِلْعَقْدِ فِي مِقْدَارِ الْعَيْبِ وَرُجُوعٌ بِقِسْطِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَعَلَى هَذَا فَالْفَسْخُ وَرَدَ عَلَى مَعْدُومٍ مُسْتَحَقِّ التَّسْلِيمِ وَهَذَا فِي الْمُشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ كَالسَّلَمِ ظَاهِرًا لِأَنَّهُ كَانَ يَسْتَحِقُّهُ سَلِيمًا فَأَمَّا فِي الْمُعَيَّنِ فَلَمْ يَقَعْ الْعَقْدُ عَلَى غَيْرِ عَيْنِهِ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْأَرْشُ فَسْخًا إلَّا أَنْ يَكُونَ إطْلَاقُ الْعَقْدِ عَلَى الْعَيْنِ يَقْتَضِي سَلَامَتَهَا وَكَأَنَّهَا مَوْصُوفَةٌ بِصِفَةِ السَّلَامَةِ وَقَدْ فَاتَتْ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ بَلْ هُوَ عِوَضٌ عَنْ الْجُزْءِ الْفَائِتِ.
وَعَلَى هَذَا فَهَلْ هُوَ عِوَضٌ عَنْ الْجُزْءِ نَفْسِهِ أَوْ عَنْ قِيمَتِهِ؟ ذَهَبَ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ إلَى أَنَّهُ عِوَضٌ عَنْ الْقِيمَةِ وَذَهَبَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي فُنُونِهِ وَابْنُ الْمُنَى إلَى أَنَّهُ عِوَضٌ عَنْ الْعَيْنِ
عَنْهَا بِمَا شَاءَ.
وَإِنْ قُلْنَا الْقِيمَةَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُصَالِحَ عَنْهَا بِأَكْثَرَ مِنْهَا مِنْ جِنْسِهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ هُوَ إسْقَاطٌ لِجُزْءٍ مِنْ الثَّمَنِ فِي مُقَابَلَةِ الْجُزْءِ الْفَائِتِ الَّذِي تَعَذَّرَ تَسْلِيمُهُ لَا عَلَى وَجْهِ الْفَسْخِ لِأَنَّ الْفَسْخَ لَا يُقَابِلُ الْفَائِتَةَ وَيَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ جَوَازُ الْمُصَالَحَةِ عَنْهُ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ، فَإِنْ قُلْنَا الْمَضْمُونُ الْعَيْنُ فَلَهُ الْمُصَالَحَةُ الصِّحَّةُ وَالسَّلَامَةُ وَإِنَّمَا يُقَابِلُ الْأَجْزَاءَ الْمُشَاعَةَ فَإِذَا عَقَدَ عَلَى عَيْنٍ مَوْصُوفَةٍ وَفَاتَ بَعْضُ صِفَاتِهَا رَجَعَ بِمَا قَابَلَهُ مِنْ الثَّمَنِ مِنْ غَيْرِ فَسْخٍ وَكُلٌّ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ قَالَهُ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ مِنْ خِلَافِهِ وَيَنْبَنِي عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّ الْأَرْشَ فَسْخٌ أَوْ إسْقَاطٌ لِجُزْءٍ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ مُعَاوَضَتِهِ أَنَّهُ إنْ كَانَ فَسْخًا أَوْ إسْقَاطًا لَمْ يَرْجِعْ إلَّا بِقَدْرِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَيَسْتَحِقُّ جُزْءًا مِنْ عَيْنِ الثَّمَنِ مَعَ بَقَائِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا قُلْنَا هُوَ مُعَاوَضَةٌ وَأَمَّا إنْ أَسْقَطَ الْمُشْتَرِي خِيَارَ الرَّدِّ بِعِوَضٍ بَذَلَهُ لَهُ الْبَائِعُ وَقَبِلَهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ عَلَى حَسَبِ مَا يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ وَلَيْسَ مِنْ الْأَرْشِ فِي شَيْءٍ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ فِي الشُّفْعَةِ وَنَصَّ أَحْمَدُ عَلَى مِثْلِهِ فِي النِّكَاحِ فِي خِيَارِ الْمُعْتَقَةِ تَحْتَ عَبْدٍ.
وَمِنْهَا إذَا تَلِفَتْ الْعَيْنُ الْمَعِيبَةُ كُلُّهَا فَهَلْ يَمْلِكُ الْمُشْتَرِي الْفَسْخَ وَرَدِّ بَدَلِهَا أَمْ لَا؟ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ وَأَشَارَ إلَيْهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ قَالُوا: لِأَنَّ الرَّدَّ يَسْتَدْعِي مَرْدُودًا وَلَا مَرْدُودَ إلَّا مَعَ بَقَاءِ الْعَيْنِ وَظُلَامَتُهُ تُسْتَدْرَكُ بِالْأَرْشِ وَهُوَ ضَعِيفٌ لِأَنَّ الْبَدَلَ يَقُومُ مَقَامَ الْعَيْنِ وَخَرَّجَ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ جَوَازَ ذَلِكَ مِنْ رَدِّ الْمُشْتَرِي أَرْشَ الْعَيْبِ الْحَادِثِ عِنْدَهُ كَمَا تَقَدَّمَ وَذَكَرَ فِي أَنَّهُ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ وَتَابَعَهُ عَلَيْهِ أَبُو الْخَطَّابِ فِي انْتِصَارِهِ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ حَكَاهُ وَمِنْهَا إذَا اشْتَرَى رِبَوِيًّا بِجِنْسِهِ فَبَانَ مَعِيبًا ثُمَّ تَلِفَ قَبْلَ رَدِّهِ فَإِنَّهُ يَمْلِكُ الْفَسْخَ وَيَرُدُّ بَدَلَهُ وَيَأْخُذُ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ الْأَرْشِ عَلَى الصَّحِيحِ بِمَحْذُورِ الرِّبَا فَتَعَيَّنَ الْفَسْخُ.
وَمِنْهَا الْإِقَالَةُ هَلْ تَصِحُّ بَعْدَ تَلَفِ الْعَيْنِ؟ قَالَ الْقَاضِي مَرَّةً: لَا تَصِحُّ لِأَنَّهَا عَقْدٌ يَقِفُ عَلَى الرِّضَا مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَهِيَ كَالْبَيْعِ بِخِلَافِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ ثُمَّ قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ صِحَّتُهَا بَعْدَ التَّلَفِ إذَا قُلْنَا هِيَ فَسْخٌ وَتَابَعَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الِانْتِصَارِ وَابْنُ عَقِيلٍ فِي نَظَرِيَّاتِهِ وَحَكَى صَاحِبُ التَّلْخِيصِ فِيهَا وَجْهَيْنِ بِخِلَافِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَفَرَّقَ بِأَنَّ الرَّدَّ يَسْتَدْعِي مَرْدُودًا بِخِلَافِ الْفَسْخِ وَهُوَ ضَعِيفٌ فَإِنَّ الرَّدَّ فَسْخٌ أَيْضًا وَالْإِقَالَةُ تَسْتَدْعِي مُقَالًا فِيهِ وَلَكِنَّ الْبَدَلَ يَقُومُ مَقَامَ الْمُبْدَلِ هُنَا لِلضَّرُورَةِ.
وَمِنْهَا الشَّرِكَةُ فِي الْبُيُوعِ وَهِيَ نَوْعٌ مِنْهَا وَحَقِيقَتُهَا أَنْ يَشْتَرِيَ رَجُلٌ شَيْئًا فَيَقُولَ لِآخَرَ أَشْرَكْتُك فِي نِصْفِهِ أَوْ جُزْءٍ مُشَاعٍ مِنْهُ فَيَقْبَلُ فَيَصِحُّ ذَلِكَ وَيَكُونُ تَمْلِيكًا مُنَجَّزًا بِعِوَضٍ فِي الذِّمَّةِ وَمَوْضُوعُ هَذَا الْعَقْدِ أَنَّهُ إنْ رَبِحَ الْمَالَ الْمُشْتَرَكَ فِيهِ فَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا النَّاطِفِيَّةِ بِالثَّمَنِ وَيَصِيرُ الْمُشْتَرِي شَرِيكًا فِي الرِّبْحِ فَيَأْخُذُ حِصَّتَهُ مِنْهُ وَإِنْ تَلِفَ الْمَالُ أَوْ خَسِرَ انْفَسَخَتْ الشَّرِكَةُ فَيَكُونُ الْخُسْرَانُ أَوْ التَّلَفُ عَلَى الْمُشْتَرِي فَيُقَدِّرُ انْفِسَاخَ الشَّرِكَةِ حُكْمًا فِي آخِرِ زَمَنِ الْمِلْكِ قَبْلَ بَيْعِهِ بِخَسَارَةٍ أَوْ تَلَفِهِ